ضغط على واشنطن..

تقرير: لماذا يصعب أن تسير "المنطقة الآمنة" وفقاً لخطة أردوغان؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)

وكالات

خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "لقد حصدنا لقب أكثر مزود للمساعدات سخاءً على المستوى العالمي واستقبلنا أكثر الناس تعرضاً للتهجير".

لا يمكن تطبيق الخطة من دون تغييرات ديموغرافية بارزة. كذلك، لا ينحدر اللاجئون من شمال شرق سوريا بل من غربها وجنوبها

 يشرح سفير الهند السابق في السعودية والإمارات وعمان تلميذ أحمد في صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية أنّ أردوغان كان يشير في هذه العبارة إلى استضافة دولته 3.6 ملايين لاجئ من سوريا التي مزقتها الحرب وقد أنفقت 40 مليار دولار للعناية بهم. لكن هذا الاهتمام يمكن أن يصل اليوم إلى نهايته.

ما يبدو حلاً سريعاً
في الخطاب نفسه، اقترح أردوغان إنشاء "ممر سلام" في شمال شرق سوريا يمتد على طول 480 كيلومتراً وعرض 30 كيلومتراً كي يضم مليوني لاجئ سوري من تركيا. وأضاف أنّ عمق "المنطقة الآمنة" يمكن أن يتوسع جنوباً أكثر صوب خط الرقة-دير الزور ويضم مليون لاجئ من ضمنهم من يعيشون في أوروبا حالياً. تبدو "المنطقة الآمنة" حلاً سريعاً للكثير من مشاكله. إنّ الإنفاق على اللاجئين يستنزف الاقتصاد التركي الذي يواجه انكماشاً. وهنالك عدوانية متزايدة ضد اللاجئين من قبل المواطنين الأتراك الذين يرون أنهم يسرقون وظائفهم وأنهم مصدر مشاكل للنظام العام.

كيف تحركت أنقرة؟
أضاف أحمد أنه رداً على هذه المخاوف، أطلقت أنقرة سياسة قاسية. في يوليو (تموز)، أعطت مهلة للاجئين غير المسجلين حتى 20 أغسطس (آب) للرحيل. لكن تم تليين هذه السياسة وتمديد مهلة الترحيل. وفي الوقت نفسه، عارضت المنظمات الإسلامية هذه المقاربة القاسية. لقد أراد أردوغان الإضاءة على هذه المسألة أمام حكومات واشنطن والاتحاد الأوروبي والحصول على دعمها ليس لحصد دعم مالي أكبر وحسب بل لخطة "المنطقة الآمنة" نفسها. للضغط على الاتحاد الأوروبي، قال أردوغان أوائل سبتمبر (أيلول) إنه بغياب الدعم الغربي، لن يكون أمام تركيا سوى خيار "فتح البوابات" كي يتوجه اللاجئون نحو أوروبا. امتنع عن تنفيذ هذا الخيار في اتفاق 2016 مع الاتحاد الأوروبي بعدما حصل على وعد بتلقي 6.5 مليارات دولار كدعم مالي.

ضغط على واشنطن
بالنسبة إلى تركيا، الولايات المتحدة هي الدولة الأساسية التي تريد منها الانضمام إلى خطتها. تملك الولايات المتحدة حوالي ألفي جندي يدعمون قوات سوريا الديموقراطية في شمال شرق سوريا أي المنطقة التي يرغب أردوغان باستخدامها من أجل خطته. حاول أردوغان الضغط على واشنطن عبر التقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واشترى منظومة أس-400 الروسية في تناقض مع سياسة حلف شمال الأطلسي. أدى ذلك إلى طرد تركيا من برنامج تطوير مقاتلة أف-35 الأمريكية. ونقلت تركيا قواتها أيضاً إلى الحدود في مقابل بلدتي تل أبيض وكوباني.

تشجيع متنوع
شجع السلوك التركي الولايات المتحدة على إيجاد سبيل لمعالجة المخاوف التركية المرتبطة بالسوريين الأكراد الموجودين على حدودها. في أغسطس (آب)، أنشأت الدولتان مركز عمليات مشترك على الحدود وفي أوائل سبتمبر (أيلول) بدأتا تسيير دوريات مشتركة. رأى أردوغان هذا التطور كخطوة أولى نحو الحصول على الدعم الأمريكي لفكرته. وفي القمة السادسة لمسار أستانا في أنقرة أواسط سبتمبر، حصلت تركيا أيضاً على دعم روسيا وإيران ل "ممر السلام" كي يعيد توطين اللاجئين ومواجهة الإرهاب.

وكتب أحمد أنه بتشجيع من موسكو وطهران وصف مكتب وزارة الخارجية في دمشق قوات سوريا الديموقراطية على أنها "ميليشيا إرهابية تخدم كمتعاقدة فرعية للولايات المتحدة". أبقى أردوغان فكرة تحرك عسكري أحادي حية وقد أصدرت وزارة الصحة التركية أوامر بإلغاء إجازات الأطباء استعداداً للعمليات العسكرية. لكن لا يجري كل شيء وفقاً لما يريده أردوغان.

عقبات تبدأ من واشنطن
ضمن المسؤولون الأمريكيون ألا يجتمع ترامب بأردوغان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتفادي إقناعه بالتزام سيئ. لم يخفِ المسؤولون الأمريكيون عداءهم لمخططات تركيا حول شمال شرق سوريا. لقد أكدوا الدعم العسكري لقسد وأظهرت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا اهتماماً بالانضمام إلى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" التي ترعاها الولايات المتحدة، مما يقترح أنّ أمريكا لن تخلي المنطقة في أي قريب. وثمة مشاكل أخرى مع خطة أردوغان.

ثلاث عراقيل أخرى
رأى أحمد أنّ المساحة التي حددها لإعادة التوطين تضم حوالي 850 ألف نسمة من بينهم 75% من الأكراد. بالتالي، لا يمكن تطبيق الخطة من دون تغييرات ديموغرافية بارزة. كذلك، لا ينحدر اللاجئون من شمال شرق سوريا بل من غربها وجنوبها ومن الصعب جداً أن يكونوا مسرورين بشأن إعادة نقلهم إلى المنطقة التي يتحدث عنها الرئيس التركي. أخيراً، هذه المنطقة هي صحراء قاحلة ذات بنية تحتية محدودة ولا تستطيع تحمل مليونين إلى ثلاثة ملايين شخص. مع عدوانية أردوغان تجاه الوجود الكردي والمخاوف من أن تؤدي سياسة حافة الهاوية لأردوغان إلى التحرك العسكري، يبدو مشهد المنطقة ضبابياً جداً، وفقاً لما ختم به الديبلوماسي مقاله.