مراحل التوتر في العلاقات الثنائية..

تقرير: لماذا صمت السفير الأميركي في تركيا عن انتهاكات حقوق الإنسان؟

مواصلة الحكومة التركية في حملتها على الاحتجاجات وأشكال النقد الأخرى ضدها في العام الماضي

نيكولاس مورغان

عمل سفير الولايات المتحدة في تركيا ديفيد ساترفيلد في أنقرة لأكثر من 18 شهرا حتى الآن، لكنه ظل صامتا بشأن حقوق الإنسان. واستمر هذا النمط مع مواصلة الحكومة التركية في حملتها على الاحتجاجات وأشكال النقد الأخرى ضدها في العام الماضي.

عمل ساترفيلد سابقا مساعدا لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة وقبل ذلك سفيرا في بغداد في ذروة حرب العراق، أين لعب الدبلوماسي دورا فعالا خلال ولاية بوش. ثم انتقل للعمل في روما أين قضى كامل فترة إدارة أوباما بعيدًا عن الوطن.

وُصف ساترفيلد بأنه "دبلوماسي محترف متمرّس" يتمتع بعقود من الخبرة في الشرق الأوسط. لذلك، رحّب المراقبون بترشيحه للخدمة في تركيا.

قبل وصوله في أغسطس 2019، كانت السفارة الأميركية بلا قيادة لأكثر من سنة ودون صوت مع مواصلة الحكومة التركية الطعن في استقلال المحاكم وقمع حقوق الأقليات واعتقال المواطنين بتهم ملفّقة. كما تُرك مقعد السفير شاغرا خلال مراحل التوتر في العلاقات الثنائية.

ومنذ تعيين ساترفيلد، واصلت السفارة الأميركية صمتها بشأن حقوق الإنسان في تركيا، تاركة التصريحات المنتقدة من مهام وزير الخارجية مايك بومبيو.

إلى حد ما، يتجاوز صمت ساترفيلد على تراجع تركيا الديمقراطي منصبه. ويشير  الخبير في شؤون تركيا والزميل في صندوق مارشال الألماني، نيكولاس دانفورث،  إلى أن هذا يعكس موقف إدارة ترامب. وقال: "نظرا إلى موقف الرئيس وأولوياته، ليس صمت السفارة بشأن حقوق الإنسان مفاجئا".

أقام الرئيس دونالد ترامب صداقة وثيقة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ومن المعروف أنه لا يعطي أولوية لحقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأميركية. لكن الرئيس تصرف بقوة من خلال إصدار عقوبات ورسوم جمركية ضد أنقرة بسبب استمرارها في سجن القس الأميركي أندرو برونسون في 2018، لكنه عاد إلى صداقته مع أردوغان منذ ذلك الحين، حتى فرض عقوبات الأسبوع الماضي على قطاع الصناعات العسكرية نظرا لشراء تركيا صواريخ إس400 الروسية.

أشار الرئيس التركي وحكومته إلى الانتهاكات داخل الولايات المتحدة، لا سيما وحشية الشرطة لتحقيق التكافؤ الأخلاقي لصرف النظر عن انتهاكاتها. كما لا يُعرف عن أردوغان أنه يحترم كلمة الشخصيات الأجنبية البارزة دون مستوى الرؤساء.

منذ صيف 2019، كان من المتوقع أن يواصل ساترفيلد تقليد سفراء الولايات المتحدة في تركيا للتحدث عن الأعراف الديمقراطية رغم تقويضها. وفي ملاحظاته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، وعد ساترفيلد "بحمل تركيا على الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية في مجال حقوق الإنسان" إذا تم تعيينه والسعي لإطلاق سراح الأميركيين الآخرين والموظفين من البعثة الدبلوماسية الأميركية المسجونين في البلاد.

في أكتوبر، حكمت محكمة تركية على الموظف في القنصلية الأميركية في إسطنبول، نظمي ميتي كانتورك، بالسجن خمس سنوات بتهمة مساعدة أتباع فتح الله غولن، وهو داعية منفي في ولاية بنسلفانيا يتهمه أردوغان بتدبير محاولة انقلاب يوليو 2016. وحُكم على موظف آخر، وهو متين توبوز، في يوليو بتهم مماثلة.

ووصفت السفارة الأميركية الأحداث في قضية توبوز بأنها تشويه لعمله وقالت إن التهم لم تكن مدعومة بأدلة موثوقة. ولم يصدر أي بيان في أعقاب إدانة كانتورك.

وأثناء تولي ساترفيلد لمنصب السفير، شهدنا حالات أخرى أثارت فيها الحكومة التركية قلق مراقبي حقوق الإنسان ولكن استجابة السفارة كانت دون المطلوب. ومنذ وصوله، عزلت السلطات التركية رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد لأسباب مشكوك فيها. ووقعت حادثة كبيرة أخرى عندما أُطلق سراح المحسن التركي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا من السجن ثم اعتقل بعد ذلك بيوم واحد في خطوة وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها ذات دوافع سياسية. واجهت احتجاجات حقوق المرأة ونشطاء مجتمع الميم  قمع الشرطة والمحاكمات في العام الماضي أيضا.

ويبقى صمت ساترفيلد فريدا من نواح عديدة عند مقارنته بأسلافه. ففي حين أجرى سفراء الولايات المتحدة السابقون مقابلات وأصدروا تصريحات من حين لآخر، لم يتبع ساترفيلد خطاهم.

دعا فرانسيس جوزيف ريكياردون، الذي خدم في تركيا خلال احتجاجات غيزي 2013، الحكومة إلى احترام أصوات المحتجين في الشارع. وأثار غضب مضيفيه أكثر عندما لفت الانتباه إلى عدد السجناء السياسيين في تركيا. وهاجمه أردوغان بسبب ملاحظاته الانتقادية على سجل حرية الصحافة في تركيا فور بداية ولايته في أنقرة في مطلع سنة 2011. ووصفه، بأنه "سفير مبتدئ" وهو دبلوماسي محترف تمتد خبرته لعقود.

وانتقد أردوغان جون باس، السفير السابق المعتمد من مجلس الشيوخ في عهد الرئيس باراك أوباما وترامب، ووصفه بأنه "سفير متغطرس" لتحدثه ضد الحكومة التركية. وأثار باس ازدراءً حيث شرح رفض الولايات المتحدة تسليم غولن دون أدلة موثوقة.

خلال فترة ولاية باس، بدأت السلطات التركية اعتقال موظفي الحكومة الأميركية، بما في ذلك توبوز، والقس برونسون. وقال باس إن اعتقال توبوز على وجه الخصوص "أزعجه بشدة" واتهم أنقرة بالسعي "للانتقام" من العدالة بهذه الاعتقالات.

من غير المعروف ما إذا كان ساترفيلد سيستمر في منصبه كسفير للولايات المتحدة في ظل إدارة جو بايدن القادمة. تقليديا، يستقيل العديد من السفراء أو يتم استبدالهم بعد فترة تضمن انتقالا سلسا للفريق الجديد الذي يختاره الرئيس المنتخب.

وعمل ساترفيلد نفسه رئيسا للبعثة في مصر في ظل إدارة أوباما وعمل سفيرا في لبنان في عهد جورج دبليو بوش وبيل كلينتون.

إذا استمر ساترفيلد بالفعل في شغل منصبه خلال إدارة بايدن القادمة، فسيبقى أن نرى ما إذا كان سيبدأ في الحديث عن عيوب الديمقراطية في تركيا، فقد أوضح فريق بايدن بالفعل أن القيم المشتركة ستكون في المقدمة مرة أخرى أثناء التعامل مع أعضاء الناتو.