ضم الأراضي المحتلة..
تقرير: ماذا كانت اتفاقية حكومة نتنياهو الخامسة؟

إضفاء شرعية على ضم الأراضي المحتلة
يؤكد تقرير جديد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” أن اتفاق حكومة نتنياهو الخامسة يضفي شرعية ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وينقل “مدار” عن مصادر في حزب “الليكود” قولها إن أهم ما في اتفاقية تأليف الحكومة، هو أن فرض “السيادة الإسرائيليّة” على مناطق في الضفة الغربية المحتلة، سيكون بدءاً من الأول من تموز المقبل.
وأضافت هذه المصادر أنه لن يتم تعديل “قانون القومية”، وسيُسند منصب رئيس الكنيست إلى الليكود. وبموجب الاتفاقية، حصل معسكر نتنياهو على رئاسة الكنيست، ورئاسة لجان المالية والاقتصاد وكورونا، ووزارات المواصلات والأمن الداخلي والمالية والصحّة والداخلية والطاقة وجودة البيئة والإسكان. وستكون الحكومة الإسرائيليّة لـ3 أعوام، يترأس نصفها الأول نتنياهو، ونصفها الثاني بيني غانتس وتتشكّل في البداية من 34 وزيراً.
تبادل الألقاب
وسيحصل غانتس، خلال ولاية نتنياهو، على لقب “رئيس الحكومة البديل” ولا يحقّ لنتنياهو عزله من منصبه، على أن يتبادلا الألقاب بعد التناوب، وهو لقب جديد اتفقا عليه، وهو يجسد محاولة للالتفاف على المحكمة العليا التي تمنع تقلد نائب متهم بتهم جنائية وزارةً، ولذا ابتكر منصب “رئيس حكومة بديل” أو بالوكالة.
واستناداً إلى الاتفاقية، لا تتم تسمية مستشار قانوني للحكومة الإسرائيليّة ومدّع عام من دون مصادقة نتنياهو، مما يعني احتفاظه بالتأثير المباشر على ملفاته القضائية، مما دفع جهات إسرائيلية أخرى لتقديم التماسات للمحكمة العليا ضد هذا الاتفاق الإئتلافي.
وفي محاولة لتبرير انقلابه على نفسه وتحالفه، كتب غانتس في حسابه في تويتر فور التوقيع: “منعنا انتخابات رابعة. سنحافظ على الديمقراطيّة. سنحارب كورونا. هناك حكومة طوارئ وطنيّة”.
وبموجب الاتفاق يُسمح لغانتس بمعارضة خطوة ضم الأراضي المحتلة، لكن نتنياهو يمكنه تطبيقها رغم المعارضة. ويحصل الضم بحسب تفاهم مع الولايات المتحدة على الأراضي المتفق عليها مسبقا، ومن ثم يطرحها نتنياهو على الحكومة للموافقة، وبعدها يطرحها على الكنيست بعد التشاور مع غانتس. وتعهد نتنياهو أثناء المفاوضات المكثفة مع غانتس بفرض “السيادة الإسرائيلية” على غور الأردن في الضفة الغربية وشمال البحر الميت.
حكومة طوارئ وطنية
وأوضح نتنياهو أنه ينوي ضم مستوطنات تشكل 90% من غور الأردن، من دون القرى أو المدن العربية مثل أريحا. وقال الليكود و”أزرق- أبيض” في بيان مشترك بعد توقيع الاتفاقية، إن الحكومة والمجلس السياسي- الأمني الوزاري المصغّر (الكابينيت) سيكونان متكافئين.
وبحسب البيان، تقرّر إنشاء “كابينيت كورونا” بقيادة مشتركة بين نتنياهو وغانتس، سيكون مسؤولاً عن معالجة الجائحة بمشاركة الوزراء المعنيين والمختصّين. ومن المقرّر أن يتمّ التناوب في تشرين الأول 2021.
وجاء في نص الاتفاقية أنه “في حال قرّر أحد الطرفين حلّ الكنيست أو عدم التصويت لصالح الميزانية، فإن رئيس القائمة المنافسة يشغل رئاسة الحكومة فوراً” على أن تكون الانتخابات بعد حل الكنيست بنصف عام. وتقرّر أن يتم تنصيب الحكومة بعد انتهاء التصويت على التشريعات اللازمة لتعديل مكانة “القائم بأعمال رئيس الحكومة” وإدخال نصّ التناوب إلى القانون، حسب الصيغة المتّفق عليها.
وبحسب للاتفاقية، فإنّ تعريف الحكومة هو “حكومة طوارئ وطنيّة” للأشهر الستة الأولى، على أن يتغيّر تعريفها بعد انقضاء هذه المدة، التي لن يسنّ فيها أي قانون غير ذي صلة بكورونا.
وفي أول ردة فعل على تأليف الحكومة، قال رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة، إن هذه الحكومة تُعدّ بمثابة صفعة لأغلبية المواطنين الذين خرجوا مرة تلو الأخرى إلى صناديق الاقتراع لتنحية نتنياهو. وأضاف أن غانتس لم يتسم بالجرأة اللازمة لتحقيق الانتصار، واختار بدلاً من ذلك إضفاء صبغة شرعية على ضم الأراضي المحتلة وعلى العنصرية والفساد.
اتفاقية تأليف الحكومة- عرض موجز
اتفق الطرفان، الليكود و”أزرق أبيض”، على أن تكون هذه الحكومة، حكومة طوارئ، مهمتها الأولى معالجة أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناشئة عنها، على أن تمتد فترة هذه الحكومة لمدة 6 أشهر، قابلة للتمديد لثلاثة أشهر، باتفاق الجانبين. ولذا فإن الغالبية الساحقة من بنود الاتفاقية تتركز في مسألة تركيب الحكومة ولجان الكنيست، ومنصب رئيس الكنيست. وتضمنت بندا يقضي بأنه خلال فترة حكومة الطوارئ، يجري العمل على صياغة الخطوط العريضة للحكومة، ما بعد حكومة الطوارئ، التي ستكون فترتها ضمن فترة الأشهر الـ36 المخصصة لهذه الحكومة، يرأسها أولا بنيامين نتنياهو لمدة 18 شهرا، تنتهي يوم 21 تشرين الأول من العام المقبل 2021، ثم بيني غانتس للفترة المتبقية، التي في الأشهر الستة الأخيرة منها يتم الإعلان عن انتخابات برلمانية جديدة، تجري في ربيع العام 2023، ويكون غانتس رئيس حكومة انتقالية. ولكن الاتفاقية وضعت بندا ينص على إمكانية التمديد لهذه الحكومة شرط اتفاق الجانبين عليها.
ضم مناطق في الضفة الغربية
رغم أن الاتفاقية التي تمتد على 14 صفحة باللغة العبرية، شملت تفاصيل كثيرة وفي غاية من التعقيدات القانونية، فإن الشأن السياسي الوحيد الذي ورد في الاتفاقية، هو فرض ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” على المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة، وجاء في نهاية الاتفاقية.
وينصّ البند 28 على أن “رئيس الحكومة، ورئيس الحكومة البديل، يعملان سوية، وبالتنسيق، من أجل الدفع باتفاقيات سلام، مع كل جيراننا، والدفع نحو تعاون إقليمي، بمجالات اقتصادية متنوعة، وبمجال الكورونا”.
وفي محاولة لتخفيف الانتقادات الموجهة لغانتس الذي رفض ” الخطوات الأحادية ” جاء في الاتفاق أنه في كل ما يتعلق بتصريح الرئيس ترامب “صفقة القرن”، فإن رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل، يعملان بالتوافق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك مسألة الخرائط، أمام الأمريكيين والمجتمع الدولي بشأن هذا الموضوع، وكل هذا في إطار السعي للحفاظ على المصالح الأمنية والاستراتيجية لإسرائيل، بما في ذلك، الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، والحفاظ على اتفاقيات السلام (القائمة) والسعي لاتفاقيات سلام مستقبلية.
وحسبما ورد في وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الفقرة الثانية في البند 28 وردت بطلب من بيني غانتس، وأن القصد منها وضع ضوابط لمسألة ضم منطقة الغور، بشكل يمنع غضبا أردنيا، قد يؤدي إلى قطع العلاقات، أي حسب ما ورد هو عدم ضم غور الأردن بالذات، إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق إقليمي أيضا، عدا الاتفاق مع الولايات المتحدة، ولكن هذه تحليلات الصحافة الإسرائيلية، وليس واضحا، حتى الآن، ماذا سيكون بشأن منطقة غور الأردن وهي تشكل 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
تنسيق مع واشنطن
ونصّ البند 29، على أنه “رغم ما ذكر في البند 3، والبند 20، والبند 28، وبعد أن تجري الأبحاث والمشاورات بين رئيس الحكومة، ورئيس الحكومة البديل، حول الأسس المفصلة أعلاه، يستطيع رئيس الحكومة أن يُحضر المصادقة التي يتم التوصل لها مع الولايات المتحدة الأمريكية، حول سريان السيادة، ابتداء من 1/7/2020، للبحث في الكابينيت (الطاقم الوزاري المقلص للشؤون الأمنية والسياسية) وللحكومة، للمصادقة عليه في الحكومة، و/ أو الكنيست”.
ويتابع الاتفاق بهذا المضمار: “في حال أراد رئيس الحكومة عرض اقتراحه على الكنيست، فإنه يستطيع فعل هذا بواسطة عضو كنيست، وفقط أن يكون من كتلة الليكود، الذي سيلتزم لدى التصويت عليه بالقراءة التمهيدية، بأن يكون نص القانون مطابقا للاقتراح الذي عرضه رئيس الحكومة في الكابينيت والحكومة. وبعد إقرار القانون بالقراءة التمهيدية، يتم نقل القانون إلى مسار التشريع الأسرع، وبشكل لا يشوش ولا يعرقل المسار، من قبل رئيس لجنة الكنيست، للبحث في القانون في لجنة الخارجية والأمن”.
قرار الحكومة يكفي
ويرى “مدار” أن القصد من البند 29 في البداية، أن البنود المذكورة، تتحدث عن حكومة طوارئ مهمتها معالجة أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناشئة منها. ومن دون أن يُذكر، فإن مسألة الضم ليست بحاجة إلى موافقة بيني غانتس وحزبه، لأن الحديث عن “إرادة رئيس الحكومة”.
كذلك، بموجب القانون فإن مسألة ضم أي منطقة لما يسمى “السيادة الإسرائيلية” تكفي بقرار حكومي، ولكن حينما تم فرض “السيادة” على القدس المحتلة، ولاحقا على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، جرى عرض القرارين على الكنيست ايضا وحصلا على أغلبية.
ويذكّر “مدار” أن القانون بشأن الانسحاب من “مناطق تحت السيادة”، ملزم بقرار كنيست، يوافق عليه ما لا أقل من 80 عضوا، وإذا وجدت أغلبية عادية يتم عرض الانسحاب على استفتاء عام.
إلا أن هذا القانون من الممكن إلغاؤه بأغلبية 61 نائبا وأكثر، لكونه قانون أساس، حسبما ورد في نص القانون إياه، الذي عُرف بـ “قانون الاستفتاء العام”. كذلك فإن هذا البند (29) يهدف إلى أن يكون قانون الضم من خلال كتلة الليكود، وليس كتل أخرى في الائتلاف الحكومي، وهذا نوع من التنافس الحزبي.
السطر الأخير القصد منه هو أن رئيس لجنة الكنيست، أي اللجنة الإدارية، ستكون برئاسة عضو من “أزرق أبيض”، وله صلاحيات لوضع جدول أعمال اللجنة، ويهدف هذا السطر إلى أن لا يعرقل رئيس لجنة الكنيست عملية تشريع سريع للقانون، ويقر فورا نقل القانون للاستمرار في تشريعه، في لجنة الخارجية والأمن.
التقاسم الوظيفي في الحكومة والكنيست
كما ذكر، فإن الغالبية الساحقة لبنود الاتفاقية، تتركز في شكل التقاسم الوظيفي في الحكومة والكنيست، كما أنها تتعامل مع أطراف الائتلاف ككتلتين فقط، الأولى تضم حزب الليكود وحلفاءه، من دون ذكرهم، وهما كتلتا المتدينين المتزمتين (الحريديم)، شاس ويهدوت هتوراه، وكتلة أحزاب المستوطنين “يمينا”، والنائبة أورلي ليفي- أبكسيس.
والكتلة الثانية تضم حزب “مناعة لإسرائيل”، الذي اتخذ لكتلته اسم “أزرق أبيض”، ومعه نائبان من أصل ثلاثة من حزب العمل؛ عمير بيرتس، رئيس الحزب، وإيتسيك شمولي، بينما النائبة الثالثة ميراف ميخائيلي أعلنت تمردها، وهي تنتظر قرارا في الحزب يرفض الانضمام.
كما تنضم إلى “أزرق أبيض”، الكتلة المنشقة عن حزب “تلم” الشريك في التحالف السابق لـ”أزرق أبيض”، وهما يوعز هندل وتسفي هاوزر.
ورغم عدم التوازن بين الكتلتين، 59 نائبا في معسكر الليكود، و19 نائبا في تحالف “أزرق أبيض”، إلا أنه تم تقاسم الحقائب الوزارية بالتساوي، 16 وزيرا لكل طرف، ولاحقا ستتم إضافة 4 وزراء، اثنان لكل طرف، لتكون الحكومة الأكبر منذ سنوات طويلة، وحتى أنها أكبر من تلك التي تشكلت بعد انتخابات 2009.