د. باسم المذحجي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الاستراتيجية المصرية في الشرق الأوسط
مِصْرُ كما عرفناها ،البوابة الشمالية للقارة السمراء ،ونقطة الوصل بين أسيا وأوروبا،وقلب الوطن العربي،نجدها اليوم تمتلك خريطة عمرانية جديدة لمدن الجيل الرابع الحديثة في كل أنحاء الجمهورية،ويُختصر الحديث ،بأن مِصَر تُعيد رسم خريطة تمويل التنمية في الشرق الأوسط.
في معنى الأمن الأقليمي للشرق الاوسط، فلايمكن لأي سياسة خارجية رشيدة، أن تتجاهل دور مصر في إحتواء نيران الصراعات وإطفائها ، ومن هذا المعنى إحتواءالحروب بالوكالة بين أطراف الصراع ،وزعزعة الأمن الداخلي لدول الشرق الاوسط،والتقسيمات الإدارية الجديدة لبعض الدول، كمافي : السودان، وليببا ،والصومال، وسوريا ،والعراق ، واليمن ،وفلسطين المحتلة،
الشواهد كثيرة، لعل أبرزها دور مصر في إحتواء التغيرات الديموغرافية والهجرةالدولية، ومنها بأن أعداد المهاجرين الذين يقيمون في مصر «أكثر من 9 ملايين شخص ينتمون لـ133 دولة»، بما «يمثل 8.7 في المائة من إجمالي سكان البلاد 103 ملايين شخص تقريبًا.
لاننسى الصراع على أمدادات الطاقة ،والثمن الباهظ الذي تدفعه إيرادات قناة السويس ،والتحولات الاستراتيجية في المنطقة التي على رأسها ماتقوم به إسرائيل من سحق الدول، والمجتمعات، وإرتداد ذلك على الشعب المصري.
-مرايا : في مِصْرِ ..عن أي بلد تتحدثون.
الشرق الأوسط نقطة جذب استراتيجي للصراعات والتوترات الدولية، ومن مرايا هذا الوقع تبرُز جمهورية مِصر العربية، كواحدة من البلدان التي نأت بنفسها عن فوضى الحروب خلال خمسة عقود من عمرها، وفي المقابل ،ليس لمِصَرِ أي مصلحة في توظيف حالة عدم الاستقرار والصراعات السائدة في المنطقة لصالح أمنها القومي، بل تسعى الى جمع وتوحيد مختلف المصالح، والإيديولوجيات، والتوجهات على طاولة واحدة ،والمفارقة الغريبة بأن أهداف السياسة الخارجية المصرية،وأولوياتها وفق المصلحة التكاملية لدول الشرق الأوسط بذات" كم وكيف" مصلحتها الوطنية ،والشاهد وقوفها على مسافة واحدة من أطراف النزاع .
حتى أنها سخرت مرتكزات القيادة التي تمتلكها ، وانفتاحها الدبلوماسي، ورؤيتها المدركة للأمور بتوظيف العمل الدبلوماسي لصالح استبعاد عناصر القوة العسكرية لصالح الأمن ،والتنمية ،والاستقرار في المنطقة.
-مِصْرُ.. صوت العرب وصورتهم.
تعيش مِصر في وسط بيئة أقليمية شديدة التعقيد والتأثير في آن واحد ، لاسيما وأن التوازن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط يتصف بأنه توازن غير مستقر، يسوده غياب التفاهم والتعاون، وأن مايتبادر الى ذهننا في هذا الشأن هو: كيف تستطيع أن تتكيف مِصر مع هذه البيئة الأقليمية المتغيرة؟ وتؤثر فيها في نفس الوقت، والأهم من هذا كُلهُ، القدرة على انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني في دولة وطنية ،وإعادة إعمار غزة، وتحجيم التحديات التي تريد سحق القضية الفلسطينية، والحصول على حلول ،ونتائج مرضية، ومؤثرة في الأمن الأقليمي .
ختامًا؛الاستراتيجية المصريةتمتلك تصور واضح لأدوار القوى الأقليمية الفاعلة ،وتحديد المجالات التي يمكن لمصر أن تؤثر فيها ،وتوقع حجم التأثير المحتمل في النسق الأقليمي جراء أدائه السياسي الخارجي.
أنها استراتيجية توظيف موقع مصر الجغرافي ، وذلك جعله منطقه تتلاقى فيها طرق المواصلات العالمية البحرية، والجوية، والبرية ،والمصالح المشتركة في مجالات السياسة، والدبلوماسية،و التجارة ،والاستثمار ،ومصادر الطاقة.