د. محمد الحاج يكتب لـ(اليوم الثامن):

تجمع عالمي في بروكسل لدعم إيران حرة وديمقراطية

في السادس من سبتمبر، تحولت ساحة الأتوميوم التاريخية في بروكسل إلى مسرح استثنائي للتضامن العالمي. تجمع عشرات الآلاف من الإيرانيين وداعمي الحرية من مختلف أنحاء أوروبا والعالم ليصدحوا بصوت واحد: لا للاستبداد، نعم لإيران حرة وديمقراطية.

حضور جماهيري واضح ومواقف قوية

تزامنت هذه التظاهرة الكبرى مع الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، إحدى أعرق حركات المعارضة للنظام الإيراني. شهدت التظاهرة مشاركة شخصيات سياسية بارزة من أوروبا والولايات المتحدة، من بينهم مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق، وغاي فيرهوفستات، رئيس وزراء بلجيكا السابق، وجون بركو، رئيس مجلس العموم البريطاني السابق، وباتريك كينيدي، عضو الكونغرس الأمريكي السابق، إلى جانب نخبة من النواب الأوروبيين.

لم يكتفِ المشاركون بإدانة جرائم النظام الإيراني، بل أكدوا أن البديل الديمقراطي موجود ويتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي.

"الحل الثالث": القوة بيد الشعب والمقاومة

في خطابها الرئيسي، أكدت مريم رجوي أن مقاومة الشعب الإيراني مستمرة منذ ستة عقود دون توقف: «لقد رحل نظام الشاه، وسيرحل نظام الملالي أيضاً... إن مجاهدي خلق اليوم هم البديل الديمقراطي المستقل الوحيد أمام العالم».

وأوضحت أن المجلس الوطني للمقاومة وضع منذ عام 1982 برنامجاً لحكومة انتقالية مدتها ستة أشهر، يرتكز على إطلاق سراح السجناء السياسيين، تفكيك أجهزة القمع، وضمان المساواة التامة بين الرجال والنساء. وأضافت: «حل قضية إيران يكمن في إسقاط الدكتاتورية الدينية بالكامل... لا استرضاء ولا حرب، بل تغيير بأيدي الشعب ومقاومته المنظمة».

مايك بنس: وحدات المقاومة هي نبض الأمل

من جهته، وصف مايك بنس منظمة مجاهدي خلق بأنها «حركة لا تُقهر من أجل الحرية»، مشيداً بوحدات المقاومة داخل إيران قائلاً: «وحدات المقاومة هي نبض الأمل للشعب الإيراني، وهي القوة الحقيقية التي تدفع عجلة التغيير».

وأكد دعم الشعب الأمريكي «الثابت وغير القابل للتراجع» للشعب الإيراني ومقاومته، مشيراً إلى أن النظام يخشى هذه المقاومة أكثر من أي قوة خارجية.

جون بركو: البديل موجود وحاضر

من جانبه، أكد جون بركو أن القول بأن لا بديل لنظام الملالي «إهانة صارخة للشعب الإيراني». وأضاف: «البديل ليس في عودة الشاه ولا في دكتاتورية جديدة، بل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة المنتشرة داخل البلاد».

غاي فيرهوفستات: لا لسياسة الاسترضاء

حمّل غاي فيرهوفستات الغرب وأوروبا مسؤولية إطالة عمر النظام الإيراني عبر سياسة الاسترضاء، معتبراً أنها «فشلت وفاقمت الأوضاع». واقترح استراتيجية جديدة تقوم على:

1.         إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب.

2.         تشديد العقوبات على قادة النظام وقطاعاته الحيوية.

3.         إجراء حوار مع المعارضة الديمقراطية استناداً إلى خطة مريم رجوي ذات العشر نقاط.

أصوات أوروبية أخرى

وصف النائب الإسباني السابق أليخو فيدال-كوادراس المشاركين بأنهم «نبض الأمة الإيرانية وصوت ملايين الإيرانيين»، مؤكداً أن وحدات المقاومة داخل إيران «تشعل شعلة التغيير». أما باتريك كينيدي فأشار إلى أن القضية «ليست مجرد شأن إيراني، بل قضية حقوق إنسان عالمية»، 

وحدات الانتفاضة: القلب النابض للثورة في الداخل

خلال التظاهرة، عُرضت أكثر من 60 فعالية بارزة وجريئة لوحدات الانتفاضة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس مجاهدي خلق. اتفق جميع المتحدثين على نقطة أساسية: وحدات الانتفاضة داخل إيران هي القوة الحقيقية التي تحافظ على جذوة الثورة مشتعلة.

وأشارت مريم رجوي إلى أن «كل شيء يُحسم بإرادتكم وبأيديكم... أنتم من ستشعلون الانتفاضة». ووصف مايك بنس هذه الوحدات بأنها «القلب النابض لأمل الشعب الإيراني»، بينما أكد جون بركو أن البديل لنظام الملالي يعتمد على «نشاط وحدات الانتفاضة داخل المجتمع». وشدد فيرهوفستات على أن أي استراتيجية دولية لن تكتمل دون الاعتراف بدور هذه الوحدات التي تجسد إرادة الشعب.

دلالات ونتائج التظاهرة

لم تكن التظاهرة في بروكسل مجرد حدث عابر، بل حملت رسائل متعددة الأبعاد:

•           للشعب الإيراني: المقاومة ليست وحيدة، بل تتمتع بدعم عالمي واسع.

•           للنظام الحاكم في طهران: آلة القمع والإعدامات لن توقف بركان الانتفاضة.

•           للمجتمع الدولي: سياسة المساومة فشلت، والخيار الواقعي هو الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كبديل شرعي.

خاتمة

هتف عشرات الآلاف في بروكسل من أجل مستقبل يليق بالشعب الإيراني، مرددين شعارات الحرية والعدالة. وبينما ترفرف صور شهداء المقاومة وأعلام إيران الديمقراطية، بدت العاصمة الأوروبية وكأنها تعلن عن فجر فصل جديد في تاريخ إيران.

من بروكسل، انطلقت رسالة واضحة: إيران الحرة ليست حلماً، بل حقيقة قادمة، يقودها شعب عازم ووحدات مقاومة شجاعة، بدعم من أحرار العالم.

د. محمد الحاج - نائب أردني سابق