"الحوثيون جماعة إرهابية بقرار أمريكي"..

هجمات الأذرع الإيرانية اليمنية في البحر الأحمر.. دول عربية الأكثر تضرراً؟

إن الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار وعمليات الاختطاف على مدى شهرين ضد السفن المدنية في البحر الأحمر أسفرت عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن في أماكن بعيدة على غرار آسيا وأميركا الشمالية. وتواصل الاضطرابات الانتشار مما يفاقم مخاوف حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر - أرشيف

لندن

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية (الجمعة) بدء سريان قرار العقوبات على الاذرع الإيرانية في اليمن، بعد أن دخل التصنيف حيز التنفيذ في الـ16 من فبراير شباط، ردا على الهجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.
وكانت الأذرع الإيرانية في اليمن قد بدأت في الـ19 من نوفمبر تشرين الثاني 2023م، شن هجماتها ضد خطوط الملاحة باختطاف سفينة الشحن غالاكسي ليدر، تلى ذلك هجمات أخرى في باب المندب، بمبرر الضغط على إسرائيل لوقف حربها في غزة، لكن دون أي تأثير على تل أبيب بل كانت 4 دول عربية هي الأكثر تضررا.


وكانت مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس الأكثر تضرراً من التداعيات الاقتصادية للصراع، وإسرائيل مستمرة في حربها دون توقف، والحوثيون يضيقون الخناق على قناة السويس، ويدخلون مصر في أزمة اقتصادية هي الأكبر منذ عقود.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن الولايات المتحدة أعادت جماعة الحوثي اليمنية يوم الجمعة إلى قائمة الجماعات الإرهابية كما كان مزمعا، لتخضع الجماعة المتحالفة مع إيران لعقوبات قاسية تخشى الأمم المتحدة أن تضر بالاقتصاد الهش والمدنيين في اليمن.
وكانت الحكومة الأمريكية قد قالت الشهر الماضي إنها ستدرج الحوثيين في قائمة الجماعات الإرهابية بغرض قطع التمويل والأسلحة التي تستخدمها الجماعة لمهاجمة أو اختطاف السفن في ممرات الشحن الحيوية بالبحر الأحمر.
لكن مسؤولا كبيرا في مجال المساعدات بالأمم المتحدة قال يوم الأربعاء إن العقوبات قد تضر باقتصاد الدولة التي مزقتها الحرب، وخاصة الواردات التجارية من المواد الأساسية. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 18 مليون شخص بحاجة للمساعدة في اليمن.
وقال الحوثيون إن هجماتهم على السفن تضامن مع الفلسطينيين في غزة. لكن الهجمات عطلت حركة التجارة العالمية وأذكت مخاوف التضخم وفاقمت الخوف من تداعيات الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في بيان إن “قرار التصنيف يعكس جانبا من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح” واتهم الولايات المتحدة برعاية الإرهاب من خلال دعم إسرائيل.
وأكد عبد‭ ‬السلام أن اليمن “في إسناد (مساندة) غزة بكل الوسائل المتاحة، ومستمر في منع السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي ويرفع الحصار عن غزة”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن فترة الثلاثين يوما منذ إعلان واشنطن إعادة إدراج الحوثي في قائمة الجماعات الإرهابية، تم استخدامها جزئيا لمنح الجماعة المتحالفة مع إيران الفرصة لتقليص هجماتها.
وأضاف المتحدث إن واشنطن عملت أيضا مع قطاعي الشحن والمالية بالإضافة إلى منظمات المساعدات الإنسانية لتقليص التأثير على الشعب اليمني وتوعيتهم بالمعاملات المسموح بها على الرغم من العقوبات.
وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في يناير كانون الثاني تراخيص بمعاملات معينة يسمح للحوثيين تنفيذها وتتضمن تلك المتعلقة بالسلع الزراعية والعقاقير والأجهزة الطبية.
وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد أضافت الحوثيين إلى قائمتين تضمان جماعات مصنفة كإرهابية قبل يوم من انتهاء ولايتها. وألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التصنيفات بعد أيام من توليه منصبه في عام 2021.
وبلغة الأرقام والبيانات الرسمية، هناك أضرار لحقت بعدد من دول المنطقة والعالم، دون أن يكون تأثيرها مماثل على إسرائيل عقب قرار الحوثيين قبل نحو شهر باستهداف السفن التي تعبر لتل أبيب فمثلا:
تأثرت حركة الملاحة فى قناة السويس المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر التي تشهد أوضاعا اقتصادية صعبة، بانخفاض نحو 30% فى الفترة من 1 إلى 14 يناير 2024.
انخفض دخل قناة السويس بنسبة 40% عن نفس الفترة مقارنة بمثيلتها العام الماضى، بانخفاض عدد السفن المارة من 777 سفينة إلى 544 سفينة فى الفترة نفسها.
وقع تراجع فى التجارة العالمية بنسبة 1,3% خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2023.
ارتفاع أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170% مع توجه شحن حاويات لتعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
اضطرت حكومات عربية لاتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة تداعيات الأزمة بينها الحكومة الأردنية خشية الآثار التضخمية المحتملة على السوق المحلية.
كل هذا دفع الصين، أكبر مصدر في العالم، إلى مطالبة الحوثي بوقف المضايقات والهجمات على السفن المدنية، وحث جميع الأطراف المعنية على ضمان السلامة والأمن في البحر الأحمر، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، في مؤتمر صحفي دوري الأربعاء.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، الأربعاء، فإن الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار وعمليات الاختطاف على مدى شهرين ضد السفن المدنية في البحر الأحمر أسفرت عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن في أماكن بعيدة على غرار آسيا وأميركا الشمالية. وتواصل الاضطرابات الانتشار مما يفاقم مخاوف حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً.
وتضاعفت تكلفة شحن الحاويات من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط بما يفوق 4 أضعاف منذ أواخر نوفمبر الماضي، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ"، عن شركة "فريتوس" (Freightos)، وهي شركة لحجوزات شحن البضائع.
كما أن هناك أكثر من 500 سفينة حاويات كانت تبحر في العادة عبر البحر الأحمر من وإلى قناة السويس، وتحمل كل شيء بداية من الملابس والألعاب إلى قطع غيار السيارات، لكنها أصبحت مضطرة لإضافة أسبوعين لمسار سفرها حول رأس الرجاء الصالح بالجزء الجنوبي من أفريقيا، بحسب شركة "فليكسبورت". ويشكل هذا ربع سعة شحن الحاويات في العالم تقريباً، بحسب منصة الخدمات اللوجستية الرقمية.
وأكد سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر، الأزمة ومستقبلها في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية " أن إسرائيل ليست وحدها كما يدعي الحوثيون المتضررة، فمصر والأردن ولبنان عربيا في أزمة كبيرة وستؤثر حوادث الاستيلاء على السفن بالبحر الأحمر أو تهديدها على معدلات النمو والاستثمار والبطالة والسياحة سلبا وسط ضغوط اقتصادية تضخمية كبيرة سابقا.
وأضاف :الحوثيون هم حائط صد عن إيران وجزء من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، التي حاولت تحت غطاء القضية الفلسطينية أن تقلب الطاولة على من يترصد لطهران وإعادة تموضعها بالمنطقة، والحرب في البحر الأحمر كانت فرصة للحوثيين، للتغطية أيضا على الأزمات الشعبية في مناطق تسيطر عليه في اليمن، وتراجع شعبيتهم، بإعلاء التعاطف مع القضية الفلسطينية، واحتمالات توسع الحرب في المنطقة مرتفعة في ظل دعم إيران لإحدى أهم أدواتها بالمنطقة وهم الحوثيون في أزمة البحر الأحمر".