"عدن تنتصر للعروبة"..

الجنوبيون يحتفون بذكرى تحرير (العاصمة).. والسعوديون أقرب لصنعاء من عدن

ترى مسقط أن هناك امكانية للتوصل إلى اتفاق  ينهي الحرب في اليمن، لكن ذلك سيعتمد على قدرة السعوديين والحوثيين على تجاوز نقاط الخلاف، لأن هناك مخاوف من أن تؤدي أي عراقيل في المفاوضات إلى عودة الحرب مجدداً.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع قيادات عسكرية عقب انطلاق عمليات عاصفة الحزم في مارس/ آذار 2015م - أرشيف

الرياض

احتفاء الجنوبيون بذكرى تحرير (عدن) العاصمة، من جماعة الحوثيين الموالية لإيران، والتي اجتاحت مدن الجنوب، بالتحالف مع قوات رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام "علي عبدالله صالح"، الذي لقي حتفه لاحقا على يد حلفائه في صنعاء أواخر العام 2017م.

في منتصف يوليو (تموز) 2015م، والذي صادف الـ27 من رمضان، أعلنت القوات الجنوبية مسنودة بالقوات المسلحة الإماراتية، تحرير عدن، وطرد الميليشيات الحوثية وقوات علي عبدالله صالح، المدعومة من إيران، عقب معارك استمرت زهاء أربعة اشهر.

وبعد مرور ثمانية أعوام على تحرير  عدن العاصمة، اعتبر ناشطون جنوبيون، انتصار عدن، بانه انتصار للعروبة، على الرغم من ان المواقف قد تغيرت من قبل قائدة التحالف العربي "المملكة العربية السعودية"، التي أصبحت اليوم أقرب لصنعاء من عدن، وتسعى لتوقيع اتفاقية تتعثر منذ مارس/ آذار 2023م.

وأطلقوا ناشطون جنوبيون وسما على منصة اكس، أكدوا فيه على أهمية الانتصار الذي تحقق في مدن الجنوب، معتبرين ذلك بانه يمثل انتصارا للعروبة وللتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

وأكدوا على أهمية الانتصار الذي تحقق في العاصمة عدن، مستذكرين القيادات العسكرية التي قادت الحرب ضد الاذرع الإيرانية، وأبرزهم الشهيد اللواء علي ناصر هادي، قائد المنطقة العسكرية في عدن.

وقال رئيس حكومة "الشراكة"، أحمد عوض بن مبارك إن ذكرى #تحرير_عدن ليست مجرد لحظة عابرة، بل يوم فخر عظيم لنا جميعا، نحتفي فيه بالبطولة والأبطال، بالشجعان الذين هزموا  أعداء الحياة والكرامة وأعداء الحرية والسلام".. مؤكدا أن "هذا يوم نتذكر فيه كل من ساهم في تحقيق النصر، ونستذكر باعتزاز المآثر العظيمة التي سطرها شهدائنا الابطال وعلى رأسهم اللواء علي ناصر هادي واللواء جعفر سعد وشهداء الواجب التي امتزجت دمائهم بدماء اشقائنا من تحالف دعم الشرعية".

وأضاف :"يحق لعدن وابنائها الاحتفاء بانتصارهم على مليشيا الحوثي الإرهابية؛ لانهم فتحوا بوابة الانتصارات المتلاحقة، وعهدا بأننا سنبقى اوفياء لتلك التضحيات التي ازاحت غبار التاريخ ورمز الوحشية والعنصرية والسلالية، ولن يستقر جهدنا حتى القضاء الناجز على الانقلاب واستكمال استعادة الدولة، حيث بات هذا العدو بمشروعه الإيراني التخريبي تهديدا مشتركا لليمن والمنطقة والعالم".

وقال وزير الخدمة المدنية والتأمينات عبدالناصر الوالي "إن المقاومة الجنوبية تشكلت من رحم الحراك الجنوبي والقوى الوطنية الجنوبية ثم تشكل المجلس الانتقالي من رحم كل هذه القوى". 

وقال الوالي في تصريح صحفي "نخوض معارك عسكرية وسياسية ودبلوماسية في كل الجبهات من اجل الهدف الذي قدمنا من اجله قوافل من الشهداء وسيول من الدماء. آلاف الجرحى  والاسرى ( وعلى راسهم اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور واللواء  فيصل رجب)واليتامى والارامل والثكالى". 

وأضاف "ذهبنا الى كل الجبهات بدون تردد بهدف مشترك مع القوى الوطنية اليمنية وحلفائنا في التحالف العربي بعد ان حررنا كل ارضنا الجنوبية". 

وأكد الوزير الوالي "أنه منذ اليوم الاول لمشاركة الحلفاء في الحرب كنا واضحين معهم اننا نقاتل تحت ظل علم الجنوب ومن اجل استعادة  دولة الجنوب . لا تدليس ولا كذب ولا نفاق ولا خوف". 

وقال "لم نكن نتخيل قط ان من ذهبنا معهم الى جبهاتهم في صعدة والحديدة واب وتعز  ومارب والجوف والبيضاء يمكن ان يكون منهم ( وهم قلة مؤدلجة) من يوجه سلاحه نحو عدن والجنوب في معركة غدر وخيانة بنوايا شيطانية يريدون ان يبقى الجنوب رهينة بايديهم يساومون به من اجل العودة الى صنعاء بدلاً عن القتال والفداء والتضحية للوصول اليها كما فعلنا نحن من اجل عدن". 

وأضاف "تصدينا للغدر والخيانة وقدمنا مزيد من الشهداء والضحايا في معارك لم نكن نتوقعها واختتمت بغزوة (خيبر )المشؤمة، ثم استجبنا لنداء الاشقاء والحلفاء ودخلنا في اتفاق الرياض بشرف ووضوح. نتصدى معاً للانقلابين الحوثة والمشروع الايراني الفارسي. وتوقف الحرب ثم تحل القضية الجنوبية سلمياً عن طريق الحوار او ديمقراطياً عن طريق الاستفتاء". 

وعن مشاركتهم في حكومة الشراكة اليمنية، قال الوالي "شاركنا في الحكومة بقناعة انه طالما هدفنا واضح وطريقنا في الوصول اليه واضح فان وجود حكومة مناصفة متوافق عليها بين الشمال والجنوب وبدعم من الاشقاء والاصدقاء امر ايجابي".. مشيرا إلى أن المشاركة تلك لم ترق  لاصحاب مشروع ( ابقاء عدن رهينة) واعتبروا وجود هذه الحكومة خطرا على مشروعهم فحرصوا منذ اول يوم على محاربتها ووئدها في المهد". 

أكد ان بلاده تعرضت لحرب ضروس  ولا تزال تمارس على عدن والجنوب، تفريخ ورعاية ودعم للارهاب. خطف وقتل وترويع لم يشهد له تاريخنا مثيل".

ولفت إلى أن هدفهم من دخول الحكومة "تثبيت ان هناك واقع وحقيقة اسمها دولة الجنوب، تثبيت مشروعية ادارتنا للجنوب ( حكومة مناصفة)، الحرص على بناء مؤسسات الدولة التي حرص المستعمر الجديد على تدميرها. التاسيس لمبدأ العمل على الاهداف المشتركة التي تهم الشعبين في الجنوب والشمال وتحسين الخدمات والسعي لتوفير سبل العيش الكريم مع الحرص على حل كل الخلافات فوق طاولة الحوار". 

وقال "كان حديثنا داخل الحكومة واضحا، ولا لبس فيه ان اتفاق الرياض وحكومة المناصفة توفر ظروف موضوعية للنصر في الحرب او الدخول في مفاوضات السلام النهائية بروح التوافق والتفاهم والحلول السلمية. وكان مشروعنا في حل القضية الجنوبية سلمياً بالحوار او ديمقراطياً بالاستفتاء واضح امام الجميع بدون تدليس او مراوغة، ولا نزال على قناعة ان الهدف من مشاركتنا في الحكومة لازال ممكن ووارد، واكاد اجزم ان الاغلبية الساحقة في الحكومة لديها نفس الشعور والنوايا، فقط علينا ان نوحد جهودنا ونجدول اولوياتنا ونحسن الظن ونعقد العزم ونبادر في الحسم". 

وأكد الوزير الوالي "لن نذهب الى صنعاء ولن نسمح ان نساق اليها شاء من شاء وابى من ابى وفي نفس الوقت لن نتردد لحظة في العمل على ان يختار اخوتنا اليمنيين الحكم الذي يريدونه دون قهر او اكراه او اذلال. نتمنى لهم ما نتمناه لانفسنا من الامن والامان ورغد العيش والرفاهية امنين على دينهم وعقيدتهم، دخلنا الوحدة سلمياً وابت قوى الظلام والتسلط الا ان تفشلها. ودخلنا اتفاق الرياض بالتراضي ولا تزال نفس القوى تريد ان تفشله. دخلناه بشرف ولن نخرج منه الا بشرف. اما عدن فهي عاصمة الجنوب ولا عودة لها الى تحت وصاية صنعاء".

وقال نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي مختار اليافعي "إن رمز الانتصار في العاصمة عدن يجسد روح المقاومة والثبات التي تمكنت من هزيمة المليشيات الحوثية الإرهابية واستعادة الحرية والاستقلال، فقد عاشت العاصمة لحظات من الجهاد والتضحية، حيث تصدى شبابها ورجالها لكل التحديات بشجاعة وإصرار ليحققوا النصر الكبير الذي بات يحتفل به اليوم كل العرب".

ولفت إلى "إنها لحظة لن تنسى في تاريخ الجنوب، فهي تذكير بقوة الإرادة الشعبية والقدرة على تحقيق المستحيل من خلال التضحية والعزيمة وفي هذه الذكرى، يجب علينا أن نستلهم الدروس والقيم من تلك الفترة العصيبة، وأن نعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل".

 

وقال "إن ذكرى انتصار عدن في 27 رمضان تظل شاهدة على عزيمة الشعب الجنوبي العظيم واستعداده للتضحية من أجل الدفاع عن حقوقه وكرامته. فلنحتفل بهذا الانتصار بكل فخر واعتزاز، ولنستمر في العمل من أجل بناء وطن جنوبي فدرالي قوي ومزدهر على أسس العدالة والحرية".

وقال الكاتب الصحافي السعودي شاعي المرزوقي "إن عدن حققت الكثير من الانتصارات وصارت حرة ابية يحمها ابنائها بعدما حرروها من الحوثيين (...) والان هي تشق طريقها في الحياة".

واكد المرزوقي "أن هناك فرق كبير اليوم بين عدن المحررة وصنعاء المحتلة، فالاولى ذهب عنها هاجس الخوف والتهديد من اي اعتداء عليها والثانية مهددت بالتدمير والمشاكل التي تحدث في وسطها من افعال اذناب ايران الذين لن يرتاح من يعيش تحت سيطرتهم".

ولفت إلى أنه "ليس هناك وجه مقارنة بين عدن والمناطق التابعة لها، وبين صنعاء والمناطق التابعة لها، فالاولى كل من فيها أمن وتتطلع بان تسابق الزمن في التطور والتقدم والثانية جلب عليها الجهلة والاغبياء نقمة العالم عليها وصارت مناطق قصف لاينام اهلها ولا يامنون على انفسهم واولادهم ومنازلهم بان يكونون اهدافا من الجو من تحالف عملية الازدهار او من تفجير الحوثيين لبيوتهم على روسهم وهذا بسبب تواطؤ اهلها من البداية مع الحوثيين ضد من اراد تحريرهم من هذه (...)الحوثة".

وقال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي "علي الجفري" نشعر بفخر كبير تجاه تضحيات الشهداء، ونعد بأننا سنواصل النضال والعمل الجاد من أجل وطننا وكرامتنا، مهما حاولوا الاعداء قتلنا وتدمير مدينتنا، فإننا لن نركع ولن نستسلم مهما طال الزمان او قصر، لأننا أقوياء لأننا اصحاب حق متمسكين بديننا وأرضنا ومسيرتنا التحررية وعازمون على استعادة كرامتنا وبناء مستقبل أفضل للجنوب". 

ولفت الجفري في تصريح صحفي، إلى أن "تحرير العاصمة عدن كان بداية لمسيرة طويلة نسعى فيها لاستعادة وبناء دولة الجنوب الفيدرالية، ومثل ما اكد خلالها سيادة الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ”انها مسؤولية لا رجعة ولا تفريط فيها، ولن تثنينا عنها حملات الترهيب وعمليات الإرهاب وحشود الغزو، فالسبيل الوحيد إلى السلام هو العودة لوضع الدولتين لما قبل 21 أيار (مايو) 1990، وتلك مصلحة جنوبية ويمنية وإقليمية ودولية”. 

وقال "في هذه الذكرى، دعونا نتذكر تضحيات الشهداء ونستلهم روحهم القوية والعزيمة، لنعمل معًا من أجل بناء وطن قوي ومزدهر، حيث يعيش فيه الجميع بسلام وكرامة. عاشت عدن، عاش الجنوب، وعاشت إرادة شعبنا العظيم.  

الاحتفاء بذكرى تحرير عدن، جاء هذه المرة في ظل متغيرات عديدة، من بينها التطورات الإقليمية في فلسطين، جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واعتداءات الحوثيين على خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، والموقف السعودي من كل هذه التطورات.

فعلى الرغم من ان الولايات المتحدة الأمريكية وضعت الحوثيين على قوائم الإرهاب، الا ان الرياض، مستمرة في التفاوض مع الاذرع الإيرانية برعاية من سلطنة عمان، بغية التوصل الى تسوية سياسية تنهي التدخل السعودي في اليمن المضطرب منذ نحو ثلاثة عقود.

في العام 2023، تبادل السعوديون والحوثيون أسرى في عملية هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وذلك برعاية الأمم المتحدة، وقبل ذلك سمحت الرياض بإعادة استئناف الرحلات التجارية من مطار صنعاء الدولي لأول مرة منذ 6 سنوات، وذلك بموجب اتفاق الهدنة التي جرى الاعلان عنها في أكتوبر من العام 2022م، من قبل الأمم المتحدة رعت اتفاق  هدنة لمدة 6 أشهر، بين السعودية والحوثيين، تشمل وقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء الدولي والسماح بدخول سفن الوقود إلى موانئ الحديدة.

ويطالب الحوثيون برفع ما يسمونه بالحصار عليهم، ودفع ما نسبته 80 % من موارد نفط الجنوب، كرواتب للموظفين في مناطق سيطرة الاذرع الإيرانية.

وترى السعودية أن هناك من يعرقل مفاوضاته مع الحوثيين، الأمر الذي دفعها الى اتخاذ ما يعتقد السعوديون انها تدابير للضغط على الجنوب للقبول بالتسوية السياسية الهشة، حيث تسعى سلطنة عمان الى توقيع اتفاقية سلام بين السعودية والحوثيين، ستكون الرياض ملزمة بإقناع مجلس القيادة الرئاسي بالموافقة على الاتفاق، الا ان الجنوب يرفض منح الحوثيين جزء من موارد النفط، ويصر المجلس الانتقالي الجنوبي - السلطة السياسية- على التمسك بخيار الاستقلال، وهو ما تعارضه سلطنة عمان - الوسيط- وتشاركها في ذلك السعودية التي تصر على ان يبقى اليمن موحدا، ولو كان ذلك تحت ادارة الاذرع الإيرانية".

ترى مسقط أن هناك امكانية للتوصل إلى اتفاق  ينهي الحرب في اليمن، لكن ذلك سيعتمد على قدرة السعوديين والحوثيين على تجاوز نقاط الخلاف، لأن هناك مخاوف من أن تؤدي أي عراقيل في المفاوضات إلى عودة الحرب مجدداً.

الاصرار السعودي على الدخول في تسوية مع الحوثيين، يثير مخاوف الجنوبيين الذين يرون بان الرياض أصبحت أقرب إلى صنعاء، من عدن التي حققت الانتصار الوحيد لعاصفة الحزم التي قادتها السعودية منذ العام 2015م.