بعد السيطرة على مقاليد الحكم في بعض الدول..

تقرير: هل يدق الرئيس التونسي المسمار الأخير في نعش "الإخوان"؟

تونس تدخل مرحلة جديدة من السجال السياسي

حسام الحداد
صحافي في مركز بوابة الحركات الإسلامية لدراسة الإسلام السياسي والإقليات
منذ انطلاقة ما يطلق عليه الربيع العربي ويزداد التيار الإسلامي سيطرة على مقاليد الحكم في بعض الدول، أو يؤدي إلى تفكيكها وخلق حالة من حالات الحرب الأهلية، وبقي النموذج الصامد بعض الشيء في مواجهة الشعوب العربية تحديدا لهذا التيار هو النموذج التونسي، رغم ما ارتكبه من جرائم في حق الشعب التونسي، واغتيال بعض قيادات التيار الليبرالي مثل شكري بلعيد، إلا أن الشارع التونسي مارس حقوقه الديمقراطية في النزول للشارع والمطالبة برحيل حركة النهضة وحل البرلمان الذي تسيطر عليه الحركة والأحزاب المتحالفة معها، ما أدى في النهاية بالرئيس التونسي قيس سعيد لاتخاذ مجموعة من القرارات المهمة والمستندة للمادة 80 من الدستور التونسي حيث قرر قرر الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الأحد ٢٥ يوليو ٢٠٢١، تجميد كل سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر الرئيس التونسي، بموجب الفصل 80 من الدستور، تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب في حق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد ويعينه رئيس الجمهورية.
وفي كلمة له عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، قال الرئيس التونسي: "لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلا من الرصاص."
وقال الرئيس في بيان بثته وسائل الإعلام الرسمية "لم نكن نريد اللجوء للتدابير على الرغم من توفر الشروط الدستورية ولكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب".
والسؤال المهم الأن والذي يتمثل في عنوان هذا التقرير "هل تكون هذه القرارات بمثابة المسمار الأخير في نعش الجماعة؟"، خصوصا بعد عزلها في الدولة الأم مصر منذ 2013، ووضعها على قائمة المنظمات الإرهابية هي وعدد من أذرعها السياسية والإرهابية في عدد ليس بالقليل من الدول العربية  والأوروبية.
وحتى نكون موضوعيين فان الاجابة على مثل هذا السؤال ليست سهلة خصوصا وأن حركة النهضة الإخوانية في تونس تحاول السيطرة على المشهد والضغط على قيس سعيد داخليا بالدعوة لنزول عناصرها للشارع لمواجهة قرارات الرئيس التونسي مما قد يؤدي إلى اثارة الفوضى بين مؤيدي القرارات وعناصر النهضة وربما ينتج عن هذا حالة احتراب داخلي كتلك التي حدث في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، ومن ناحية أخرى تحاول الحركة الضغط على رئيس الجمهورية بالاستقواء بالخارج كما حدث في مصر أيضا فقد تعالت الأصوات منذ ليلة أمس من عناصر الإخوان في تونس وذباب التنظيم الدولي الالكتروني بدعوة التدخل التركي في البلاد تلك الدعوة التي من الممكن أن يخسر الإوان منها أكثر من المكسب فأردوغان لن يتحمل مثل هذه المخاطرة في الوقت الراهن خصوصا بعد محاولاته التقرب من مصر بعد خسائره في شرق المتوسط وليبيا والسودان.
هناك أصوات أخرى من قيادات فصائل ارهابية عاملة في ليبيا والمغرب العربي تطالب بدخول داعش وغيرها من الجماعات الارهابية المسلحة للمشهد التونسي وبالفعل أعلنت اليوم الاثنين 26 يوليو 2021،  ميليشيات تابعة لتنظيم الإخوان غربي ليبيا حالة الطوارئ داخل معسكراتها، واستدعت كافة عناصرها بأوامر عليا من قادة التنظيم، تزامنا مع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد بإقالة الحكومة وتجميد عمل مجلس النواب ذي الأغلبية الإخوانية.
وجاء هذا بعد قليل من إعلان خالد المشري، رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة التابع لتنظيم الإخوان في ليبيا وصاحب النفوذ في مؤسسات الدولة غربي البلاد، رفضه لقرارات الرئيس التونسي، واصفا إياها بـ"الانقلاب".
وقالت مصادر داخل طرابلس لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك اجتماعات لقادة تنظيم الإخوان في ليبيا أجريت بعد قرارات الرئيس التونسي، و"حدث تواصل مع قيادات الإخوان في تونس، وبعدها أعلنت ميليشيات الإخوان حالة الاستنفار داخل معسكراتها".
وأوضحت المصادر أن 3 معسكرات تبعد عن الحدود التونسية 218 كيلومترا كانت من بين المعسكرات التي استنفرت عناصرها، وأن هناك تحركات تم رصدها للميليشيات تجاه الحدود التونسية.
وكان المشري سارع للتعبير على حسابه بموقع "تويتر"، رفضه قرارات الرئيس التونسي التي مست التنظيم المنتمي إليه.
وقال: "نرفض الانقلابات على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية"، حسب زعمه.
وانتقد الليبيون تغريدة المشري، وهاجموه بأشد العبارات على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوه وتنظيم الإخوان بـ"أكبر المنقلبين على الشرعية في البلاد".
هذا وغيره ما يؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستشهد حالة من السخونة السياسية ربما ترتفع عن سخونة الجو قليلا، ونجد تكرارا لسيناريو الجماعة في مصر بعد عزلها عن الحياة السياسية، ويتوقف مستقبل تونس الأن على قدرة الشعب التونسي ومؤسسات المجتمع المدني الرافضة لتيار الإسلام السياسي مع القيادة السياسية على ادارة المعركة بصبر وحكمة وعدم الانزلاق إلى حالة الفوضى والإرهاب التي تعمل عليها حركة النهضة الإخوانية والتنظيم الدولي للجماعة، وحال الخروج من هذه الأزمة يكون ما حدث في تونس بالفعل هو المسمار الأخير في نعش الجماعة وتنظيمها الدولي على الأقل في شمال أفريقيا.
-----------------------------