قراءة في تحولات الخطاب السياسي..

المجلس الانتقالي الجنوبي.. الخطاب السياسي واستراتيجية ابراز حضرموت في الماضي والحاضر والمستقبل

أن التحول العملي نحو خطاب متزن وعقلاني يواكب متطلبات المرحلة شكلا ومضمونا ودائما ما يبحث عن الديمومة في سبيل مواجهة التحديات التي تعيق مسير قضيته وهذا ما بذله خلال السنوات الست المنصرمة منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ووصل الى مبتغاه في هذه المرحلة

رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي "عيدروس الزبيدي" ونائبه أحمد سعيد بن بريك - أرشيف

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

 الملخص إن منتظمات الخطاب السياسي الجنوبي المعاصر يعتمد اليوم على صياغة رؤية جديدة للتعاطي مع المتغيرات الداخلية والخارجية والتي باتت على المحك لا سيما في مرحلة ما بعد اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي وإعداد الميثاق الوطن الجنوبي، وتتناول هذه الورقة التحولات التي رافقت الخطاب السياسي الجنوبي، والعوامل والمحددات التي تظافرت؛ لتدفع تلك التحولات إلى الظهور بالصيغة التي ظهرت بها، للفترة من 3 مايو 2023م - 25مايو 2023م، معتمدة على المنهج التحليلي وتحليل المضمون الذي سنحاول من خلاله تتبع ورصد تحولات الخطاب السياسي الجنوبي داخل متن مادة الخطاب المدروس؛ للكشف عن مفاهيم وأفكار ومصطلحات جديدة برزت في معجم الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وتتكوّن هذه الورقة البحثية من ثلاثة مباحث، هي: المبحث الأوّل: الإطار العام للبحث، وتناول مشكلة البحث وأهميته وأهدافه ومنهجه والعينة المدروسة والدراسات السابقة، وفي المبحث الثاني: الإطار النظري للبحث، وتناول مقاربة نظرية في نظرية تحليل مضمون الخطاب السياسي، وفي المبحث الثالث، الدراسة التحليلية لمضامين الخطاب.

واختتمت بالنتائج والتوصيات، وقد توصل الدراسة إلى نتيجتين عامتين هما:

-      أن الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي في الفترة الخاضعة للدراسة حقق تحولات كبرى في الكم والنوع وقفز قفزة نوعية في التأثير ومواكبة الأحداث ورسم ملامح المستقبل للقضية الوطنية الجنوبية.

-     أن التحول العملي نحو خطاب متزن وعقلاني يواكب متطلبات المرحلة شكلا ومضمونا ودائما ما يبحث عن الديمومة في سبيل مواجهة التحديات التي تعيق مسير قضيته وهذا ما بذله خلال السنوات الست المنصرمة منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ووصل الى مبتغاه في هذه المرحلة.

الكلمات المفاتيح: التحولات- الخطاب السياسي- المجلس الانتقالي الجنوبي

المبحث الأول:

إجراءات الدراسة

المقدمة:

يعد الخطابُ السياسي في أوقاتِ الأزماتِ وتطورات الأحداث والتحولات السياسية نقطة فارقة في حسم المواقف، فإمّا أن تصبّ في مصلحة الباث للخطاب أو أن تحسم الأمر ضدّه، فهو وسيلة ذو حدّين؛ لكونه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بصناعة القرار، لاسيما حين تتداعى الأحداث، وتتسارع وتيرتها مما قد لا تسمح أحيانًا بالتفكير بلُغة التريّث وعادة ما يتم التحضير المسبق لهذه الخطابات السياسية؛ لكي تتمكن من إيصال رسالتها المرجوة التي تسعى القيادات السياسية المرسلة للخطاب تحقيقها في فترة زمنية محددة.

والخطاب السياسي عملية تواصلية تتم بين طرفين هما الباث والمتلقي والتي تسعى إلى إيصال رسالة ما من أجل إقناع ذلك المتلقي بفحواها وجعله يتخذ موقفًا إيجابيًا يخدم مصلحة الباث.

وهذا يتم عبر رسالة يبحث من خلالها الباث/ السياسي، شرعنة خطابه واستمالة أكبر عدد من المتلقين نحو قضيته وأهدافه التي يسعى لتحقيقها. 

ونقصد بالخطاب السياسي الجنوبي في هذه الورقة كل خطاب أو بيان أو تصريح أو مقابلة في برنامج تلفزيوني أو صحفي يصدر عن أحد قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، والخطاب السياسي الإقناعي هو التعبير عن قيمة سياسة من إخلال استخدامات اللغة ويرتكز على التنظيم المعرفي الإقناعي للأحداث ووصفها.

وهو الخطاب الموجه عن قصد إلى متلق مقصود، بقصد التأثير فيه وإقناعه بمضمون الخطاب، ويتضمن هذا المضمون أفكارا سياسية، أو يكون موضوع هذا الخطاب ساسيا، والخطاب السياسي يهتم بالأفكار أو المضامين، ولهذا نجد المادة اللفظية قليلة في حين يتسع المعنى الدلالي لتلك الألفاظ، فالمرسل يعتني بالفكرة التي هي مقصده أكثر من عنايته بالألفاظ فالفكرة في الخطاب السياسي هي الأساس.  

 والخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، يحمل قضية عادلة لها مدلولات متعددة تعدّ مدخلاً للدراسة والتحليل، فقضية شعب الجنوب ليست بمنأى عن اهتمام والقراءات التحليلية، وأصبح الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي يملك المؤشرات التي تبرز توحي بتحولات الخطاب السياسي الذي يقربه من صناعي القرار السياسي العربي والإقليمي والدولي، وهو  ما دعاء الباحثون إلى تقديم هذه القراءات التحليلية، واقفين على الخطاب السياسي، الذي  يمثل حقلاً دلالياً ذو مضامين سياسية ودبلوماسية وعسكرية وأمنية، رافقته تحولات كبرى أهمها الانتقال من الثورة إلى الدولة، لذا فإن هذه الدراسة تسلِّط الضوء على الخطاب السياسي للفترة من 3 مايو 2023م – 21 مايو 2023م؛ لكون هذه المرحلة من المراحل المهمة من تاريخ شعبنا وثورته وقضيته.

-       مشكلة الدراسة

إنّ الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي يمثل قضية شعب ويحمل رسالة وطنية سياسية بامتياز وتعد قيادته السياسية والإعلامية هي الركيزة الرئيسة لحمل لواء هذه القضية وإيصال رسالتها بوضوح؛ مما شأنه أن يسهّل انخراط المتلقي في مشروعه، وتبني أفكاره وبرامجه، فإذا ما اثبت أنه يحمل مشروعًا فكريًا يريد إقناع النّاس به، وأنّه واضح الرؤية صافي الفكرة ناجح في تفاعل المتلقي الإيجابي معه، من هُنا تكمن إشكالية هذه الدراسة في رصد التحولات الكبرى في بنية الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي وتحليل محاوره ومحرکات الاتصال والتواصل الاقناعي، وما يحتويه من علاقات وقوى فاعلة، بالإضافة إلى رصد أهداف الأفعال الكلامية والتعرف على مسارات البرهنة الواردة في الخطاب.

 وفي سبيل ذلك نطرح هذا السؤال الرئيس.

-        ما هي التحولات الرئيسة في بنية الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي؟  

ويتفرع من ذلك السؤال عدد من الأسئلة منها:

-   هل استطاع الخطاب السياسي ان يخلق وعيا جماهيريا ويخلق خطاب سياسي اقناعي لدى المتلقيين؟

-  هل كان الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي مواكباً للمتغيرات الحاصلة في المحيط المحلي والاقليمي والدولي؟

-  هل استفاد باث الخطاب السياسي من لُغة الاتصال الجسدي في سبيل تعزيز مضامين خطابه السياسي؟

-       الأهمية:

 تنطلق أهمية هذه الدراسة التحليلية من بنية التحولات في الخطاب السياسي الجنوبي لا سيما بعد انعقاد اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي، وما حققه من انتصارات سياسية وعسكرية وأمنية، ناهيك عن الرغبة الحقيقية في تجاوز التحديات الراهنة ومنها مواجهة التنظيمات الإرهابية وكذلك مخاطبة العالم بخطاب سياسي موحد في سبيل استكمال تحقيق متطلبات شعب الجنوب وتمكين شعب الجنوب من إدارة أرضه.

وتهدف هذه الورقة إلى تحليل مضمون التحولات الكبرى التي تجلت في بنية الخطاب السياسي والمواكب للتطورات السياسية والاجتماعية في الساحة الجنوبية.

-       منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة على تحليل مضمون الخطاب السياسي على منهج التحليل النظمي مع الاستعانة بالمنهج الوصفي والسلوكي لمعرفة أبعاد وطبيعة محتوى الخطابات السياسية الموضوعية وتقويمها مستوى أبعاده حاضرا ومستقبلا.

-       حدود البحث:

سوف تتناول الدراسة الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي المتداول في شهر مايو ابتدأ من 3 مايو 2023م حتى 25مايو 2023م.

-       عينة الدراسة:

اشتملت العينة الخاضعة للدراسة على (14) نصا خطابيا موزعة بين خطاب جماهيري ومقابلة تلفزيونية وتصريح صحفي. 

مصطلحات الدراسة:

-       الخطاب السياسي:

عرف باللغة الإنجليزية  (Political discourse)، وهو الوسيلة الرئيسيّة التي يستخدمها السياسيّون، والأشخاص الذين يعملون في المجال السياسيّ من أجل مخاطبة بعضهم البعض، أو مخاطبة أفراد الشعب، ويعرف أيضاً بأنّه الخطاب الذي يقرأه، أو يلقيه شخصٌ ما بصفتهِ الفردية، أو بالصفة الرسميّة التي يمثلها كأن يمثل حزباً ما، أو وزارةً من الوزارات، أو الحكومة كاملة([1]).

عرفه الباحثون اجرائيا بأنه حقل معرفي يهتم بدراسة التواصل السياسي داخل المجتمع، سواء بواسطة النصوص أو الكلام أو الصور وهو خطاب يرتبط القادة السياسيين لاسيما في أوقات الحروب والمفاوضات وعقد الاتفاقيات الدولية وتتغير الفاظه نظرا لطبيعة الموقف كما يعد من اهم الوسائل المؤثرة على الجماهير.

إن علاقة اللغة بالسياسة علاقة متينة حيث أصبح تحليل لغة الخطاب السياسي أحد فروع علم اللغة الاجتماعي الذي نال اهتماما واسعا لكون يهتم بلغة الخطاب السياسي والتعرف على خصائصه اللغوية التي تدعم الخطاب وتكشف عن وسائل تأثير الخطاب والسمات والخصائص الاسلوبية الخاصة بالمجتمع.

-       المجلس الانتقالي الجنوبي

المجلس الانتقالي الجنوبي هو كيان سياسي جنوبي جامع تشكلت هيئته الرئاسية في 11  مايو 2017. تضم الهيئة الرئاسية للمجلس المعلن غالبية محافظي محافظات الجنوب، وهي محافظات التي تمثل جغرافياً وسياسيا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كما يضم المجلس وزراء ووكلاء محافظات، ويرأس المجلس اللواء عيدروس بن قاسم الزبيدي.

-       هيكل البحث

انتظم البحث في مقدمة وثلاثة مباحث، ففي المبحث الأول مقاربة نظرية في نظرية تحليل الخطاب السياسي، والمبحث الثاني المبحث الثاني: الإطار النظري للدراسة، مقاربة نظرية في نظرية تحليل مضمون الخطاب السياسي، والمبحث الثالث، الدراسة التحليلية

المبحث الرابع، تقويم الخطاب السياسي الجنوبي حاضرا ومستقبلا وفقا للواقعية والعقلانية الموضوعية التي تتبعها القوى الفاعلة داخل الساحة الجنوبية، المبحث الخامس، التواصل الجسدي لباث الخطاب السياسي، مختتما بالنتائج والتوصيات. وقائمة بالمصادر والمراجع.

-        الدراسات السابقة:

1-    الدراسة التي قدمّها (فاتحة تمزارتي2013م) التي تحمل عنوان " الحقول الدّلالية في الخطاب السياسي المصري الراهن خطاب مرسي نموذجا" جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال المغرب. وقد تناولت الدراسة مفهوم الخطاب السياسي الذي عرفته بانه عملية تواصيلة تتم بين طرفين هما الباث والمتلقي وفي المحور الثاني تناولت عن الحراك المصري دوافعه واسبابه والمحور الثالث نظرة عن الباث وقد اتفقت دراستنا مع محاور هذه الدراسة لكن ما يميز دراستنا انها تناولت فترة زمنية طويلة اشتملت على عدد من الخطابات كانت عينة كافية للدراسة بالإضافة ان دراستنا استندت على المناهج التحليلية الأخرى كالأسلوبية والنفسية.

2-   الدراسة التي قدمها (الرفاعي 2019) التي تحمل عنوان " استراتيجيات تحليل الخطاب السياسي خطابات سعد زغلول نموذجا، قسم اللغة العربة كلية الآداب والعلوم الجامعة الهاشمية.  

3-   دراسة (نور الزايد 2022م) " تحليل الخطاب السياسي خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردغان نموذجا"، تناولت الدراسة تحليل خطاب سياسي يركّز على خطاب ألقاه أردوغان عشية الانقلاب على حكمه في 2016م وكشف الدراسة عن مدى تأثير خطاب أردوغان على إفشال الانقلاب التي كادت أن تطيح بنظام حكمه. لقد توافق هذا البحث مع تلك الدراسات من حيث الموضوع، وهو تحليل الخطاب السياسي، وقد تميزت دراستنا عنها، بأنها تناولت أكثر من خطاب سياسي وفترة تقدر بخمس سنوات مما يعني أن هذه الدراسة تميزت في النوع والكمية، وكذلك تميزت بالمنهج التكاملي التحليلي مما جعلها تتميز عن غيرها من الدراسات، ومما سبق من دراسات كانت لنا مفتاحاً استطعنا من خلاله الولوج إلى تحليل الخطاب السياسي.

4-   الخطابُ السِّياسي للرئيس القائد عيدروس الزُبَيْدي من 4/ مايو /2017م إلى 4/ مايو/ 2022م "قراءة تحليليّة دلاليّة" إعداد وتقديم ، د. صبري عفيف  ، د. أشجان الفضّلي، أ. صالح أبو عوذلـ إصدارات مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات لعام 2022م.

المبحث الثاني:

الإطار النظري للدراسة

مقاربة نظرية في نظرية تحليل مضمون الخطاب السياسي

هناك تعاريف عديدة لتحليل المضمون، إلا أن هناك شبه إجماع على تعريف كل من برنار بريلسون/ B. Berlson: إذ يعرفه بأنه "أسلوب البحث الهادف إلى الوصف الكمِّيِّ، والموضوعيِّ، والمنهجيِّ للمحتوى الظاهر للاتِّصال " و يعرفه وأولي هولستي بأنه" وسيلة للقيام باستنتاجات عن طريق التحديد المنظم والموضوعي لسمات معينة في الرسائل الاتصالية" لازويل: الوصف الدقيق، والموضوعيُّ لما يُقال عن موضوع معيَّن في وقتٍ معيَّن".

 ويعرفه كابلان/ Caplan: بأنه " الدلالات الإحصائيَّة لألفاظ الموضوعات السياسيَّة.. ويعرفه جانيس/ Janis: أسلوب لتصنيف سمات الأدوات الفكريَّة في فئات طبقًا لبعض القواعد التي يتبنَّاها المحلِّل علميًّا.. ويعرفه، كارتريت/ Cartrait: الوصف الكمِّيُّ الموضوعيُّ المنظَّم لأيٍّ من السلوك الرمزيّ"

ويرى باد (Budd): أن " تحليل المحتوى يساعد في الإجابة على الأسئلة المتعدِّدة المرتبطة بعمليَّة الاتصال، فعندما يركِّر المحلِّل على تقديم الرسالة فإنَّه يمكن أن نستنتج الارتباطات بين الرسالة والعناصر الأخرى لعمليَّة الاتصال ". ويصف أسجود (Osgood): " إنَّ تحليل المحتوى يستهدف الاستدلال عن مصادر الاتصال ومستقبليه من خلال التغيُّر الواضح في الرسائل، وعندما يكون اهتمام المحلِّل بمصدر الرسالة فإنَّه يعتمد على العمليَّة المنطقيَّة للمتحدِّث، أو الكاتب، وعندما يكون الاهتمام بالاستدلال عن تأثير الرسالة على المستقبلين فإنَّه يفسِّر مدى اعتماد سلوكهم (المعاني- العواطف- الاتجاهات..) على المحتوى ومكوِّنات رسائل الاتصال ". 

هو أحد أشكال البحث العلميّ الذي يهدف إلى وصف المحتوى الظاهريِّ وصولاً إلى معرفة المضمون الصريح للمادَّة الإعلاميَّة المراد تحليلها من حيث الشكل والمضمون تلبية للاحتياجات البحثيَّة المصاغة في شكل تساؤلات البحث، أو فروضه طبقًا لمجموعة من التصنيفات، أو المحدِّدات، وذلك بهدف استخدام البيانات لوصف المنتَج الإعلاميِّ والتي تعكس السلوك الاتصاليِّ العلنيِّ للقائمين بالاتصال لاكتشاف المرجعيَّة الفكريَّة، أو الثقافيَّة، أو السياسيَّة، أو العقائديَّة التي تنبع منها الرسالة الإعلاميَّة

1- تفكيكُ البِنْية المفهوميَّة للمصطلَح: تحليلُ المحتوى/ المضمون:

  تحليل المحتوى

 

 


 

          تحليل (Analyse)                                   المحتوى (Contenu)

- عمليَّة ملازمة للفكر الإنسانيّ.                  – في حقل الإعلام: كلُّ ما يقوله الفرد، أو          

- آلية من آليات اشتغال العقل:                     يكتبُه، أو يفْعَله، أو يحفظه (يُسَجِّله) بُغْية

- إدراكُ الظاهرة (العالَم) + تفكيكها                تحقيق أهدافٍ اتِّصاليَّة.

إلى عناصرها الجزئيَّة: الصفات والمكوِّنات       - لغة طبيعيَّةٌ (لسانيَّة)، أو لا- لسانيَّة

+ العلاقات البينيَّة (الوظيفيَّة) = فهْمُ الظاهرة،     + تصْدُر عن الفرد (المتَّصِل/ المصدر)

والوقوف على طريقة اشتغالها ..                + وتُنقَل في رسالةٍ أو سلوكٍ وعبر وسيلةٍ

                                           + لتستهدِف متلقٍّ بسماته، وحاجاته .. +

                                             + يتحقَّق التفاعل بين المصدر، والجمهور.

 

 

 


 

تحليلُ المحتوى 

- عَزْلُ الخصائص الداخليَّة للمادَّة الإعلاميَّة/ النصّ + إحالاته الخارجيَّة- السياقيَّة: المرسل، والجمهور مع مختلَف أقطاب النموذج الإعلاميّ ..

ضِمْنَ مَعْمَعة الفضاء التفاعليِّ للاتِّصال.

= المحتوى: ثابتٌ. كُلِّيٍّ. حمولة الوعاء الإعلاميِّ بكلِّ مكوِّناتها، ولُوَيْناتها الاتِّجاهيَّة. قَبْليٌّ، وبريءٌ من الناحية الدلاليَّة.

- المضمون: ديناميٌّ. جزئيٌّ. جهة مقصودةٌ من مساحة الحمولة/ بحسَب زاوية نظر المحلِّل (الإشكاليَّة). بَعديٌّ (ما يقَع عليه فعل التحليل). مَشُوبٌ، وقصْديٌّ (Intentionnel)، وسيميائيّ ..

-       عناصر تحليل المضمون

هناك عدة عناصر لتحليل المضمون يمكن إيجازها فيما يلي:

1-    يتسم أسلوب تحليل المضمون بالموضوعية. والموضوعية سمة مميزة للبحث العلمي، وفي هذا الإطار على الباحث أن يتحرر من أي نزعة شخصية، وألا يصدر أحكامه بناء على ما يجب أن يكون، ففي إطار موضوعية البحث، لا يمكن للباحث أن يتحيز لأي موقف أثناء دراسته للظاهرة محل الاهتمام، حتى يمكن لغيره أن يصل إلى نفس النتائج إذا ما أعيد تطبيق نفس المنهجية من قبل باحثين آخرين، فيصلوا جميعاً إلى درجة الصدق والثبات.

2-   يجب أن يتم تحليل مضمون مادة الاتصال بطريقة منظمة وموضوعية تتمشى وقواعد البحث العلمي، فالباحث في هذه الحالة لا يختار المادة التي تستهويه ويستبعد ما عدا ذلك، ولكنه يختار ما ينبغي دراسته بناء على أسس علمية، متمثلة في اختيار عينة عشوائية إلى جانب الالتزام بمستوى أو وحدة التحليل المناسبة، حتى يمكن الوصول إلى تعميمات علمية سليمة.

3-    يرتبط تطبيق أسلوب تحليل المضمون في الدراسات الاجتماعية بوصف الظاهرة أو الظواهر المدروسة كمياً ويستلزم في هذا الأسلوب استخدام لغة الأرقام وذلك عن طريق رصد تكرارات الفئات المختلفة لوصف الظاهرة المدروسة.

4-    يهتم هذا الأسلوب بدراسة المضمون الظاهر للاتصال، أي يكون التحليل محصوراً في إطار النص محل الاهتمام والدراسة، دون تجاوز الباحث للنص المدروس أثناء عملية الوصف المبدئي للظاهرة المدروسة. ويستطيع الباحث أن يبحث عن تعليلات أو تفسيرات لشرح ما يحدث في مرحلة تحليل البيانات.

   وبذلك يعتبر تحليل المضمون وسيلة من وسائل جمع البيانات، حيث يستخدم كأداة في تحليل محتوى المادة التي تقدمها وسائل الاتصال الجمعي، ففي حين ترتبط أشكال الدراسات المسحية السابقة بالاتصال المباشر مع المصادر البشرية التي تمتلك المعلومات التي يريدها الباحث، فإن دراسات تحليل المحتوى تتم من غير اتصال، حيث يكتفي الباحث باختيار عدد من الوثائق المرتبطة بموضوع بحثه مثل السجلات والقوانين والأنظمة والصحف والمجلات وبرامج التلفزيون والكتب المدرسية وغيرها من المواد التي تحوي المعلومات التي يبحث عنها الباحث. ويرتبط تحليل المضمون ارتباطاً وثيقاً بالبحوث التاريخية والمنهج التاريخي. تحليل المضمون (المحتوى) هو أسلوب أو أداة للبحث العلمي يمكن أن يستخدمه الباحثون في مجالات بحثية متنوعة، وعلى الأخص في دراسات علم الإعلام لوصف المحتوى الظاهر والمضمون الصريح للمادة الإعلامية المراد تحليلها من حيث الشكل والمضمون. ويستخدم أيضاً في الدراسات التربوية والنفسية والسياسية أكثر مما يستخدم في الدراسات الاجتماعية، لأن الدراسات الاجتماعية تعتمد على منهج المسح الميداني والمنهج المقارن ومنهج الملاحظة والملاحظة بالمشاركة أكثر مما تعتمد على منهج تحليل المضمون.

  ومع ذلك يستخدم تحليل المضمون في الأبحاث والدراسات الاجتماعية التي يصعب مقابلة وحداتها نظراً لوفاتها أو غيابها أو بعدها الجغرافي أو ارتفاع مكانتها الاجتماعية والسياسية، لذا يضطر الباحث الاجتماعي في مثل هذه الحالات استخدام الوثائق والسجلات والمستندات والمذكرات والمقالات والصحف وغيرها من أجل التوصل إلى الحقائق والبيانات عن موضوع البحث المزمع إجراءه.

-       استخدامات تحليل المضمون:

  هناك عدة أسباب تجعل الباحث في مجال علم الاجتماع وبقية فروع العلوم الاجتماعية الأخرى، يستخدمون أسلوب تحليل المضمون، ويمكن تلخيص هذه الأسباب كما يلي:

1-   تحليل محتوى المادة التي ترمي إليها وسائل الاتصال الجماهيري، مثل الصحف والمجلات، وبرامج الإذاعة المرئية والمسموعة. فالباحث الذي يرمي إلى تحليل محتوى المادة التي ترمي إليها وسائل الاتصال يتساءل عادة على مضمون الرسالة الاتصالية، إلى جانب التساؤل عن عناصر العملية الاتصالية المتمثلة في (من يقول ماذا، إلى من، كيف وما هو الأثر؟) حيث، نلحظ أن الأدبيات تزخر بهذا النوع من الدراسات النظرية والتطبيقية. فوسائل الاتصال الجماهيري ترمي عادة إلى توصيل رسائل محددة إلى قرائها عن طريق الرموز الاجتماعية والسياسية وغيرها من الرموز الأخرى.

2-   تحليل النص للوصول إلى الاستنتاجات عن المرسل من ناحية، وعن الأسباب أو خلفيات الرسالة الاتصالية من ناحية أخرى. فمن خلال تحليل مضمون النصوص يمكن للباحث التمييز بين كتاب أو مؤلفين، حيث يمكن تمييز باحث عن آخر من خلال الكلمات أو التعبيرات المميزة لكل منهم على حدة.

3-    يستخدم تحليل المضمون لاستنتاج أوجه التغير الثقافي والثقافة عن طريق قيام الباحث مثلاً بتحليل مضمون الأدبيات السائدة في أكثر من ثقافة مختلفة. ومن أمثلة الدراسات في هذا الإطار الدراسة التي قام بها ديفيد مكيلاند للتمييز بين عدة ثقافات عن طريق تحليل مضمون الأدبيات السائدة في ثقافات متباينة.

4-   يستخدم تحليل المضمون في دراسة الجمهور المستمع أو القارئ أو المشاهد وتأثير الاتصال على الجمهور، وذلك للكشف عن الاتجاهات والاهتمامات والقيم السائدة في الجماعات المختلفة، وتحديد محور الاهتمام في محتوى الاتصال، ووصف تأثير مادة الاتصال في تغيير الاتجاهات والأساليب السلوكية للجمهور المستمع أو القارئ أو المشاهد.

5-   يستخدم تحليل المضمون في الدراسات المتعلقة بالرأي العام بهدف التعرف على المشاكل التي تحظى باهتماماته واتجاهاته وردود أفعاله تجاه قضايا معينة، إلى جانب معرفة مدى تأثر الرأي العام بالدعاية الموجهة إليه ومدى مقاومته أو انقياده لها.

 

المبحث الثالث:

الدراسة التحليلية

-       أولا: عينة الدراسة:

اشتملت العينة الخاضعة للدراسة على (14) نصا خطابيا موزعة بين خطاب ومقابلة وتصريح صحفي. كما هي موضحة في الجدول أدناه

 

 

مالنص المدروس باث الخطابتاريخه
1مقابلة تلفزيونية قناة (عدن المستقلة) الرئيس عيدروس الزبيدي3 مايو2023
2خطاب افتتاح اللقاء التشاوري للحوارالرئيس عيدروس الزبيدي4مايو 2023
3تصريح صحفي في مدينة سيئوناللواء فرج البحسني19مايو 2023م
4خطاب اللقاء الموسع مع مشائخ حضرموت(البحسني)اللواء فرج البحسني20مايو 2023
5خطاب اللقاء الموسع مع مشائخ حضرموت(الزبيدي)الرئيس عيدروس الزبيدي20مايو 2023
6خطاب الافتتاح للجمعية الوطنيةالرئيس عيدروس الزبيدي21مايو 2023
7مقابلة تلفزيونية لقاء خاص (بي بي سي) اللواء فرج البحسني21مايو 2023
8مقابلة تلفزيونية قناة (الغد المشرق)الرئيس عيدروس الزبيدي21مايو 2023
9خطاب اختتام الجمعية الوطنية اللواء احمد سعيد لن بريك22مايو 2023
10البيان الختامية للجمعيةا. نصر هرهرة22مايو 2023م
11مقابلة تلفزيونية قناة (الغد المشرق) اللواء احكد سعيد بن بريك23مايو 2023
12مقابلة تلفزيونية (الغد المشرق) الأستاذ/ عمرو البيض24 مايو 2023م
13خطاب جماهيري اللقاء الموسع مع أبناء حضرموت في الرياضاللواء فرج  سالمين البحسني25 مايو 2023
14مقابلة تلفزيونية قناة (الغد المشرق) اللواء احكد سعيد بن بريك25 مايو 2023

 

مما سبق تبين أن

1- تجلت دلالة الزمان في الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي حين تركز في فترة زمنية قصيرة مواكبة للأحداث السياسية التي تجري في الساحة الجنوبية إذ انشـات تلك الخطابات في فترة أسبوعا فقط أي بمعدل نصين في اليومـ فقد

كان تاريخ 3 مايو / 4 مايو / 19 مايو / 20مايو 21مايو 22 مايو 23مايو 25 مايو، هي الأيام التي ألقيت فيها (14) نصا خطابيا، وجميع الأوقات الزمنية ذات دلالات مهمة لشعب الجنوب فهي معبرة عن احداث تاريخية تخص قضية شعبهم.

2- دلالات المكان في الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي إذ تبين أن معظم تلك الخطابات ألقيت في محافظة حضرموت؛ لما لحضرموت من ثقل سياسي واقتصادي واجتماعي واستراتيجي. 

 

جدول رقم (2) يوضح نوعية الخطاب

نوع الخطابالتكرارالنسبة
المقابلة التلفزيونية642%
الخطاب الجماهيري642%
التصريح18%
البيان18%
المجموع14100%

 

شكل رقم (1) يوضح نوعية الخطاب

 

 

مما سبق تبين أن نوع الخطاب جاء متنوعا ما بين المقابلة التلفونية الذي نال نسبة (42%) وجاء الخطاب الجماهيري نسبته 42%)) وتقاسم كلا من التصريح والختام البياني نسبة (8%) لكل منهما.

 

 

 

 

 

 

 

جدول رقم (2) يوضح نسبة باث الخطاب السياسي

باث الخطاب الصفةالتكرار النسبة
  الرئيس/ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي641%
 اللواء/ فرج البحسني نائب رئيس المجلس534%
 اللواء/ احمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية213%
  الأستاذ/ عمرو البيض الممثل الخاص لرئيس المجلس16%
الأستاذ/ نصر هرهرةمقرر الجمعية الوطنية16%
المجموع14100%

 

شكل رقم (2) يوضح نسبة باث الخطاب السياسي

 

 

مما سبق تبين أن الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي تنوع فيه باثي الخطاب ففي المرتبة الأولى جاء خطاب الرئيس عيدروس الزبيدي في المرتبة الأولى بنسبة ((41% ثم يليه خطاء اللواء فرج سالمين البحسني بنسبة (34%) وفي المرتبة الثالثة، جاء خطاب اللواء احمد سعيد بن بريك بنسبة ( ( 13% وفي المرتبة الرابعة والخامسة جاء خطاب الأستاذ عمرو البيض بنسبة(6%) وخطاب الأستاذ نصر هرهرة بنسبة(6%)

-       ثانيا: السياق الخاص بالخطاب السياسي

أوّل شيء نتعلمه من علم النص وآليات تحليل الخطاب والتواصل هو ربط الفعل التواصلي بالسياق، وهو نوعان سياق أو مقام خاص، وسياق ثقافي عام يؤطر الأطراف الفاعلة بصفة عامة.

ويعلمنا درس البلاغة العربية قاعدة تسمى «مراعاة المقام»، من خلال قاعدة لـ «كل مقام مقال»، ومراعاة مقتضى الحال، كما أن علم الخطاب يجعل للغة وظائف تأثيرية تعتمد أساليب وتقنيات مخصوصة في إبلاغ الكلام، وهو الأمر الذي يجعلنا نتساءل حول الدوافع والحوافر الكامنة والمتحكمة في إنتاج خطاب سياسي لا يخرج عن دائرة الأزمة.

إن المتتبع للمفردات المستعملة في الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي يجده خطابا انبثق من الفواعل الميدانية المتمثلة في مشروع الحوار الوطني الجنوبي واللقاءات التشاورية الحوارية وما نتج عنها من وثائق وأسس ومبادئ ومشاركة فاعلة هيئة تلك الفواعل الميدانية حقولا دلالية متعددة، لذلك فمجرد ذكرها وبأسلوب خطابي خاص، يثير انتباه المواطنين في سياق يتسم بجدية التقارب الوطني الجنوبي وترسم ملامح المشاركة والديموقراطية والشراكة وقبول لأخر.

من هنا يأت الخطاب ليصدر رغبته في التحولات السياسية واصلاحاته وتجديد أفكاره من خلال خطاباته ويبين ويعمق مفهوم الرؤية القادمة ويبين أن ازمات الاختلاف ممكن تجاوزها من خلال الحوار والمشاركة. 

كان الخطاب جاء الخطاب في ظل فترة استقرار أمني وعسكري ركز الخطاب على وحدة الصف والمشاركة في بناء المستقبل.

البيئة الداخلية: هنا تقاربات جنوبية تمثلت في المشاورات الجنوبية والتي توجت بالميثاق الوطني الجنوبي والهيكلة والشراكة كل تلك العوامل الداخلية أسهمت في إيجاد تحولات جذرية في بنية الخطاب السياسي الجنوبي الذي تجسد في خطاب المرحلة المحددة للدراسة وفيما يخص البيئة الخارجية فقد شكلت التقاربات السياسية الإيرانية السعودية وما نتج عنها من خفت حدة التوترات في جبهات القتال وذلك الاستقرار.

 

ثالثا: التحليل الكمي للخطاب السياسي

  لعل الوظيفة الرئيسية لتحليل المضمون تتركز في كشف "ما وراء النص" من خلال قياس كمي للمفردات للكشف عن تلك التي تتكرر أكثر من غيرها بغرض تكثيف الدلالة في ذهن المتلقي نتيجة لسيطرة مفهوم معين على المنظومة المعرفية لمنتج الخطاب، وقد يأخذ القياس شكلا آخر، وهو قياس المساحة المعطاة للنص سواء بالمساحة أو الزمن (للخطاب الشفوي). وتتعدد تحليل المضمون ما بين تحليل المفردات والموضوعات وكذلك تحليل لغة الجسد.

-       المفردات الأكثر شيوعا.

يقول (جون لاينز) في تعريفه للحقل الدلالي بأنه " مجموعة جزئية لمفردات اللغة" والهدف من تحليل اللغة هو جمع الألفاظ التي تخص حقلا معينا والكشف عن الصلة ببعضها ببعض والمصطلح العام وعرفه (أولمان) بـأنه " قطاع متكامل من المادة اللغوية يعبِّر عن مجال معيَّن من الخبرة"([2]) ويرى (جورج مونان) بأن الحقل الدلالي هو " مجموعة من الوحدات المعجمية تشمل على مفاهيم تندرج تحت مفهوم عام يحدد الحقل.

إن الحصر الكمي للمفردات الأكثر شيوعا في بنية الخطاب الساسي للمجلس الانتقالي الجنوبي تتركز حول تتبع البحث - للمعجم اللغوي في خطاب السياسي تتبعاً إحصائياً ومن خلال تتبع ذلك وجد أن مجموع ألفاظ الخطاب السياسي ومرادفاته واشتقاقاته ومصاحباته بلغ مجموعها الكلي (4700) مفردة، وقد بلغت المفردات الأكثر ترددا في معجم الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي حوالي(3250) لفظة، بنسبة (69%).

وأكثر تلك المفردات ترددا هي: (الحوار، الهوية، الوطن والتشاوري، الميثاق، الدولة، النظام، الفيدرالية، الديمقراطية، الإرهاب، الشراكة، الحرية، المجتمع، الهيكلة الإدارة، البناء، المستقبل، الخدمات، الشعب، ..) 

-       الموضوعات الاكثر ترددا في بينة الخطاب السياسي 

ومن خلال تتبع مضامين الخطاب لدى الرئيس القائد عيدروس الزبيدي فقد تجلت كثير من المضامين السياسية والدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية والحقوقية والإنسانية والدينية والتاريخية والجغرافية والتنموية والفكرية والايدلوجية، وتجلت قضية الديمقراطية والمشاركة، وفي إطار هذا الكم الهائل من المضامين والقضايا يحاول البحث أن يسلط اهتمامه على أبرز المضامين والمرتكزات التي احتواها الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، حيث إنها شكلت حقول دلالية امتلأت بالمضامين المعبرة عن مكنون الخطاب السياسي الموجهة، مما جعل من هذه الخطابات السياسية خارطة سياسية وثروة وطنية سياسية ودبلوماسية وثورية واجتماعية وامنية وعسكرية واقتصادية، وتعدُّ مرجعية سياسية للخطاب السياسي لمعظم  القوى الوطنية الجنوبية المؤمنة بقضية شعب الجنوب.

إن الحصر الكمي للموضوعات المستخدمة لا يعني أنه تتمركز في سياق واحد بل انها متفرقة وتربطها معان مشتركة تؤدي دلالات معبرة عن مضمون الخطاب الذي أراد الباث ايصاله لمستمعيه، وكل تلك المضامين هدفها الاقناع عن قصد ونية للمتلقي في سبيل إعادة التوازنات والوصول الى قواسم مشتركة مع الاخر، فمن خلال جملة نت الأفعال الكلامية التي تشكل الخطاب الذي قد يتحول الى فعل كلامي واحد انطلاقا من سلاسل الأفعال الكلامية.

 

 

جدول رقم (3) يوضح تكرار مضامين الخطاب السياسي

م

المضمون

التكرار

النسبة

1

الحوار الوطني الجنوبي

30

23%

2

الميثاق الوطني الجنوبي

22

17%

3

الهيكلة والشراكة والتحديث لهيئات المجلس  

20

16%

4

استعادة وبناء الدولة الجنوبية

15

12%

5

العلاقات الدبلوماسية وبناء السلام

14

10%

6

مواجهة التطرف والإرهاب

13

9%

7

الاقتصاد والتنمية

11

8%

8

مضامين أخرى

7

5%

المجموع

132

100%

 

شكل رقم (3) يوضح تكرار مضامين الخطاب السياسي

 

مما سبق ان مضامين الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي تفاوتت في نسبة التكرار ففي المستوى الأول احتل مضمون الحوار الوطني الجنوبي المرتبة الأولى بنسبة (30%) ومن ثم جاء في المرتبة الثانية مضمون ميثاق الوطني الجنوبي، بنسبة (22%)، وفي المرتبة الثالثة بنسبة( 20%)، وجاءت المضامين متفاوتة في الحضور. وهذا ما سنوضحه في الاتي:  

-       المضمون الأول: الحوار والمشاركة:

يعد هذا المحور مرتكزا رئيسا في بنية الخطاب السياسي للرئيس القائد عيدروس الزبيدي لكونه المنطلق لبناء مستقبل ثورة الجنوب المباركة، ولذلك فقد حرص الرئيس القائد على أن يجعل من هذا القيمة الحضارية مفتاحا لبناء وفاق وطني جنوبي عريض في سبيل الوصول إلى الأهداف التي رسمها المشروع الوطني الجنوبي التحرري والمتمثل في استعادة دولة الجنوب وبنائها بناء فيدراليا حديثا. 

ففي مقابلة تلفزونية أجرته قناة عدن المستقلة مع الرئيس القائد عيدروس الزبيدي تحدث قائلا: " إن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤسس لقاعدة ديمقراطية وحوار لكل أبناء الجنوب، ولفت إلى أن الديمقراطية والحوار هما الطريق الحقيقي والأمثل للخروج من أي أزمة سياسية." 

هنا أراد الرئيس أن يوصل رسالة للعالم أن ما يقوم به المجلس الانتقالي هو مسار تاريخي ورسم ثقافة الديمقراطية والبناء السلام في ونحن نؤسس لمبدأ وقاعدة ديمقراطية بدلا عن العنف والاقتتال نؤسس لثقافة سلمية مبنية على المفاوضات والحوار والتبادل السلمي للسلطة ومن خلال هذا اللقاء التشاوري الأولى لبناء مشروع وطني قادم خالي من العنف والتطرف والإرهاب. 

وقد جاءت مقابلته لتحتفي بتلك المناسبتين التي من خلالها أراد الرئيس القائد ارسال عدد من الرسائل السياسية للداخل والخارج، وأبرز تلك الرسائل التي كشفت عنها المقابلة هي": إن فريق الحوار الخارجي الذي كلفناه بالعمل والتواصل مع مختلف القوى والمكونات والنخب والشخصيات الاعتبارية والمتخصصة، قد بذل جهوداً مشكورة .اليوم حان الوقت لحوار موازٍ من الداخل، لترجمة اتصالاتنا الجنوبية المشتركة إلى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع كافة القوى والمكونات الجنوبية في العاصمة عدن، لضمان تحقيق أهدافنا الوطنية المشتركة، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب."

وليست هذه المقابلة فقط من تجلت فيها تلك القيمة بل أن خطابه السياسي منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 مايو 2017م حد اللحظة يتمحور حول مفاهيم الحوار والمشاركة حيث كشف دراسة أجرتها مؤسسة اليوم الثامن حول تحليل الخطاب السياسي للرئيس القائد عيدروس الزبيدي بينت أن محور الحوار والمشاركة جاء في مرتبة متقدمة بعد محوري الهوية والأرض والدفاع والمواجهة حيث احتلت تلك المحاور الثلاثة نسبة ((60% مما يعبر عن أهمية هذا المحور؛ لكونه القاعدة الصلبة لانطلاق الثورة واستمراريتها حتى تحقيق أهدافها المنشودة. 

والمتتبع لمجريات الواقع السياسي يرى أن تلك الخطابات قد ترجمت ترجمة حقيقة وصارت نتائجها ملموسة داخل بنية النسيج الاجتماعي والسياسي الجنوبي، حيث أن الرئيس أصدر قرارين بهذا الخصوص، ففي عام 2021م أصدر القرار رقم "33"، بشأن تشكيل فريق حوار جنوبي خارجي. وفي عام 2022م أصدر القرار رقم 8 لعام 2022، بشأن تشكيل فريقي الحوار الوطني الجنوبي في الداخل. 

وقد تابع كل مجريات عمل اللجنتين في الداخل والخارج، وها هو اليوم يكشف للرأي العام في الداخل والخارج عن مسارات الحوار الوطني فقد كشف في مقابلته التي تواكب اهم حدثين تاريخيين لشعب الجنوب هما تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن عن تشكيله في 4 مايو 2017م وكذلك اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي الذي سيدشن أولى فعاليته يوم غد الخميس الموافق 4 مايو 2023م. 

وفي خطاب القاه سيادة الرئيس عيدروس الزبيدي في افتتاح اعمال اللقاء التشاوري للحوار الوطني الجنوبي تحدث قائلا:" وإذ نُحيي كل القوى الوطنية الحيَّة التي لبَّت دعوات الحوار، واجتمعت تحت سقف واحد وعلى هدف واحد، لترسم معالم مستقبل وطننا الجنوبي ودولته المنشودة، فإننا نؤكد في الوقت ذاته بأن مساعينا في الحوار وجهود تعزيز الاصطفاف الوطني، وحماية مكتسبات شعبنا وتمتين ركائز بناء دولة الجنوب لن تتوقف ولن تستثني أحد، للعبور بسلام نحو المستقبل الآمن الذي رسمناه بأصواتنا وأقلامنا وبنادقنا ودمائنا الطاهرة التي لم ولن تغيب عن أذهاننا."

وفي تصريح للواء البحسني ذكر فيه أهمية المرحلة القادمة التي تتطلب أن يكون العمل فيها بشكل جماعي وهذا العمل يرتبط بقضايا بالجنوب حيث أشار مباشرة إلى أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تحضّر لعقد الدورة السادسة للجمعية الوطنية في الـ21 من مايو 2023م في محافظة حضرموت من أجل التشاور والتداول حول النتائج والنظر إلى المستقبل، وقد أكدّ في هذا المحور أنه أصبح عضوا في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ولفت إلى " أن أبناء حضرموت لن يختلفوا أبدًا حول مصير محافظتهم، كون أن المواقف التي تمّت على خلفية المتغيرات السياسية من أجل تعزيز الخيار الأفضل للمحافظة وتثبيتها في خارطة المسار السياسي الجديد" .

وفي كلمته في اللقاء الموسع بالشخصيات الاجتماعية الحضرمية تحدث اللواء البحسني قائلا:” إن نجاح الحوار الوطني الجنوبي، وانضمامنا للمجلس الانتقالي الجنوبي، سيمثل إضافة للمجلس، لتوزيع جهود الحوار بين جميع القوى، فالجنوب بحاجة لكل أبنائه متخلصين من ترسبات الماضي”.

وأكد نائب رئيس المجلس أن انضمامه لقيادة المجلس الانتقالي بعد مشاورات مع الرئيس الزُبيدي" لمواجهة خطورة المرحلة، فقضية الجنوب لا يمكن أن تنتصر إلا بوحدة الصف، وبإعلاء لغة المحبة والسلام، ونبذ خطاب الكراهية والعنف، منوها بأن ذلك كفيل بإيصال رسالة الجنوب للجميع".

 

-       المضمون الثاني: هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي

لقد سارت عملية الحوار الوطني الجنوبي في خط متوازي مع قرار الهيكلة حيث شكلا كلا القرارين لحظة تاريخية فارقة في مسيرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وتلك العملية الثنائية رسمت بخطى ثابتة وبعد دراسة تقييمية لسبع سنوات من العمل السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري، مما جعل التحديث والتطوير في بنية المجلس الانتقالي الداخلية في سبيل الاستفادة من كافة القوى الوطنية وكذلك تعزيز الفرص ومواجهة التحديات التي تواجه مسيرة ثورة شعب الجنوب التحررية. 

لقد تطرق الرئيس الى عملية هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي في الذكرى الخامسة لتأسيس الجمعية الوطنية حين القاء خطابا قال فيه أن جهودنا الحثيثة لن تقتصر على عملية الحوار فقط، بل الى تمثيل أوسع لشعبنا الجنوبي وقواه ومكوناته من خلال الإصلاح المؤسسـي، من خلال إعادة هيكلة مؤسساتنا وهيئاتنا الوطنية وتوسعتها والتغيير المناسب في قوامها والاستحداث الذي يتواكب مع المتطلبات القائمة، بعد تقييم واسع للأداء على مستوى المؤسسات والأفراد.

وشدد الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على أن هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي في حالة بناء مستمر منذ تأسيسه قبل 6 أعوام، مشيرا إلى ضرورة تحديث وثائق المجلس للنهوض بفعالية النشاط السياسي.

وأشار في تصريحات مساء الأربعاء إلى أن عملية إعادة الهيكلة تشمل المؤسسات العسكرية والأمنية عقب انتهاء أعمال هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي. ومن نتائج هذا النشاط السياسي المتسارع للمجلس الانتقالي الجنوبي وقع الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مساء اليوم الأربعاء، قرارا حمل رقم (1) لسنة 2023 لتعديل النظام الأساسي للمجلس، باستحداث هيئات مركزية ومساعدة لهيئة الرئاسة. 

ونص القرار على دمج لجان الجمعية الوطنية ودوائر الأمانة العامة والإدارات التنفيذية في القيادات المحلية بالمحافظات والمديريات، وأقر ضوابط ومعايير تنظيمية للعضوية ولوائح الانضباط الوظيفي. 

جاء القرار عقب إنجاز لجنة هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي، المُشكلة بقرار من الرئيس الزُبيدي مهامها، تأكيدا لتوجه القيادة نحو تطوير المجلس وآلياته وهيئاته. 

ودفع الرئيس الزُبيدي نحو تفعيل أدوات التخطيط والتنظيم والرقابة على الأداء، والاعتماد على الشباب والكفاءات. وضمان الفاعلية في أداء قيادات المجلس والمحاسبة على التقصير. 

ويعكس القرار إرادة قيادة المجلس على تعزيز وحدة الصف الجنوبي واستيعاب نتائجه في إطار هيئاته، وإنجاز تطلعات شعب الجنوب لاستعادة دولته. 

-       المضمون الثالث: استعادة وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية

 وفي كلمته في افتتاح أعمال الجمعية قال إن قيادة شعب الجنوب ستذهب إلى كل بقاع أرض الجنوب وتلك هي وظيفتها أن تصل حيث يتطلب أن نكون.

والجميع مجمع على استعادة الدولة. أن جهودنا الحثيثة لن تقتصر على عملية الحوار فقط، بل الى تمثيل أوسع لشعبنا الجنوبي وقواه ومكوناته من خلال الإصلاح المؤسسـي، من خلال إعادة هيكلة مؤسساتنا وهيئاتنا الوطنية وتوسعتها والتغيير المناسب في قوامها والاستحداث الذي يتواكب مع المتطلبات القائمة، بعد تقييم واسع للأداء على مستوى المؤسسات والأفراد.

إن الجنوب سيعمل على استعادة عضويته السابقة في منظمات الأمم والمحافل الدولية.، ومؤكدا أن الجنوب لم يعتد على أحد وشعب الجنوب مستعد للدفاع عن وطنه من أي خطر يهدده. أشار الرئيس القائد أن شعب الجنوب حريصا على تكوين علاقته مع كافة الدولة المجاورة والإقليمية

واختتم الرئيس الزبيدي كلمته قائلا: ”الثبات الثبات يا أبناء حضرموت، وثقوا كل الثقة أن دولة الجنوب قادمة لا محالة”.

إن المتتبع لخلفية التصريح يرى أن جاء بعد حدثيين مهمين وهما: تعلق عضويته في مجلس الرئاسي المؤقت، نتيجة عدم تجاوب المجلس الرئاسي مع مطالب حضرموت المتوافق عليها في اتفاقية ومشاورات الرياض، والحدث الثاني، هو قيامه بزيارة خارجية ناجحة شملت عدد من الدول العربية لمناقشة بعض القضايا المهمة.

عضو مجلس القيادة الرئاسي ونائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي أدّلى بتصريح صحفي عقب وصوله، عبر خلاله عن سعادته بعودته إلى أرض الوطن، وتواجده في مدينة سيئون بين أهله وناسه، تطرق في بداية تصريحه "عن فترة غيابه عن حضرموت، لم يكن لرحلة سياحية بل كان لمعالجة بعض الملفات السياسية المهمة والمهمة جدا، مفصلا طبيعة تلك المهام بقوله: " مهمة لحضرموت مهمة للجنوب مهمة للوطن"، وكل تلك الملفات التي تتطلب حلول لمعالجتها.

وفي المحور الثاني: لتصريحه تحدث عن قيامه بمهمة تقييم للمؤسسات بمحافظة حضرموت، ابتداء بالسلطات المحلية بالمديريات، والمرافق الحيوية المهمة، للاطلاع عن كثب على مستوى أدائها، وأوضح أن الزيارات ستشمل الأجهزة العسكرية والأمنية أيضًا؛ لتقييم عملها، مؤكدًا أنه سيتم تنفيذ مبدأ الثواب والعقاب مع المنضبطين والمقصرين في أداء واجباتهم.

وخاطب اللواء البحسني الحاضرين في ختام كلمته قائلا:” أمامنا عمل كبير وشاق، فبعد أن عانينا كثيرا في المراحل السابقة، علينا أن نؤسس لنظام شفاف وكفؤ، يبرز الكوادر ويعطيها الفرصة لكي تعمل

-       المضمون الرابع: العلاقات الدبلوماسية وبناء السلام

 رسم مسار تاريخي ورسم ثقافة الديمقراطية والبناء السلام في ونحن نؤسس لمبدأ وقاعدة ديمقراطية بدلا عن العنف والاقتتال نؤسس لثقافة سلمية مبنية على المفاوضات والحوار والتبادل السلمي للسلطة ومن خلال هذا اللقاء التشاوري الأولى لبناء مشروع وطني قادم خالي من العنف والتطرف والإرهاب. 

أشار الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى إجماع المكونات الجنوبية على أن استعادة الدولة شرط أساسي لأي حوار مستقبلي. وأكد في لقاء على قناة عدن المستقلة، أن الجنوب سيحرص على تكوين علاقات متميزة مع دول الجوار، وتعهد بعودة عضوية الجنوب السابقة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية.

 أن الجنوب يؤمن الجبهة الداخلية، بينما يحاول أعداء الجنوب إفشال توحيد الصف. وكشف وجود مشروع ميثاق وطني قابل للتعديل بالزيادة والنقصان ويتحول لميثاق نهائي بتوافق المكونات السياسية الجنوبية عليه.

مؤكدا على ان قيادة شعب الجنوب ستذهب الى كل بقاع ارض الجنوب وتلك

هي وظيفتها ان تصل حيث يتطلب أن نكون. وأكد أن الجميع مجمع على استعادة الدولة.

وفي تصريح للواء فرج البحسني صرح قائلا : " إن العلاقات الدبلوماسية مع إخواننا في المناطق الشمالية ستقف مع إخوانهم بقوله " إن أبناء الجنوب لن يتخلّوا عن إخوانهم من المناطق الشمالية الذين قاوموا الميليشيات، بل سيدعمونهم في سبيل التخلص من ميليشيات الحوثي.."

وفي إطار العلاقات مع اخوانا في الشمال أشار فيه إلى جهود التسوية السياسية في البلاد التي وصفها بأنها" تمشي بطريقة سريعة، وأن العدو المتمثل بميليشيات الحوثي بات معروفًا للجميع". وتطرق إلى إرادة شعب الجنوب بقوله: " إن الجنوبيين اليوم يرفضون فكرة التوحّد مع هذه الميليشيات.. ومش معقول نتوحد مع الحوثيين حتى أن أبناء الشمال أنفسهم لا يرضون أن نكون تحت سلطة الحوثي، وأشار أن هذا هو طلبنا الحل العادل وهناك حلول شبه واضحة والحل العادل واضح  وشدد على ضرورة أن يستعد أبناء الجنوب كافة ويسخروا جهودهم لنيل الاستحقاقات القادمة"، وطالب بمشاركته في هذا الرأي وقال يجب أن نستعد بتضامن قوي وواسع وكل الجنوبيين يجب أن يلتحموا حول بعضهم البعض وهذا ما نسعى إليه، قائلاً: " أنا عندي أمل أن هذا سيتم وكل القوى السياسية يجب أن يشتركوا على رؤية تجمعهم في الحوار ويحملون فكرة ورؤية ماذا يريدون للجنوب هذا ما سنسعى إليه في الأيام القادمة"، وفي نهاية تصريحه صرح قائلا : " إن العلاقات الدبلوماسية مع إخواننا في المناطق الشمالية ستقف مع إخوانهم بقوله " إن أبناء الجنوب لن يتخلّوا عن إخوانهم من المناطق الشمالية الذين قاوموا الميليشيات، بل سيدعمونهم في سبيل التخلص من ميليشيات الحوثي.."

وطمأن البحسني الجميع أنَّ القيادة الجنوبية ليس من أهدافها العداء لأي طرف، وإنَّ الأخوة الشماليين الذين تربطنا بهم علاقة وطنية ويوحِّدنا معهم هدف التصدي لمشروع الحوثي والذي ينبذون سياسته ويناضِلون من أجل تحرير مناطقهم من احتلاله وسيطرته سيحضون بدعمنا حتى يتم تحقيق ذلك الهدف النبيل.. حاثًا على ضرورة نبذ حوار العنف والاقصاء وخطاب الكراهية والعدائية، واستبداله بخطاب التصالح والتسامح والمحبة والسلام، وأضاف أن الصوت العالي ليس الوسيلة لإيصال رسالتنا إلى العالم وإلى الأشقاء والأصدقاء وإلى شعبنا في الداخل، بل أنَّ الحكمة ووحدة الصف هي الكفيلة بتوصيل رسالة الجنوب للجميع. 

مما سبق تبين أن هناك مرحلة وتحولات جديدة تتبلور في الخطاب السياسي الجنوبي واليمني، ففي محاور التصريح التي أدلى به البحسني ترتسم ملامح المرحلة، حيث أن ما صرح به البحسني جاء متواكبا مع مخرجات الحوار الوطني الجنوبي.

ويعد هذا أول تصريح للبحسني بعد تعليق عضويته وكذلك أول تصريح له بعد تعيينه نائبا لرئيس المجلس الانتقالي، مما يؤكد على أن الجنوب قادم على مرحلة جديدة تتطلب تكاتف الجميع نحو الهدف المشترك لأبناء الجنوب.

-       المضمون الخامس: مكافحة الإرهاب الدولي.

يعد ملف مكافحة الإرهاب من اهم الملفات التي اولاها القائد عيدروس الزبيدي اهتمامه منذ فترة مبكرة وكان شعاره دائما في معظم خطاباته السياسية حماية ارض الجنوب وتأمينها من الإرهاب مبينا ان حماية منطقتنا الاستراتيجية، وتأمين خطوط الملاحة البحرية في باب المندب وخليج عدن يتأتى من خلال استقرار حقيقي في الجنوب العزيز، وهذا ما نعمل عليه مع شركائنا في المنطقة.

واعتبر أن ملف الإرهاب شائك ودخيل على الجنوب، مشيرا إلى ضرورة عملية سهام الشرق كضرورة لدحر القوى الإرهابية وداعميها مطالبا المجتمع الدولي بدعم القوات المسلحة الجنوبية في حربها على الإرهاب.

والإرهاب آفة عالمية عانى منها الجنوب ومن هنا نطلب الدعم الكامل من قبل الدول، لذلك، فإن محاولة أعدائنا الآن إعادة إحياء وتصدير الإرهاب لن يغير من حقيقة أننا ذاهبون إلى تحقيق هدفنا الوطني وثابتون عليه، وندعو دول التحالف والمجتمع الدولي إلى الإسهام الفاعل معنا في جهود مكافحة الإرهاب، وصون وتعزيز الأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

وأكد أن المجلس في تواصل مستمر مع المجتمع الدولي لدعم جهود مكافحة الإرهاب في الجنوب، وفي الوقت نفسه شاكرا التخالف العربي في دعمه المتواصل للجنوب خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وكذلك مشيدا بالجهود الأمنية والمجتمعية لأبناء ابين ووقوفهم ضد الخلايا الإرهابية. 

وفي كلمته امام الجمعية الوطنية وجه دعوته لدول التحالف والمجتمع الدولي إلى الإسهام الفاعل معنا في جهود مكافحة الإرهاب، وصون وتعزيز الأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

وأشار أن المجلس في تواصل مستمر مع المجتمع الدولي لدعم جهود مكافحة الإرهاب في الجنوب، وفي الوقت نفسه شاكرا التخالف العربي في دعمه المتواصل للجنوب خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وكذلك مشيدا بالجهود الأمنية والمجتمعية لأبناء ابين ووقوفهم ضد الخلايا الإرهابية. 

هذه وقفات تحليلية سريعة لبعض مضامين تلك المقابلة المهمة التي تُشكّل« التحول الاستراتيجي في رؤية المجلس الانتقالي للمرحلة القادمة» ومن المؤكد أيضاً أن ثمة جوانب أخرى من المتطلبات التي تتطلبها هذه المحطة المفصلية من تاريخ نضالات شعبنا في الجنوب التي لم يتم التطرق لها في خضم هذه المقابلة المختصرة، على أنه من الضروري استمرار الحوار الوطني الجنوبي السياسي والمجتمعي والثقافي والاكاديمي والديني بنفس علمي هادئ وأسلوب نقدي إيجابي، لإنضاج الرؤى والفهم حيال كافة المتطلبات التي نحتاجها لإحداث ثقافة الحوار والتفاوض وبناء السلام في سبيل بناء نهضة لشعبنا في الجنوب العربي

-       المضمون الاقتصادي والتنموي:

لقد شغل هذا المضمون الاقتصادي والتنموي القادة السياسة للمجلس الانتقالي الجنوبي منذ بداية تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، فملف الاقتصاد والخدمات هي من اعقد الملفات التي اتخذها الخصم السياسي أداة في حربه ضد الجنوب وكانت المعاناة تضرب شعب الجنوب في مقتل؛ رغم ذلك القائد عبر عن مضمون هذه القضية في أكثر من خطاب مرغبا ومرهبا لمن يلعب بهذا الملف الإنساني والخدمي الخطير، فقد صرح الرئيس الزبيدي في أحد مقابلته قائلا"

-       ثالثا: التحليل الكيفي

هذا المبحث في تحديد معالم واستراتيجيات توظيف لُغة الجسد في إنتاج الخطاب السياسي حيث إن شعبنا في الجنوب يمرّ بفترة حرجة، وجاء هذا الاهتمام بتحليل لغة الجسد للوصول إلى معرفة دور الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلا في الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في صنع السلام والسعي في سبيل بناء دولة جنوبية متماسكة وتعزيز دور الحوار الجنوبي وتوحيد الصف، حيث تمت مشاهدة وتحليل عدّة خطابات ومقابلات تلفزيونية واجتماعات، لكي نتمكن من تحليل لغة الجسد لدى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويعدّ البعد أو المجال السياسي أحد الجوانب التي تحظى بالاهتمام والتحليل عند بحث التنمية في محتواها الشمولي. ولم يتوصل الباحثون والمخططون إلى أخذ الجانب السياسي بعين الاعتبار إلا بعد التجارب التنموية المتكررة التي أصابها الإخفاق والتعثر في البلدان النامية، تلك البلدان التي تعذر عليها تحقيق أهداف أساسية، من خلال تلك التجارب. ولقد وجد الباحثون أن العامل السياسي كان ذا أثر في نجاح أو فشل الخطط في البلدان التي شملتها الدراسات.([3])

والتنمية السياسية هي الشّعور القومي لدّى الجمهور من أجل العمل على توحيد الخصائص الثقافية في الدولة لتقوم المؤسسات فيها على مبادئ الدولة المعاصرة والتي تسيرها نظام حكومي قومي، بالإضافة إلى الحرص على تعبئة الجماهير ورفع وعيها السياسي في اتخاذ القرار، مع بناء قدرة الدولة على التواصل مع الشعب لتحقيق أهدافها المختلفة، وبناء مؤسسات الدولة أجهزتها باختلاف أنواعها وتحديد وظائفها بما يتّفق مع كلّ المبادئ الاجتماعية والثقافية وكل النّصوص الدستورية في الدولة، والتأكيد على استقلاليتها وقدرتها على فضّ النزاعات المختلفة بصورة محايدة.([4])

-       نبرة الصوت ولغة الجسد:

يعد التواصل الصوتي والبصري فعال جدا في الاتصال غير اللفظي ومن خلال التحليل لعدد من المقابلات التلفزيونية وجد أن القائد عيدروس الزبيدي يمتلك لغة جريئة بنظرة واثقة وتشير حركة العينين بالنظر للأسفل أثناء المقبلات التلفزيونية إلى تذكر بعض المشاعر أو التفكير بالمستقبل. بينما يتواصل مع الجمهور الذي يشاهده في الخطابات السياسية المباشرة بشيء من الاهمال في توزيع النظر وذلك لاعتماده الغالب على القراءة من الورقة وهذه الطريقة تعطي انطباع بالعصبية وعندما تناول بارسونز التفاعل الاجتماعي فأنه تناوله من خلال طبيعة ثلاث أنماط من الأنساق التي ترتبط بطبيعة الفعل الاجتماعي أولاها النسق الاجتماعي الذي يتكون من مجموعة من الأدوار ذات العلاقات المتداخلة، تلك الأدوار التي تشكل مجموعة من الأفراد الذين يتفاعلون بعضهم مع البعض الأخر، وأن هدف هذا التفاعل هو الميل إلى الإشباع الأمثل لاحتياجاتهم.

-       خطاب عاطفي أم عقلاني

لقد تحدث الرئيس القائد عيدروس الزبيدي عن جوانب أساسية في رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي للمرحلة القادمة، بعد أن مضت 6 أعوام من إعلان عدن التاريخي الذي على إثره تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي. 

وفي هذه القراءة الأولية نقدم تحليلاً «خفيفاً» لبعض الأبعاد الرئيسة. قبل البدء بمثل هذا التحليل، أشير إلى جملة حقيقة وجدتها في معظم خطاباته وهي" أنه يدرك تماما ما يقول ويفهم بعمق ما يتكلم عنه، وكأنه يحيط بكل شيء يخص قضية شعبه في الجنوب" 

ومما جاء في المقابلة، أولا تعد المقابلة في قناة عدن المستقلة هي الأولى من نوعها بهذه الدقة والفنية وبالفعل كانت نقلة نوعية غير مسبوقة في الخطاب الإعلامي الجنوبي، إذ ركز المحاور على محاور رئيسة مع قدرة كبيرة على استيعاب متطلبات المرحلة وتوصيلها والتعريف بأجزائها التفصيلية (لقاء خاص) وفق ما يتلاءم مع سياق المناسبتين (إعلان تأسيس المجلس وكذلك اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي). ولكي تسهل متابعة هذا التحليل سيكون على شكل محاور مختصرة، مع وضع عناوين فرعية، وإثبات نصوص مقتبسة من المقابلة كما وردت في موقع قناة عدن المستقلة البث المباشر.

 إن لغة الجسد هي الإشارات غير اللفظية أي أنها اتصال غير لفظي الذي يعبر عنه أنه ذلك النوع من الاتصال يتم فيه استخدام الإشارات والوجه والصورة وكلها رموز لمعان معينه ([5] ) وعادة ما نجد أن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي يبدأ حديثه بابتسامة تساعد المتلقي على عدم الشعور بالخطر، وفي تحليل لغة الجسد للقادة السياسيين غالبا ما يتم استخدام اليدين للتعبير عن السيطرة والتحكم بزمام الأمور وأن وضع راحة اليدين بارزة هي دليل الصدق والراحة النفسية والثقة بالنفس وأثناء تحليل بعض المقابلات التلفزيونية لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وجد أنه يتعمد وضع راحة اليدين على الفخذ دلالة على التحفظ على بعض الأفكار والقناعات أو اخفاء بعض المعلومات والمشاعر وهذه الحركة تساهم في جعله شخصية منفتحة على الجميع.

-       تصدير أفكار جديدة

أن لغة ملامح جسد الباث للخطاب فهذا المبحث وهو الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي لوحظ أنه يرسل انطباعات وينقل أفكار تساهم في التقارب النفسي لدى الجمهور من أبناء الجنوب فهو ذكي في نقل وجهات نظره ولديه القدرة على توسيع الخيال لدى المتلقي ومن خلال ارسال رسالة واحدة يقوم بأرسال عدة رسائل فهو يرسل ما يعني قوله وما يقوله فعلا وما يريد أن يسمعه للأخر بكل ثقة وثبات.

الخطاب السياسي لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي عمل على إرسال القيم والمعتقدات والتجارب الشخصية فهو يعبر عن الأفكار والمشاعر في داخله ويعبر عن تحمله للمسؤولية دون استخدام عبارات يطول الشرح فيها فهو يملك الاحتراف ويميل إلى عدم المبالغة في التعبير عن المشاعر أو عن وصف النفس أو عن الإنجازات والأهداف التي يحققها من خلال استخدام جمل قصيرة واضحة كافية لإقناع الآخرين وعند شدّة الحديث يميل إلى استخدام نبرة صوت حماسية دليل على تفاعله مع الجمهور المتلقي وذلك كون الاتصال اللفظي من أساسيات العلوم السياسية لفترة زمنية طويلة.

-       مراعاة مقتضى الحال

فحين التقاء الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بمرجعيات ومقادمة حضرموت خاطبهم بعفوية وبلغة بسيطة غير متكلفة كما وصفها كلام من القلب الى القلب/ ففي هذا المقام استطاع الرئيس القائد ان يقنع ويؤثر واوصل الأفكار الى أكثر عدد ممكن حيث اعتمد الخطاب على البساطة والاختصار نحو قوله:

-       تقويم الخطاب السياسي الجنوبي حاضرا ومستقبلا

إن الدارس للخطاب السياسي الجنوبي يرى ان يسعى الى التحول العملي نحو خطاب متزن وعقلاني يواكب متطلبات المرحلة شكلا ومضمونا ودائما ما يبحث عن الديمومة في سبيل مواجهة التحديات التي تعيق مسير قضيته وهذا ما بذله خلال السنوات الست المنصرمة منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

-       توحيد الخطاب السياسي الجنوبي العقلاني المؤسسي.

بمعنى أن الخطاب السياسي الجنوبي صار خطاب موحدا من خلال إيجاد فاعل سياسي متزن يشمل الجميع، بشكل عملي لضمان صيرورة خطاب سياسي فاعل ومرن يشمل الجميع بلا استثناء وقدار على تجاوز الاختلافات والأزمات التي تنشا هنا وهناك، والعمل وفق تفاهمات مشتركة تضمن استمرارية الاستقرار السياسي وتشكيل نواة لممارسة النفس الديمقراطي.

-       نشر ثقافة خطاب السلام ونبذ ثقافة الكراهية داخل المجتمع الجنوبي:

وهذا المنطلق الذي بدأه المجلس الانتقالي في المرحلة الراهنة من خلال الحوار والشراكة والتقارب الاجتماعي السياسي والعمل على إرساء أسس التسامح والقبول بالأخر والشراكة مما يقوي حالات الانسجام وزرع الثقة ويضمن وحدة المجتمع الجنوبي مع العمل على بلورة عقد سياسي جديد يوثق العلاقة بين الأطراف الاجتماعية والسياسية جميعا بشكل متوازن تتوحد فيه الرؤى والمواقف وبناء عملية سياسية مستقرة في سبيل مواصلة استعادة وبناء الدولة.

-       البدء في إيجاد خطاب سياسي جامع فاعل ومرن ليشمل الجميع.

تبدأ من الابتعاد عن فكرة من ليس معنا هو ضدنا والانطلاق من قواسم مشتركة تضمن الاستقرار المؤسسي في سبيل تجاوز التحديات الداخلية والعمل معا في تطوير المنظومة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي يضمن الاستمرارية والفاعلية وصولا الى مرحلة تعزيز الثقة.   

-       النتائج والتوصيات

لقد توصل الدراسة إلى نتيجتين عامتين هما:

الأولى: أن الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي في الفترة الخاضعة للدراسية حقق تحولات كبرى في الكم والنوع وقفز قفزة نوعية في التأثير ومواكبة الأحداث ورسم ملامح المستقبل للقضية الوطنية الجنوبية، بالإضافة لامتلاكه قدرة فنية بارعة ساعدته في توظيف إمكانات اللغة معانيها ومبانيها وأساليبها وتراكيبها ووسائل توصيلها وكذلك الاستفادة من لغة الجسد الاتصالية - في التعبير عن مضامين الخطاب السياسي.

الثانية: التحول العملي نحو خطاب متزن وعقلاني يواكب متطلبات المرحلة شكلا ومضمونا ودائما ما يبحث عن الديمومة في سبيل مواجهة التحديات التي تعيق مسير قضيته وهذا ما بذله خلال السنوات الست المنصرمة منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ووصل الى مبتغاه في هذه المرحلة.

 وأهم النتائج التفصيلية التي توصلت إليها البحث هي:

1-   أن الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي استطاع ان يؤثر تتأثرا مباشرا في المتلقين سواء أكانوا في الداخل أم الخارج وقد أعتمد الخطاب السياسي على صناعة الحدث السياسي مما جعله يتصل مباشرة بالجماهيري، وكان أكثر تأثيرا وشمولا؛ لكونه ارتبط بالواقع السياسي وكان قريبا من عاطفة الجماهير السياسية حيث تم اختيار مناسبات وطنية وحقق انتصارات سياسية داخلية وخارجية.

2-   أن الخطاب السياسي الجنوبي صار خطاب موحدا من خلال إيجاد فاعل سياسي متزن يشمل الجميع، بشكل عملي لضمان صيرورة خطاب سياسي فاعل ومرن يشمل الجميع بلا استثناء وقدار على تجاوز الاختلافات والأزمات التي تنشا هنا وهناك، والعمل وفق تفاهمات مشتركة تضمن استمرارية الاستقرار السياسي وتشكيل نواة لممارسة النفس الديمقراطي

3-  أن لغة الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي اختلف هذه المرة عن الخطابات السابقة حيث شمله التنوع في القوى الفاعلة والمنتجة للخطاب فقد شكل التوافق الوطني الجنوبي لوحة وطنية افرزت عدد من القيادات الميدانية العسكرية والسياسية والاجتماعية أسهمت في تطوير التحولات في بنية الخطاب السياسي.

4-  إرساء أسس التسامح والقبول بالأخر والشراكة مما يقوي حالات الانسجام وزرع الثقة ويضمن وحدة المجتمع الجنوبي مع العمل على بلورة عقد سياسي جديد يوثق العلاقة بين الأطراف الاجتماعية والسياسية جميعا بشكل متوازن تتوحد فيه الرؤى والمواقف وبناء عملية سياسية مستقرة في سبيل مواصلة استعادة وبناء الدولة.

5-  برزت التحول الأكبر في مضامين الخطاب السياسي حيث اشتملت لغة الخطاب على عدد من الحقول الدلالية المعبرة عن رؤاه وأهدافه في الحاضر والمستقبل حيث بلغت نسبتها عالية في مجموع لغة الخطاب الكلية، وما لفت انتباه الباحثين هو ظهور مصطلحات سياسية جديدة نحو: (الديمقراطية والشراكة والحوار الوطني والميثاق الوطني ونظام الحكم وصيغة التبادل السلمي للسلطة والهيكلة وغيرها من المصطلحات التي توحي بمرحلة بناء الدولة..)

6-    إن الخطاب السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي اعتمد بدرجة رئيسة على التأثير الاتصالي القائم على الإقناع والاستدلال، بهدف تسويق صورة قضيته وسياسة المجلس الانتقالي الجنوبي في المرحلة القادمة.

7-  أن الخطاب السياسي اعتمد على استراتيجيات المعلومات التاريخية لاسيما في الخطاب الموجهة لأبناء حضرموت في سبيل ابراز مكانتهم ودورهم في الحاضر والمستقبل حيث كانت أكثر توظيفا، منتهجا أسلوب التكرار وبناء المعاني بهدف بناء وتشكيل صورة وهوية دولة الجنوب الجديدة وأن استقرار الجنوب يعني استقرار المنطقة بل والعالم، محاولا ترسيخ تلك المبادئ في أذهان المتلقين..

8-  اتسمت المؤشرات الزمنية للخطاب الرئاسي الموجه لوسائل الإعلام بالربط المنطقي بين الماضي والحاضر بالمستقبل بالدرجة الأولى من خلال الربط بين توصيف الواقع وکيفية التعامل معه في ضوء الاستفادة من الماضي للتنبؤ بالمستقبل لأجل تحقيق الأهداف المستقبلية المرادفة لخطة المجلس الانتقالي، وأكد على ذلك تكرار استخدام الأفعال والكلمات الدالة على ذلك، مثل: " استعادة الدولة - بناء الدولة الأهداف المصيرية – وطن يتسع للجميع – سنكون شركاء في بناء الوطن – سنحاول تجاوز الصعاب.   

ثانيا: التوصيات

لقد توصل الباحثون بعد استنباط نتائج البحث إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات والتي نوردها كالاتي:

1-  الاهتمام بتحليل الخطاب السياسي والإعلامي بشكل والخطاب السياسي والإعلامي الجنوبي بوجه خاص في سبيل كشف نقاط القوة والضعف والاستفادة ومنها في تعزيز قدراتنا السياسية والإعلامية وموجهة التحديات.

2-   الدقة والتركيز على مضامين الخطاب الهادفة والمواكبة لتطورات الاحداث السياسية المحلية والإقليمية في سبيل زيادة وعي المتلقي.

3-  تنمية الوعي السياسي الاجتماعية لدى الشخصيات السياسية والاجتماعية في سبيل مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بقضية شعبنا.

-        المصادر والمراجع

1.  http://stcaden.com   الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي.

2.  الأسلوب (دراسة لغوية إحصائية): سعد مصلوح، عالم الكتب، القاهرة، ط3، 2002م

3.  البلاغة والأسلوبية: محمد عبد المطلب، الشركة المصرية العالمية للنشر – لونجمان، القاهرة، ط1ن 1994م.

4.  تأويل الأسلوب (قراءات حديثة في النقد القديم): مصطفى السعدني، منشأة المعارف، الإسكندرية..

5.  الخطابُ السِّياسي للرئيس القائد عيدروس الزُبَيْدي من 4/ مايو /2017م إلى 4/ مايو/ 2022م "قراءة تحليليّة دلاليّة" إعداد وتقديم ، د. صبري عفيف  ، د. أشجان الفضّلي، أ. صالح أبو عوذلـ إصدارات مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات لعام 2022م

6.   العبارة والإشارة، دراسة في نظرية الاتصال، د. محمد العبد، القاهرة، ط1 ،1428هـ ـ 2007 م.

7.  العنوان وسيموطيقيا الاتصال الأدبي، د. محمد فكري الجزّار، الهيئة المصرية العامّة للكتاب،1998م.

8.  علم الدلالة: أحمد مختار عمر، عالم الكتب، ط4, 1993م.

9.  النقد والدلالة نحو تحليل سيميائي للأدب محمد عزام، منشورات وزارة الثقافة بالجهورية العربية السورية دمشق، 1996م.

10.         في النص الأدبي (دراسات أسلوبية إحصائية): سعد عبد العزيز مصلوح، عالم الكتب، القاهرة، ط3, 2002م.\

11.         المرجع الأكيد في لغة الجسد، آلان وباربرا بييز، المملكة العربية السعودية، ط5، 2005م.

[1] ) ينظر: تمثلات اللغة في الخطاب السياسي ، عيسى عودة برهومة، ص 24

([2]) علم الدلالة: أحمد مختار عمر، عالم الكتب, ط4, 1993م, ص79.

 [3]) أحمد قائد بركات، مآزق التنمية ونظرة خاصة إلى اليمن والتنمية العربية، ط1، دار الفكر للنشر، دمشق, 1988ص42.

([4] https://hyatok.com

[5]) منال هلال المزاهره , نظريات الاتصال , ط 1, دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة , عمان, الأردن ,2012 ,ص 42