طرق الأبواب للكيانات الرسمية والغير رسمية في العواصم الأوربية..
تقرير: اختلاسات الإخوان.. مخصصات دعم الهاربين في تركيا وقطر والسودان
قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي (أرشيفية)
تندرج حركة الأموال والأصول المالية داخل جماعة الإخوان، وفق الملكية الظاهرة والملكية الباطنة، تحت عدة مستويات داخل التنظيم.
فوفقا لخبراء في الحركات الإرهابية، أولها: الكيانات والمؤسسات والمشاريع الاقتصادية إلى تؤؤول ملكيتها للجماعة بنسبة 100%، ويديرها ممثلون عن التنظيم، بـ"أوراق ضد"، سواء كانوا إخوانا أو غيرهم، تهربا من المصادرة والملاحقات الأمنية من قبل أجهزة الدولة المصرية.
وثاني هذه المستويات المالية، هي الأموال المختلطة بين الجماعة وبين رجال الأعمال، سواء كانوا إخوانا أو غير ذلك، ويدخل فيها ممثلين عن أموال الجماعة بـ"أورا ق ضد" أيضا، في مشاريع وشركات اقتصادية.
وثالثها، هي الأموال التي تخص قيادات التنظيم بشكل خاص، لكن يكون للجماعة نصيب فيها من قيمة الأرباح التي تترواح بين نسبة الـ7% و10 %، ومن ثم يكون يصبح للتنظيم جزء في هذه الأموال في حالة التراكم الربحي، أو إعادة تدوير هذ الأموال.
اختلاسات مالية
وترتبط أهم أبواب المخالفات وأوجه الاختلاسات المالية للتنظيم الإخواني بتحركات مكتب الإخوان المصريين في الخارج، من خلال النشاط الاعلامي المتمثل في سبوبة عقد المؤتمرات والنداوت السياسية، وحملات طرق الأبواب للكيانات الرسمية والغير رسمية، في العواصم الأوربية، بهدف الترويج لقضايا الإخوان مع النظام المصري.
يضاف إلى ذلك لقاءات التواصل مع دوائر صنع القرار والسياسيين في الغرب للدفاع عن قضايا الجماعة، والتعاقدات مع شركات العلاقات العامة، لتحسين صورة الجماعة في الخارج مقابل تشويه الدولة المصرية، والتعاقد مع شركات الاستشارات القانونية بهدف رفع الدعوى القضائية صد النظام السياسي المصري.
كما يعتبر ملف إنشاء القنوات الفضائية واللجان الإلكترونية والمواقع الإخبارية التي تستهدف الدولة المصرية، من الملفات التي شهدت مخالفات مالية كبيرة، والتنسيق والتعاقد مع المراكز والمنظمات الحقوقية الدولية بهدف إصدار التقارير والبيانات الملفقة ضد الدولة المصرية، وملف إقامة المكاتب الإعلامية الخاصة برابطة الإخوان المصريين في الخارج للترويج لملف الإخوان في مصر.
من ضمن الملفات التي شهدت اختلاسات مالية داخل الإخوان مخصصات دعم الإخوان المصريين الهاربين في تركيا وقطر والسودان، والمخصصات المالية التي يتم إرسالها لأسر سجناء الإخوان في مصر.
وتتركز مصادر تمويل مكتب الإخوان في تركيا، في الأموال القادمة من تركيا وقطر، بحكم دعمهما وتوظيفهما لهذ العناصر في إطار مواجهتما للدولة المصرية ودول المنطقة العربية، إضافة إلى الأموال القادمة من مكاتب الرابطة الدولية للإخوان المصريين في الخارج لاسيما دول أوروبا، على سبيل المنح.
يضاف إلى ذلك الأموال والاعانات القادمة من الدول الغربية والاتحاد الأوروبي، على سبيل المنح لاسيما الكيانات التي تعتبر الإخوان جماعة ضغط سياسي معارضة للنظام المصري.
الاشتراكات
ومن ضمن موارد الدعم الرئيسي للتنظيم الإخواني بشكل عام، الاشتراكات المقدرة بنسبة 10 % من الدخل الشهري للأفراد التنظيميين، وأرباح المشاريع والكيانات الاقتصادية التابعة للجماعة، داخل مصر، والكيانات الاقتصادية التابعة للتنظيم الدولي المنتشرة في مختلف عواصم العالم.
وكذلك المراكز والجمعيات الإسلامية في الغرب المعنية بجمع الأموال بشكل عام، والهيئات الإسلامية العاملة تحت بند الإغاثة، وتمثل محرك مهم في حركة الأموال وجمع التبرعات في مختلف دول العالم، والأموال القادمة من الدول الراعية والداعمة للإخوان، مثل قطر وتركيا وايران وبريطانيا، والأموال القادمة من بعض المؤسسات والكيانات الدعمة للإخوان في الخارج ولها علاقة بالجهزة الاستخباراتية ودوائر صنع القرار الدولية، التي تستهدف تستخدم الإخوان كأداة لتحقيق مصالح في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية .
شهادات الفساد المالي
الفساد المالي داخل تنظيم جماعة الإخوان، أحد أهم الأسباب لانشقاق كثيرين من أعضائها، وهو ما شهد به اعضاء الجماعة أنفسهم في العديد من المناسبات، الفساد الذي بدأ في السنوات الأولى من عمر الجماعة، ليزيد ويتضخم مع انتشار وتزايد حجم التنظيم واستثماراته وأمواله.
أمير بسام
كانت عناصر إخوانية موالية لجبهة "الكماليون"، سربت تسجيلاً صوتياً منسوباً لعضو مجلس شورى جماعة الإخوان، الدكتور أمير بسام، والهارب حالياً خارج مصر، كشف فيه حجم المخالفات المالية داخل تنظيم الإخوان المصريين الهاربين إلى تركيا.
وأشار بسام في التسجيل الصوتي المسرب، إلى عدد من الوقائع المتعلقة بالاختلاسات المالية التي تقدر بالملايين، واستيلائهم على عدد من الشقق السكنية، والسيارات الفاخرة ماركة (BMW)، والمملوكة للجماعة.
وشن بسام، خلال التسجيل الصوتي، هجوماً حاداً على قيادات التنظيم، في مقدمتهم كل من الأمين العام للجماعة، الدكتور محمود حسين، على خلفية اجتماع لقيادة التنظيم عقد في تركيا، لسؤالهم حول مسارات الانفاق والمخصصات المالية للتنظيم في الخارج، واعتراف محمود حسين بالحصول على مبالغ مالية كبيرة، وعدد من أفراد أسرته، حصرت بين شقق وعمارات سكنية، وسيارات فاخرة، بمشاركة نائب المرشد العام للتنظيم الدولي، إبراهيم منير، وتحت علم قيادات التنظيم الدولي، التي ترفض محاسبتهم.
والقى بسام الضوء على حجم الخلافات الداخلية والانقسامات التي تشهدها جماعة الإخوان في تركيا، لاسيما فيما يدور داخل جبهة القيادات التاريخية، التي يمثلها القائم بأعمال المرشد الدكتور محمود عزت.
عصام سلطان
في منتصف الستينيات كان هناك عدد من الكوادر الإخوانية الرئيسية التي شككت في الملف المالي للإخوان، منهم المحامي عصام سلطان، الذي أمضى 16عاماً عضواً في جماعة الإخوان، وأحد المقربين من الرموز التاريخية للجماعة، حيث قال في حوار لصحيفة المصرية : "طبعاً هناك فساد وإفساد مالي ضخم داخل التنظيم، لأنه لا توجد رقابة على مصادر الصرف، ولا توجد ميزانية ثابتة، ولا وجود لأرقام حصرية حول حجم الاشتراكات أو التبرعات أو التحويلات التي تأتي من الخارج، لذلك فهناك أشخاص في الجماعة تتعدى رواتبهم "عشرة آلاف جنيه شهرياً"، يصرفها من ميزانية الجماعة، كما أن الأموال تحول لأشخاص خارج الصورة تماماً، وهناك توكيلات من هؤلاء الأشخاص لآخرين تحسباً لأي ظرف طارئ".
عبد الستار المليجي
يعد عبد الستار المليجي أحد القيادات الإخوانية المنشقة عن الجماعة وكان مسؤولًا عن مكتب التنظيم في محافظة المنيا، وواحدا ممن رصدوا المخالفات المالية للجماعة وكتب عنها العديد من المرات، وهذا الرصد جمعه في رسالة بعنوان "أموال الإخوان من أين وإلي أين"، والتي أرسلتها لمكتب الإرشاد للمطالبة بمعرفة منافذ صرف أموال الجماعة.
حيث يقول عبد الستار: "توضح الدراسة المتأنية أن مال الجماعة استُخدم لتكريس السلطة الدعوية في أيادٍ لا تُحسن الحركة بالدعوة، ولا تمثل عند الرأي العام نماذج التدين"، في إشارة منه أن من يتحكم بالجماعة هو من يتحكم بأموال التنظيم (خيرت الشاطر وحسن مالك)، حتى "أضحت جماعتنا اليوم تُقاد بالصرافين والمصرفيين لا بالعلماء الواعظين".
ويختم د. المليجي رسالته لمرشد الإخوان آنذاك بالتشديد على أنه "في مواجهة ما نُشر تحت عنوان الفساد المالي في جماعتنا، فليس أمامنا في باب الأموال اليوم طريق غير الشفافية، وإفادة الرأي العام المصري بكل التفاصيل عن جماعتنا، ولذا أنصح صاحب الرسالة بإعلان ميزانية الجماعة في مصر، ونشرها في الصحف بشكل سنوي، وإعلان الذمة المالية لكل القيادات الإخوانية التنظيمية المتمثلة في أعضاء مكتب الإرشاد، وأعضاء مجلس شورى الجماعة، ومسؤولي المحافظات.
موصيا رجال الأعمال من أعضاء الإخوان إلى نشر ميزانياتهم السنوية، اتقاء للخلط بين أموال شركاتهم وأموال التبرعات التي ترد للجماعة".
وتساءل المليجي في حواره مع صحيفة المصري اليوم، عن السبب وراء الثراء المفاجئ لبعض أعضاء الجماعة، والذين كانوا فقراء جدا، فيقول: "بداية يجب أن ندرك أن من يحرك الجماعة في مصر ليس مكتب الإرشاد وإنما التنظيم السري، وهو المتحكم الأول والأخير في قرارات وأموال الجماعة، وأموال التبرعات تأتي من الداخل والخارج، والتنظيم السري يرفض الاعلان عن قيمتها الإجمالية بدعاوى الحصار الأمني، وأنا طالبت بأن يعلن مكتب الإرشاد عن ميزانيته ويشارك فيها مجلس شوري الإخوان بالقبول أو الرفض، لنعرف أين تصرف الأموال، فالمفروض مجلس شورى الإخوان يكون من صلاحياته أن يعطي ضوءً أخضر لإنفاق هذه الأموال، لأن هناك أناساً فقراء جدا في الإخوان، وأصبحوا فجأة أغنياء، على اعتبار أنه ثراء يعود إلى استثمارات الإخوان تُسجل بأسماء أعضاء بعينهم، ما يتسبب في ضياعها بعد ذلك نتيجة للمنهج السري في إدارة أموال الجماعة، واتضح أنهم يجمعوا أموال التبرعات لتشغيلها في استثمارات خاصة بالجماعة، أغلب أموال الجماعة توضع في حسابات أشخاص وفور وفاة الشخص، تضيع تلك الأموال علي الإخوان، لأن أولاده يرثونها".
ويضيف المليجي: "التنظيم أنشأ لسعد الكتاتني، مركزاً علمياً في المنيل فور وصوله من الخارج وتم إنشاء شركة كمبيوتر له، لأنه (متظبط) من الخارج ضمن مجموعة التنظيم السري، بينما المسؤول عن المحافظة كلها الشخص الكبير الدكتور علي عمران فقير ولا يجد أي مساندة، فهذه الأموال تستخدم للإفساد التنظيمي داخل الإخوان، وكل هذا حرام شرعاً، معني هذا أن هناك لغزاً كبيراً في الأموال حتي داخل التنظيم نفسه.. فضلاً عن سؤال الرأي العام الدائم عن حجم هذه الأموال ومصدرها؟".
الاستشاري سيد حسن
أيضا من الشهادات التي وثقت حديثا فيما يتعلق بالفساد المالي للتنظيم، ما ورد في كتاب "الإخوان المسلمون.. الأزمة والتشتت"، لمؤلفه الكاتب الصحفي محمود الصادق، والذي فتح فيه ملف الخلافات الداخلية بجماعة الإخوان، بعد إجراء حوار مع المهندس الاستشاري سيد محمد حسن، عضو مجلس إدارة نقابة المهندسين منذ عام 1985، الحارس القضائي على النقابة، وأحد أعضاء الجماعة المنشقين.
يقول حسن: "ظللت في نشاط دائم بالجماعة إلى أن افترقت بي الطرق بعيدا عنها عام 1992، بسبب تخلف الجماعة عن مواكبة الأحداث".
ووفقا للكتاب يقول الاستشاري سيد حسن: " اعتقدت أن الخروج عن الجماعة هو أضعف شيء ممكن تفعله لكن الأصعب جدًا أن تكون في داخل تنظيم وتحاول الإصلاح بإصرار طالما أنك على موقف سليم، وبسبب خبرتي في العمل النقابي وخبرتي الشخصية، جعلتهم يشكلون عدة لجان للتحقيق على أعلى مستوى للتحقيق معي في مخالفات جسيمة كنت أرصدها لهم، لكن في كل مرة وبعد أن تنتهي اللجنة من عملها كانوا يساومونني على التنازل عن الشكاوي والمخالفات التي رصدتها".
موضحا "الجماعة من الداخل مثل أعشاش العنكبوت، قد تظن أن في الداخل مفكرين وجنرالات ومنظمين، لكن في الحقيقة إنه ليس بالداخل أي شيء ذو قيمة، بل فيها بعض من الحطام البشري الذي تخطى الثمانين يقضي الوقت نائما دون أي هدف واضح، وهو الذي يصدر القرارات، إلى جانب العديد من الوصوليين والفضوليين الذين لهم مصالح مالية واقتصادية مع الجماعة، كل هذه العوامل تكاتفت لتدفعني إلى ترك الجماعة، لكني فعلاً لم استقل وإنما صدر قرار بإبعادي، على الرغم من أنني لم أفصل ولم أستقل أيضا ومازالت عضويتي سارية، لأنهم كانوا لا يستطيعون مواجهتي لأني أعرف أشياء عنهم في منتهى الخطورة ومن خلال سعيي نحو الإصلاح كان يقع تحت يدي بالصدفة الكثير من المخالفات والفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي تخجل منه الأحزاب الدنيوية".


