رثاء..

رسالة الى الشهيد/ محمد عبدالله غالب

الشهيد/ محمد عبدالله غالب

سليم ثابت

أه والف أه عليك وعلى ريعان شبابك وعلى ابتسامتك الجميلة وقلبك الطيب عزيزي محمد ، أدميتنا بكاءً برحيلك أيها الفتى النبيل ، حولت قلوبنا إلى ملعب للقهر والحسرة والألم .

 كل الإبتسامات التي كانت تتجلى عند سماع صوتك أو رؤيتك اختفت ، ذكرياتك الجميلة ومرحك ومزحك تحول إلى دموع تتحدث بها أعيننا ، أقسم لك أن رحيلك هز كل بيت في قريتنا ! وأدمع كل رفاقك الذين ألِفوك ! 

أمك المسكينة الطيبة تقسم أنك ستعود إليها وتحتقر كل من يتحدث عن موتك تارة، وتنسف مشاعرنا ألماً ببكاءها العنيف تارة أخرى ، اقسم لك أنها أبكتني حتى نفذت دموعي وأبكت كل من سمعها أو رائها ، ولن يسعني الوقت هنا لسرد مشاعر الآخرين نحوك فمكانتك العالية في قلوبنا لن تحويها الحروف.

كانت تحلو بك الحياة المريرة يا صديقي ،وتُؤنس بك الوحشة ؛ وكنت مصدر نور والهام لنا في خندق الحياة المظلم ،كنت تفتقدنا كثيراً لمجرد غياب بسيط وها نحن اليوم نفقدك وإلى الأبد ، تتصل بنا لتسمعنا ضحتك الجميلة ،وها نحن اليوم نسمع صداها يتردد دون مصدر نتصل به،كنت في مقدمة الصفوف تشاطرنا الحزن والفرح وها هي الأحزان برحيلك تشطّر قلوبنا.

عزيزي محمد أكتب لك حروفي وسأرسلها إلى رقمك الخاص مع يقيني أنك لن تنظر إليها ولن تستلمها ،ولكني سأفعل هذا إرضاء لنفسي المتناقضة أمام فاجعة رحيلك ، سأكتب لك كل ما يدور في خيالي حول شخصيتك ، وسأنقل لك المشاعر الحزينة - للطفل والصديق والشيوخ الذين جمعتك بهم صور ومواقف عديدة - بعد رحيلك . 

عزيزي محمد لستَ الأول وربما ليس الأخير في هذا المضمار فقد ودعت القرية قبلك كوكبة من شبابها ،وكلكم تموتون تحت هدف واحد إسمه الوطن، ومع كل فاجعة نتلقاها ندرك أنكم أنتم الوطن الحقيقي ورأس المال الثابت الذي نفقده مع كل شهيد منكم ؛ عزيزي محمد أنتم خير من تحدث عن الوطنية ووهبتموها قلوبكم وأرواحكم الطاهرة ، وأعدك أني سأكون صوتاً صارخاً في وجه كل من سيقابل تضحياتكم بالنكران من المتطفلين المتربعين على المناصب والمتاجرين بدمائكم، وأعدك أني سأكون قلماً جارحاً في وجه كل من يحاول الصعود على جماجمكم إلى مركز القرار دون أن يجعل أسركم من أولوياته.