"اطلق سراحه في ثاني أكبر عملية لتبادل أسرى"..
"محمود الصبيحي".. جنرال حرب وقع في الأسر بكمين لا تزال تفاصيله غامضة
تقود اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنفيذ عملية الإفراج التي تشمل رحلات جوية بين 6 مطارات في اليمن والمملكة العربية السعودية على مدار 3 أيام لإعادة المحتجزين المفرج عنهم إلى أوطانهم.

اللواء محمود الصبيحي يلوح لمستقبليه اثناء وصوله إلى مطار صنعاء الدولي - أرشيف
جهودٌ كبيرة بذلها المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، في سبيل الإفراج عن اللواء الركن محمود الصبيحي وزير الدفاع الأسبق، من سجون المليشيات الحوثية الإرهابية.
وشهد مطار العاصمة عدن، اليوم الجمعة، استقبالا رسميا وشعبيا حافلين للواء محمود الصبيحي ابتهاجا بتحريره من قبضة مليشيا الحوثي الإرهابية، ضمن صفقة تبادل الأسرى بين جرى التوصل إليها.
وتقدم اللواء أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية، ومحافظة العاصمة عدن، أحمد حامد لملس الجموع المشاركة في استقبال اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الأسبق بمطار عدن.
وقال المقدم محمد النقيب المتحدث باسم القوات المسلحة الجنوبية، في معرض تعليقه على هذه الخطوة، إن هذا الإنجاز السياسي والعسكري والإنساني جاء كنتيجة للتحرك الدائم والحثيث من قبل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي.
وأضاف في بيان، أن هذا الاستقبال الكبير، يعكس المقام والقيمة الرفيعة التي يحضى بها الاسير الجنوبي في التقدير والاعتبار الرسمي والشعبي.
وتابع: "ليس هنالك أعظم من حرية البطل الذي يقضي سنين من عمره في سجون العدو وراء القضبان رافعا راية وطنه ومدافعا عنها بثبات وصمود ، دون خوف ومهما كلف الثمن".
وعبر أحمد حامد لملس، وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، عن سعادته باستقبال أبطالنا الأشاوس في العاصمة الجنوبية عدن بعد تحريرهم من سجون مليشيات الحوثي الإرهابية.
وتقدم محافظ عدن اليوم مستقبلو اللواء محمود الصبيحي وناصر منصور هادي، في عملية تبادل للأسرى تشمل المئات تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ورحب الدكتور ناصر الخبجي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، بكل الأسرى الأبطال المحررين من سجون مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وقال الدكتور محمد الزعوري، وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، إننا نستقبل اليوم اللواءين محمود الصبيحي وناصر منصور ورفاقهما من الأسرى بفرحة غامرة.
وأضاف في تصريحات إعلامية اليوم الجمعة، أننا نتمنى لهم إقامة طيبة بين أهلهم وفي أرضهم، مؤكدا أن جميع أبناء الجنوب يشعرون بسعادة غامرة، وفرحة عارمة.
وقال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، اليوم: "تأتي عملية الإفراج في وقت يسوده الأمل في اليمن كتذكير بأن الحوار البنّاء والتسويات المتبادلة أدوات قوية قادرة على تحقيق نتائج مهمة".
وأضاف: "تستطيع مئات العائلات اليمنية الآن أن تحتفل بالعيد مع أحبائهم لأن الأطراف تفاوضوا وتوصلوا إلى اتفاق".
وأعرب المبعوث الأممي عن آمله "أن تنعكس هذه الروح في الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل".
وأوضح: "لا تزال آلاف العائلات الأخرى تنتظر لم شملها مع أحبائها، وآمل أن تبني الأطراف على نجاح هذه العملية للوفاء بالالتزام الذي قطعوه على أنفسهم تجاه الشعب اليمني في اتفاقية ستوكهولم بالإفراج عن جميع المحتجزين لأسباب تتعلق بالنزاع لإنهاء هذه المعاناة".
وحث غروندبرغ الأطراف على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفيًا وعلى الالتزام بالمعايير القانونية الدولية فيما يتعلق بالاحتجاز والمحاكمات العادلة.
ووجه المبعوث الأممي الشكر إلى الأطراف على تعاونهم مع مكتبه واللجنة الدولية للصليب الأحمر لتنفيذ الخطة المتفق عليها في مارس/آذار. كما شكر اللجنة الدولية للصليب الأحمر على دورها وعلى الشراكة المستمرة في اللجنة الإشرافية.
وبدأت الأطراف إطلاق سراح ما يقرب من 900 محتجز على خلفية النزاع في اليمن في عملية تبدأ، اليوم الجمعة، وتستمر لمدة ثلاثة أيام في إطار اتفاق جرى في سويسرا في مارس/آذار.
وتقود اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنفيذ عملية الإفراج التي تشمل رحلات جوية بين 6 مطارات في اليمن والمملكة العربية السعودية على مدار 3 أيام لإعادة المحتجزين المفرج عنهم إلى أوطانهم.
وبرز اللواء الركن محمود الصبيحي، كأحد أهم الأسرى المحتجزين لدى الحوثيين على مدى سنوات الحرب الماضية،
تدرج الرجل العسكري - الأب لخمسة أبناء وابنتين، توفي منهم اثنان مؤخرًا - في عدة مسؤوليات بدولتين مختلفتين، انطلاقًا من إدارته لديوان وزارة الدفاع في الجنوب العربي عام 1976.
واضطر الصبيحي لمغادرة البلاد بعد حرب صيف 1994، وتنقل بين سلطنة عُمان والسعودية والإمارات ثم الكويت لمدة 15 عامًا، وعاد في 2010، وجرت ترقيته إلى رتبة لواء وتعيينه مستشارًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
ذاع صيت اللواء الصبيحي، خلال عامي 2012 -2013، وسط غمرة الحرب ضد تنظيم القاعدة، الذي أعلن محافظة أبين إمارة إسلامية، وسيطر على أجزاء من جارتها شبوة.
كما برزت أيضا جهوده مع سيطرة المليشيات الحوثية على صنعاء، ومواصلة تقدمهم نحو المحافظات الأخرى، حيث كسر الصبيحي حاجز صمت القادة اليمنيين بالتأكيد على استعداد المنطقة العسكرية الرابعة التي يقودها، للتصدّي لتقدم الحوثيين نحو محافظة تعز الواقعة ضمن نطاق انتشار قواته.
إنسانيا، حظي اللواء الصبيحي بشعبية كبيرة بسبب انضباطه وبساطته وحرصه على مخالطة جنوده، وامتلاكه منزلًا شعبيًا متواضعًا لأسرته بمحافظة لحج، حتى تولى منصب وزير الدفاع في حكومة 2014.
كما حاولت المليشيات الحوثية استغلال رصيد الصبيحي الشعبي، عبر تعيينه رئيسًا للجنة الأمنية بعد أسابيع من استقالة الحكومة في مارس 2015، ونتيجة لرفضه فرضوا عليه إقامة جبرية في صنعاء، تمكّن رغمها من الإفلات والفرار نحو لحج ثم العاصمة عدن.
محافظات الجنوب شهدت في تلك الفترة حالة عارمة من الفوضى، بسبب تمرد قيادات عسكرية وتآمرها لصالح المليشيات الحوثية، وكانت العاصمة عدن قاب قوسين أو أدنى من السقوط بعد تحرك هذه العناصر من محافظة لحج، فيما تحرك اللواء الصبيحي وزير الدفاع أنذاك، وعدد من القيادات العسكرية والأمنية نحوها لقطع الطريق عليها.
بعد يوم واحد من انطلاق عملية عاصفة الحزم، وأثناء تحركات اللواء الركن محمود الصبيحي الدؤوبة في محاولة ترتيب الصفوف بعد تمرد وحدات جديدة بقاعدة العند العسكرية بلحج، وقع الرجل بشكل مفاجئ في قبضة مليشيات الحوثي الإرهابية.
وسلط موقع "العين الإخبارية" الضوء على محطات بارزة في حياة الرجل الذي يملك سيرة زاخرة، خطها وسط معتركات الحروب ودفع ثمنها سنين من عمره ليكون القائد العسكري الذي فجر شرارة المواجهة مع مليشيات الحوثي ورجل السلم الذي يضع خروجه أولى لبنات السلام.
في عام 1948 شهدت بلدة "هويرب" في مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج قدوم مولود جديد أسماه والده "محمود" لينشأ في مسقط رأسه بين قبائل "الصبيحة" ويترعرع على قيم الوفاء والشهامة والكرامة.
وكان محمود الصبيحي ما زال في عمر 15 عاما عندما قام أجداده الجنوبيون بطرد المستعمر البريطاني عام 1963، وأصبح بعد 28 عاما من مولده خريجا من الكلية العسكرية في عدن ليحمل شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1976.
ويعد الصبيحي أحد أبرز الضباط الذين حصلوا على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من أكاديمية فرونزا التابعة للاتحاد السوفيتي عام 1982، ثم دورة في القيادة والأركان في ذات الأكاديمية عام 1988.
وباشر الصبيحي أولى مهامه في منصب مدير ديوان بوزارة الدفاع في عدن بين عامي 1976-1978، ثم أركان حرب لواء ملهم 1982-1986، قبل أن يتقلد عام 1986-1988 منصب قائد للواء 25 ميكا.
وفي عام 1988 عينت القيادة الجنوبية الصبيحي قائدا للكلية العسكرية واستمر في منصبه حتى 1990 عقب الوحدة مع الشمال ودمج المؤسسات العسكرية ليعين الرجل نائبا لمدير الكلية الحربية اليمنية وهو منصب شغله لمدة عامين.
وإثر كفاءة الرجل وخبرته العسكرية أعادت القيادة اليمنية الصبيحي إلى منصب قائد اللواء 25 ميكا في مدينة زنجبار عاصمة أبين (جنوب) خلال 1993-1994 وهو آخر المناصب العسكرية التي تقلدها بعد مشاركته ووقوفه لحماية أرضه في الجنوب.
ولم تغر المناصب العسكرية الرجل ووقف بثبات للدفاع عن الجنوب عندما تم اجتياحه خلال صيف 1994، ليدفع نتيجة موقفه ذلك ضريبة باهظة امتدت 15 عاما مشردا خارج بلاده وبعيدا عن أسرته.
بحسب مصادر يمنية فقد عاد الصبيحي إلى اليمن عام 2009 ليعين مستشارا عسكريا للرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح.
وعين الرئيس الأسبق صالح، الصبيحي قائدا لمحور العند عام 2010 ومنحه رتبة "لواء" بعد عام من وصوله ثم عينه قائدا للواء 201 ميكا في مارس/ آذار 2011 ليسجل الرجل محطات لا تنسي في محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين.
وعمد الرجل خاصة بعدما تم تعيينه قائد للمنطقة العسكرية الرابعة في 10 أبريل/نيسان 2013 إلى تشكيل اللجان الشعبية والتي قصمت ظهر تنظيم القاعدة بعد أن حاول تأسيس أولى إماراته انطلاقا من مدينة زنجبار في أبين.
وعقب انقلاب مليشيات الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، سارع الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بتعيين اللواء الصبيحي وزيرا للدفاع في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد أن فككت المخابرات الإيرانية والحوثية وزارة الدفاع وبدأت بالتمدد صوب الجنوب.
لكن ابن الصبيحة الذي خبر الحرب صغيرا وكبيرا لم يستسلم، حيث عاد إلى معقله ومسقط رأسه ليشكل أول سياج عسكري لحماية تعز والجنوب من تمدد مليشيات الحوثي، إلا أن الخيانات كانت تحاصره من كل جانب.
وفي فبراير/شباط عام 2015، وبينما كان الرجل يسابق الزمن للدفاع عن قاعدة العند من السقوط في قبضة مليشيات الحوثي التي كانت قد انتشرت في مديريات متفرقة من محافظة لحج، سقط الصبيحي أسيرا في كمين غادر ما زالت تفاصيله غامضة حتى اليوم.
ووقع الصبيحي أسيرا إلى جانب قادة عسكريين بارزين وهم اللواء فيصل رجب واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس اليمني السابق، وظل الصبيحي وزيرا للدفاع من معتقله حتى أواخر 2018 حينما تم تعيين محمد المقدشي وزيرا للدفاع لتسمح حينها مليشيات الحوثي له بإجراء أول اتصال هاتفي.
والصبيحي هو أحد القادة العسكريين والسياسيين المشمولين بالقرار الأممي 2216 الذي يلزم مليشيات الحوثي باطلاق سراحه، لكن المليشيات رفضت إطلاق سراحه خلال 4 جولات تفاوض وظلت تتخذه ورقة ضغط لابتزاز المجتمع الدولي.
ويشكل خروج الصبيحي ضمن عملية تبادل الأسرى أول خطوات تعزيز الثقة بين الأطراف اليمنية، لكن مصادر قالت “إن قوات العمالقة الجنوبية أطلقت مقابل خروج اللواء الركن محمود الصبيحي أكثر من 50 أسيرا حوثيا جلهم ممن تم أسرهم في الجبهات.”