التنوع في الهوية..

تقرير: بريطانيا تتحرّك لحماية الأقلية الحوثية «غير مضطهَدة»

حوثيون

سياف الغرباني

تدفع المملكة المتحدة، باتجاه وصفة سياسية في اليمن، تُبقي على حضور جماعة الحوثيين، في المشهد السياسي، مع ضمان منع تحولها إلى أقلية مضطهَدة.

وجاءت تصريحات أطلقها المتحدث باسم الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إدوين سموأل، أواخر ديسمبر الماضي، لتفصح عن هذا التوجه، إذ قدم رؤية بريطانية مغايرة كلياً لنظرة القوى الدولية الفاعلة في الملف اليمني، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، لطبيعة الأزمة اليمنية والصيغة التي يجب أن تبنى عليها الحلول.

وجزم المتحدث باسم الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن «بريطانيا تعرف عمق اليمن من تاريخنا معاً، وتعرف عن التنوع العرقي والطائفي والسياسي أيضاً في المجتمع اليمني».

وشدد سموأل، في حوار أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط، على أن «أي حل سياسي لابد أن يضمن هذا التنوع الموجود في الهوية والمجتمع اليمني».

غير أنه استدرك بالقول: «هذا لا يعني أن الحكومة البريطانية ترفض قرار الأمم المتحدة الذي ينص على استخدام القوة بشكل متناسب لاستعادة الحكومة الشرعية اليمنية لمكانتها، ولكن كلنا حتى شركاؤنا السعوديون والإماراتيون نستوعب أنه لا يوجد حل عسكري، وعلينا أن نحثّ الحوثيين على تطبيق التزاماتهم تحت اتفاقية استوكهولم، لأن تسوية هذا الصراع تحتاج إلى نيات حسنة وتطبيق واعد».

ونفى المتحدث البريطاني أن تكون بلاده أنقذت الحوثيين بدعمها للمشاورات والجلوس إلى طاولة الحوار، وأكد أن لندن تريد دعم الشعب اليمني من خلال دعم الحلول.

وتتسق تصريحات المتحدث البريطاني، إلى حد كبير، مع التحركات الأخيرة لوزير الخارجية جيرمي هنت، وكذا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، وتدفع في مجملها باتجاه تعزيز مسارات مغايرة للأزمة اليمنية إلى جانب العمل على خلق مرجعيات جديدة للحل، وفق ما تمليه الحاجة لتطمين الحوثيين.

ووصل وزير الخارجية البريطاني، الجمعة، إلى مسقط، في مستهل زيارة مفاجئة جديدة للمنطقة، يبدو أنّها على علاقة بالتحوّلات التي شهدها الموقف الدولي من الملف اليمني، وبروز حالة من التوافق التي أسفر عنها اجتماع الرباعية الدولية الخاصة باليمن الذي انعقد على هامش مؤتمر وارسو بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.

وقال هنت على تويتر، عقب لقاء جمعه في مسقط مع رئيس وفد الحوثيين في محادثات السلام، محمد عبد السلام: "أرحب بالتقدم في مباحثات ميناء الحديدة، لكن يجب أن يبدأ انسحاب قوات الحوثي فوراً وبدون تأخير للحفاظ على الثقة في اتفاق ستوكهولم والسماح بفتح قنوات إنسانية حيوية".

وبعدها التقى بقيادات التحالف والشرعية معلناً أنه "من الأهمية بمكان أن يتم تخليص الحديدة من المليشيات على وجه السرعة".

ولا تخرج التحركات البريطانية الأخيرة بشأن الملف اليمني عن سياق الاعتقاد الغربي السائد بأن المسار الدبلوماسي والمفاوضات يظلان السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن، على قاعدة التوازن بصيغه المختلفة.

ويلحظ وجود مشكلة تتعلق بمخاوف الحوثيين على المدى القريب، خاصة مع اقتصار مشاورات السويد على وضع تصورات هلامية لترتيب وضع مدينة الحديدة وموانئها، مع إغفال حروب طويلة تدور على نطاق 8 محافظات، إلى جانب ترحيل بحث الملف السياسي.

وقد أفصح الحوثيون، بطريقة أو بأخرى، عن هذه المخاوف، عبر التراجع في غير مرة، عن تنفيذ الالتزامات في الجزء المتعلق بترتيب وضع الحديدة، ورهن التنفيذ بالتوصل لحل سياسي شامل للصراع.

ويبدو أن الموفد الدولي يعتقد أن وضع الأزمة مجتمعة على طاولة تشريح أممية تمهيداً لبحث وصفة سياسية شاملة لتفكيك العقدة اليمنية، ليست بالمهمة الممكنة، قياساً بمستوى الأزمة وتعقيداتها، إضافة إلى الاشتراطات الحوثية وتصورات الجماعة المنفتحة على إملاءات إيران.

وتعزز الخطة، التي تبناها غريفيث بشأن ملف الحديدة، هذا التوجه، إذ إن مضمونها يشكل قاعدة انطلاق لتكريس الرؤية البريطانية العامة لصيغة التسوية التي تقوم على قاعدة «التوازن الجهوي» بين اليمنيين.

وتدور مبادرة غريفيث حول إنجاز اتفاق جزئي على قاعدة جهوية، تُبقي على وجود الحوثيين في المناطق ذات التركيبة «الزيدية» التي ما زالوا يسيطرون عليها، وهو الأمر الذي تعارضه، حتى اللحظة، بقية الأطراف في المعادلة اليمنية.