صالح البيضاني يكتب:
ثمن الاستفزازات الإيرانية!
يوشك العالم أن يستفيق من غفوته الطويلة تجاه ما حدث ويحدث في اليمن بعد قرابة خمس سنوات من الانقلاب الحوثي، الذي أطاح بأطلال الدولة اليمنية التي مزقها الصراع السياسي، وبعثرت مطامع نخبها الفاسدة شعبها.
أدرك المجتمع الدولي ــ أو بعض أطرافه الفاعلة مؤخراً ــ أنه تساهل كثيراً مع ميليشيات مسلحة يتجاوز خطرها اليمن والإقليم إلى تهديد مصالح العالم، التي باتت عرضة لابتزاز إيران وأذرعها العسكرية، وفي مقدمتها الميليشيات الحوثية في اليمن.
وقد مثلت مواقف اللجنة الرباعية الدولية الخاصة باليمن التي تضم أبرز فاعلين إقليميين (السعودية والإمارات) وأهم فاعلين دوليين (أمريكا وبريطانيا) نواة لتحالف دولي تتمحور رؤيته في التعامل مع التهديدات التي تعصف بأمن المنطقة على قاعدة محاصرة نفوذ إيران وتحجيم دورها السلبي من خلال إضعاف أجنحتها العسكرية، التي تخوض بها مهمة إقلاق أمن العالم.
تجاهل بيان الاجتماع الأخير للرباعية الدولية حول اليمن الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن، مزاعم الحوثيين المتعلقة بإعلان انسحابهم من موانئ الحديدة، التي ساندتها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، وشدد البيان على ضرورة انسحاب الحوثيين الكامل من موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، التي ادعوا أنهم انسحبوا منها.
لوحت الرباعية في وجه الحوثيين مجدداً بعصا مجلس الأمن الدولي الغليظة التي أجبرت الميليشيات على الهروب من حالة التعنت، وهو الأمر الذي يبدو أن المجتمع الدولي يرغب اليوم في إعادة ترتيب أولوياته في اليمن، بعد أن استنفد قاموس خياراته المتفائلة، وبات أمام واقع معقد يمس بمصالحه الاقتصادية التي أصبحت في مرمى نيران الحرس الثوري الإيراني وفروعه المختلفة.
غادر بيان الرباعية الدولية مربع العبارات الفضفاضة التي كانت تضع مشاعر الحوثيين الدبلوماسية في الحسبان وأعلن ضمنياً عن تبنى مخاوف الحكومة اليمنية ورؤيتها القائمة على رفض شرعنة الانقلاب، واستمرار الميليشيات الحوثية في السير قدماً بإجراءاتها الأحادية في إعادة الانتشار بالحديدة، التي وصفت بالمسرحية الهزلية، حيث دعت الرباعية الفرقاء اليمنيين للاتفاق على مفهوم عمليات الانسحاب تحت مظلة «الرقابة الثلاثية» و«الانخراط البنّاء في قضايا الأمن المحلي» وهي الخطوات ذاتها التي طالب بها الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
ومن بين ثنايا هذا الموقف الدولي المتقدم من الأزمة اليمنية التي تسير في عامها الخامس والذي تميّز بالنظر إلى ممارسات الحوثيين باعتبارها امتداداً للأجندة الإيرانية في المنطقة، تتبدى ملامح رد دولي قادم ووشيك على استفزازات إيران وأتباعها، ربما يكون ثمنه الحديدة هذه المرة.
-رؤية