"تفاصيل خطة سلام مزمنة بشأن الأزمة اليمنية"..

ترحيب أمريكي مشروط بالحوار السعودي - الإيراني والرياض تريد «نهجاً مختلفاً» حيال طهران

«الصفقة تمنح السعوديين القدرة على متابعة أهدافهم الأساسية وبناء قوة اقتصادية والمضي في إصلاحات اجتماعية قد تمثل حماية معززة ضد هجوم مباشر أو بالوكالة من إيران».

رئيس مجلس القيادة اليمني لدى لقائه الأمير خالد بن سلمان في الرياض (واس)

الرياض

رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بما أسمته "الحوار السعودي-الإيراني، مشترطة الترحيب بـ"إذا حد من نشاطات طهران «المزعزعة للاستقرار»، فيما تضع الرياض اللمسات الأخيرة على اتفاق من ثلاث مراحل للأزمة اليمنية، وتعتزم ارسال سفيرها لدى اليمن إلى صنعاء، رفقة وفد من سلطنة عمان – الوسيط الإقليمي – لبحث فتح الموانئ البرية والبحرية والجوية وتهيئة الأجواء لاتفاقيات أخرى من بينها إعادة اعمار المدن الخاضعة لسيطرة الأذرع الإيرانية، ودفع مرتبات القوات الميليشياوية التابعة للحوثيين من عوائد نفط الجنوب المحرر.

وقالت صحيفة الشرق الأوسط السعودية إن "الخطة التي تتم مناقشتها تنقسم إلى ثلاث مراحل: الأولى ستة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، وأخيراً سنتان. إلا أن المصادر نفسها أشارت إلى أن هذه الترتيبات الزمنية ما زالت خاضعة للنقاش، وقد يتم إجراء تعديلات عليها حسبما تراه الأطراف اليمنية لصالح إنهاء النزاع.

وبحسب الصحيفة فان الخطة التي يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها تقضي في مرحلتها الأولى بإعلان وقف إطلاق النار ثم تشكيل لجان فنية لدمج البنك المركزي وتبادل الأسرى (الكل مقابل الكل)، وبناء الثقة بين الأطراف، ثم مرحلة التفاوض المباشر لتأسيس كيف يرى اليمنيون شكل الدولة، تليها مرحلة انتقالية.

وتشمل «الخطة فتح المنافذ جميعها ورفع القيود على المنافذ البرية والبحرية والجوية وتعود للعمل بشكل طبيعي سواء في مناطق الحوثي أو الشرعية، إلى جانب عملية إصلاح اقتصادية شاملة بدعم سعودي».

وحسب الصحيفة فقد شُكلت لجنة لمتابعة هذا الأمر برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس الحكومة اليمنية، مع لجنة سعودية مختصة بالجانب الاقتصادي، ويُنتظر أن تُعقد لقاءات خلال اليومين المقبلين.

وفي حين سلمت الحكومة اليمنية ردودها الأخيرة والتعديلات التي تريدها على الخطة المطروحة حالياً، بيَّن صحيفة الشرق الأوسط أن الجانب الحكومي طالب بضمانات بعدم وجود أي تحايل أو تراجع من جانب الحوثيين، وأنه في حال حدث أي تلاعب أو التفاف من الحوثيين ستكون الحكومة اليمنية في حِلٍّ من كل هذه الالتزامات، ويجب على المجتمع الدولي ردع هذه الحركة.

جميع الملفات خلال النقاشات بما فيها القضية الجنوبية طُرحت بشكل كبير -على حد تعبير المصدر- الذي زاد بالقول: «طرحت كل الملفات بما فيها القضية الجنوبية بشكل كبير جداً، وهذه مسألة توجد فيها خلافات بين أقطاب العملية السياسية في الدولة، لكنهم يعملون على إصلاحها، العملية طويلة وتحتاج إلى وقت». وتابع بالقول إن «هناك خيارات من ضمنها أن تكون المراحل خمس سنوات أو ثلاثاً بدلاً من سنتين، المسألة تعتمد على الالتزامات والضمانات، الأمر تُرك للأطراف اليمنية في حال رأوا خيارات أخرى، خصوصاً المرحلة الانتقالية، فالجنوبيون يرون أن المرحلة الانتقالية يجب أن تشمل تصوراً لشكل الدولة يُفضي إلى استفتاء أو تقرير مصير (...) وقد أوكل مجلس القيادة الرئاسي إلى أعضائه الجنوبيين؛ عيدروس الزبيدي وفرج البحسني وعبدالله العليمي وعبدالرحمن أبو زرعة، لوضع ورقة تصوُّر حول القضية الجنوبية لمناقشتها ضمن الملفات الرئيسية، وقد عقدوا الاجتماع الأول وسيواصلون العمل».

وتوقع المصدر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة إعلاناً لوقف إطلاق النار وتثبيت التهدئة والانسحابات والوقوف عند خطوط التماس، فيما ستحتاج الترتيبات الأخرى ربما إلى أسابيع، على حد تعبيره. وأضاف: «الحوثيون يصعّدون في الجبهات من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل إعلان وقف إطلاق النار، واستخدام ذلك كجزء من التنازلات، بينما ترى الحكومة أن لديهم جانباً عقائدياً وسلالياً في المنطقة وربما في أي لحظة يخرجون عن سيطرة إيران، وهذا أمر وارد، وبالتالي نعمل على مسارات عدة».

وعلى صعيد متصل وصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، اللقاء بين وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والإيراني حسين أمير عبداللهيان في بكين، بأنه «خطوة متوقعة» في سياق الاتفاق بين المملكة وإيران، الذي تعده بعض وسائل الإعلام الأميركية خطوة كبيرة تعزز الأمن الإقليمي وتشكل «انتصاراً» للأمن الدولي، طبقاً لما نشرته مجلة «فورين بوليسي».

وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، بأن اجتماع وزيري الخارجية الإيران والسعودي «خطوة متوقعة في عملية الحوار» بين السعودية وإيران، مؤكداً أن إدارة بايدن «شجعت منذ فترة طويلة الحوار المباشر والدبلوماسية، بما في ذلك بين إيران وجارتها للمساعدة في خفض التوترات والمخاطرة بالنزاع».

 وأضاف أنه «إذا أدى هذا الحوار إلى إجراءات ملموسة من جانب إيران للحد من نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك نشر الأسلحة الخطرة، فإننا بالطبع نرحب بذلك».

غير أن صحيفة «نيويورك تايمز» لفتت إلى أن المحادثات بين السعودية وإيران «يمكن أن تغير الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط»، مضيفة أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «حريص على توسيع التحالفات مع شركاء آخرين»، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. 

واعتبرت أن الصين «تسعى بشكل متزايد» إلى تقديم نفسها «كثقل موازن للولايات المتحدة في الدبلوماسية العالمية».

ولم يشأ فيدانت، أو غيره من الناطقين باسم الحكومة الأميركية، التعليق على بعض التقارير في شأن أن الاتفاق الذي رعته الصين يتعلق بما هو أكثر من تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، مقللاً من شأن الادعاءات عن الاتفاق ذات الصلة بنشوء نظام عالمي جديد مناهض للغرب والولايات المتحدة، علماً بأن المسؤولين الإيرانيين الكبار، وبينهم المرشد علي خامنئي، يصرحون علناً بأن الولايات المتحدة والنظام الدولي الليبرالي الذي تقوده، يشكلان عقبة أمام طموحات النظام في طهران، رغم أن خامنئي شكل مع الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين شراكة «غير متوقعة».

وأوردت «فورين بوليسي» أن الدائرة المقربة من خامنئي و«الحرس الثوري» تتوقع «انهيار النظام العالمي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة ويتشكل نظام جديد مناهض للغرب تقوده الصين وروسيا وإيران»، مذكرة بأن خامنئي حدد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رؤية لنظام جديد قائم على «عزل الولايات المتحدة، ونقل السلطة إلى آسيا، مع توسيع جبهة المقاومة» المناهضة للغرب. ورأت أن خامنئي يدعم الحرب الروسية في أوكرانيا من هذا المنطلق، مشيرة إلى أن قائد «الحرس الثوري» يحيى رحيم صفوي، الذي يعد أيضاً المستشار العسكري لخامنئي «أكد أن حقبة ما بعد الولايات المتحدة بدأت في المنطقة».

ونقلت «نيويورك تايمز» عن رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا أيهم كامل، أن «واشنطن تكافح من أجل التكيف مع المملكة العربية السعودية الجديدة»، مضيفاً أن «هذا يخلق مجموعة جديدة كاملة من التحديات، حيث بدأ حلفاء الولايات المتحدة في وضع سياستهم المتميزة تجاه إيران التي قد لا تتوافق مع نهج واشنطن».

وأكدت «فورين بوليسي» أن «الرياض تدرك ذلك تماماً»، إذ أنها «تعرف الهوية الحقيقية للحرس الثوري الإيراني ودوافعه بما يتجاوز الوجه المبتسم لعلي شمخاني»، وهو أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. 

وأضافت أنه بالنسبة للسعوديين، فإن الصفقة «تمنحهم القدرة على متابعة أهدافهم الأساسية، التي تتعلق ببناء القوة الاقتصادية لبلدهم والمضي في الإصلاحات الاجتماعية التي تحتاج البلاد إليها بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بما يرون أنه حماية معززة ضد هجوم مباشر أو بالوكالة من إيران».

وترى محللة الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس، أنه بنتيجة ذلك، تريد المملكة «نهجاً مختلفاً» حيال إيران، بما يقلل التهديدات ضد السعودية، معتبرة أنه بدلاً من محاولة عزل إيران، تسعى السعودية الآن إلى «مواجهة واحتواء وإشراك إيران». وأضافت: «لا يزال كثير من الخبراء يفترضون أن من في البيت الأبيض سيوجه السياسة السعودية بشأن إيران، لكن هذا ببساطة ليس صحيحاً اليوم». وأكدت أن «السعودية ودول الخليج العربية تركز على مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية وتحمي نفسها من التهديدات الإقليمية»، بما في ذلك احتمال تصعيد التوترات بين إيران وإسرائيل.