الأزمة الليبية..

أزمة السيولة النقدية في ليبيا تفجر خلافات بين رئيس الحكومة ومحافظ المصرف المركزي

منذ انقسام المصرف المركزي الى مصرفين في بنغازي وطرابلس، مارس الكبير سيطرة حصرية على المصرف المركزي في طرابلس، واستمرت عائدات النفط في التراكم في مركزي طرابلس، وهو الوضع الذي جعل عملية وضع الميزانية العادية مستحيلة

خلافات عاصفة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومحافظ المصرف المركزي - أرشيف

طرابلس

فجرت أزمة السيولة في ليبيا خلافات عاصفة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومحافظ المصرف المركزي،  وقد تسببت هذه الازمة بمعاناة كبيرة للمواطنيين.
ويعاني المواطنون الليبيون في الآونة الأخيرة من خلو المصارف الليبية من السيولة النقدية، وارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازية بشكل لافت، مما يدل على أن الخلاف احتد بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة وحلفائه من جهة، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير وحلفائه من جهة أخرى.
كما ترددت أنباء عن أن الدبيبة يستعد لإقالة الكبير من منصبه، لتعيين أحد المقربين إليه في هذا المنصب الحساس في البلد الغنية بالنفط والتي تعاني من الإنقسام السياسي الداخلي والخلافات الحادة بين شقيها الشرقي والغربي، ومن إنتهاز الدول الغربية للحال التي وصلت إليه.

فالدبيبة سبق وأن صرح بأنه يدعم بقاء الميليشيات المسلحة لأنه يرى فيها عاملاً مهما لضمان الأمن والإستقرار، وأفصح عن نيته بتوحيدها، متناسياً المواجهات بينها والتي أدت إلى سقوط عشرات من القتلى والجرحى في العاصمة طرابلس ومدن غريان والزاوية وورشفانة والعجيلات وغيرها، في حين أكدت المصادر بأنه يريد بالميليشيات تقوية نفوده وإطالة فترة بقائه في منصبه والقضاء على مناوئيه وخصومه بها.

كما أضافت ذات المصادر بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية قد حشد دعم قادة الميليشيات التي كانت سابقاً موالية لمحافظ مصرف ليبيا المركزي، كعبدالرؤوف كارة، قائد قوة الردع الخاصة. حيث وعدهم الدبيبة بمبالغ مالية كبيرة ومنتظمة بعد تنحية الصديق الكبير من منصبه، خصوصاً في ظل التخبط الحاصل في مدفوعات الميليشيات المسلحة وتأخير الأجور المالية لهم من قبل المصرف المركزي بسبب إمتناعه عن صرف ميزانية حكومة الوحدة المسؤولة عن تمويلهم.

يُشار الى أن محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير جالس في منصبه منذ العام 2011، لأكثر من عقد من الاضطرابات وحربين أهليتين وحكومات متعاقبة. وصمد أمام العديد من محاولات إزاحته، سواء من قبل الدبلوماسيين الأميركيين أو الميليشيات الليبية المتعاقبة، حاملاً مفاتيح خزانة ليبيا. فقد تورط الكبير في تمويل بعض قيادات الميليشيات المسلحة وبالتالي إستخدامهم في أعماله المشبوهة من إبعاد المنافسين وتصفيتهم وترهيب المعارضين له.

وفي الشق الإقتصادي، ومنذ انقسام المصرف المركزي الى مصرفين في بنغازي وطرابلس، مارس الكبير سيطرة حصرية على المصرف المركزي في طرابلس، واستمرت عائدات النفط في التراكم في مركزي طرابلس، وهو الوضع الذي جعل عملية وضع الميزانية العادية مستحيلة، مما جعل الكبير لاعبًا مركزيًا في جميع المفاوضات المستقبلية بشأن الإنفاق الحكومي.

حيث سبق وأن تقدم 12 نائبا بالبرلمان الليبي، بطلب إلى رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح لإيقاف محافظ المصرف المركزي، وإحالته لمكتب النائب العام للتحقيق فيما نُسب إليه من اتهامات بإهدار مليار ونصف مليار دولار من أموال المصرف، وفق ما كشفه تقرير لديوان المحاسبة، وإتهموه بالعمل بمعزل عن سلطة البرلمان، وعن مجلس إدارة المصرف المركزي، وصرفه على الحكومة دون مراعاة القانون المالي للدولة، وقانون الدين العام، إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك.

والآن وفي خطة الدبيبة الجديدة بإسقاط الكبير من منصبه يبدو خيار الميليشيات الخيار الأقوى، لأن الكبير كسابق عهده لن يتزحزح من مكانه لخبرته الطويلة في الخروج من المآزق والمحاولات الرامية لإقصائه. فهناك إتفاق ضمني بين الدبيبة وقادة الميليشيات التي نال ثقتها في طرابلس على إعتقال الكبير وتسليمه الى المدعي العام، أو تصفيته إذا سمح داعموه من الدول الغربية بذلك بالطبع.

وبنظر الخبراء في الشأن الليبي فإن خطوات الدبيبة المتسارعة هذه إذ تؤكد على نيته البقاء في منصبه ومحاولته إزاحة منافسيه سواء بالطرق الشرعية أو الغير شرعية، مما يهدم جميع الجهود التي بُذلت من أجل نبذ الاقتتال والعنف بكافة أشكاله على كامل التراب الليبي، ومواصلة العمل في طريق توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية وإجراء الإنتخابات التي ينتظرها الليبييون بفارغ الصبر. وهو بالتالي ما يريده أعداء ليبيا من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة المتربصين بخيرات ليبيا ونفطها الذي يمتصونه بشكل شبه مجاني عبر شركاتهم وعملهائهم وأدواتهم السياسية كالدبيبة والكبير وغيرهم.