يعانين من علاقة غير موفقة مع الشريك..
الأمهات..من يستمع إلى شكواها؟

التفاعل بين الوالدين والطفل أمر مهمّ لنمو الطفل

يعدّ التفاعل بين الوالدين والطفل أمرا مهمّا لنمو الطفل، حيث تلعب المحادثة دوراً كبيراً في تنمية لغته وتعزيز نموّه النفسي. يتطلّب الأمر تخصيص وقت للتحدث إلى الطفل، خاصة خلال روتين الحياة اليومية؛ في أوقات تناول الطعام أو اللعب والنوم. وأثبتت الدراسات الحديثة أن التحدث إلى الأطفال الرضع خاصة قبل أن يبلغوا عامهم الأول يساعدهم مستقبلا في تكوين علاقات صداقة مع أقرانهم، كما يعينهم على استشفاف العالم خارج حدود المنزل.
لكن الحديث مع الطفل قد تكون له أبعاد أخرى خارج هذا الإطار؛ حيث تقضي الأمهات اللاتي يعانين من علاقة غير موفقة مع الشريك، وقتاً أطول في الحديث مع أبنائهن الذكور كنوع من التعويض عن مشاعر مهدورة وعواطف محبطة. لهذا، من المرجّح أن يكون الإحباط الذي تسببه علاقة زواج فاشلة، أن ينتج أبناء أفسدهم التدليل.
تورد نتائج دراسة حديثة أن بعض الأمهات تميل إلى الأبناء الذكور تحديداً، فيقضين الساعات في التحدث إليهم حتى وهم في سن الرضاعة. ولم تشر الدراسة التي أشرف عليها متخصصون في علم النفس إلى جودة مماثلة في علاقة الآباء غير السعداء في علاقاتهم الزوجية مع أبنائهم الذكور.
في الظاهر، فإن الزوجة تلجأ عادة إلى الأقرباء أو الصديقات للشكوى والتذمر من تصرفات الزوج التي لا تروقها، لكن بعض الزوجات لا يضعن ثقتهن بسهولة في الغرباء وحتى الأقرباء، في حين تقضي بعضهن حياتها الأسرية بعيداً عن ذويها وتقريباً من دون أصدقاء فلا تجد من تبثه شكواها ربما، لهذا تحاول أن تصنع من منزلها الصغير مملكة خاصة بها يلعب فيها أطفالها الصغار جميع الأدوار التي تعوضها عن الأب والأم والصديقة، فتقضي الساعات ربما للتحدث إلى طفلها ومشاركته اللعب ثم تشاطره أدق تفاصيل حياته. وكلما تداعت أسس علاقتها بشريكها كلما تعززت علاقتها بالأبناء الذكور منهم خاصة. يعلل الباحثون هذا السلوك بأن الأم قد تجد في ابنتها صورة طبق الأصل منها، وهي بالتالي لا تمثّل الرفيق القويّ الذي يمكن أن تستند إليه، على الرغم من أن طبيعة المحادثات التي تتبادلها الأمهات مع أطفالهن لم يتبيّن من خلالها إذا كانت مجرد أحاديث مرح أم شكوى مرّة.
بصورة عامة، لا يتحدث الآباء مع صغارهم إلا ما ندر ويقتصر حديثهم على المزح واللعب مع الطفل بصرف النظر عن طبيعة علاقتهم مع زوجاتهم وعن ساعات تواجدهم في المنزل، وحتى إذا قضى الأب وقتا طويلا مع أطفاله الرضع فهذا لا يعني بالضرورة بأنه يتفاعل معهم بطريقة الأحاديث واللعب طوال مدة بقائه في المنزل، حيث ينشغل الآباء بأمور كثيرة منها إصلاح وصيانة أجهزة المنزل، إضافة إلى مشاهدة التلفزيون أو الانشغال بالحديث مع الأصدقاء في الهاتف أو متابعة مواقع الإنترنت. في الوقت ذاته، تقضي الأمهات معظم أوقاتهن في المنزل في العناية بالأطفال وتلبية احتياجاتهم حتى من دون الحاجة إلى المحادثات اللفظية، ولعل هذا النوع من التواصل شبه المستمر هو الذي يوفر فرصة تعزيز العلاقة بين الأم وأطفالها بحكم طبيعة دورها كأم، عدا أن الدراسة أشارت هنا إلى أن أغلب المحادثات اللفظية كانت من نصيب الأطفال من الذكور حصراً وهي التي تتبع عادة الخلافات الزوجية، وهي الطريقة البديلة بدلاً من الصراخ والتذمّر.