"اليوم الثامن" تنشر ما ورد على لسان "محمد علي لقمان"..

عدن الهوية والتاريخ والحضارة.. أين تقع إرم ذات العماد؟

عام 1913م زار الاستاذ محمد علي لقمان جزيزه سقطرى وكتب عنها "الجزيرة الخضراء حيت تقف اشجار النخيل شامخة على طول الشاطئ وجدول ماء يجري من فوق التلال"، وارم ذات العماد تقع في مكان ما عند قرية العماد على بعد خمسة اميال شرق خور مكسر"

العاصمة الجنوبية عدن قديماً وارخبيل سقطرى - مركبة

نجمي عبدالمجيد
كاتب وباحث ومؤرخ لدى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
عدن

للأمم في اعلامها منازل الفكر والريادة ، فهي بما تترك من رؤية بفعل تفاعلها مه مجريات الأحداث تصلح للكلمات مرام ليست وليدة مراحها بل تذهب نحو القادم الذي هو من سوابق النظرة لديها .وتسهم الفكرة في وصول الوعي الى درجات من الادراك وكلما تواصلت ابعاد القضايا تدعمت حالة الاستمرار في اخراج الواقع من حقب التجمد الى درجة من التحرك نحو المستقبل ومن هنا تكسب الفكرة حضورها الدائم في مسارات التاريخ انهاء تدخل في سياق الدفع نحو ربط حلقات الوعي مع واقع الحياة ليصبح العقل قوة فاعلة تغير تركيبة الثقافة من زمن الجمود الى فترة التحويل .

وعندما تقرا الامة اسهامات اعلامها في لاتقف عند حدود الماضي بل تعمل على تأسيس حاضر لم يقع الصلة مع مكوناته ،فهو يعد صياغة الموقف الراهن من خلال الوعي من ذاكرة الزمن وعلى هذا التصور تعاد مراكز من قضايا لا تتشكل فيها ابعاد المواقع الا بوضع جوهر التا ريخ في قلب الحدث

ما تركه لنا الرائد محمد علي لقمان من ارث يعلم الاجيال في حقول المعرفة يوكد معني الهوية والانتماء فعدن لم تكن عنده مجرد خالة من الزمان والركون الى الموقع انها تاريخ الأذى يصنع الكيان فهي بما لديها من عوامل تفر ذات بها اوجدت لها حسابات تأتي في مقدمتها مكانه الفكر في ترقي الامة وهنا يكون التعليم هو المهاد الذي يعمل على تكون بصمات الشخصية.

من ارث محمد علي لقمان التاريخي والثقافي نقف اما السفر (رجال وشؤون وذكريات)

اشرف وتحرير وجمع وتقديم الاستاذ الدكتور احمد علي الهمداني ، ترجم من الانجليزية الى العربية على يد الاستاذ محمد جعفر محمد ناصر مراجعة الاستاد الشاعر شوقي شفيق الطبعة الاولى ام 2009م .

تذهب عدة كتابات عند الاستاذ محمد علي لقمان نحو عمق التاريخ العدني فهو يكتب بتاريخ 20 ديسمبر 1962 م عن الجنة العتيقة على بعد خمسة اميال شرق خورمكسر قائلا :(في العصور القديمة وقبل العصر الحجري  بزمن طويل كان هناك بركان نشط في عدن وكانت كريتر في هذه الفوهة هذا التل الناري ، لمدينه المزدهرة في المستعمرة .

وقد تكون عدن جزيرة صيرة جزء من هذه الفوهة البركانية ولكنها تراجعت بواسطة حركات الكرة الارضية وبذلك خمد البركان .

روى احد المؤرخين العرب ان بحارا مر بعدن قبل اربعة الف سنه مضت ولاحظ الجن يقذفون بالنار الى البحر ،ومنذ اربعة او خميسة الالف من السنين مضت كان هناك نشاط بركاني في الاقليم .

جنة العماد: يعتقد ان قبيلة عاد سكنت الربع الخالي والاحقاف ( حضرموت ) حيت بنى شداد ، ابن الملك عاد الشهير ارم ذات العماد وكانت ارضيتها مغطاة بزهر الزعفران ومبانيها مرتفعة على الطبقات من قطع فضيو وذهبية وسقوفها واعمدتها كزينة باللؤلؤ الحقيقي والياقوت والغطرسة وهده الجنة تقع في مكان ما عند قرية العماد على بعد خمسة اميال شرق خور مكسر).

هذه السرية تتداخل فيها الاساطير مع بعض الحقائق وهنا يأتي الحلم  نحو الماضي بحتا عن جنة عدن لكن هذا لا ينفي وجود حضارة عرفتها عدن منذ قرون طويلة وهدا يتطلب التنقيب والبحت في عدن ومحيطها وهو  ما لم يحدث حتى الان

وتلك السرديات لحال هذه المدينة تعزز ما جاء في متن الاسفار ومدى قدمها عند اهل التاريخ ،فعدن لم يدرس تاريخها البائد بما يرفع الحجاب عن احوالها عند حدود فاصلة من الحقب .

ويشير استاد لقمان الى ان الدكتور اولبريت قد اخبره وهو المختص في الاثار الشرقية ان ام عادية هي اطلال اثرية تقع في سلطنة العوذلي فقد كانت تقدم القرابين في المعابد، حيث الصروح وخزانات المياه والقلاع.

ويظن البعض من اهل التاريخ ان هذا الجزء من العالم قد نقل ثقافته الى مصر والعراق وكان خط تجاري متفرعا من عدن شمالا الى صنعاء ومكة واخر عبر قتبان الى فلسطين والحيرة وثالث من ظفار على بحر العرب عبر حضرموت وشبوة ومكة .

والسفن تأتي محملة بالحرير والبهارات والذهب والعاج والرقيق حيت تتوقف بانتظام في ميناء عدن القديم، صيرة قادمة من الشرق الاقصى وشرق افريقيا الى مواني البحر الابيض المتوسط .

اما البخور فيصدر من جنوب الجزيرة العربية الى معابد الفراعنة وفلسطين والقسطنطينية والبندقية و روما .

ويكشف تاريخ الجنوب العربي بصورة عامة وحتى عام 150بعد الميلاد عن الحضارة متقدمة في هدا المكان وقد ذكر بعض المؤرخين ان العرب في هذا الجزء كانوا المعلمين للفينيقيين وحتى الفراعنة ...

هذا بعض من تاريخ الجنوب العربي جاءت به الاسفار، وكيف كانت هنا حضارات علمت العالم القديم وما زال الكثير منها غارقا تحت رمال الصحراء او  في بحر عدن .

يكتب الاستاذ لقمان في 27ديسمبر 1962م تحت عنوان استكشاف مجدنا المدفون قائلا:( دعاني الشريف حسين بن احمد المهبيلي- سلطان بيحان عام 1951م الى مرافقته في زيارته  (هجركحلان ) مركز الحفريات الاثرية في سلطنته والممول من المجمع الامريكي لدراسة الانسان ينفذه ويندل فيليبس وفريق من علماء الاثار المشهورين بسمعتهم العظيمة .

اقلعت الطائرة من خورمكسر ولمدة اربعين دقيقة تقريبا كارة فوق الجبال والوديان ، قبل ان تهبط على رمال الذهبية للربع الخالي صحراء الجنوب العربي الكبيرة الواسعة.

هذه الرمال الساحرة التي تلونت بضوء الصباح الخافت في الافق البعيد طبقة فوق طبقة مرتفعة عاليا فوق الارض ، دافنة تحت الارض بلدات ومدنا وحدائق وتلالا وسلاسل جبلية.

ماهي الاسرار العظيمة التي يحتضنها صدر هذه الصحراء الرملية ، وكم عدد الممالك التي دفت تحتها ، كم من المدن والسلالات والحضارات )

هناك اقوال عدة عن هذه البعثة الامريكية التي جاءت الى شبوة في ذلك العهد حيث كتبت بعض الصحف العدنية حول اغراضها ، ومما قيل في هذا الشان: انها جاءت اكتشاف النفظ والذهب واليورانيوم والمخططات الاسرائيلية وهي شارة الى يهود شبوة والذين لهم فيها قبور ما زالت حتى الان تخرج منها اثار وطالما وجدت القبور تسبقها حياة.

مدينة بكل فروعها وتعد حبان من المناطق التي عاش فيها يهود الجنوب العربي منذ ظهور الديانة اليهودية .

اما عن الثروات فان شبوة تعد من اغنى المناطق ، وهذا ما قدمته تقارير امريكية عام 1954م

من اهم القضايا التي جند لها الاستاذ محمد علي بقمان قلمه وأفكاره قضية التعليم فقد ادرك ان الامم لا ترتقي الا بمعارفها وعدن تعد في هذا الجانب اول منطقة في الجزيرة العرب عرفت التعليم الحديث.

في هذا الامر يقول: ( افتتاح المجلس البريطاني ناقش ستيورات بيروان في عام 1940م معي موضوع افتتاح فرع للمجلس البريطاني في عدن .

وشجعت المقترح وعرضت مكتبي الحالي في طريق اسبيلانيد ليكون في البدء- قاعة محاضرات وقمت باصلاح المكتب لهذا الغرض ثم تمكن المحترم مادسن من استئجار مبنى من علي يحيى يشغله الان فندق متروبول .

وقد استحسنه السيد داندس ممثل طيران الشرق الاوسط وقام بافتتاحه السير هاثورن هول في 30 يوليو سنة 1941م وكنت اول الاعضاء في المعهد البريطاني .

وبدات السيدة مادسن باعطاء حصص للسيدات المحجبات ، وعرضت الافلام وقمت المحاضرات التي تشرح اسلوب الحياة في بريطانيا وتمت اعاره الكتب للاعضاء واقيم ملعب للتنس .

وبقيت عضوا في اللجنة الادارية لعد سنوات وكانت الفكرة الرئيسة لهذا النادي محمو الحواجز اللونية )

في شهر يونيو من عام 1941م ذهب الاستاذ محمد علي لقمان لزيارة رجال الاعمال الفرنسي انتونان البس وشكره على اقامة مدرسة للبنات في الشيخ عثمان .

وقد اخبره انه على استعداد كامل للإسهام بشكل واسع في مجال التعليم في عدن وخاصة تعليم البنات ، وقال له: ( ان البنات يلتحقن بالمدرسة في سن التاسعة ثم يتوقفن عادة عند سن الثانية عشرة .

ولذلك لا يجدن الفرصة لتعليم الخياطة والاعمال اليدوية والاعمال الصحية ورعاية الطفولة والاقتصاد المنزلي والخدمة الاجتماعية اضافة الى القراءة والكتابة والحساب والجغرافيا والتاريخ والعلوم)

في هذا الموقف طرحت فكرة تعليم الكبار وقد اعرب السير انتونان البس عن استعداده لبناء مركز لتعليم النساء وهذا يدخل في مجال محو الامية حيت تعد عدن سباقة في هذا المجال ، وقد ناشد العامة في عقد اجتماع لتشكيل لجنة تنظيم هذا العمل .

وقد قدم السير انتونان البس مبلغ 50 الف جنيه استرليني مركز البس في كريتر والمعهد الفني في المعلى .

وفي هذا المضمار يقول : ( عند الحديث عن تعليم البنات لا نستطيع ان نتجاهل الجهود التي قامت بها السيدة الجليلة التي عملت بقوة من اجل الهدف نفسه وزوجة المرحوم  السيد محمد علي مقطري والمعروفة كثيرا لدى الجميع بالست نور حيدر، التي بدأت تعليم المرأة في بدايات عام 1920م ومنذ ذلك الوقت وهي منخرطة في هذه المهنة النبيلة واليوم تدير اكبر مدرسة حكومية للبنات وهي المدرسة الحكومية للبنات في المستعمرة .

ولجهودها المستمرة فقد كرمت بمنحها شهادة بكالوريوس قبل سنتين ، وتلقي الاحترام من الكثيرين الذين يقدرون عملها ويعجبون به، ان صحيفة عدن كرونيل لتود ان تسجل كلمة امتنان وتقدير للست نور معلمة  الاف الامهات في جنوب الجزيرة العربية )

كانت اول فتاة عدنية تلتحق بجامعة القديس اندروز للدراسات العليا في بريطانيا هي عزة محمد عبدة غانم للحصول على بكالوريوس في الرياضيات اسس الاستاذ لقمان في الشيخ عثمان معهدا لتعليم الفقة والادب في نادي الاصلاح العربي وقد جمع تبرعات من اهل الخير.

وقدم له السيد حامد البار مبلغ 500 روببة لهذه المدرسة الشيخ احمد محمد سعيد الاصنج وكان الشخ احمد العبادي وهو عالم مسلم جليل في تعليم الاولاد ومن بعض طلابه ،الشيخ محمد سالم بيحاني والاستاذ الشاعر عبدالمجيد الاصنج والفقية محمد نعمان وغيرهم كثير .

في عام 1936م كتب الى الملك فاروق في مصر والملك غازي في العراق باسم نادي الاصلاح لمنح بعثات دراسية لأبناء عدن كي يدخلوا جامعات هذه الدول ،وهي تعد اول منح دراسية على مستوى الجزيرة العربية.

وكان السيد عطا حسين مساعد ضابط المعارف في عدن من 1921م اول تربوي مخلص متحمس لتأسيس نظام تعليمي لعدن وما بين الاعوام 1941-1936م شغل زاهر حمزة التربوي العربي من فلسطين مسؤولية المعارف في عدن .

لقد تم انشاء اول مدرسة حكومية في عدن نظامية عام 1856م في عهد الحاكم البريطاني الكولونيل دبليو كوجلان والذي كانت فترة أقامته في عدن 1856محتى 1862م وكانت هناك خطة لبناء كلية للدراسات العربية في عدن وفي هذه يقول الكاتب البريطاني جافن :(في عام 1966م وخلال انشاء دار الاقامة للكولونيل مير ويذر محاولة اخرى لأنشاء وبهدوء مدرسة واحدة تقدم تعليما على النمط الانجليزي تحت اشراف مدير هندي واخرى تعني اساسا بالدراسات الاسلامية ، القرآنية وكان التمويل بالنسبة للمدرسة الاخيرة مشتركا بين الحكومة والبلدية .

وكان افتتاح المدرسة الاولى البريطانية في عدن له فأئده كبرى للضباط والمستوطنين الهنود حيث مكنتهم من طلب اسرهم للعيش معهم ،وهذا لم يحدث في السابق ، كذلك رات الطبقات الفقيرة من سكان عدن ان التعليم هو السبيل الافضل للدخول في الخدمة الحكومية )

في عام 1913م قام الاستاذ لقمان برحلة الى الجزيرة سقطرى وقد كتب عنها قائلا في 2 فبراير 1961م ( بعد قضاء يومين في المكلا غادرت على مثن السفينة دالهاوسي الى سقطرى وهي جزيرة كبيرة وسط المحيط تبلغ مساحتها سبعين ميلا طولا.

وكان السلطان بن عفرير لطيفا ودودا للغاية اما وزيره فهو على بن ابراهيم الذي اخدني الى منزله.

وقد ذهب فريق من المساحين لمعرفة مصدر ذلك الجدول الصغير اما السكان فهم خليط من الزنوج ذوي الانوف العريضة ونسبة مئوية بسيطة من العرب وبعض النسوة كن تقريبا جميلات ووسيمات جدا ولهن انوف حميرية مشهورة ويتحلين بالمجوهرات الذهبية الهندية .

ان لغة الجزيرة قد وصفت بلغة الطيور واعتقد ان ذلك وصف مناسب لها ، فاكثر الكلمات من اصل يوناني وقد قرات في مكان ما ان الاغريق اليونانيين القدماء قد احتلوا الجزيرة في عام 392 قبل الميلاد )

هذه الصفحات من تراث الاستاذ محمد علي لقمان كم هي غنية في المعارف التاريخية عن عدن والمناطق الجنوب هي رحلة في الذاكرة نذهب اليها كلما شدنا الحنين الى ذلك الزمان الذي تغيرت معالمه وذهب اهله غير ان الكلمات تظل هي الانوار التي ترشدنا الى مجاهل الهوية وما غاب منها عن الحاضر في تراث هذا العلم الخالد نجد العبر والدروس في قيمة المعرفة وما لها من ريادة في قيادة الامم نحو مواكب الحضارة .