عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):

إيران.. تسارع التحولات ضد ديكتاتورية ولاية الفقيه!

بالتوازي مع استمرار وقف إطلاق النار لمدة 12 يوماً، تتسع نطاق التحولات المتعلقة بإيران يوماً بعد يوم. بعد نشر بيان غير مسبوق من قبل 14 دولة غربية، عاد موضوع الدور المدمر لأجهزة الاستخبارات التابعة للفاشية الدينية الحاكمة في إيران في تهديد المعارضين والناشطين خارج البلاد إلى صدارة الأخبار الدولية. يتهم هذا البيان نظام إيران صراحة بمحاولات "القتل والاختطاف والمضايقة" للمعارضين والصحفيين واليهود في أراضي أوروبا وأمريكا الشمالية. حذرت الدول الموقعة من أن هذه الأعمال مرتبطة بالتعاون مع شبكات إجرامية دولية، وتشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية للدول. كما أعلنت هذه الدول في بيانها أنها "متحدة". وأكدت أنها ستزيد من تعاونها الاستخباراتي والأمني لمواجهة التهديدات الناتجة عن النظام الديني الحاكم في إيران. صدر البيان المشترك للدول في وقت نجحت فيه تجمع "إيران الحرة" في إيطاليا، ولم يكن له صدى واسع في وسائل الإعلام العالمية فحسب، بل أدى أيضاً إلى زيادة نشاط قوى المقاومة داخل إيران.

دروس من الماضي!

الدرس الأول المستفاد من السياسة الخاطئة للغرب تجاه إيران هو أن سياسة المهادنة مع الديكتاتورية الدينية قد انهار. لم يعد هذا النظام موثوقاً به من قبل الدول. جاء في بيان الدول الغربية بلغة غير مسبوقة أن "هذه الجهود يجب أن تتوقف فوراً".

يبدو أن ملف السياسة الخارجية لهذا النظام يمر بنقطة تحول. إذا استمر الاتجاه الحالي، يمكن وصفه بأنه "بداية نهاية الحصانة الاستخباراتية لنظام إيران في أراضي أوروبا". الطرد والعزلة المتزايدة لنظام إيران، قبل أي شيء آخر، هي نتاج الكشوفات المتتالية للمقاومة الإيرانية عن الدور المدمر للإرهاب الدولي لنظام ولاية الفقيه على مدى سنوات عديدة، وآخرها ما حدث في 7 أغسطس في واشنطن. في هذا الكشف، تم استعراض تسلسل الخطط الإرهابية الأخيرة لنظام إيران في الدول الغربية، وتم الإعلان عن أن خامنئي نفسه، بصفته ولي الفقيه في الديكتاتورية الملالية، يقف في رأس صناع القرار.

رد الفعل الفوري للفاشية الدينية الحاكمة في إيران يحمل علامات قلق متزايد لهذا النظام، الذي سارع إلى إصدار بيانات يصف فيها هذه الاتهامات بأنها "لا أساس لها" و"سياسية"، ويتهم الدول بـ"حماية عناصر إرهابية". يركز رد الفعل العصبي لنظام إيران بشكل متكرر على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهو ما لا يدل فقط على حساسية وقلق شديد للفاشية الدينية من نمو وتأثير الدبلوماسية الثورية على المستوى العالمي، بل يعكس أيضاً خوفاً متزايداً من توسع الكمي والنوعي لأنشطة مراكز التمرد داخل إيران.

منطقة الشرق الأوسط والعراق

ولايتي، مستشار خامنئي، ونوري المالكي، الشخصية الإجرامية والتابعة لولي الفقيه الرجعي في العراق، عبّرا في مكالمة هاتفية عن رعبهما من اتجاه الأمور نحو نزع سلاح الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان. وفقاً لوكالة أنباء قوة القدس الإرهابية، "أكد الجانبان أن شعوب المنطقة يجب ألا تسمح بتنفيذ هذا المشروع الخطر". أضافت الوكالة: "حذر نوري المالكي من الوضع الحساس في المنطقة، وقال: 'اليوم نشهد محاولات لنزع سلاح حزب الله في لبنان، ودون شك، في الخطوة التالية، سيكون دور العراق والحشد الشعبي والمجموعات الأخرى. لن نسمح بتنفيذ مثل هذه الخطط بأي حال من الأحوال، وسوف نقف ضدها'".

يجدر بالذكر أن شعب العراق قد أعلن مراراً في السنوات الماضية أن قوة الحشد الشعبي أكثر خطراً بكثير من داعش على شعب هذا البلد، وتشكل تهديداً جدياً لمستقبل البلاد.

السلام التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان

وقع قادة أذربيجان وأرمينيا يوم الجمعة 8 أغسطس اتفاقية سلام مع رئيس الولايات المتحدة، وسموا ممر زانغيزور باسم ترامب. يُعتبر هذا الاتفاق إنجازاً هاماً لحكومة ترامب وضربة قوية لنظام إيران. يرى وزارة الخارجية الإيرانية هذا الاتفاق موجهاً ضدها بشدة. إذ أن توقيع اتفاقية السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وموضوع الممر الاستراتيجي الترانزيتي زانغيزور، أثار أزمة داخلية في نظام الملالي الذي تضرر من هذا الاتفاق.

كتبت صحيفة الجمهورية الإسلامية الحكومية في مقال بعنوان "النوم العميق للدبلوماسية": أهم سؤال هذه الأيام هو: إلى متى سيستمر النوم العميق لدبلوماسيتنا؟ الحصار في طريقه للاكتمال. ضعف دبلوماسيتنا أعطى أمريكا فرصة للوصول إلى ممر زانغيزور عبر حل سياسي، وأن تصبح بسهولة جارة مباشرة لإيران في المنطقة الحساسة شمال غرب البلاد. كتبت الصحيفة الحكومية أن حتى الحرب الـ12 يوماً، التي استخدمت أرض هذا البلد للهجوم على إيران، لم تهز دبلوماسيتنا!

الكلمة الأخيرة!

رغم وقف إطلاق النار في الحرب الـ12 يوماً، تستمر التحولات المتعلقة بإيران ضد نظام ولاية الفقيه بتسارع، وتتجه نحو أن تقوم مقاومة هذا البلد بالخطوة الأخيرة لإنهاء هذا النظام الهرم. خطوة تم العمل عليها لعقود وتم اكتساب الاستعداد لها، لإنقاذ إيران والمنطقة والعالم من ظاهرة الديكتاتورية الدينية. أعلنت هذه المقاومة مراراً أن إسقاط هذا النظام الديكتاتوري هو عمل شعب إيران ومقاومته فقط، وأن الحرب الخارجية والمهادنة مع نظام ولاية الفقيه لم تفعلا سوى جعل الديكتاتورية أكثر جرأة.

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني