د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
ياويل الدجر من شارحه !!
هذا العنوان والأبيات التالية من قصيدة أرسلها صديق لي وقد دفعتني لكتابة هذا المقال ولم يذكر أسم الشاعر الذي قالها وهو بالتأكيد من منطقة الواحدي وحسب تخميني قد يكون القائل السيد محسن البغدادي حيث يقول:
فتح عيونك والحقايق واضحه
والنفس بالي قد ملاها ناضحه
شف عاد باعوضه قبيلي مخيره
ما يوم باعوضه وقع فالذالحه
لا طربوا يهتز بن لشيب فزع
وان شافهم أبليس يقرا الفاتحه
معروف باعوضه ومنهو ينكره
ملذوع عقله او فيوزه قارحه
ماقد خبع ذاك الذييبي بن أحمد
صمصوم يدقع كل منهو قاوحه
أتخبر السلطان ابن الواحدي
والحزب منهو في القبايل ناطحه
لا أوقدوا للحرب خلوها لضى
الكون يتجهم وشمسه كاشحه
تتقعقع الوديان لا هم خبشوا
زلزال في صورة كتيبه كاسحه
برق السماء أسياف في يداتهم
والرعد نهمات الرجال السارحه
كم يا حصون أتشبحوا أصحابها
واليوم مأوى للكلاب النابحه
وشيلوب يتحدى الزمن في وقفته
بصمته في التاريخ أمست واضحه
وشرح هذه الأبيات كانت تعبر عن وضعنا في الجنوب قبل الاستقلال وتحاكي فيما بعد فترة حكم (الحزب الاشتراكي ) حتى الوحدة (الميمونة ) ونفقها المظلم الذي أدخلنا فيه
وتنطبق كذلك على وضع الجنوب اليوم ولن نفتح السجلات القديمة لممارسات الحزب وحتى لا نتهم بما ليس فينا!!
وسنقتصر على إسقاط هذه الأبيات على وضعنا الحالي وما يجري في الساحة الجنوبية اليوم ،ومعروف أن السيد وباسرده كانا من أبرز شعراء شبوة وحكمائها ولهما دواوين ومساجلات شعرية لم تجمع حتى الآن مع الأسف الشديد وهي سجل سياسي و تاريخ قبلي لأحداث شبوة وسجل قيم من تراثها الشعبي الجميل نعتز به ليس في شبوة وحدها بل في عموم الجنوب وهي بحق تستحق مجلدات بل وتكريم الشاعرين رغم أنهما الآن في رحاب الله .
إن مشكلتنا في الجنوب أننا تعودنا بحكم العادة كلما فشلنا في أي مشكلة نحملها للغير لكي نهرب من المسؤولية الناجمة عن الفشل الذي كنا قد شاركنا فيه وهذا أسوأ أنواع الفشل الذي هو السبب المباشر في سقطاتنا وانتكاساتنا ..حتى أصبحنا أشبه بالصبي الذي لا يستطيع السير إلا لمن يأخذ بيده أو يسقط على وجهه ولهذا السبب أستطاع من لا يحبون لنا الخير اختراقنا وشراء ذمم ضعاف النفوس والضمائر منا واستخدموهم أدوات مرتهنة يحركونها متى شاءوا لغزل الفتن وأيادي آثمة تشارك في قتلنا وتعميق خلافاتنا!! .
وإذا حسبناها بالعقل فكم أحزاب سياسية لدينا ؟ وكم جمعيات ومنظمات ؟ بل والأدهى والأمر كم قبائل ؟ ولكن المشكلة ليست في العدد فرؤيتنا ليست واحدة وكل واحد منا يقول أنا ومن بعدي الطوفان وهذا من أهم أسباب فشلنا.
أما الشماليون يمثلون أكثر من ثلثي السكان ..ولكن الفارق بيننا وبينهم أنهم مرنون أو بالأحرى مخادعون ودهاة أكثر منا ..فإذا تقاتلوا يحضرون ثورين من الزريبة وخمسة بنادق ويقصدون أهل القتيل ويحتكمون ويتخارجون ..أما نحن إذا حدث عندنا مثلهم فينادي المنادي يا لثارات كليب وندخل في دوامة من الاقتتال قد تستمر خمسين عاما!!
ولكن العيب في الشماليين أنهم في الأغلب ولا أقول الكل مخادعون ولا يبيعون بعضهم وينقسمون إلى قسمين كما هو اليوم ... وكانوا بالأمس.. بل وطوال تاريخهم نصف مع الأتراك والنصف الآخر ضدهم.. ونصف مع الجمهورية ونصف مع الملكية.. ونصف مع الشرعية والنصف الآخر مع الحوثي وهكذا!!
وأنا هنا لا أعتبر هذا النهج من الشجاعة أو الوفاء وأزدري هذه الأعمال ولا أروج لها ولا أدعو الجنوبيين لتقليدها علما أن البعض منا مع الأسف صاروا مثلهم ولكنني أدعوهم أن يوحدوا كلمتهم ليستعيدوا دولتهم ووطنهم ويتركوا الأعمال الطائشة والحماقات والتصرفات الهوجاء فلن نستطيع بتفرقنا من استعادة بلادنا التي ضاعت منا في لحظات قاتلة وانفعالات عاطفية ويموت منا المئات اليوم لاستعادتها ..علينا نبذ المناطقية والفوقية والفرز القبلي ضد بعضنا البعض وتسوية خلافاتنا لا بالجاه والثيران مثلهم لكن بالمحبة والصدق والتسامح والتسامي فوق الجراح وحتى لا نقول اليوم يا ليت لو كان عملنا كذا.. بل علينا أخذ العبرة من الماضي الذي عصف بنا وعدم تكرار أخطائنا القاتلة ..علينا الاعتبار من كل التجارب والمآسي المريرة التي مرت بنا ونعالجها بالعقل والحكمة ولا نكرر نفس الأخطاء بل نحاول تصحيحها والخروج منها اليوم وتحكيم العقل ونبذ التعصب وتقليب المواجع ودفن الماضي بكل جراحاته والتطلع لبناء المستقبل .
د.علوي عمر بن فريد