"دراسة حالة محافظة لحج أنموذجاً"..

ظاهرة انتـ.ـحار الأطفال والشباب في الجنوب.. البواعث والتحديات وطرق المعالجة

أزمة الحرب تؤثر بشكل مباشر على الصحة العقلية للأفراد. عندما نتحدث عن الحرب، يتعرض الناس للتوتر لفترة طويلة، وهو عامل خطر للاضطرابات النفسية»

اطفال يمنيون يتسولون في شوارع العاصمة الجنوبية عدن - خاصة بصحيفة اليوم الثامن

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

 المقدمة: إنّ ظاهرة انتحار الأطفال أصبحت من الظواهر الخطيرة جدا والمقلقة لكل المجتمعات البشرية سواء أكانت عربية أم إسلامية أم غربية، وقد شكلت تلك الظاهرة في المجتمعات الغربية أكثر حدة منها في المجتمعات العربية والإسلامية. وتلك الظاهرة لم تكن موجودة أصلاً بين الأطفال، بل كانت متجلية في فئة الرجال والنساء كبار السن، وبدأت تلك الظاهرة تتسلل إلى فئة الشباب ومن ثم وصل بها الحال لتفتك بفئة الأطفال.

والحقيقة المرة أنها أصبحت اليوم - أي ظاهرة انتحار الأطفال – ظاهرة جديدة على مجتمعاتنا العربية، وتشير الأبحاث والدراسات إلى أن ظاهرة انتحار الصغار على مستوى الوطن العربي قليلة؛ لكنها تشهد تزايدا في الآونة الأخيرة، رغم أن بعض الدول العربية مازال من المحرمات الحديث عن انتحار الأطفال أو الكبار، فهي مسألة تمس المجتمع وحتى لو انتحر طفلا فلن يتم الإعلان عن انتحاره لحساسية الموضوع.

ونظرا لخطورة هذه الظاهرة على حياة أطفالنا وكذلك خطورة تلك الظاهرة؛ لكونها أصبحت حقيقة صادمة ومشكلة حساسة ومعقدة، والسؤال الذي نطرحه هنا؛ متى ستأخذ تلك الظاهرة حقها في البحث والدراسة خاصة في دول مازال مؤسسات التنشئة الاجتماعية وتربية النشء تعاني عجزا كبيرا بالإضافة إلى الفوضى والحروب وعدم استقرار الأمن والفقر الذي يشهده جزء كبير من عالمنا العربي.

ونظرا للوضع الذي تمر به بلدنا وجنوبنا الحبيب واليمن بشكل عام لاسيما الحرب المدمرة منذ ثمانية أعوام التي تركت أثرا سلبيا على الفرد والاسرة والمجتمع. 

- مشكلة التقرير:

تجلت ظاهرة انتحار الأطفال في المحافظات المحررة بوضوح وكانت بداية مؤشراتها منذ السنوات الأولى من الحرب الكارثية في البلاد التي جعلت الوطن يمر بأسوأ كارثة إنسانية، والتي أدّت إلى تعجيز المواطن في توفير أساسيات الحياة (الماء والغذاء والسكن والصحة)؛ مما جعله غير قادر على مواصلة مشوار الحياة ومواجهة تحدياتها، الأمر الذي أدّى إلى اتخاذ بعض المواطنين لقرارات خاطئة واللجوء إلى عملية الانتحار والتخلص من الحياة وأعبائها ومشاكلها وتحدياتها.

إن استمرار الحرب التدميرية يزداد الأمر سواء، وأصبحنا كل يوم نشاهد تزايد عمليات الانتحار باختلاف أصنافها وألوانها وأنواعها؛ والسبب الرئيسي لانتشار هذه الظاهرة وتزايدها في العديد من المدن والمناطق اليمنية بهذا الشكل الكبير والملفت للأنظار، يعود للأوضاع المعيشية الصعبة والظروف الاقتصادية المنهارة التي يعيشها المواطن اليمني كنتيجة طبيعية لهذه الحرب الكارثية.

أسئلة التقرير:

إذا كانت أسباب عملية الانتحار التي تحدث من قبل الكبار معلومة ومسببة، فلماذا ينتحر الأطفال وهم في بداية سن الزهور ولا يحملون الهموم التي يحملها الكبار؟ 

لماذا انتشرت عملية انتحار الأطفال وتزايدت في الفترة الأخيرة وأصبحت جزءا من الجرائم المعتادة التي نشاهدها باستمرار؟ ولماذا لا نبحث عن الأسباب التي تجعل الطفل يشنق نفسه أو يوجه السلاح إلى صدره ويفرغ الأعيرة النارية في قلبه. 

أهمية التقرير:

يجب أن يعالج هذا التقرير الظاهرة ويعرج إلى معرفة أسبابها وإيجاد الحلول المناسبة لها. فهناك أطفال يعانون من مشكلة الفقر ولا يجدون مصاريف لمدارسهم أو لشراء ملابس توازي ملابس زملائهم أو امتلاك أقل الإمكانيات التي تمكنهم من التحرك والخروج برفقة أصدقائهم.

وهناك أطفال يعانون من المشاكل الأسرية وخاصة الاختلافات التي تحدث بين الآباء والأمهات. وهناك أطفال يعانون من قساوة تعامل الآباء معهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم على الرغم من وجود الإمكانيات لدى آبائهم. 

هناك العديد من الأسباب التي يجب على أولياء الأمور والمجتمع المحيط بهم إيجاد الحلول الكفيلة بالحد منها وضمان عدم حدوثها وتكرارها.

ومن خلال الأسئلة والمقابلات واستطلاعات الرأي التي سيقدمها الباحث حول كشف الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار الأطفال في المحافظات المحررة محافظة لحج نموذجا.

 

- المطلب الأول: انتحار الأطفال والشباب في الوطن العربي   

اعتلت مصر ترتيب البلدان العربية في معدلات الانتحار خلال عام 2016، إذ أقدم 3800 شخص تقريبا على الانتحار في ذلك العام فقط، وتبعها كلٌّ من السودان بواقع 3205 حالة انتحار، ثم اليمن بعدد 2335 حالة انتحار. وحسب تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية، فإن العام ذاته شهد الإبلاغ عن 26 ألف حالة انتحار بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يعني 4.8 حالة انتحار لكل 100 ألف حالة وفاة، أي إنه من بين كل مئة ألف شخص يموت، هناك خمسة أشخاص تقريبا يزهقون أرواحهم بأيديهم.

لم يختلف الأمر كثيرا في باقي البلاد العربية، فقد جاءت الجزائر في الترتيب الرابع بـ1300 حالة انتحار تقريبا، ثم العراق بـ1128 حالة انتحار. وإذا كنت بدأت تربط بين الوضع السياسي غير المستقر وبين ارتفاع حالات الانتحار بالبلاد العربية، فعليك أن تُعيد التفكير مرة أخرى عندما تعلم أن المملكة السعودية قد جاءت في الترتيب الخامس بـ1035 حالة انتحار خلال 2016 فقط، تبعتها المملكة المغربية بـ1014 حالة انتحار.(

تقارير عن نسبة الانتحار في اليمن

وطبقًا لموقع البنك الدولي، فقد وصل معدل الانتحار عام 2019 بين سكان اليمن إلى 5.8 لكل 100 ألف نسمة، لكن يبدو أن الظاهرة تزايدت على نحو مضاعف خلال الثلاثة الأعوام الماضية؛ إذ وبحسب منظمة الصحة العالمية فعلى مستوى الجنس كان معدل الانتحار أعلى بين الذكور منه بين الإناث بمعدل 7 و4.6 لكل 100 ألف للذكور والإناث على التوالي.

ووفق دراسة سابقة نشرها موقع WORLDLIFEEXPECTANCY، تحت عنوان "ضرورة منع الانتحار في اليمن: تحديات وتوصيات- مراسلات"، بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالانتحار 1699 حالة في عام 2020، وهو ما يمثل 1.09 من إجمالي الوفيات في جميع أنحاء البلاد.

وحسب دراسة بعنوان “ضرورة منع الانتحار في اليمن: تحديات وتوصيات – مراسلات” لطارق الأهدل ورمضان عبدالمعز نشر خلاصتها موقع ncbi.nlm.nih.gov، تختلف طرق الانتحار بين سكان اليمن من ذكر لأنثى. بينما تستخدم الإناث دائمًا السموم، فإن الأساليب الشائعة للذكور في الانتحار هي البنادق، يليها الشنق. ووفقًا للدراسة المشار إليها:

 وهناك العديد من أسباب الانتحار في اليمن منها:

1-    أزمة الحرب تؤثر بشكل مباشر على الصحة العقلية للأفراد. عندما نتحدث عن الحرب، يتعرض الناس للتوتر لفترة طويلة، وهو عامل خطر للاضطرابات النفسية». «بشكل غير مباشر، قللت النزاعات من الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم، وزادت من انعدام الأمن الغذائي بسبب الانهيار الاقتصادي العام، أو دخل الناس في صراعات بدلاً من التركيز على الأنشطة الزراعية، حيث يعاني نصف السكان اليمنيين حاليًا من انعدام الأمن الغذائي… علاوة على ذلك، لا تتمتع الفئات العمرية المختلفة بمستوى كافٍ من الوعي بالصحة النفسية. لذلك، لا يسعون للحصول على خدمات الرعاية الصحية إلا عند الإصابة باضطراب خطير. بالإضافة إلى ذلك، هناك وصمة عار مرتبطة بطلب الدعم النفسي. وبالتالي، لا يفضل الناس الذهاب إلى العيادات، وخاصة الإناث.

2-   نقص دعم الصحة النفسية في المناطق الريفية إلى تفاقم المشكلة. إن ندرة مقدمي ومتخصصي الصحة النفسية تجعل الوضع أكثر سوءًا، حيث بلغ عدد مقدمي الرعاية الصحية المتخصصين 0.2٪ لكل 100،000 في اليمن. وهذا يعادل 40 طبيبًا نفسيًا فقط لأكثر من 30 مليون فرد… جميع العوامل الخارجية السابقة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تسبب حالات صحية عقلية خفيفة إلى خطيرة مثل الذهان والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). عادة ما تكون محاولة الانتحار ناتجة عن إحدى الحالتين السابقتين أو كلتيهما مثل الذهان الشديد الذي يظهر على شكل هلوسة سمعية تخبر الشخص أن يؤذي نفسه، أو الاكتئاب الذي يؤدي إلى الانتحار، والذي يعتبر السبب الأكثر شيوعًا للانتحار. ومع ذلك، يمكن أن تسهم حالات عقلية أخرى مثل القلق واضطراب ما بعد الصدمة أيضًا». إزاء ذلك تقدم بعض المنظمات الدولية دعمًا لخدمات الإرشاد النفسي والاجتماعي والصحة العقلية كالدعم المقدم لمؤسسة الإرشاد الاسري والتنمية (FCDF) بصنعاء وعدن. وجدت هذه المؤسسة في عام 2017 أن 20٪ من اليمنيين يعانون من اضطراب نفسي. «حقيقة مهمة أخرى هي أن 82٪ من الناس في اليمن يعيشون في فقر، مما يحد من قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية، بغض النظر عن الوصول إلى خدمات الصحة النفسية». وقالت لـ “القدس العربي” المعالجة النفسية، سعدية العولقي، «إن اليمن يعاني من خدمات نفسية سيئة، وذلك بسبب نقص الوعي بأهمية الرعاية النفسية وأيضا بسبب الوصمة الاجتماعية للطب النفسي. وأضافت: «كما أن ضعف البنية التحتية لليمن باعتبارها من دول العالم الثالث يعد سببا مهمًا في فقر الخدمات النفسية، والتي وإن وجدت تكون بأسعار باهظة لا يستطيع عليها عامة الناس. كما أننا نفتقر إلى دراسات وإحصائيات نستطيع من خلاها معرفة عدد حالات الانتحار في اليمن قبل وبعد الحرب. واستطردت: «أن معظم حالات الانتحار يتم التكتم عليها، ولا يتم معرفة الأسباب التي أدت إلى ارتكابها…ونستطيع القول إن الحرب زادت الوضع سوءًا في اليمن وتسببت في ظهور العديد من الاضطرابات النفسية الشديدة، التي يمكن أن تكون سببا رئيسيا للانتحار، ومن هذه الاضطرابات الاضطرابات الاكتئابية واضطرابات الشخصية والاضطرابات الذهانية، والتي تؤدي في نسبة منها للانتحار. وتابعت: «نستطيع القول إن أعداد المنتحرين في تزايد مستمر في ظل هذه الظروف العصيبة وفقر الخدمات النفسية وقلة الدعم النفسي. وأردفت: «أما عن كيفية وضع حد لحالات الانتحار فهذا يحتاج إلى تضافر الجهود من الجهات المختصة، وذلك عن طريق توفير مراكز خاصة بالرعاية النفسية تغطي جميع المناطق في اليمن وتدريب كوادر قادرة على توفير خدمات نفسية ممتازة ودعم نفسي وذلك للحد من الانتحار». فيما طالبت إحدى الدراسات، الحكومة اليمنية اعتبار جرائم منع الانتحار من الأولويات في سياساتها والعمل على تنفيذ حملات توعوية عبر منصات التواصل الاجتماعي بالعلاج النفسي بموازاة توفير هذه خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي وتأهيل العاملين عليها في عموم البلاد. وحمل ناشطون الأطراف المتصارعة مسؤولية تزايد حالات الانتحار، واتهموا أطراف الصراع بإيصال المجتمع إلى حالة من اليأس إثر تردي الاقتصاد وانقطاع المرتبات وانعدام فرص العمل. ويشهد اليمن نزاعًا على السلطة منذ تنحي الرئيس السابق علي عبد الله الصالح عن الحكم في 2011 لتدخل الحرب مرحلة جديدة عام 2014 وصولًاً إلى تدخل تحالف سعودي اماراتي في مارس/آذار عام 2015 إذ استعرت الحرب متسببة في زيادة انعدام الأمن الغذائي لغالبية اليمنيين، وعدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية، مما أدى إلى تدهور الصحة العقلية للناس. منذ ثماني سنوات، يواجه اليمن أسوأ أزمة إنسانية، حيث يحتاج أكثر من 80٪ من السكان إلى المساعدة حسب موقع (رايلف ويب) التابع للأمم المتحدة (أغسطس/آب 2022).

وفي هذا التقرير تحت هذا حاولنا تتبع بواعث انتحار الأطفال في محافظات المحررة مقدمين هذا السؤال:

ماهي البواعث والدوافع التي تجعل الأطفال يقدمون للانتحار؟

وللإجابة حول السؤال المطروح على عينة الاستطلاع حول بواعث ظاهرة انتحار الأطفال في محافظة لحج من وجهة نظر أولياء الأمور والمدرسيين والشخصيات الاجتماعية، وقد تمحورت معظم اجاباتهم في الأتي: 

1-              الإحساس بالخوف من الحياة ومن الفشل وعدم الإحساس بالأمان في البيت بسبب الطلاق وانفصال الأبوين، فالطفل في حاجة إلى الأب كما الأم، وبالتالي يعيش هذه الأجواء والضغوط النفسية. 

2-              إن التحرش الجنسي هو أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الانتحار بين الأطفال، حيث يكون داخل الأسرة من الأب، الأخ، أو أقرب الأقرباء. وهنا يفقد الطفل الشعور بالأمان وسط أسرته التي من المفترض أن ترعاه وبالتالي لا يشعر بالأمان خارج العائلة خاصة أن قصص التحرش بالصغار لا تقتصر على البيوت بل أصبحت في كل مكان حتى في المدارس للأسف الشديد

3-              الخوف من الفشل في الدراسة أو العقاب في المدرسة أو من النتائج الضعيفة فيعاقب من الأهل بسببها وأيضا التمييز ضده من قبل التلاميذ كأن يعاني من الوزن الزائد فيكون عرضة للسخرية.

4-             عدم توفر الحاجات الأساسية من المأكل والملبس والسكن والمقارنة مع الأطفال الآخرين من أهم أسباب شروع الأطفال في الانتحار.

5-              حب المغامرة والفضول فالكثير من البرامج التلفزيونية والأفلام وحتى برامج الكارتون تشجع على الانتحار بالإضافة إلى ألعاب الفيديو التي تحتوي على العنف.  

6-             غياب المسؤولية المشتركة بين الأسرة والمدرسة والإعلام والتعليم. بحيث صارت تلك المؤسسات تعطي معلومات للتلميذ ولا تهتم بالأمور التربية والتنشئة الأخرى.

 

المطلب الثاني: الدراسة الاستطلاعية الميدانية.

 

أولا: ضحايا الانتحار خلال الأعوام (2019-2020-2021- 2022)

أقدم الباحثون بتتبع ظاهرة انتحار الأطفال في محافظة لحج من خلال المقابلات الميدانية ومتابعة الاخبار الصحفية والاخبارية للفترة الزمنية المحددة في منهجية التقرير والتي تبتدأ من عام 2019 – 2022م

وقد تبين عدد من النتائج الإحصائية المبينة لهذه الظاهرة في المجتمع المستهدف من الاستطلاع. كا هي موضحة في الجدول ادناه

جدول رقم (1) يوضح احصائيات حالة الانتحار لدى الأطفال والشباب في محافظة لحج.

  العام العدد النسبة
2019 715%
20201023%
20211329%
2022  1533%
المجموع45100%
v  مصدر المعلومات الباحث من خلال تتبع الصحف والمواقع وكذلك النزول الميداني

شكل رقم (1) يوضح نسبة العمليات الانتحارية في الأعوام من 2019-2022م

 

 

مما سبق تبين أن نسبة الانتحار بين الأطفال والشباب في محافظة لحج كانت مرتفعة وفي حالة ازدياد حيث بلغت مجموع العمليات الانتحارية في الأعوام (2019-2020-2021-2022) (45) عملية التي تم تدوينها في اقسام الشرطة وإعلان عنها في الصحافة وكذلك التي حصل عليها الباحث عن طريق الاستطلاع الميداني وتلك النسبة كبيرة جدا التي جاءت بمعدل حالة انتحار شهريا في إطار المحافظة؛ ومما يزيد الامر خطورة أنها جاءت في تزايد حيث بلغت نسبة الانتحار في عام 2019مـ (15%) ومن ثم جاءت في عام 2020م بنسبة مرتفعة بلغت ( 23%) أي بفارق (8%) ومن ثم جاء عام 2021م بنسبة (29%) وفي عام 2022م جاءت النسبة مرتفعة جدا حيث بلغت (33% ) وهي نسبة مرتفعة لاسيما انها في حالة تمدد وتوسع بشكل كبيرة مما ينذر بكارثة حقيقة.

 

ومما يلفت الانتباه أن الفئة العمرية ما دون 20 عاما كانت نسبتها ( 57%) بينما الشباب ما دون 25 عاما بلغ (30%) وبلغ الشباب ما دون 40 عاما (3%)، وهذا المؤشر خطيرا جدا على مستقبل الأطفال والشباب.

ومن حيث الجنس فقد بلغ نسبة الأطفال والشباب المنتحرين من جنس الذكور (90%) بينما بلغت نسبة الانتحار لدى الاناث (10%) ويعزو الباحث ذلك الفارق للأعراف والتقاليد التي تعد انتحار الفتيات امرا معيبا مما يجعل الفتاة أكثر تحملا من الولد.  

ومن حيث الأدوات الجريمة المستخدمة في عملية الانتحار في جاءت متنوعة فقد جاء عملية الانتحار بواسطة الشنق في المرتبة الاولى من حيث أدوات الانتحار ثم جاء استخدام السم واسبرت والأدوية في المرتبة الثانية وفي المرتبة الثالثة جاءت الارتماء من أماكن مرتفعة وكذلك جاءت السلاح في المرتبة الأخيرة فهذا أمر مقلق ويؤكد تأثر الأطفال بالفوضى التي بها البلاد.

وفيما يخص التوزيع الجغرافي لعمليات مسرح الجريمة فقد جاءت متفاوتة في مديريات محافظة لحج بمديراتها 14 مديرية كما هو موضح في الجدول ادناه

  

جدول رقم (2) يوضح توزيع مسرح عمليات الانتحار جغرافيا محافظو لحج

  المديرية العدد النسبة
 حالمين 8 17%
تبن 715%
الحوطة48%
المقاطرة48%
المسيمير48%
القبيطة36%
الملاح36%
الحبيلين36%
حبيل الجبر24%
المفلحي24%
لبعوس 12%
كرش12%
طور الباحة12%
الحد12%
المجموع45100%
v   مصدر المعلومات الباحث من خلال تتبع الصحف والمواقع وكذلك النزول الميداني

 شكل رقم (2) يوضح توزيع مسرح عمليات الانتحار جغرافيا محافظة لحج

مما سبق تبين أن أكثر المديريات مسرحا لعمليات انتحار الأطفال في محافظة لحج تبين انه في مديرية حالمين احتل المرتبة الأولى بنسبة (17%) وفي المرتبة الثانية مديرية تبن بنسبة (15%) وفي المرتبة الثالثة مديريات الحوطة والمقاطرة والمسيمير بنسبة كل واحدة منهما (8%) بينما جاءت مديريات القبيطة والملاح والحبيلين في المرتبة الرابعة بنسبة (6%) وفي المرتبة الخامسة مديريات حبيل الجبر والمفلحي بنسبة كل واحدة منهما (4%) وفي المرتبة الأخيرة جاءت مديريات لبعوس وكرش وطور الباحة بنسبة كل واحدة منهم (2%)  

المعالجات والتوصيات:

الأسرة والفرد والدولة والمجتمع الانتباه لهذه المسائل فهي أمور ليس من السهل علاجها وتحتاج إلى ثورة حقيقية تعليمية اجتماعية عائلية، يجب على الآباء أن يفتحوا مجالا للحوار مع أطفالهم فالأزمات التي تعيشها محافظات الجنوب والاضطرابات الاجتماعية سوف تزيد من حالات الانتحار.

1.     الاقتراب من الطفل والاستماع إليه مهم جدا والشعور بالأمان شيء يحتاجه الطفل حيث الاحساس بان في هذه الحياة من هو على استعداد لأن يقف معه ويساعده فيحل المشاكل التي قد يتعرض لها وأن يفتح معه حوارا دون توبيخ أو عقاب.

2.    أن نتقبل كل شيء من الطفل فليست لديه القدرة مثل الكبير، على أن يحلل ويفكر يجب أن يسمح له بالتعبير عن الأفكار والمشاعر السلبية.

3.    الاهتمام بالمعلمين فالمعلم غير مدرب على التعامل مع التلاميذ فهو لم يتعلم قليلا من علم النفس وكيفية التعامل مع التلاميذ. الفريق التعليمي يتلقى دورات تدريبية بشكل مستمر من أجل ذلك، من الحارس إلى السكرتيرة حتى المديرة الكل يجب أن يتدرب على كيفية التعامل الأفضل مع الطالب ومعرفة احتياجاته.

4.    ردم الهوة التعليمية التي سببتها الحرب لمدة ثمان سنوات بحث جعلت الطالب في عجز عن متابعة السلم التعليمي مواكبة التطور المعرفي بسبب توقف المدارس.

5.    نشر الوعي بحقوق الطفل بين صفوف الاسر والمجتمعي

6.    توفير الارشاد الاجتماعي في المدارس الأساسية والثانوية

7.    نشر الوعي الديني والتربية الوطنية والقيم والمبادئ الإنسانية.