فرج طاحس يكتب:

إلى متى يقدم الجنوبيون الشهيد تلو الشهيد في جبهات الحرب في الشمال ؟ ؟

 واليوم وقد وردت  معلومات من الرياض بأنه قد تم التوقيع  بالحروف الأولى بين المجلس الإنتقالي الجنوبي والشرعية التي ظلت تنكر وترفض الحوار معه   على وثيقة اتفاق جدة وفي انتظار التوقيع الرسمي الذي لازال موعده في علم المجهول للمماطلة التي تُبْديها  الشرعية ،   وبحضور دولي وأقليمي على هذه الوثيقة   التي توصل إليها الطرفان  بعد حوارات غير مباشرة برعاية سعودية إماراتية ،  التي تهدف  إلى حشد القدرات  العسكرية  وتوحيد  الجهود  والإمكانيات لتحرير  العاصمة صنعاء  وكل محافظات الشمال المحتلة من قبل  الحوثيين  المدعومين من قبل إيران ، لما يمثلونه من خطر  على أمن واستقرار دول الجزيرة والخليج العربي  وعلى الأمن الإقليمي  والقومي  العربي ، ولكن على الرغم من أنه لم يتم بعد نشر النص الحقيقي لتلك الوثيقة المتفق عليها والمطلوب  التوقيع عليها ، فقد أخذت  المطابخ الإعلامية التي تتبع  بعض القوى السياسية التي ستتضرر من هذا الإتفاق وتعمل على وضع العراقيل لمعركة الحسم العسكري وهزيمة  الحوثيين ، نشر العشرات  من النسخ  التي تصور المجلس الآنتقالي  وكأنه قد تخلى عن مشروعه السياسي لاستعادة الدولة الجنوبية وتقرير  المصير مقابل بعض الحقائب الوزارية ،لخلق حالة من الإحباط في الشارع الجنوبي  وعدم الثقة في المجلس وقيادته، لكن كل  المؤشرات تدل بشكل واضح  أن هذه  الإتفاقية تجنبت  الإشارة إلى تلك المواضيع  الخلافية ، حيث لم تشر  إلى المرجعيات التي تتمسك بها الشرعية   ، أو مشروع الأقاليم  ، أو التا كيد على الوحدة ،أو حق تقرير المصير للجنوبيين واستعادة الدولة الجنوبية  التي يتمسك بها  الإنتقالي ،  فقد ركزت بدرجة أساسية على حشد الطاقات وتوحيد الجهود العسكرية لهزيمة الحوثيين عملاء إيران  والقضاء على الخطر الإيراني  وتمددهم في الجزيرة والخليج ،  وإرجاء كل هذه  القضايا  الخلافية إلى مابعد اسقاط الإنقلاب وهزيمة المشروع الإيراني ، الذي بدأ يترنح  في المنطقة العربية ، حيث بدأت  الجماهير العربية تنتفض  وترفض التدخلات والوصاية الإيرانية في كل من لبنان والعراق  واليمن  ، صحيح إن هذه الإتفاقية  لم تأت لحل القضية الجنوبية ، بل جاءت  لحل مشكلة التخاذل الذي تشهده جبهات الحرب  في الشمال  والتحشيد نحو الجنوب وإثارة المشاكل والإضطرابات على حساب العدو ، فهي تحمل دلالات هامة لكلي الطرفين :
–  بروز المجلس الإنتقالي الجنوبي كشريك فاعل وصادق  للتحالف العربي   في الحرب ضد الحوثيين  ومشروعهم الطائفي ، وهزيمة المشروع  الإيراني  وتمددهم  في المنطقة ،  بفضل تلك الإنتصارات  التي تحققها  قواته في جبهات الحرب التي يتواجدون فيها ، بالإضافة إلى تلك النجاحات الكبيرة  في الحرب على الإرهاب ، ممّا جعله يحظى بقبول وإحترام المجتمع الأقليمي والدولي  ، وبقبول شعبي جنوبي واسع ، وهذا يمنحه الحق بأن يكون  الحامل السياسي الوحيد  للقضية الجنوبية وممثلها ، مقابل تلك الكيانات المدعومة من السلطة أو من قبل الحوثيين التي تبرز ها متى  مارأت  الحاجة إليها  .
– تُعْطِي هذه  الإتفاقية فرصة للشرعية لأعادة  هيكلة نفسها  بما تتطلبه ظرورات  المعركة والحسم العسكري   مع العدو، والتخلص من الفساد  والهيمنة الحزبية التي تتحكم في قراراتها ، وإثبات مصداقيتها ، مقابل ذالك العجز والفشل الذي نراه واضحا في جبهات الحرب في الشمال في تحرير حتى محافظة  شمالية واحدة  تحريرا  كاملا  بعد خمس سنوات من الحرب  في ظل معاناة كبيرة يعيشها المواطن ، بسبب الإنهيار المستمر للعملة  التي أدت إلى ارتفاع  في الأسعار لا تتناسب والقدرة الشرائية  للمواطن ،مما أدى إلى زيادة عدد الفقراء والمعدمين  .
لكن للأسف  الشديد المماطلة والإشتراطات المستمرة  وتاخير التوقيع لعدة مرات   من قبل الشرعية المصحوبة بخلق توترات واستفزازات عسكرية وإرهاب في كل من شبوة وأبين  وسقطرة مع السماح  للوزراء المعادين للتحالف العربي والجنوب بالتنقل بحرية في شبوة وحضرموت  للتحريض والفتنة واستقبالهم  بحفاوة ، وكذلك  صمت  التحالف العربي  ، ولاسيما الأشقاء السعوديون وتفرجهم  على  هذه المشاهد التي تتناقض مع الهدنة ،  يجعل المرؤُ يشك  في جدية الشرعية  في تنفيذ هذا الإتفاق حتى بعد توقيعه ، وتوجيه المعركة نحو وجهتها الحقيقية مع العدو الذي شردهم ويحتل عاصمتهم ، وهنا تأتي المسؤلية  القانونية والأخلاقية  والعسكرية للتحالف العربي ، ولاسيما الطرف السعودي بعد أن تولوا الملف العسكري للجنوب من الإمارات التي بذلت جهودا مشكورة  لتثبيت  الأوضاع الأمنية والعسكرية  والقضاء على الإرهاب ،  في قطع تلك اليد التي تتنصل من هذا الإتفاق وتعمل على تفجير  الأوضاع  عسكريا ، كما على أبناء الجنوب وأعضاء المجلس الإنتقالي بصورة خاصة   ترك التفاول الكثير والتعامل  بحذر  والإستعداد  لكل  الإحتمالات القادمة لكلي  الطرفين  الشرعية والحوثيين فتاريخهما حافل بالغدر والخيانة  والإنقلاب  على كل ما يتعلق بالجنوب من  الإتفاقات والمواثيق وغيرها  .