علاء حنش يكتب:

لا أدري ماذا حدث؟!

هل هي الوطنية البحتة؟ أما أنها الفدائية العظيمة؟

هل هو الحب الوطني الجنوني للوطن الجنوبي؟

بالفعل.. لم أعد أدري ماذا حدث؟!

سأحكي لكم القصة بالتفصيل:

عندما تحدثت عن المطالبة بضرورة صرف مرتبات قوات الجيش والأمن الجنوبي المتوقفة لأكثر من ستة أشهر، وعن وجود أسر من جنود أبطال القوات الجنوبية تعيش وضعًا مأسويًا بفعل حرب المرتبات التي تُشن من قبل شرعية الإخوان ضد قواتنا الباسلة، بالإضافة إلى مطالبتي قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي بالتحرك العاجل وإيقاف عبث شرعية الإخوان، تواصل معي أحد الجنود الأبطال في قواتنا الجنوبية (أتحفظ بذكر اسمه)، فكانت رسالته لي مزلزلة.

كيف يحدث هذا؟ قد تستغربون من رسالته، لكنني تأكدت أن الجنوب قضية شعب وهوية لا بد أن تحقق أهدافها التي رسمت دماء الشهداء ومعاناة الجرحى ملامحها.

لقد كتب لي هذا الجندي بالقوات المسلحة الجنوبية كلامًا شامخًا، مُشرفًا، عزيزًا.

فقد قال لي هذا البطل الجنوبي، وبالحرف:

"ولدي العزيز.. أتفق معك أن الراتب مطلب أساسي لأي فرد، وهو أحد مقومات الحياة، وأنا والله أحد المتضررين من انقطاع الراتب، ولو شكيت لك معاناتي لبكيت!

لكن يجب أن تعلم أن الراتب ليس مطلبنا الأساسي، ولو كنت أعلم أن إيقاف الراتب ليس ضمن أساليب الحرب التي تُشن ضد شعبنا الجنوبي وقواته الباسلة لطالبت براتبي اليوم قبل غد، ولكننا نعلم جميعًا أن سياسة قطع الراتب عمل ممنهج من أعداء الجنوب لحرف مسار ثورتنا.. هم يريدوننا أن نصل لمرحلة أن نطالب براتبنا وكفى، غير أن شعب الجنوب كافة يُدرك كل تلك المؤامرات الخبيثة، فمطلبنا ليس راتبا، ولا راشن، مطلبنا دولة جنوبية كاملة السيادة علمها يُرفع في الأمم المتحدة، مشروعنا ليس راتبا، مشروعنا الهدف الذي ضحى في سبيله آلاف الشهداء والجرحى، وغير تحقيق مطلب استعادة الدولة الجنوبية فلا حياة لنا، ولا يجب أن نحيا.

ولدي العزيز.. اعلم أننا عانينا منذ إعلان الوحدة الظالمة.. عانينا كل صنوف التعسف والظلم، وكل صنوف التهميش، والإقصاء، فلا تتوقع أن حيلة قطع الراتب ستخضعنا، فنحن شعبٌ جبار لا نخضع إلا لرب السماء، ولا تظن أن أي مخرجات لأي حوار تستهدف قضيتنا الجنوبية سنصمت، بل توقع ثورة تأكل الأخضر واليابس، وتذكرني.. نحن نسير خلف قيادة جاءت من ميادين النضال، وتقاسمنا معهم الكِسرة (الخبزة) اليابسة، ونعرف معدنهم، ولهذا نثق فيهم كما نثق بأنفسنا.

ولدي الطيب.. أقسم لك بأننا منتصرون.. فنحن في هذا الزمن متمكنون على أرضنا الجنوبية، وسنتمكن من باقي أرض الجنوب المحتلة، ولو عدنا إلى الخلف عشر سنوات لعرفت الفرق الشاسع بين تلك المرحلة والمرحلة الراهنة. صحيح نعاني حاليًا، ونذوق معاناة لا تُطاق، لكننا سنتجاوزها، وسننتصر.

أعلم أن حرب الخدمات لها أهداف خبيثة، أهدافها ضرب عمق القضية الجنوبية، وضرب النسيج الجنوبي، وحرف مسار أهداف شعب الجنوب، وبدلًا من المطالبة بدولة جنوبية مستقلة نطالب براتب وراشن، لكن صدقني، من يراهن على هذه الحرب مع شعب الجنوب فهو خاسر.. شعب الجنوب أصبح واعيًا أكثر من أي وقت مضى.

النصر للجنوب.. والرحمة للشهداء.. والشفاء للجرحى".

انتهت الرسالة.

لم أستطع الرد على هذا الكلام الشامخ، فمثل هكذا كلمات لا يقولها إلا الأبطال.