"رويترز" تتحدث عن خطوات فوق حبل مشدود..

تقرير: "الإمارات".. جهود دبلوماسية مكثفة لتجنيب المنطقة الصراعات

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت - وام

أبوظبي

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي يوم الاثنين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في أول اجتماع علني بين الحاكم الفعلي لدولة الإمارات وزعيم إسرائيلي.

وقال السفير الإسرائيلي لدى أبوظبي قبل الاجتماع إن المسألة الإيرانية "ستُطرح بالتأكيد". وجاء الاجتماع بعد إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والإمارات في العام الماضي في ظل مبادرة إقليمية قادتها الولايات المتحدة.

ورغم أن القلق المشترك من النشاط الإيراني من أسباب التحركات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات، فإن الإمارات تسعى أيضا لتحسين العلاقات مع طهران.

ونشر مكتب رئيس الوزراء صورا لبينيت والشيخ محمد وهما يبتسمان ويتصافحان ووصف الاجتماع بأنه "تاريخي".

وقبل أن يعود إلى بلده في وقت لاحق يوم الاثنين، قال مكتب بينيت في بيان إن الشيخ محمد قبل دعوة لزيارة إسرائيل. ولم يصدر تأكيد حتى الآن من مسؤولين إماراتيين.

وقال بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام) إن الشيخ محمد أعرب عن أمله في "أن يعم الاستقرار في الشرق الأوسط". وأضافت الوكالة أن الجانبين أكدا في ختام اللقاء "مواصلة دعم علاقات التعاون الثنائي والعمل المشترك بما يعزز مصالحهما المتبادلة ويسهم في ترسيخ الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة".

وقالت وكالة رويترز للأنباء إن جولة الإمارات العربية المتحدة تسير فوق حبل دبلوماسي مشدود على ارتفاع عال بين حليفتها واشنطن صاحبة القوة العظمى وصديقتها الجديدة إسرائيل وخصمها القديم إيران مع سعيها لتجنب صراع مكلف في المنطقة يمكنه أن ينسف طموحاتها التجارية والسياحية.

وتحدثت الوكالة في مقالة تحليلية عن أن أبوظبي تستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الأسبوع وستستقبل وفدا أمريكيا يسعى لتحذير الشركات في الإمارات من عدم الامتثال للعقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية. وأرسلت الدولة الخليجية أيضا مسؤولا كبيرا إلى طهران الأسبوع الماضي في محاولة لإصلاح العلاقات واحتواء التوتر.

وتشير دوامة الدبلوماسية إلى تحول في نهج السياسة الخارجية للإمارات التي تتراجع عن المغامرات العسكرية بعد أن خاضت سلسلة من الصراعات المدمرة على مدى العقد الماضي، بدءا من اليمن وانتهاء بليبيا، وفقا لمسؤولين إماراتيين ومحللين ودبلوماسيين من المنطقة.

وقال المسؤول الإماراتي البارز أنور قرقاش لمركز أبحاث مقره الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي "نريد تجنب صراع كبير من شأنه أن يورط الولايات المتحدة أو فعليا دول المنطقة... مصلحتنا هي محاولة تجنب ذلك بأي ثمن".

زادت الولايات المتحدة وإسرائيل في الآونة الأخيرة من ضغوطهما على إيران من خلال تصريحات عن العواقب الاقتصادية أو العسكرية المحتملة في حالة فشل الجهود المبذولة لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وتحاول القوى العالمية إعادة كل من واشنطن وطهران إلى الامتثال الكامل للاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2018 ثم أعاد فرض العقوبات، مما دفع طهران إلى انتهاك القيود بموجب هذا الاتفاق بشكل تدريجي.

ولدى أبوظبي، التي أقامت علاقات مع إسرائيل العام الماضي، مخاوف مشتركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء طموحات إيران النووية وبرامجها الصاروخية ووكلاء لطهران في المنطقة. لكنها تحاول تحقيق التوازن بين تحجيم إيران وحماية مصالحها الاقتصادية كمركز سياحي وتجاري بعد جائحة كوفيد-19 في مواجهة المنافسة الاقتصادية المتزايدة في المنطقة.

وقال المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله "حان وقت التهدئة وليس التصعيد. إذا كان لدى إسرائيل الرغبة (في التصعيد)، فلن نشاركها".
وقال قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن إن المنطقة أو واشنطن لا تريدان صراعا آخر مماثلا لما وقع في العراق أو أفغانستان.

وترفض إيران الشكوك الغربية بأنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وتقول إن أنشطتها النووية لأغراض مدنية متعلقة بالطاقة. وتقول أيضا إنها التزمت ببنود اتفاق 2015 بحسن نية وتريد رفع جميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بعد انسحاب ترامب من الصفقة.

*أمريكا هي "الأولوية المطلقة"

تخشى الإمارات والسعودية، في الوقت الذي تضغط فيهما القوى العالمية للتصدي لبرنامج إيران الصاروخي وتصرفاتها في المنطقة، تكرار هجمات 2019 على ناقلات في مياه الخليج وعلى منشآت نفطية سعودية أجبرت المملكة على وقف مؤقت لما يزيد على نصف إنتاجها من النفط الخام.

قال نيل كويليام، الزميل المشارك في تشاتام هاوس، إن الإمارات "بحاجة إلى التحوط قدر الإمكان لتعويض (أثر) الإجراءات العقابية لإيران، ولكن لا شك في أن علاقتها بالولايات المتحدة هي الأولوية المطلقة".

وتعتمد دول الخليج بشكل كبير على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأمن، لكن هناك حالة من الغموض إزاء دور الولايات المتحدة في المنطقة. وتطرقت إسرائيل إلى إقامة دفاعات مشتركة مع دول الخليج بعد تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين.

ووقعت الإمارات صفقة بقيمة 23 مليار دولار في نهاية فترة رئاسة ترامب لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35 وطائرات مسيرة أمريكية الصنع ومعدات دفاعية أخرى. لكن المبيعات تباطأت بعد ذلك وسط مخاوف الولايات المتحدة من العلاقات الإماراتية مع الصين، الشريك التجاري الرئيسي للإمارات.

وقال قرقاش إن الإمارات أوقفت في الآونة الأخيرة العمل في منشآت صينية داخل أحد موانئها بعد أن عبرت واشنطن عن قلقها من أن لتلك المنشآت أغراضا عسكرية.

وأضاف قرقاش أن الإمارات تريد إيجاد "قاسم اقتصادي مشترك" لتحسين العلاقات مع إيران وتركيا وسوريا، حتى في الوقت الذي تبني فيه أبوظبي على العلاقات التي أقامتها مع إسرائيل.

وفي إشارة إلى أن واشنطن تمارس ضغوطا اقتصادية على إيران، من المقرر أن تزور مسؤولة وزارة الخزانة الأمريكية أندريا جاكي الإمارات ضمن وفد يوم الاثنين، لإجراء ما وصفته وزارة الخارجية بأنه مناقشات مع شركات القطاع الخاص والمؤسسات المالية التي "تيسر عدم امتثال التجارة الإيرانية" للعقوبات الأمريكية.
ووفقا لبيانات البنك الدولي، تراجعت صادرات الإمارات إلى إيران من 14 مليار دولار في 2017 إلى سبعة مليارات دولار في 2019. وبدأت التدفقات في التعافي.

وقال المحلل عبد الله إنه لا توجد رغبة في الإمارات لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران.

وأضاف "قمنا بدورنا وقدمنا نصيبنا من الامتثال في السنوات الخمس أو الست الماضية... لكن هذا يكفي. لا أحد في أبوظبي لديه رغبة في فرض المزيد من العقوبات. هذا واضح جدا".