نافذة تنويرية..

إصلاح مناهج المنظومة التعليمية ضرورة قصوى

تشير أبحاث ودراسات صادرة من معاهد علمية واستراتيجية  رفيعة بعضها خاضعة "لمنظمة اليونسكو" التابعة للأمم المتحدة والمهتمة في شؤون "التربية والعلوم والثقافة"
إلى إن المناهج التعليمية في اليمن حالها كحال بقية البلدان العربية يغلب عليها طابع التلقين والاستظهار بدلاً من التحليل والابتكار  وتعتمد على النقل بدلاً من العقل، وتفرض على الطالب قيود لا تتيح له مجالاً للتفكير والنقاش والنقد والتحليل والاستنتاج خصوصاً في المواد الأدبية والاجتماعية . الأمر الذي يقود في النهاية إلى التعصب والانحياز لأفكار ضحلة راكدة  ترسّخ قناعات غير قابلة على التطور . بالإضافة  إلى المواد العلمية التي ندرَّسها في المدارس والمتخلفة عن مواكبة التطورات المتسارعة في مجالات العلوم  والتكنولوجيا الحديثة .
دعونا من ما سبق ذكره من حقائق علمية فالحديث عن إصلاح جميع مناهج المنظومة التعليمة وفقا لتلك التقارير يحتاج لبحوث  طويلة ومضنية، ومصيبتنا كما يظهرها الواقع  أكبر بكثير من "عمل دائرة كهربائية" في مادة الفيزياء لم نشرحها كما ينبغي لتلامذة مدارسنا، بل تعدى الأمر ذلك بكثير ليصل إلى مواد منهجية تابعة لوزارة التربية والتعليم تبذر الموت على صفحاتها الرسمية ، ويجني ثمارها اولئك الابرياء الذين تتمزق اشلائهم على طول وعرض وطننا المنكوب بالموت بعد كل عملية إرهابية يقوم  بها مخدوع ومُضَلَل  أوهمته وزارة التربية والتعليم عبر مناهجها  غير المسؤولة أنه مجاهد ومشروع شهيد، وإن مثواه الجنة بجوار الحور العين خالدا فيها ابدا .
ليست هي التنظيمات الإرهابية ك"القاعدة، وأنصار الشريعة، وبوكو حرام، وداعش و.. و ... الخ" من تغرَّر بأولادنا عبر افكارها الضلالية الإرهابية الهدامة، فتلك التنظيمات بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، لأنها لا تكلف نفسها عنا التعب  فهي في واقع الأمر تجد أمامها إرهابيا جاهزا قد تم تهيئته على أعلى المستويات الفنية وفقا لمعايير بنجامين بلوم  ، فما عليها فقط سوى وضع اللمسات الاخيرة  عليه وتوجيهه إلى الموت وفقا لحساباتها ومصالحها الخاصة التي لا ترتبط بصلة في خدمة الإسلام كم تحاول إن تظهر ذلك عبر قنواتها المختلفة لجذب ضحاياها باسم الإسلام .
تبدأ وزارة التربية والتعليم شاكرة بتهيئة الإرهابي رسميا في سن مبكر ابتدائاً  من الصف الرابع اساسي ، ويمر الإرهابي بمراحل تطوير تدريجية حتى يصل إلى مرحلة النضوج التطرفي وهي المرحلة التي تتولى التنظيمات الإرهابية أمرهِ .
فلو أخذنا عينة صغيرة من ما تحويه هذه المناهج من معرفة  في المراحل المبكرة لتأهيل الطفل،  نجد كتاب التربية الإسلامية الصف السادس مجال السيرة والقصص، في السطور الاخيرة من الصفحة 69 يقول نصيا : { طلب الرسول من سعد بن معاذ إن يحكم في اليهود فقال سعد : " فإِني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال، وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" . " ثم أمر رسول الله فأخرجوا، ثم ضربت أعناقهم في سوق المدينة فخندق لهم خنادق، فوضعوا فيها ".  "وأما الأبناء والنساء قال مستدركا بداية الصفحة 70 وزعوا على المسلمين " } .
ضرب أعناق وسبي نساء وأطفال !!؟ طفل في الصف السادس لم يتجاوز عمر الثانية عشر ، تحشي عقله بمثل هذه الأفكار، ماذا تتوقع منه إن يصبح في المستقبل !!؟ عالم فضاء  يلتحق بالوكالة الدولية للفضاء لخدمة أمته مثلا،  ام أنه سيصبح  إرهابي ويلتحق بالقاعدة وداعش لذبح الابرياء وسبي النساء كما تفعل داعش في العراق وسوريا !!؟ وذلك بأسم الله وبأسم رسوله الذي بُعثَ رحمة للعالمين . حتما أنه الخيار الأخير .
لقد فهمنا إن وزارة التربية من خلال هذه المواد التحفيزية على القتال والسبي والذبح والتي تحشي بها عقول ابنائنا  تهدف بها  "دعم سوق العمل بالارهابيين"، لكن ما لم نفهمه وتعجز عقولنا المتواضعة عن فهمه ، هو  ماذا تهدف الوزارة عندما تفرد أربع صفحات من القطع الكبير وبنفس المادة  للحديث عن "الجن"  وبأنها حيوانات اليفة وهي ترانا لكن نحن لا نراها وبعضها صالح سيدخل الجنة، والبعض الآخر غير صالح ومثواه النار وبئس المصير ، و .. و .. الخ من هذا الحديث !  إلى ماذا تهدف الوزارة ياترى من فرض معرفة كهذه على عقول أطفالنا !!؟ هل تريد منهم إن  يعززوا العلاقات الثنائية والتعاون المشترك  بيننا وبين "الجن" في المستقبل مثلا ام ماذا تريد منهم بالضبط !؟
بعد ضغوط بعضها دولية وبعضها الآخر من قبل المفكرين والمثقفين التنويريين العرب خضعت كثير من الحكومات العربية منها السعودية والكويت والمغرب ومصر والامارات والاردن لهذه الضغوطات وقامت  في السنوات القليلة الماضية بإجراء تعديلات كبيرة على مناهجها التعليمية نحو ترسيخ قيم الإسلام السمحة والتعايش والانفتاح واحترام الآخر . فهل ستقتدي حكومتنا الرشيدة بتلك الدول ام اننا بلا فخر سنظل "المفرَّخين الاوائل للإرهاب في المنطقة" .