د. عاصم عبد الرحمن يكتب لـ(اليوم الثامن):
محاصرة مجاهدي خلق: خدمة مجانية لنظام الملالي
ليس هناك ما يثير ذعر نظام الملالي في طهران أكثر من اسم «مجاهدي خلق». هذه الحقيقة أثبتتها شوارع بروكسل في السادس من أيلول الجاري حين خرج عشرات الآلاف في تظاهرة ضخمة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس المنظمة. مشهد الحشود، وخصوصاً من جيل الشباب الإيراني، كان بمثابة صفعة للنظام الذي حاول طيلة عقود أن يصوّر نفسه قدراً أبدياً لا بديل له.
بروكسل عرّت النظام
تظاهرة بروكسل لم تكن مجرد حدث رمزي. لقد كانت إعلاناً صارخاً بأن البديل موجود، منظم، ويمتلك قاعدة جماهيرية داخل إيران وخارجها. ردّ النظام جاء سريعاً على شاشاته وصحفه، عبر حملات شيطنة رخيصة ضد «مجاهدي خلق». لكن اللافت أن إعلامه اعترف، على لسان صحيفة «همشهري»، بأن دعايته لم تعد تجذب الجيل الشاب. أي أن الجدار الذي بنته الديكتاتورية طيلة أربعة عقود بدأ يتصدّع من الداخل.
نيويورك: المواجهة القادمة
المحطة التالية ستكون نيويورك، أمام مقر الأمم المتحدة في 23 أيلول. هناك ستتواجه صورتان: نظام مهزوم يحاول الاستفادة من منابر دولية لمنح نفسه شرعية زائفة، ومقاومة شعبية تُعلن أن طهران ليست حكراً على الملالي، بل هي لشعبها التوّاق إلى الحرية. إن الرقابة الإعلامية العربية على أخبار مجاهدي خلق - سواء عن خوف أو مسايرة - ليست سوى هدية مجانية لنظام يعيش لحظاته الأخيرة.
فلسطين ذريعة تجارية بيد طهران
موقف النظام من «بيان نيويورك» الداعم لحل الدولتين فضيحة أخرى. الامتناع عن التصويت لم يكن حرصاً على «الحقوق الفلسطينية» كما يزعم، بل لأن قيام دولة فلسطينية حقيقية يغلق دكان المتاجرة بدماء غزة، وهو الاستثمار الوحيد الذي يجيده الملالي منذ عقود. إن طهران لا تخشى إسرائيل بقدر ما تخشى أن تنكشف أكاذيبها أمام الشعوب العربية.
لا بديل إلا المقاومة
محاولات الترويج لابن الشاه أو لتيارات واهية ليست إلا خدمات إضافية للنظام، كما اعترفت صحفه نفسها. القوة الحقيقية على الأرض هي مجاهدو خلق، ووحدات الانتفاضة داخل إيران، التي تشعل مراكز القمع لتضيء الأمل بانتفاضة شاملة. هذا ما يرعب النظام: حركة منظمة، شبابية، مستعدة للتضحية، ومرتبطة بحركة جماهيرية عابرة للحدود.
إن فرض الرقابة على المقاومة الإيرانية وأخبارها، ليس حياداً بل انحيازاً صريحاً إلى الطغيان. في بروكسل قال الإيرانيون كلمتهم وسيقولونها في نيويورك. لذا على الإعلام العربي أن يختار: هل يبقى رهينة دعاية الملالي، أم يكون صوتاً لشعب يناضل كي يتحرر من أعتى دكتاتورية في العصر الحديث؟