ناصر الخضريكتب لـ(اليوم الثامن):

روشتة العلاج المعرفي السلوكي لمصادر واطراف تأزيم الوضع في الجنوب

الرياض

تقدم المعاينة الاكلينيكية، تشخيصا خاطئا  لحالة تبدد الشخصية ، وتبدد الشخصية مرض يصيب الاشخاص، ويبدو انه يصيب ايضا انظمة ودول، تظهر اعراضه في هذه الحالة - الدول والانظمة - بظهور علاقة بين الجماعات المتطرفة والارهابية ومسؤولين في تلك الانظمة، ويعود السبب الرئيس لهذا التلاقي والعلاقة، الى تقاسم مشاعر الانفصال  عن الواقع والانفصال عن المحيط والشعور بالخدر النفسي والاصرار على مواجهة التحديات والمسؤوليات بسلوك الميت الذي يمشي لجلب الموت للآخرين الاسوياء ، مع عدم السيطرة على ما يتم فعله وقوله .
لكن يبقى المصابون بهذا المرض، اشخاصا ودول وحكومات ،  على علم بأن تجاربَهم الانفصاليّة عن الواقع ليست حقيقية، بل هي مجرد وسيلة للقفز عن الواقع الحقيقي ، وهذا الوعي هو ما يفصل بين اضطراب تبدد الشخصية / تبدد المحيط والاضطراب الذهاني psychotic disorder؛ حيث يفتقر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ذهاني دائمًا إلى مثل هذه البصيرة.
في هذه المعاينة الموجزة ، نهدف الى تقديم تشخيص نظري عن حالة تبدد الشخصية لدى الحكومة " الشرعية " وقواها الشمالية ، كما نقدم سياسة المملكة العربية السعودية وتحديدا سفيرها ،  كعينة من حالات مرض الاضطراب الذهاني 
بدأت اعراض تبدد الشخصية في الحكومة اليمنية "الشرعية" بسيطرة حزب الاصلاح الاخواني عليها ، وبصورة تلقائية، تجلت اول الاعراض ، والمتمثلة بتشبيك المصالح والوجود مع العناصر والتنظيمات الارهابية ، وشعور الحكومة بعدم قدرتها على فك هذا الإرتباط  ، لأنها تحت تحكم وسيطرة جماعة الاخوان المعروفة بعلاقتها التاريخية بالتنظيمات الارهابية ، الامر الذي إستحسنته الحكومة وادمنت عليه في سياق تعطيل قدرات الجنوب في تطبيع الاوضاع وهدم مرتكزات امنه وإستقراره، ولذا لا يمكننا الفصل بين جرئم التنظيمات الارهابية وجرائم الحكومة ، التي إستهدفت حق المواطن الجنوبي في الحياة .

وفي هذا الجانب من تبدد شخصية الحكومة "الشرعية" بنسختها السابقة والحالية ، ظهرت اعراض مصاحبة اخرى 
لذات المرض ، منها المجاهرة بفجور عن تعمدها تعطيل المؤسسات الخدمية والاقتصادية بالعاصمة عدن والجنوب بشكل عام، ولأن مصابي تبدد الشخصية يعانون من  عدم السيطرة على ما يفعلون أو يقولون، فقد كشفت الحكومة بلسان رئيسها الحالي ووزيرها السابق عبدالملك المخلافي عن السبب  وهو " ان تطبيع الاوضاع في الجنوب سيشجع النزعة الانفصالية "
ومن زاوية اخرى ، يمكن القول ، ان مرض تبدد الشخصية الذي اصاب الحكومة "الشرعية" جاء كنتيجة طبيعية لتمدد وتوغل الشخصيات المتطرفة والمعروفة بدعمها ورعايتها للإرهاب، الذي إنتعشت تنظيماته بوصول تلك الشخصيات الى رأس هرم السلطة ،  وفي الحقيقة ، لم تحاول الحكومة والمؤسسة الرئاسية، موارات ذلك عن الانظار،  رغم الانتقادات الدولية ، بل إنساقت الى سلوك الميت الذي يمشي لجلب الموت للآخرين الاسوياء، صعدت بعلي محسن الاحمر المتهم دوليا بدعم الارهاب الى منصب الرجل الثاني في الدولة ، وعينت عبدالوهاب الحميقاني ،المصنف من قبل وزاة الخزانة الامريكية في قائمة داعمي الارهاب مستشارا للرئيس هادي ، وقبل ذلك عينت نايف القيسي وهو إخواني آخر وضعته الولايات المتحدة في مايو  2016 في قائمة داعمي الارهاب ، وعينت الارهابي 
خالد العرادة قائدا في ما يسمى بالجيش الوطني ، في حين ان وزارة الخزانة الامريكية اصدرت بحقه عقوبات بتهمة دعم القاعدة بالمال وايصال السلاح والمتفجرات اليها ، كما عينت القيادي الاخواني حسن ابكر ، قائدا لما تسمى بالمقاومة الشعبية في محافظة الجوف، وهو المصنف لدى الادارة الامريكية في قائمة داعمي الارهاب.

مرض تببد الشخصية الذي اصاب الحكومة ، اظهر تشوهات قيمية واخلاقية فيها ، فمثلا اليساري التقدمي علي الصراري، وهو المسشار الاعلامي لرئيس الحكومة، وصف العمليات التي تنفذها القوات المسلحة الجنوبية في الحرب على الارهاب بالحرب البينية، يومها اصدر تنظيم القاعدة الارهابي تسجيلا مصورا يرصد فيه عدد عملياته التي استهدفت القوات المسلحة الجنوبية في مسرح عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب ، ومن التشوهات، ان الحكومة لم تصدر بيان إدانة لاي عملية إرهابية ، ولم تتفضل ببرقية عزاء لجندي او قائد إرتقى شهيدا وهو يؤدي الواجب في معركة مكافحة الارهاب، لم تعبر عن سعادتها او تحتفي او نشيد ، بنصر تحقق كنصر السيطرة على اكبر معسكرات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية " وادي عومران " على سبيل المثال ، لم تقدم طلقة رصاص او حقنة دواء لصالح الحرب على الارهاب ، ومرد ذلك انها تعول على الإرهاب في إخضاع الجنوب واعادة إحتلاله من قبل قواها هنالك فرق بين مرض تبدد الشخصية ومرض الاضطراب الذهاني ، الاول اصبيت به الحكومة " الشرعية " ولأن الرياض مقر إقامة رؤوسها ، لا سيما الرؤوس الاخوانية ، فقد اصيبت سياسة المملكة إزاء الجنوب بمرض الاضطراب الذهاني ، ومن اعراضه التي رشحت ، ان المملكة كأي مصاب بهذا المرض، باتت وبفعل سفيرها ، فاقدة الاتصال بالواقع ، وتعتمد في علاقتها مع الجنوب على تصورات غير طبيعية وواقعية ، وتنتاب كثير من اعلاميها حالة هلوسة وتوجس ، لا سيما الاعلامين المرتبطين بسياسة السفير وليس سياسة وموقف خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز  وولي عهده صاحب  السمو محمد بن سلمان .

من اعراض مرض الاضطراب الذهاني الرئيسية،  تحول مفاجئ في جعل الصديق الوفي عدو والعدو اللدود صديق ، ومن اعراضه ونموا مواقف ومعتقدات خاطئة كالتفكير بأن نجلك الذي يتقرب منك إحتراما وإجلالا يشكل عليك خطرا ، وحسب دراسة حديثة ،  اجراها مركز البحوث الاجتماعية بالعراق ، فإن اغلب الاباء الذين لجأوا الى رعاية دار العجزة كانوا يعانون من مرص الاصطراب الذهاني .