"اليوم الثامن" تقدم قراءة تحليلية لوثيقة يناير1994م..

"العهد والاتفاق".. أوّل وثيقة عربية تشرّع لمكافحة الإرهاب الدوّلي

مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات تقدم قراءة تحليلية في وثيقة العهد والاتفاق الموقعة بين صنعاء وعدن في الأردن بتاريخ 18 يناير 1994 م

الرئيسان علي سالم البيض والراحل علي عبدالله صالح لحظة توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية - أرشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
عدن

المقدمة: إن التنظيمات الإرهابية من عادتهم منذ نشأتها أنهم يقومون بتكوين جماعات تتبعهم تنتهج العنف والتطرف، وتبقى الجماعة الأم تنكره المتمثلة في الاخوان المسلمين، ولكنها لا تتبرأ براءة تامة، وإنما تعتذر لهم مع شيء من الإنكار؛ وهذا يمثل خط الرجعة، فالمهم عند جماعة الإخوان المسلمين أن تقوم الفوضى وتعم، ثم هي تأتي بعد ذلك لتحقق المكاسب، ودائما هي تُظهر التصريحات المتناقضة التي تبين كذب الجماعة، وأنها تقوم على تقية مقيتة، ومع هذا فإنك لا تجد إخوانيا ينكر عليها، بل يعتذرون عنها، إن هذا هو الذي طبقته الجماعة طوال تاريخها في كل البلدان، فإن الإخوان البنائية كانوا إرهابيين ويقومون بدور التفجير والاغتيال، وكان يقوم به التنظيم الخاص في الجماعة، وكانوا يغتالون الشخص، ويخرج حسن البنا ينكر الحادثة، ثم ظهرت جماعة التكفير والهجرة وجماعة الجهاد من رحم القطبية، فبدأت القطبية تتخلى عن التكفير وصارت من حمائم السلام، وجماعة التكفير والهجرة وجماعة الجهاد هي التي تقوم بالتفجير والتكفير والاغتيال.

نشأة التنظيمات الارهابية في اليمن

إن البحث في نشأة تكوين التنظيمات الارهابية في اليمن يقودنا للعودة الى تاريخ وجذور هذه الظاهرة ككل في المنطقة والاقليم مع الاحاطة الكاملة بأهم التحولات الثني شهدتها أهم تلك التنظيمات بداية من النشأة مرورا بمختلف المراحل وصولا إلى أهم الاستراتيجيات المتبعة من قبل تلك التنظيمات.

إن معظم التنظيمات الإرهابية، هي تسمية ابتكرتها المخابرات الغربية وارتضاها الجهاديون. انبثقت فكرة التنظيم من رحم المشروع الجهادي الذي دعمته الولايات المتحدة وكان موجهاً ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان، وكان محكوماً بمخاوف أمريكية من أن يصل الاتحاد السوفييتي السابق إلى المياه لدافئة في الخليج وينافس واشنطن في السيطرة على أهم منابع النفط في العالم.

وكان هناك سبب آخر وهو رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الانتقام من السوفييت الذين أغرقوها في حرب مدمرة بفيتنام، خرجت منها خاسرة. وهكذا يمكن القول إن الحركة الجهادية نشأت بتدبير من أجهزة الاستخبارات الأمريكية وبإسناد من حكومات المنطقة، التي كانت في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم تقاتل حتى تتجنب خطر المد الشيوعي، كما تقاتل اليوم حتى تتجنب مخاطر تمدد الموجة الثورية التي يتهم الإسلاميون بتحريكها في المحيط العربي الكبير.

وتنظيم القاعدة بالنسبة لليمن هو منتج خارجي بامتياز، فهو التعبير الصارخ عن السلفية الجهادية، التي خرجت من عباءة السلفية التقليدية، وهذا الخروج تغذى من التجربة الجهادية الميدانية التي خاضها سلفيو الجزيرة العربية في أفغانستان، وترافق انتشار المذهب السلفي في المنطقة العربية واليمن، مع تنامي السلفية الجهادية، والتي وصلت إلى مرحلة التطابق تقريباً في فترة الحرب ضد الاتحاد السوفييتي، بل أن حركة الإخوان المسلمين نفسها وهي منظمة تميل إلى السلم باتت جزء من الحركة الجهادية إبان فترة الحرب ضد الروس في أفغانستان، وكان هذا بالطبع بتشجيع من الأنظمة العربية.

لقد كانت الحركات الاسلامية اليمنية متواجدة في اليمن منذ انطلاق ثورة سبتمبر 62م وبدعم من تنظيم الاخوان فرع مصر وكانت مرحلة الصراع الافغاني الروسي دافعا قويا في ظهور تلك الحركات الاسلامية في اليمن للعلن ومثل اجتياح السوفييت لأفغانستان بداية ذلك الظهور فقد ادى ذلك الاجتياح لتعاطف شعبي واستغلته هذه الحركات للدعوة للجهاد في افغانستان ضد السوفييت وهو ما لقي قبول شعبي كبير حيث تم استغلال هذه الظروف لإعطاء الطابع الدولي للحركة الاسلامية اليمنية من خلال التنديد بالتدخل الروسي.

 من المعلوم أن معظم التنظيمات الارهابية كان مسرح أحداثها في أفغانستان حيث اختارت الولايات المتحدة الأمريكية أواخر سبعينيات القرن المنصرم ذلك البلد ساحة لإغراق الاتحاد السوفييتي في حرب لا تمكنه من التموضع في أفغانستان ناهيك عن محاولاته الوصول إلى المياه الدافئة.

في غضون تلك الفترة انتصرت طالبان وعاد معظم المقاتلين من البلدان العربية نشأت كثير من التنظيمات التي تتبنى هذا التيار الاسلامي المتطرف في بلدانهم متبني فكرة الجهد ضد المشركين في الوطن العربي والاسلامي والكفار في العالم وقام نشاطه بأعمال عديدة ومثيرة وتتالت الاحداث في مختلف مناطق العام بدءا في اليمن الجنوبي الذي يعد في نظرهم شوعي مشرك ومرور بمصر والجزائر ...وغيرها من البلدان.

إن اعتماد معظم تلك التنظيمات على أداتهم الإيديولوجية والتنظيمية التعبوية بشكل ناجح في الصراع مع الإيديولوجية الماركسية التي كانت خصماً قوياً له قبل الوحدة، دخل الإسلاميون إلى جانب النظام في الصّراع المسلّح العنيف مع الجبهة عبر صيغة المعاهد الإسلامية في تلك المرحلة، علاوة على شراكتهم في منظومة إقليمية تموّلها بعض الدول العربية، وبإدارة أمريكية، وموافقة رسمية على تغذية “العمليات الجهادية” في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي “الكافر

: رحلة الأفغان العرب إلى صنعاء1989- 1994

تعود الجذور الاولى للظاهرة الارهابية في اليمن الى التداعيات التي أعقبت الحرب الباردة بين محور الشرق بقيادة روسيا ومحور الغرب بقيادة امريكا ففي كتابه "الملاذ الأخير"، عالج غريغوري جونسن التناقضات بين اليمن وحكومات عربية أخرى في دعمها للجهاد في أفغانستان ضد السوفيات، ولا سيما في ظل توجه المزيد من المقاتلين العرب إلى أفغانستان منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وأشار جونسن إلى أن معظم الحكومات العربية "دعمت علنًا الجهاد رادعةً سرًا شبابها من السفر إلى أفغانستان". في المقابل، أرسلت الجمهورية العربية اليمنية الشمالية العديد من "أفضل وألمع" شبابها إلى الخطوط الأمامية للقتال، حيث أصبحت الرحلة بمثابة طقس عبور للكثيرين.

في هذه المرحة عمل نظام صنعاء عبر جناح تنظيم (الإخوان المسلمين) فرع اليمن بتجميع وحشد كافة المجاهدين العرب الى مدينة صنعاء والبالغ عددهم (12000) الفا مقاتلا تم استقبالهم في معسكرات تدريبية في صنعاء وبأشراف مباشر من نظام صنعاء وبدعم من المتشددين القبليين والدينيين. ويمكن شرح حماسة حكومة الشمال إزاء الحرب في أفغانستان جزئيًا بالدور الذي لعبه السوفيات في اليمن. فقبل التوحيد، كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفياتي وكانت الدولة الشيوعية الوحيدة في شبه الجزيرة العربية.

 وبعد إعلان مشروع الوحدة اليمنية بين جمهورتي اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، لعب هذه الإيديولوجيا المتطرفة دورًا في سلوكيات "الأفغان العرب العائدين" إزاء الجنوب.

وبعد عودة "المجاهدين" "الأفغان العرب العائدون" إلى اليمن التي باتت موحدة مطلع التسعينيات، لقوا ترحيب الأبطال من قبل حكومة الرئيس صالح الشمالية – حيث تبوأ البعض منهم حتى مناصب عسكرية رسمية.

 

-.شراكة التنظيمات الإرهابية في السلطة وصناعة القرار السياسي   

 كانت البوادر الأولى لهذا التحول للحركات الارهابية في اليمن في شكلها المنظم عبر عدد من الجمعيات والمعاهد والجامعات ذات الطابع الاسلامي المناهض للتوجه الاشتراكي الذي تبنته دولة الجنوب وكانت تلك الجمعيات والمعاهد والجامعات المرتبطة بجماعة الإخوان والمتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح وقد تبنت تلك التنظيمات عدد من المبادئ مدعية تطبيق الشريعة الاسلامية.

لقد كانت علاقة الإسلاميين بالعنف العام في اليمن متينة تماماً، وهي قائمة منذ تشكلهم كقوة سياسية رئيسة في البلاد تعتمد أيديولوجيتها على وجود نقيض مستمر، “علماني”، وتتعرف على كينونتها بإنكاره كلياً.

مراحل تطور العمل السياسي للتنظيمات الارهابي تحت عباءة الديمقراطية وممارسة النشاط الديمقراطي ففي الانتخابات الاولى التي جرت في 93م دخل التجمع اليمني للإصلاح العملية السياسية كشريك مع نظام صنعاء.

لقد كانت أول انتخابات برلمانية في اليمن بعد انتهاء الفترة الانتقالية بين البلدين في 27 أبريل 1993 وكانت النتيجة تقدم الأحزاب اليمنية في صنعاء التي حصل على (245) من أصل 301 مقعدا بينما حصل الحزب الاشتراكي الجنوبي ممثل الجنوب في الانتخابات على (56) مقعدا، وصارت تلك التنظيمات الارهابية شريكا في السلطة والثروة وصنع القرار السياسي والتشريعي.

وعندما رأى نظام صنعاء أن الانفصال تجسد على الجغرافيا الطبيعية حيث جاءت نتائج الانتخابات مجسدة ذلك فالأحزاب اليمن محصورة على دوائر محافظات اليمنية الشمالية ودوائر الحزب الاشتراكي اليمني محصورة على محافظات الجنوب حيث كان إقبال الناخبين 84.1 في المائة. أي أن مجموع الناخبين بلغ (2,262,184 ) كان نصيب الأحزاب الشمالية منها ( 1،848،780) صوتا بينما كانت نصيب محافظات الجنوب ( 413،404) صوتا.، مما جعل شركاء صنعاء تغير الاستراتيجية من العمل الديمقراطي الى العمل العسكري.

جدول رقم(1) يوضح نتائج الانتخابات البرلمانية اليمنية 1993

م

الحزب

الأصوات

المقاعد

          %

1

المؤتمر الشعبي العام

640,523

123

28.7

2

التجمع اليمني للإصلاح

379,987

62

17.0

3

الحزب الاشتراكي اليمني

413,404

56

18.5

4

حزب البعث العربي الاشتراكي

76,520

7

3.4

4

حزب الحق

18,454

2

0.8

5

التنظيم الوحدوي الناصري

52,303

1

2.3

6

حزب رابطة أبناء اليمن

16,155

0

0.7

7

تنظيم التصحيح الناصري

6,170

0

0.3

8

الحزب الناصري الديمقراطي

4,687

1

0.2

9

أحزاب أخرى

11,015

0

0.5

10

المستقلين                          

613,023

48

27.4

 

المجموع

2,262,184

301

100

تلك أهم المراحل في تكوين تلك التنظيمات الارهابية في شكلها الأخير هو فتح مجال ممارسة النشاط السياسي والتجاري لكل تلك العناصر المشبوهة ومن خلال مشروع الانتخابات المقدم الذي أصبح فيه حزب "الإصلاح" (فرع "الإخوان المسلمين" في اليمن)، في عمق العملية السياسية في اليمن.

بوادر الأزمة واتفاقية العهد والاتفاق

عقب الوحدة عمل الإسلاميون السياسيون عبر “التجمع اليمني للإصلاح” على تعبئة المجتمع ضد “الاشتراكي”، وكان خطابهم العام واليومي يعمل على نزع حق الاشتراكيين في الحياة عبر توصيفهم المستمر بأعداء الدين، وهو ما شكّل تبريراً دينياً ضمنياً لموجة الاغتيالات التي طاولتهم حينها.

بدأت عمليات الاغتيال التي استهدفت شخصيات سياسية بارزة من قيادات دولة الجنوب منذ مطلع 1990م  حتى انفجار الوضع بلغ عددهم 156 قياديا.

وفي العام نفسه جرت محاولة لم يكتب لها النجاح لاغتيال عبد الواسع سلام وزير العدل وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي. وتلت ذلك محاولة اغتيال أخرى فاشلة استهدفت أنيس حسن يحيى عضو المكتب السياسي في منتصف عام 1993.

وفي أواخر ذلك العام جرت محاولة فاشلة لاغتيال علي صالح عباد مقبل الأمين العام الحالي للحزب الاشتراكي، وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب في ذلك الوقت.

وفي منتصف عام 1993 اغتيل العميد ماجد مرشد عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي وسجل تاريخ الاغتيالات السياسية من قبل تلك التنظيمات التكفيرية كذلك محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب السابق وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في 1993.

وتلتها في صيف العام نفسه محاولة اغتيال حيدر أبو بكر العطّاس رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وهو من كبار قادة الحزب الاشتراكي، وقد جرت المحاولة في العاصمة صنعاء.

لقد انتبه القيادة السياسية للجنوب من اللحظة الأولى من تاريخ التوقيع على مشروع الوحدة إن علاقة الإسلاميين بالعنف العام في اليمن متينة تماماً، وهي قائمة منذ تشكلهم كقوة سياسية رئيسة في البلاد تعتمد أيديولوجيتها على وجود نقيض مستمر، “علماني”.

وسعوا بكل جهدهم في مواجهة تلك التنظيمات من خلال فرض الامن والقانون الى ان النظام السياسي والقبلي لصنعاء كان حليف استراتيجي لهم ولم يتقى خيارا غير دعوة سن قوانين وتشريعات واتفاقيات تضبط تلك الحركات الإرهابية وكانت بنود وثيقة العهد والاتفاق هي الخيار الوحيد امام قيادة الحزب الاشتراكي اليمني الشريك في الوحدة اليمنية .

 

كان يوم 20 فبراير 1994، هو اليوم الموعود بالنسبة لليمنيين وللعرب. فبعد أكثر من ستة أشهر من الأزمة، بين الرئيس اليمني ونائبه، التقى في العاصمة الأردنية عمان، أكثر من ثلاثمائة شخصية يمنية سياسية، وحزبية، وقبلية، إضافة إلى حضور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وأمين عام جامعة الدول العربية، عصمت عبد المجيد، ووزير الدولة العماني للشؤون الخارجية، يوسف بن علوي، ورئيس اليمن الجنوبي السابق، علي ناصر محمد، والسفراء العرب، والأجانب، المعتمدون في عمان. ووسط هذا الجمع الغفير، وقع علي عبد الله صالح، ونائبه علي سالم البيض، «وثيقة العهد والاتفاق»، في قصر رغدان الملكي، محاولين بذلك إسدال الستار عن أسوأ أزمة عرفتها اليمن، بين شريكي دولة الوحدة تشكلت لجنة حوار من القوى السياسية لحل الأزمة وتوصلت إلى صياغة ما سمي بوثيقة العهد والاتفاق، وتم التوقيع عليها في عمان بتاريخ 20/2/1994 تحت إشراف الملك حسين، وهي الاتفاقية التي أعلنت عليها الحرب وتنصلت منها السلطة بعد انتصارها في حرب 1994م.

 

بعض بنود نص الوثيقة

المتعلقة في الجانب الأمني ومكافحة الإرهاب

7 شعبان 1414 هـ - 18 يناير 1994 م

1 . تؤكد لجنة الحوار ما تضمنه بيان الحكومة بالنسبة للإجراءات الخاصة بمناهضة الإرهاب وضرورة الالتزام بسياسة اليمن المناهضة للإرهاب المحلي والخارجي، وأبعاد العناصر غير اليمنية التي تتوفر بحقها دلائل كافية لمزاولتها لأعمال تخالف سياسة اليمن وقوانينها أو تروج أو تحرض على مثل هذه الأعمال وإبعاد من تثبيت إدانتهم بعد محاكمة شرعية وعلنية تضمن فيها إجراءات العدالة وتنفيذ العقوبة القانونية ويتم ذلك عبر الأجهزة المختصة. ومنع استقدام أو دخول أو توظيف أو إيواء العناصر المتهمة بالإرهاب.

2- تعلن لجنة الحوار للقوى السياسية وقوفها ضد أي تهاون أو تلكوء عن اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة من قبل الأجهزة المعنية ضد المتورطين بالأعمال الإرهابية والتخريبية.

3- . يعتبر كل من يأوي متهماً أو التستر عليه تعلن الأجهزة الرسمية اسمه  أو هارباً من السجن، مخالفاً للقانون وتتخذ ضده الإجراءات القانونية.

4- . توضع خطة لإلقاء القبض على الفارين.. والمطالبة عبر الإنتربول الدولي أو عبر القنوات الدبلوماسية بتسليم المتهمين من غير اليمنيين أو الفارين إلى الخارج من اليمنيين أو إجراء محاكمتهم غيابياً.

5- . تستكمل التحقيقات مع المتهمين في قضايا الإرهاب والتخريب بعد إجراء التحريات وجمع المعلومات وفي إطار تكامل التحقيقات والربط بين القضايا ويتولى التحقيق في هذه القضايا محققون مختصون وأكفاء تتوفر فيهم الحيدة، وعلى أن تحال القضايا إلى النيابة أولاً بأول.

6- تؤكد لجنة الحوار للقوى السياسية على سرعة إصدار لائحة حمل السلاح وتنظيم العمل بها، والنظر في القانون الحالي لجعله أكثر صرامة للحد من حمل السلاح وانتشاره والاتجار به.

7- . يتم التحري والتأكد من وجود معسكرات أو مقرات للإعداد والتدريب على أعمال العنف واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها.

8- . لا تتجاوز خطة التنفيذ وإجراءاته مدة ثلاثة أشهر.

9- . كل الإجراءات المذكورة في البنود السابقة تتم وفقاً للقوانين النافذة وقواعد العدالة.

  • التنفيذ: -

اولا. تضع وزارة الداخلية خطة لإلقاء القبض على المتهمين الفارين أو الهاربين من السجن، أو الذين يقفون وراء المتهمين وبإسناد عسكري من قبل وزارة الدفاع عند الحاجة.. تحت قيادة وزير الداخلية وتقدم الخطة لمجلس الوزراء خلال أسبوع للمصادقة عليها.

ثانيا : . يقدم وزيرا الداخلية والعدل كشفاً بأسماء المحققين المختارين للتحقيق في هذه القضايا - لمصادقة رئيس الوزراء.

ثالثا: . تجرى المحاكمات في مواقع حدوث الجريمة - وتنسق النيابة العامة مرافعاتها للربط بين القضايا في حالة أن المتهمين في قضية ما شركاء أيضاً في قضايا حدثت في مواقع أخرى وتقدم النيابة العامة وممثلوها في المحافظات القضايا للقضاء أول بأول.

رابعا: . يقدم وزيرا الداخلية والعدل تقريراً نصف شهري لمجلس الوزراء عن سير القضايا - والوقوف بحزم أمام أي تلكؤ أو تباطؤ من أي جهة.

****

مما سبق تبين للقارئ أن بنود الوثيقة حددت خطورة تلك التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من صنعاء منطلقا لتهديد الامن والاستقرار لمشروع الوحدة اليمنية، فقد احتلت الاهتمام الأكبر والمرتبة الأولى في معظم القضايا المطروحة في الوثيقة فقد كانت بالنسبة لحياة شعب الجنوب وقيادته تمثل وجودهم ومستقبل حياتهم لكونهم أصبحوا في مواجهة مباشرة مع تلك العصابات الاجرامية المدعومة من النظام القبلي والسياسي اليمني.

وهذا ما يؤكد أن الجنوبيين يبحثون عن مشروع وطني مشترك لإنقاذ اليمن جنوبه وشماله من هذه للعصابات الاجرامية وكانت الوحدة بالنسبة لهم مشروعا والدليل على ذلك خطاب السيد علي سالم البيض في لقاء التوقيع على الوثيقة فلم يكن الحرب والانفصال مشروعا رغم ما يوجهه من مخاطر حتى اثناء الحرب والمواجهة والقتال بعد اعلان الحرب الشاملة وفتاوى التكفير ظل القرار السياسي للقيادة الجنوبية محتفظة بالعلاقة الوحدوية لعل وعسى ان تجد قيادات مخلصة لها في الطرف الاخر.

-      إعلان الحرب على الجنوب 27/ ابريل / 1994م

فقد اعتبر خطاب الرئيس علي عبد الله صالح في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء في 27/4/1994 بمنزلة إعلان حرب على وثيقة العهد والاتفاق جاعلا من الجنوب أرض مباحا لقواته في سبيل احتلاله بالقوة العسكرية، وقد تلا اعلان الحرب عدد من القرارات الجمهورية، منها:

- قرار إعلان حالة الطوارئ في 5/5/1994، والتعبئة العامة للقتال.

- قرار إسقاط الشرعية الدستورية عن علي سالم البيض ثم عن حيدر العطاس بقرار من مجلس الرئاسة اتخذه انفراديا أعضاؤه الثلاثة الشماليون وفي غياب ممثلي الجنوب الاثنين.

- ردا على ما سبق أعلاه أعلن علي سالم البيض في 21/5/1994 فك الارتباط بالشمال.

- اصدار الفتوى التكفيرية ضد شعب الجنوب ارضا وانسانا

بعد انتخابات 27، ابريل 1993م تجلت كثير من الخلافات السياسية والتشريعية والدستورية فدفع نظام صنعاء بتلك العناصر الارهابية للحرب الفكرية والدينية وقد استخدمهم صالح في تلك الفترة من الزمن، أداة بيده ضدّ خصومه الاشتراكيين الجنوبيين، فشكّلوا بذور ما تطوّر لاحقًا ليصبح تنظيم " عسكري منظم ".

 وحين اندلعت الحرب في صيف العام 1994، غزا جهاديو الشمال اليمن الجنوبي، متسلحين بفتوى دينية تبرر قتل الكفار الاشتراكيين في الجنوب. وقد صدرت تلك الفتوى عن وزير العدل اليمني الشمالي عبد الوهاب الدليمي([1]) والداعية عبد المجيد الزنداني، والتي تنص على الاتي:

 النص المذاع للفتوى بصوت عبد الوهاب الديلمي:  «إننا نعلم جميعًا أن الحزب أو البغاة في الحزب الإشتراكي اليمني المتمردين المرتدين هؤلاء لو أحصينا عددهم لوجدنا أن أعدادهم بسيطة ومحدودة، ولو لم يكن لهم من الأنصار والأعوان من يقف إلى جانبهم ما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه في تاريخهم الأسود طيلة خمسة وعشرين عاماً، وكل الناس يعرفون في داخل المحافظات الجنوبية وغيرها أنهم أعلنوا الردة والإلحاد والبغي والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه، ولو كان هؤلاء الذين هم رأس الفتنة لم يكن لهم من الأعوان والأنصار ما استطاعوا أن يفرضوا الإلحاد على أحد ولا أن ينتهكوا الأعراض ولا أن يؤمموا الأموال ويعلنوا الفساد ولا أن يستبيحوا المحرمات، لكن فعلوا ما فعلوه بأدوات، هذه الأدوات هم هؤلاء الذين نسميهم اليوم المسلمين، هؤلاء هم الذي أعطى الجيش ولاءه لهذه الفئة، فأخذ ينفذ كل ما يريد أو ما تريد هذه الفئة ويشرد وينتهك الأعراض ويعلن الفساد ويفعل كل هذه الأفاعيل، وهنا لا بد من البيان والإيضاح في حكم الشرع في هذا الأمر: "أجمع العلماء أنه عند القتال، بل إذا تقاتل المسلمون وغير المسلمين فإنه إذا تترس أعداء الإسلام بطائفةٍ من المسلمين المستضعفين فإنه يجوز للمسلمين قتل هؤلاء المُتترس بهم، مع أنهم مغلوبٌ على أمرهم وهم مستضعفون من النساء والضعفاء والشيوخ والأطفال، ولكن إذا لم نقتلهم فسيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم من المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض.  إذا ففي قتلهم مفسدة أصغر من المفسدة التي تترتب على تغلب العدو علينا، فإذا كان إجماع المسلمين يجيز قتل هؤلاء المستضعفين الذين لا يقاتلون فكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح، هذا أولاً.

الأمر الثاني: الذين يقاتلون في صف هؤلاء المرتدين يريدون أن تعلو شوكة الكفر وأن تنخفض شوكة الإسلام، وعلى هذا فإنه يقول العلماء من كان يفرح في نفسه في علو شوكة الكفر وانخفاض شوكة الإسلام فهو منافق، أما إذا أعلن ذلك وأظهره فهو مرتد أيضاً.([2])

حيث أوضح تقرير مرصد الإفتاء في مصر "تصاعد حدة الفتاوي الدينية لأغراض سياسية صادرة مع صعود التيارات الإسلامية.."، بإطلاق فتاوى تكفير المعارضين والمثقفين، ثم أفراد الجيش والشرطة الذين اعتبرهم أصحاب تلك الفتاوي التكفيرية "طواغيتاً".([3]) وكان نتيجة تلك الفتاوى سقوط الكثيرين من أفراد الجيش والشرطة والمثقفين شهداء وضحايا عمليات إرهابية، جاءت استجابة لتلك الفتاوي الضالة والمضلة.

وأكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية والمشرف على إصدار التقرير، فى بيان صحفي، "أن فتاوى التكفير تلقي بآلاف الشباب بإتون التطرف والقتل والانفجار طلباً لما يزعمون من الشهادة، فيسارعون إلى سفك دماء الأبرياء وترويع المواطنين داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى أنها تمزق النسيج المجتمعي وتشيع الكراهية والحقد بين أبناء المجتمع الواحد بعد أن تقسم المواطنين إلى مؤمنين وكفار، وتصادر حق المواطنين في أن يكون لهم وطناً يحتضنهم ويأويهم" الجنوب جرح ينزف ودم مستباح لقوى الإرهاب كان الأمر أشد وطأة وأفظع تأثيراً في الجنوب، حيث أفتى مشايخ حزب الإصلاح إخوان اليمن بقتل واستباحة دماء شعب الجنوب، وعلى رأس هؤلاء المشايخ عبد المجيد الزنداني وعبد الوهاب الديلمي اللذان ارتبط اسميهما بفتوى التكفير التي استند عليها نظام صنعاء في حرب احتلال الجنوب صيف عام 1994، الفتوى التي استباحت دم الإنسان المعصوم جاءت في توظيف سياسي وزماني ما زالت ارتداداته ممتدة، على الرغم من عقود مضت وتحولات وقعت، غير أن واقع الفتوى وعمقها يعيدها ليس للحياة، فحسب، وإن مات صاحبها، فهي أكثر من مجرد فتوى عابرة، إذ مثلت رغبة سيد قطب في أفكاره التكفيرية، وجسدت لوقائع صنعت المكونات الوحشية من تنظيم «القاعدة»، وحتى الذئاب المنفردة.

"ما زالت الألفاظ الواردة في فتوى التكفير الصادرة في صيف 1994، كما هي متداولة حتى اليوم (عصابة الردة) (الملحدون) أكثر من مجرد مصطلحات، ما زالت تعيش في وجدان اليمنيين الشماليين على اعتبار أن الفتوى لم تُنقض حتى وإن استنكرها كبار علماء بلاد الحرمين آنذاك الشيخين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين رحمهما الله، ووافقهما في الاستنكار الأزهر الشريف، غير أن ذلك الاستنكار لم يؤثر أو يغير من واقع الفتوى وتأثيرها.

 

النتائج :

1-     تعد وثيقة العهد والاتفاق اول وثقيه عربية تضع تشريعا للإرهاب ومكافحته ومواجهته نظرا لما تعرض له شعب الجنوب من عنف سياسي من قبل نظام صنعاء والتنظيمات الإرهابية اليمنية والدولية.

2-     تبين مما سبق ان الجنوب كان اول الدول الذي تعرضت لموجهات الإرهاب الدولي في وقت مبكر ومازال شعب الجنوب في مواجهة مستمرة حد اللحظة.

3-     قدم شعب الجنوب منذ ثلاثة عقود مرت مئات الالاف من الشهداء والجرحى والمعوقين نفسيا وفكريا وعقليا بسبب هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع الجنوبي.

4-     تعرض الجنوب لعدد من الازمات الاقتصادية ودمرت كثيرا من البنى التحتية والمنشئات الاقتصادية وتم نهب ثرواته ومقدراته من قبل تلك العصابات ولمدة ثلاثة عقود متتالية.

5-     القضاء على معظم القيادات السياسية والعسكرية والقانونية والأكاديمية بغرض تجريف العقل الجنوبي النهضوي في سبيل الخروج من هذه الازمة التي يعانها شعب الجنوب.

التوصيات المقترحة

1-  دعوة القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالعودة وثيقة العهد والاتفاق لاسيما باب مكافحة الإرهاب واعتبارها تشريعا محليا جنوبيا وتم الموافقة عليه من قبل معظم القيادات العربية.

2-  المطالبة بمحاكمة رموز التنظيمات الإرهابية في اليمن وفقا للقانون الدولي لمكافحة الإرهاب لكوننا من أول الشعوب الموقعة على اتفاقيات مكافحة الإرهاب في الداخل والخارج.

3-  المطالبة بالتعويضات المادية والنفسية لما جرى لشعب الجنوب من عمليات إرهابية طول ثلاثة عقود حتى الحظة.

4-  دعوة كافة القوى الوطنية والدول العربية الى حظر كافة الأحزاب الإسلامية التي تشرع الإرهاب وتتخذ منه وسيلة لتحقيق للوصول لأهداف سياسية او شخصية

5-  توحيد الخطاب الإسلامية نحو مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة والمنحرفة وتقزيمها لكون الإسلام منها براءة.

6-   

( [1]  ينظر : نص الفتوى في صحيفة الشورى العدد (231) الصادرة في عام 1994م وعدد من التسجلات الصوتية

 ( [3] صحيفة الأهرام المصرية 18/3/2014م