رئيس التحرير يكتب:

هادي والجنوب.. من له الفضل على الأخر

يتحدث الموالون للرئيس عبدربه هادي ان للرجل الفضل الكبير في ابراز القضية الجنوبية، وهذه وجهة نظرهم، لكن انا لي وجهة نظر ربما تكون مخالفة او مغايرة تماما لما يقوله ويروج له البعض.

للمرة المليون نقول ان خلافنا مع هادي مشكلة سياسية وطنية بامتياز نحن ننتقد رجل يمثل أعلى هرم في السلطة، كأبيني انتقدت هادي بسبب اهماله لأبين المحافظة التي تدفع الى الساعة ضريبة وصوله الى سدة الحكم.

الرئيس هادي والجنوب، وبشكل مختصر.. من هل الفضل على الأخر.

وللأمانة هادي انسان بسيط وطيب وعلى نياته، تذكر مرة اني التقيت مسؤول مقرب جدا من عبدربه منصور هادي، وسألته عن موقف الرجل من الحراك الجنوبي.

رد علي :"قبل الإجابة عليك اريد اذكر لك شيء، حين اعلن الجنوبيون التصالح والتسامح في جمعية ردفان، اتصلوا بهادي حينها وهو نائب، وبشروه بالخطوة الجبارة التي تمت حين تسامح أبناء الجنوب في جمعية ردفان، وكان هادي فرحا وسعيدا بهذه الخطوة، وخاطب هادي صناع التصالح والتسامح "اهنئكم بالخطوة الجبارة، وانه حان الوقت لكي يطوي الناس في الجنوب كل صفحات الجراح، وان يمضوا في خياراتهم".

قلت له :"جميل جدا، موقف مثل هذا يخلد"؟.

رد :"بعد ذلك بساعات من الاتصال تعرض طاقم حراسة النائب عبدربه منصور هادي حينها لاعتداء بأعقاب البنادق، امام مطعم كنتاكي في صنعاء، من قبل قوة عسكرية اعترضت طريقهم، وحينها فهم الرسالة على طول.

ظل هادي عقبها صامتا وتحديدا من 2007م، إلى 2012م، حين كان الجنوب يضرب بالحديد والنار، في محاولة لقمع الناس التي خرجت من كل الجنوب، للدفاع عن قضاياها الوطنية وفي مقدمتها قضية استعادة الوطن والهوية المسلوبة.

صمت هادي امام الجرائم التي كانت ترتكبها جحافل الاحتلال اليمني في ابين ووعدن ولحج والحبيلين والضالع، وهناك سجل طويل من الجرائم التي ارتكبت في الجنوب، من بينها جريمة مجزرة المعجلة ومصنع الذخيرة في حصن ابين وما تلاها من جرائم حتى وهو رئيس، ومنها جريمة سناح الضالع الشهيرة.

فشلت جحافل الاحتلال اليمني في قمع الجنوبيين، وحينها لجأت صنعاء الى خيارات أخرى، في محاولة لشرعنة الاحتلال العسكري.

 كانت هناك عوامل عديدة دفعت بالرجل الى ان يكون رئيسا توافقيا ومؤقتا لليمن، كمرحلة يستعيد فيها الشمال ترتيب أوراقه في الجنوب ويعود الحكم للهضبة الزيدية.

وقف الجنوبيون ضد انتخاب هادي، ليس كرها في الرجل ولكن إدراكا منهم انه لا يمكن ان يحكم في قصر تحيط به الثعابين من كل مكان، وحينها رفعوا شعار انهم ضد محاولة شرعنة الاحتلال اليمني لبلادهم.

حاولوا اغتياله اكثر من مرة في صنعاء، حاولوا اغتيال وزير دفاعه اللواء محمد ناصر احمد وقتل خيرة رجاله في بوابة وزارة الدفاع في صنعاء، في عملية مدبرة، دبرت مثلها للرئيس هادي وعلى مقربه من وزارة الدفاع وتحديدا في مشفى العرضي.

لا شك ان هادي خاض تحديا كبيرا، في صنعاء للدفاع عن طموحاته، للدفاع عن مشروعه، وهذا من حقه، لكن هادي لم يخدم القضية الجنوبية بالشكل الذي يصوره البعض، بل العكس هادي استفاد من القضية الجنوبية، لكنه لم يحسن تلك الاستفادة.

لو لا الحراك الجنوبي، ولو لا الخوف اليمني الشمالي من استقلال الجنوب، لما قبل ان يكون هادي رئيسا ، وهذا امر مفروغ منه، ولا يمكن لأحد ان يقول ان هذا ليس صحيحاً.

كان بإمكان هادي ان يكون قويا وحاكما في صنعاء ان هو وضع الجنوب كسلاح في يده، ليس استغلالا، ولكن بتمكين الجنوبيين من كل شيء، من الجيش والسلطة والقرار والانتصار لهم، ولو من باب الانصاف ورد الاعتبار، لكنه فشل من اول لحظة لذلك.

هادي الذي عقد مؤتمرا للحوار في صنعاء، عمل منذ اللحظة الأولى على اقصاء الجنوبيين وحاربهم الى ان انسحبوا جميعا ولم يبق من يمثل الحراك الجنوبي، قبل ان يأتي بشخوص ألبسهم لباس الحراك الجنوبي، وهم لا يمثلوه.

إقصاء هادي الجنوبيين من مؤتمر الحوار اليمني بشهادة علي حسين البجيري الشاعر والمناضل الجنوبي المعروف، وفي تسجيل لاتصال هاتفي جرى بيني وبين البجيري، يمكن العودة اليه، وهو موجود على يوتيوب، وصف حينها البجيري الرئيس هادي بـ(رئيس الجمهورية العربية اليمنية)، غاضبا من اقصاء الحراك الجنوبي من مؤتمر الحوار.

حين سقطت زنجبار العاصمة وجعار في اتون الفوضى والجماعات الإرهابية كانت محاولة لإغراق الجنوب في الفوضى وتصوير ان تلك الجماعات التي تمولها صنعاء، هي جماعات انفصالية تريد استقلال الجنوب، وان البديل لحكم الهضبة في الجنوب هي التنظيمات الإرهابية.

ولم يكتف نظام الهضبة بذلك، بل انه تم قتل ابرز رجال قبائل آل فضل في عملية غادرة وجبانة قرب جسر حسان، حينما ارادت مجموعة من زعماء قبائل آل فضل تحرير العاصمة زنجبار من مليشيات صنعاء التي كانت تعبث بالمحافظة بتمويل من مهدي مقولة.

واعتقد ان هادي لم يحزن على أحد مثل ما حزن على 42 زعيما وقائدا، من خيرة رجال آل فضل، قتلهم نظام صالح في زنجبار أبين بقصف جوي، في عملية شهيرة يعرفها الجميع.

رتب الأبينيون صفوفهم وأسسوا تجربة اللجان الشعبية، واستطاعوا في غضون اشهر قليلة تأمين المدن، وخوض معركة الكرامة الشهيرة للدفاع عن لودر حاضرة السلطنة العوذلية في العام 2012م.

لكن اين تجربة اللجان الشعبية؟، اين ذهبت الرجال الاشاوس.. لقد اعتبر نظام هادي، اللجان الشعبية نواة لجيش جنوبي انفصالي، بعد ان كان من المفترض ان يتحولوا الى نواة لقوات شرطة محلية رسمية.

اللجان الشعبية لودر التي كسرت شوكة عبدالحافظ السقاف، تشتت افرادها بل ان الكثير من شهداء وجرحى تلك اللجان حرموا من حقوقهم.

اما الوضع في العاصمة، فهادي كان بإمكانه ان يجعل من عدن عاصمة حقيقة بعد التحرير، كان من الممكن ان تكون عدن سلاحا بيد هادي في مواجهة صنعاء، كان بامكانه ان ينصف عدن التي وقف رجالها وشبابها ونسائها في معركة الكرامة، كان بإمكانه الانتصار لعراقة وتاريخ عدن ويعيد لها جزء من حقوقها التي فقدتها جراء الحروب الشمالية المتكررة.

كان بالإمكانه ان يعيد تلفزيون وإذاعة عدن، للبث من العاصمة، ومواجهة الانقلابيين بخطاب وطني ينطلق من عدن العاصمة وليس من العواصم العربية، لكي يتهم الأخرين بالاستقواء بالخارج براحته، لأنه يتحدث بخطاب إعلامي وسياسي وطني من العاصمة وان كانت عاصمة مؤقتة في الخطاب الرسمي.

ليس (جميلا) ان يتهم الأخرين بالاستقواء بالخارج وهو لا يمتلك خطابا إعلاميا من الداخل، اعتقد انه أمر ليس في صالحه.

حين يتحدث عن تقديم الكثير لعدن والجنوب، نحن لم نر أي شيء قدمه للكثير، فأبين التي كان البعض يتوقع ان تصبح سنحاناً أخرى تعاني حد الموت وأهلها يعانون من شظف العيش والمجاعة، ولو لا اعتمادهم على تربية الأغنام

 والنحل والزراعة، لماتوا جوعا.

 حين تزور أبين تشعر بالقهر على الحال الذي وصلت اليه العاصمة زنجبار والمناطق الريفية، تشعر بالقهر حين تشاهد بحيرة المجاري الطافحة في مدخل لودر، حالة الحزن والقهر التي يعيشها الأبيني لا يمكن وصفها، فماذا قدمت لأبين؟.

أبين كانت تعاني من فراغ أمني كبير، لولا جهود قوات الحزام الأمني التي يقدم رجالها ارواحهم ثمنا للأمن والاستقرار في المحافظة.

وفي الأخير، نحن لم نعادِ هادي، بل اننا كنا الأكثر حرصا على ان يكون رئيساً قوياً يدافع عن طموحاته وطموحاتنا كشعب.

والحديث يطول، ولكن نقول عذرا على الاطالة.

#صالح_أبوعوذل