الرياض تدير ظهرها لأتباع الرئيس المؤقت وتتهمهم بالجاسوسية..

تحليل: تحالف هادي مع إخوان اليمن.. نسف الشرعية وشجع الحوثيين

الرئيس اليمني المؤقت عبدربه هادي نسف شرعيته بالإقصاء والتحالف مع الإرهاب - ارشيف

القسم السياسي

قالت مصادر في الحكومة اليمنية بالمنفى "ان الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، حضر برفقة قيادات عسكرية وأمنية بينهم نائبه علي محسن الأحمر ومدير مكتبه عبدالله العليمي؛ اجتماعا في القوات المشتركة السعودية؛ وهو أول اجتماع يحضره هادي بعد تسليم حلفائه جماعة الإخوان لمواقع عسكرية استراتيجية غربي مأرب والجوف.

ونشرت وسائل إعلام رسمية خبرا قصيرا تضمن الاشارة إلى "اجتماع عسكري برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة في قيادة القوات المشتركة السعودية للاطلاع على سير المعارك العسكرية في جبهة نهم والجوف وصرواح وباقي الجبهات".

وقالت مصادر مقربة من هادي لـ(اليوم الثامن) "انه طلب من القيادة السعودية السماح له بعقد اجتماع في قيادة القوات المشتركة، بالتزامن مع التوغل الحوثي في ريف مأرب والجوف وتهديد المحافظة المعقل الرئيس للإخوان".. مشيرة الى ان القيادة السعودية وافقت الخميس على زيارة هادي وعقد الاجتماع الذي حرص موالو هادي اظهاره بشكل قوي وجيد، لكنه لا يحمل أي أهمية كونه اجتماع يأتي في ظل ما تعتقده السعودية انها خيانة "إخوانية للتحالف العربي" الذي تقوده الرياض.

ولا يبدو ان اجتماع هادي، يمتلك أهمية للسعودية التي ترى ان حلفائها في اليمن الشمالية قد فشلوا في احراز أي تقدم عسكري على الارض، بل على العكس من ذلك خسروا الكثير من المواقع الاستراتيجية وباتت مأرب والجوف تحت الخطر الحوثي، وهو ما لا يمكن ان تسمح به الرياض، التي بدأت فعليا في تغير خارطة التحالفات العسكرية والسياسية في الشمال اليمني.

فقد استدعت الرياض الجنرال طارق صالح الذي يعد من ابرز القيادات العسكرية المناهضة للحوثيين والإخوان، ويتمتع بقاعدة شعبية وعسكرية شمالية، ناهيك أنه يخوض حربا ثأرية لمقتل عمه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي قتله الحوثيون في اعقاب الانتفاضة التي نفذته قواته في أواخر العام 2017م.

ذهب طارق إلى مأرب ومنها إلى شبوة، قبل ان يستقر به الحال في عدن، التي أسس فيها قوات عسكرية، أطلق عليها حراس الجمهورية، تدفع بها بعد اعادة تأهيلها وتسليحها إلى جبهة الساحل الغربي، لتنضم إلى القتال الى جانب قوات العمالقة الجنوبية والمقاومة التهامية.

وكانت هذه القوات قد اقتربت من استعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي، الأمر الذي ظنه الإخوان وحكومة هادي، قد يذهب نحو الخصم اللدود للتنظيم، لتسارع حكومة الرئيس اليمني المؤقت الى توقيع اتفاقية السويد التي لم تنفذ إلى اليوم، ودعا طارق الى اعلان فشلها وهو ما لم تفعله حكومة هادي.

التنازل الذي قدمته حكومة هادي في الحديدة، شجع الكثير من الاطراف الغربية التي ترى في الحكومة اليمنية الشرعية المؤقت الوجه الأخر للتنظيمات الارهابية، وذهبت مراكز دراسات الى التحذير من مغبة وصول علي محسن الأحمر الى رئاسة اليمن، فيما اذا مات هادي، الذي كان يعاني من ازمة صحية نقل على أثرها الى الولايات المتحدة الأمريكية كان أخرها منتصف العام المنصرم.

حاولت السعودية تعزيز ثقة الغرب بالحكومة اليمنية الشرعية التي تدعمها، وساهمت الرياض في تقديم معلومات حول تورط شخصيات يمنية مسؤولة، وضعتها الخزانة الأمريكية لاحقا على قوائم الإرهاب، الا ان الإخوان اعتبروا ذلك استهدافا لهم، ليعودوا لإحياء تحالفاتهم مع الحوثيين الموالين لإيران، ومنها التحالف الذي ابرم في صعدة أواخر العام 2014م، والموقع بين زعيم جماعة الإخوان محمد اليدومي وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي.

وهذا الاتفاق برر الاخوان الذين كانوا قد تسلموا السلطة من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، بسبب تصنيف السعودية لهم كجماعة ارهابية.

وكانتقام من السعودية، اعلن الاخوان ايقاف 40 الف مقاتل من الحزب، كانوا في طريقهم للدفاع عن صنعاء، التي سلمتها قوات الفرقة الأولى مدرع في الـ21 من سبتمبر 2014م، أي بعد نحو شهرين من توقيع الاتفاق مع الحوثيين.

وقال الدكتور هود أبو راس، مدير مكتب رئيس هيئة علماء اليمن عبد المجيد الزنداني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» السعودية، إن قيادة «الإصلاح»، ساهمت في تفاقم الأوضاع داخل اليمن، حين أصدرت أمر إيقاف زحف 40 ألف من المقاتلين نحو صعدة، مؤكدا أن الإجراء «كان غامضا».

واعتبر وزير الداخلية الإخواني عبده الترب، الحوثيين بأنهم أخوة لمنتسبي الأجهزة الأمنية في صنعاء، وحذر من قتالهم، فيما فر الأحمر صوب السعودية بعد ان لجأ لسفارتها في صنعاء.

يتهم الإخوان بالوقوف وراء الافراج عن قيادات بارزة في تنظيم القاعدة، كانت معتقلة السجن المركزي بصنعاء، شديد التحصين، في مطلع العام 2014م.

وترى تقارير اخبارية ان "الزيدية" كانت السبب الرئيس في عدم جدية "السلطة التي جاءت بعد الانتفاضة على صالح"، وهي سلطة الإخوان، الذين يعد قادة التنظيم من زعماء القبائل الزيدية، التي لا ترغب في هزيمة أي طرف زيدي، معتبرة ان ذلك يعني هزيمة للزيدية السياسية التي ترى ان حكم اليمن من حقها.

حاول التحالف العربي ترميم الحكومة اليمنية الشرعية أكثر من مرة، على أمل الدفع نحو تسوية سياسية، تحصل الرياض بموجبها على ضمانات من استهداف اراضيها او مصالحها في داخل اليمن، الا  ان الإخوان دائما ما يفرضوا شروطهم التعجيزية على قائدة التحالف العربي، وصل بهم الأمر الى المطالبة بطائرات "ابتاتشي" لحسم المعركة مع الحوثيين، وهو ما ردت عليه الرياض، بإيقاف الدعم المالي والعسكري للقوات في مأرب وتقليص مرتبات الجنود الى النصف.

ظن هادي ان ما تقوم به الرياض يستهدف "شرعيته"، ليترك الأمر لنائبه ومدير مكتبه عبدالله العليمي، في مواجهة ذلك، ليتم عزل كل المسؤولين والقيادات العسكرية التي لا تنتمي إلى الإخوان أو التي لا تمنح الولاء المطلق لهادي.

وامام ذلك، وجدت السعودية انها امام حكومة يمنية فاشلة متورطة في الفساد ونهب المال العام، وقبل ذلك نشرت وثائق تدين نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر برشوة ضباط سعوديين، وتساءلت لماذا منحت الضباط هذه الأموال، لكن الأحمر لم يعلق على الأمر وتركه يمر.

وفرت السعودية غطاء سياسيا للرئيس هادي للتحرك على ضوء ذلك، بعزل القيادات الإخوانية وتمكين قيادات مؤتمرية، بعد ان قدمت معلومات للخزانة الأمريكية تؤكد تورط قيادات إخوانية في دعم وتمويل الإرهاب، جميعهم مسؤولون في الحكومة اليمنية والجيش اليمني، بينهم مستشارون لهادي, ولم يتخذ الرئيس المؤقت أي اجراء بشأن ذلك.

ونشرت وسائل إعلام عربية ودولية تقارير تؤكد تورط حكومة هادي في التحالف مع الارهاب؛ الأمر الذي اعتبره الحوثيون نصرا سياسيا لهم، فهم حين ارادوا اسقاط اليمن والجنوب لمصلحة النفوذ الإيراني، رفعوا شعار "محاربة داعش والقاعدة"، وهو الشعار الذي بعض المنظمات الغربية الى التعاطف مع الحوثيين، لكن الإرهاب وتلك التنظيمات لم تضرب الحوثيين، بل على العكس عادت لضرب الجنوب المناهض للحوثيين والإخوان معاً.

موقع Qpost  نشر تقريرا عن قيادات يمنية صنفتها الخزانة الأمريكية على قوائم الارهاب.

وقال الموقع في تقرير نشر بـ"يوليو 2018م " بتمويل قطري، إرهابيون حول الرئيس اليمني وحكومته تضعهم وزارة الخزانة الأمريكية على قوائم الإرهاب، وتفرض عليهم إجراءات عقابية".. موضحا ان "القياديين هم عدد من قيادات حزب الإصلاح – فرع الإخوان المسلمين في اليمن، متهمون بدعم تنظيم القاعدة، إضافة إلى قيادات سلفية موالية للإخوان المسلمين".

وأكد الموقع ان "جميع من شملتهم العقوبات يعملوا في مناصب رفيعة في حكومة الرئيس هادي.

وجاءت الاسماء على النحو التالي "خالد العرادة (شقيق محافظ مأرب)، قيادي في حزب الإصلاح، التهمة: تمويل تنظيم القاعدة ونقل السلاح إليه، هاشم الحامد: أحد رموز حزب الإصلاح. التهمة: تسهيل نقل السلاح وحركة الأفراد، لدعم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، عبدالوهاب الحميقاني: مستشار الرئيس اليمني، أحد القيادات التي تدين بالولاء لحزب الإصلاح. التهمة: تمويل تنظيم القاعدة، نايف القيسي: محافظ البيضاء، قيادي في حزب الإصلاح، التهمة: تمويل تنظيم القاعدة في البيضاء، عبدالله الزايدي: قيادي في حزب الإصلاح بمأرب. التهمة: التعاون مع تنظيم القاعدة، سعيد صالح العمقي: قيادي إخواني، حول مبالغ كبيرة من قطر عبر شركته كدعم للإرهاب، وسلمها إلى صلاح باتيس، الحسن أبكر: مسؤول في الجيش اليمني، أحد القيادات الإخوانية بمحافظة الجوف. التهمة: التعاون مع تنظيم القاعدة، القيادي السلفي عبدالله الأهدل: متهم بإيواء عناصر تنظيم القاعدة، صلاح مسلم باتيس: قيادي في حزب الإصلاح، أحد المسؤولين في الحكومة اليمنية الشرعية، عبد المجيد الزنداني: رئيس مجلس الشورى في حزب الإصلاح، مؤسس جامعة الإيمان التي التحق منها العشرات بالتنظيمات الإرهابية".

اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: مأرب وأجندة إخوان اليمن.. أبعد من رفع المقاطعة عن قطر

وخلال العام المنصرم، أكدت تقارير تورط وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري بالتحالف مع الإرهاب، ونشرت تقارير دولية معلومات حول قائد حراسة الميسري القيادي في تنظيم القاعدة الخضر جديب، الذي يعد من ابرز المطلوبين للأمن اليمني منذ أكثر من عقد.

وخلال اجتياح قوات مأرب لمحافظة أبين وشبوة، اظهرت تقارير تلفزيونية وجود عناصر قيادية في تنظيم القاعدة تقاتل في صف القوات التي تدعي انها تقاتل دفاعا عن شرعية الرئيس هادي.

اعتقد الحوثيين ان ادانة حكومة هادي بالتحالف مع الارهاب هي الفرصة التي قد تمنحهم دعم دولي واقليمي، فسارعوا الى الافراج عن قيادات بارزة في تنظيم القاعدة في صفقات بعضها سرية وأخرى خرجت الى الاعلام.

ومن ابزر تلك الصفقات الافراج عن قيادات ارهابية كانت معتقلة لدى سجن الأمن السياسي في صنعاء منذ عهد النظام السابق، أي قبل العام 2011م، قبيل الحرب التي شنتها مارب على الجنوب في اغسطس من العام المنصرم.

وعلى أثر الحرب التي شنت على الجنوب، حذر معهد واشنطن من مغبة تمدد قوات محسوبة على الإخوان إلى ساحل حضرموت، ودعا إلى ضرورة عزل الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، بفعل تحالفه مع الإخوان والتنظيمات المتطرفة.

وأطلق معهد واشنطن تحذيرات من مغبة تمكين هادي، لمليشيات إخوان اليمن التي تتمركز في مأرب، من التوسع جنوباً، مؤكدا ان ذلك يشكل تهديدا على المنطقة، من التنظيمات الإرهابية التي أصبحت تحظى بالحماية في مارب".. مشيرا إلى عدم وجود جدية للسعودية في محاربة الإرهاب.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن > معهد واشنطن: مأرب معقل محمي للقاعدة والحل في إزاحة هادي

أخذت السعودية التحذيرات الأمريكية على محمل الجد، فالإخوان الذين يتمددون جنوباً يمهدون الطريق لنفوذ تركي قطري، وهو ما يعني خروج الرياض من مولد الحرب اليمنية بلا فائدة، وقد تخسر كل ما حققته.

غضت الطرف الرياض عن الحملات المسيئة لأبوظبي من قبل الإخوان، لكنها وجدت نفسها في نيران ذاتها، فالكثير من شخوص التنظيم اليمني، كانوا يحيدوا السعودية من صراعهم اثناء تواجدهم فيها، قبل ان تكتشف الرياض انهم يقومون بأنشطة معادية للتحالف العربي، لتقوم بطردهم، ويذهب كثير منهم باتجاه قطر وتركيا، ليؤكدوا ان الرياض هي ايضا تهد هدفا رئيسيا لمشروع التنظيم الدولي الرامي الى قلب النظام في المملكة.

دفعت السعودية الحكومة اليمنية الى التوقيع على اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي الجنوبي، لكنها تعاملت لاحقا بسياسة النفس الطويل مع الرفض الإخواني لتنفيذ بنود الاتفاق التي تنص على انسحاب مليشيات مأرب من شبوة النفطية وأبين ووادي حضرموت.

ونتيجة لهذا الرفض ذهب الإخوان الى ابرام اتفاقات مع الحوثيين وتسليمهم مناطق في مأرب، في تهديد صريح للملكة وخيانة وضاحة للرئيس هادي الذي مكنهم من كل شيء.

هذا التحول الإخواني المتوقع تزامن مع تصريحات اطلقها مسؤولون موالون لهادي، أبرزهم أحمد الميسري المقيم في سلطنة عمان، والذي اتهم السعودية باحتلال وانتهاك ما اسماها بـ"السيادة اليمنية".

اشترط الميسري على الرياض ان تدعمه مقابل تخليه عن مهاجمتها، بدعوى "ان على السعودية اذا لديها مصالح في اليمن، ان تأتي من الباب وليس من النافذة"، هذه التصريحات لم اثارت حفيظة المسؤولية السعوديين الذين اداروا ظهرهم للموالين لهادي، وذهبوا نحو دعم وتقوية حكومة معين عبدالملك الذي عاد بناء على اتفاق الرياض إلى عدن.

وأطلق الأخير تصريحات مناهضة للوزير الميسري واعتبر ان كل ما يقوم به لا يمثل الحكومة اليمنية، محذرا من مغبة استهداف السعودية باي شكل من الاشكال.

الصحافة السعودية، استغلت التصريحات الحكومية، لتذهب إلى القول ان وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني يخترقان الشرعية اليمنية".. متهمة الوزيرين بالجاسوسية لصالح اطراف اقليمية معادية.

ومع مؤشرات على قرب انتهاء الحرب اليمنية والحوال حول الحل النهائي، تمضي السعودية، في اعادة ترتيب تحالفاتها مع القوى اليمنية الشمالية، وهو ما يعني ان الإخوان لم يعدوا كقوة سياسية وعسكرية حلفاء للرياض التي ترى ان ما يقوموا به خيانة ليس لتلك التحالفات التي اسستها عاصفة الحزم، ولكنهم قد عادوا لتنصيب انفسهم اعداء لها.

تعمل السعودية على اعادة حزب المؤتمر الشعبي العام كطرف سياسي قوي يمكن دعمه والتعويل عليه في الوقوف ضد الحوثيين والإخوان معاً، وذهاب طارق صالح إلى السعودية، ولقاء نائب وزير الدفاع السعودية، مؤشر على ان الرياض قد ادارت ظهرها بالفعل لهادي واتباعه.

فنجل شقيق الرئيس السابق وقائد حرسه الخاص، لا يعترف بالشرعية التي يتزعمها هادي، واعلامه يدينها منذ أكثر من عامين بالفساد والمحسوبية.

وتؤكد تقارير على ان الشرعية اليمنية القائمة على "الشراكة لكل القوى السياسية" قد انقلب عليها هادي بتحالفه الاحادي مع الإخوان، وهم جماعة مصنفة إرهابيا حتى من السعودية ذاته.

وهذا التحالف، قوض الشرعية الدستورية للرئيس اليمني، الذي اجل الانقلاب الحوثي عليه، عملية انتقال السلطة منه إلى رئيس منتخب أخر، لكن هذا يبدو مشجعا على انتقال أخر للسلطة ولكن بعد ان يتم تسوية الارضية لذلك، بمنح الجنوب حكماً ذاتياً وتمكين قوى يمنية قوية وحليفة للسعودية وجيرانها في الخليج العربي.