ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
قمة بغداد العربية...والتحولات الاقليمية
ينظر بعض حكام العرب وشعوبهم الى ان العراق منذ العام 2003 يدور في فلك ايران,فهي من وجهة نظر هؤلاء تحكم القبضة على العراق من خلال بعض الزعماء الشيعة الذين آلت اليهم رئاسة الحكومة على مدى ربع قرن تقريبا.
حاول بعض رؤساء الحكومات العراقية لعب دور المصالحة بين السعودية وايران ,ربما تم تقريب وجهات النظر بين القوتين اللتين تمثلان طرفي النزاع الفكري ومحاولة نزع فتيل ازمة سياسية قبل ان تتحول الى ازمة عسكرية يحاول زعماء الغرب تاجيجها,لاضعاف الطرفين ليحلوا له بعد ذلك التصرف بهدوء, ودون خسائر تذكر لمصلحة الصهاينة الآخذون في التمدد بسبب الوهن الذي اصاب العرب خلال العقدين الماضيين, حيث اصبح كل نظام يسعى الى تثبيت اركان حكمه وان على حساب القضايا الجوهرية ,وطلب حماية امريكا واغداق الاموال لها, خاصة في عهدي ترامب الذي لا يبالي بابتزاز الحكام العرب, وتحصيل الجزية نظير حماية عروشهم من السقوط, وتعود بنا الذاكرة الى مقولة عبد المطلب بن هاشم الكعبة في محاولة منه بتغيير مكان الحج الى بلده, بان للبيت رب يحميه,حكامنا الميامين يقولون: لــــــ"بيوتنا/عروشنا.. بيت ابيض يحميها.
تحولات اقليمية تشهدها المنطقة ,القمة جاءت في وقت حرج تمر به الامة العربية من تشرذم, واملاءات خارجية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني, الأمة العربية مستهدفه في كيانها ويعمل الغرب الاستعماري على استحداث سايكس بيكو جديد,يشمل اذكاء الفتنة بين مكونات الامة العربية وبالأخص الاقليات وتشجيعها على الانفصال وجعلها دول مستقلة,ولهذا آثر بعض الزعماء العرب على عدم الحضور لأنها لن تكون ذات جدوى, ولن تتعدى المعهود منها الشجب والادانة والاستنكار, في حين تباد غزة على مرأى ومسمع العالم, ونجد بعض قادة العالم يرفعون الصوت بوجه الصهاينة ويصفونها بالإجرامية, وهددوا صراحة بانهم سيعترفون بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 67 .
في جانب اخر أثارت المحكمة الاتحادية العراقية الجدل بإلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله مع الكويت، ما اعتبرته الأخيرة تنصلاً من التزامات دولية. هذا الخلاف قد يفسر، غياب بعض قادة دول الخليج عن القمة. وعلى الجانب الداخلي ارتأى بعض الساسة العراقيين ان لقاء السوداني مع الشرع بالخارج (الدوحة) وتوجيه الدعوة اليه لحضور القمة يعتبر استخفافا بعقول العراقيين لان الشرع الذي كان يعرف بالجولاني احد قادة تنظيم الدولة (داعش) عاث في العراق فسادا وقتّلا, وشرد العديد من العراقيين...وتساءل البعض كيف لمجرم مطارد ان يدخل البلد بصفة رئيس دولة؟ وتفرش له البسط الحمراء...لكن القمة عقدت بحضور خمس رؤساء فقط ,ولم يحضر الشرع لأنه آثر مبدأ السلامة على حياته.
القمة لم تأتي بجديد, فكل شيء على حاله بل اسوأ مما كان, المهم ان المسؤولين العرب اجتمعوا ولو لبرهة من الوقت اطمأنوا على انفسهم, وفي قرارة انفسهم بانهم ربما لن يلتقوا مستقبلا ,لان قرارهم ليس بأيديهم, بل هم وللأسف مجرد دمى يحركها الغرب كيف يشاء , في احسن الاحوال آثر بعض الحكام العرب عدم الحضور لآنه يدركون انهم ليس بمقدورهم فعل شيء.
ميلاد عمر المزوغي