الانتخابات الأمريكية..
تقرير: نفاد الوقت.. هل يعرقل إجراءات عزل ترامب قبل انتهاء ولايته؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب

فيما تتزايد الأصوات المنادية بعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل نهاية ولايته في 20 من الشهر الجاري، وترتفع معها مطالبات الديمقراطيين لنائب الرئيس مايك بنس ووزراء الحكومة بالتصويت على تنحية ترامب بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور الذي يسمح لنائب الرئيس وغالبية أعضاء الحكومة أن يقيلوا الرئيس إذا ما وجدوا أنّه "غير قادر على تحمّل أعباء منصبه" ، ترتفع أيضا حدة الجدل بشأن حكمة أو إمكانية التطبيق العملي لفعل ذلك.
والسبب الرئيس وراء الجدل والتساؤل هو قصر الوقت ونفاده بسرعة في ضوء تبقي عشرة أيام من رئاسة دونالد ترامب المنتهية.
ونظرا لقصر الوقت المتبقي له في البيت الأبيض، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية السبت في تقرير لها كيفية إجراء عملية العزل، وقالت إنه ظرف استثنائي يثير أسئلة سياسية ودستورية ولوجستية نادرا ما مرّ بها التاريخ الأميركي، حيث لم يسبق أن تمت محاكمة أي رئيس مرتين خلال ولايته، ولم تتم إدانة أي رئيس على الإطلاق في مجلس الشيوخ.
وكان الرئيس ترامب قد تم عزله في مجلس النواب يوم 18 كانون الأول 2019، بعد مناقشات محتدمة في المجلس لمد أكثر من شهرين، وجرت محاكمته في مجلس الشيوخ بين 16 كانون الثاني و 5 شباط 2020 حين بريْ في المجلس بأغلبية 51 عضوا من أصل 100 عضو.
واتهمت نسخة من مسودة بنود المساءلة تداولها أعضاء الكونغرس فيما بينهم، يوم الجمعة 8 كانون الأول 2021 الرئيس المنتهية ولايته ترامب "بالتحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة" في محاولة لقلب نتيجة الانتخابات التي خسرها أمام الرئيس المنتخب جو بايدن.
ويسمح الدستور الأميركي للكونغرس بإقالة الرؤساء أو غيرهم من مسؤولي السلطة التنفيذية قبل انتهاء ولايتهم، إذا اعتقد المشرعون أنهم ارتكبوا "خيانة أو رشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الكبرى".
وكما تم في عملية عزل ترامب الأولى في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 ، فإن عملية العزل تتم على مرحلتين، الأولى يصوت فيها مجلس النواب على ما إذا كان يجب عزله، وهو ما يعادل توجيه لوائح الاتهام إلى شخص ما في أي قضية جنائية، ويتم ذكر التهم في مواد المساءلة وتفصيل "مزاعم الجرائم ضد الأمة".
والثانية تأتي بعد تصويت الأغلبية في مجلس النواب لصالح توجيه الاتهامات، حيث يجب على مجلس الشيوخ النظر فيها على الفور والبدء بالمحاكمة، ويقاضي مجلس النواب الرئيس، ويناقش المسؤولون عن العزل ذلك أمام أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعملون كهيئة محلفين، ويسمح تقليديا للرئيس بتعيين محامين للدفاع، ويشرف رئيس المحكمة العليا على المحاكمة.
ولتتم إدانة الرئيس يجب أن يوافق ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ على ذلك، أي 66 عضوا.
وقد يبدو أنه من غير المجدي عزل رئيس بينما هو على وشك ترك منصبه، إلا أنه قد تكون هناك عواقب على الرئيس ترامب ستلاحقه مستقبلا وفقا للصحيفة.
وإذا أدين الرئيس ترامب، فيمكن لمجلس الشيوخ التصويت لمنعه من خوض انتخابات رئاسية مستقبلية، وتولي المنصب مرة أخرى. وبعد الإدانة ينص الدستور على أن مجلس الشيوخ يمكنه النظر في أهلية الرئيس لتولي أي منصب في المستقبل.
ويتعين على أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الموافقة على استبعاد ترامب الذي يفكر في ترشيح نفسه مرة أخرى للرئاسة عام 2024، وهو ما يتمناه ليس فقط الديمقراطيون بل العديد من الجمهوريين الذين يتطلعون إلى الترشح وفقا للصحيفة.
وقالت النائبة الصومالية الأصل (والمحجبة الوحيدة في الكونغرس الأميركي) إلهان عمر من ولاية مينيسوتا إنها شرعت في إجراءات الإقالة وأضافت "أعمل على إعداد مواد الإقالة. يجب عزل دونالد ترامب من قبل مجلسي النواب والشيوخ. لا يمكننا السماح له بالبقاء في منصبه، إنها مسألة حفاظ على جمهوريتنا ونحن بحاجة إلى الوفاء بالقسم" الذي أديناه.
وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي قد دعت الخميس الماضي (7/1/2021) إلى تنحية الرئيس دونالد ترامب غداة اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول، معتبرة أنه: "شخص خطير للغاية ولا ينبغي أن يستمر في منصبه"، فيما أرسل ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ مذكرة إلى أعضاء المجلس الجمهوريين تتضمن جدولا زمنيا مفصلا لعقد محاكمة بغرض العزل.
وأشار ماكونيل إلى أن المجلس سيَعقد في 19 كانون الثاني أول جلسة عمل له وأنه يحتاج إلى موافقة كل الأعضاء البالغ عددهم مئة للاجتماع في موعد سابق لهذا، مما يعني أن المحاكمة لن تبدأ قبل أن يخرج ترامب من المنصب وذلك حسبما وكالة "رويترز" لمصدر مطلع.
وبالنظر إلى اقتراب موعد ترك ترامب لمنصبه يوم 20 كانون الثاني الجاري، فإن التوقيت هو أحد أكبر العقبات السياسية واللوجستية لعزله. وعادة فإن إجراءات المساءلة (كما رأينا في جلسات العزل في مجلس النواب عام 2019 )، تكون عبارة عن قضايا مطولة وتشمل تحقيقات وجلسات استماع وأسابيع من النقاش العام. وكي يحدث ذلك بسرعة، يجب أن يكون هناك نوع من التوافق أو التفاهم بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن ذلك ليس ضروريا بموجب القواعد.
ونظريا على الأقل، يمكن تجاوز اللجنة القضائية التي تستهلك معظم وقت النقاش، واختزال الوقت في حال كان الديمقراطيون وبعض الجمهوريين متفقين ، وتوجيه الاتهامات والمضي قدما بعملية بمناقشات محدود ومن ثم التصويت في مجلس الشيوخ، خلال أيام قليلة. وفي هذه الحالة وبما أن الكونغرس لم يشكل اللجان بعد، فقد يكون القيام بذلك هو الخيار العملي الوحيد. وبمجرد أن يصوت مجلس النواب على بنود الاتهام، يمكنه على الفور إحالتها إلى مجلس الشيوخ الذي يجب أن يبدأ المحاكمة على الفور.
وفي حال فشل عقد المحاكمة قبل انتهاء ولاية الرئيس ترامب، فمن الممكن محاكمته كرئيس سابق.
ولكن أصوات عدة من الأوساط السياسية المختلفة، بدأت بالقول أن عزل الرئيس دونالد ترامب بضعة أيام قبل انتهاء رئاسته ليس حكيما، ولن يؤدي إلا لزيادة الانقسام في البلاد، ويعقد البداية الرئاسية للرئيس المنتخب جو بايدن.