أ. أحمد مراد يكتب لـ(اليوم الثامن):
بروكسل.. يومٌ للشعب الإيراني في قلب أوروبا
في السادس من سبتمبر 2025، تحولت شوارع بروكسل إلى منصة حية تعبر عن آمال الإيرانيين في الحرية والديمقراطية. آلاف الإيرانيين من المنفى توافدوا إلى عاصمة أوروبا في تظاهرة حاشدة، رفعوا خلالها شعارات المقاومة ضد النظام الإيراني، مطالبين بتغيير جذري يقوده الشعب. هذا الحدث، الذي تزامن مع الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق، لم يكن مجرد احتجاج، بل رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن: إيران تستحق جمهورية ديمقراطية علمانية، وتستحق أن تكون خيارات التغيير فيها بعيدة عن الحرب وبعيدة عن التساهل مع النظام الحاكم..، ولقد كانت المظاهرة التي أقيمت قرب ميدان الأتوميوم والبرلمان الأوروبي انعكاساً لتصميم الإيرانيين على إنهاء عقودٍ من الاستبداد والابتزاز والمساومة.
"الحل الثالث": لا حرب ولا مساومة
تمثل جوهر هذه التظاهرة في دعوة "الحل الثالث"، وهو نهج يرفض التدخل العسكري الخارجي أو التفاوض مع النظام، ويؤكد على إسقاطه عبر انتفاضة شعبية مدعومة بمقاومة منظمة، وقد ألقت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة كلمة مؤثرة أكدت فيها أن إيران على أعتاب تحول كبير.. وقالت أن : "الحل ليس في الحرب ولا في التساهل بل من خلال إرادة الشعب التي ستصنع التغيير"، وقد قدم هذا الخطاب الذي استقطب آلاف المتظاهرين رؤية واضحة لمستقبل إيران: جمهورية تقوم على فصل الدين عن السلطة، المساواة بين الجنسين، وحماية حقوق الأقليات، وإيران غير نووية تتعايش مع محيطها وعالمها.
دعم دولي وأصوات عالمية
المظاهرة لاقت صدى واسعًا على المستوى الدولي إذ شاركت فيها شخصيات بارزة مثل مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي السابق، وآليخو فيدال - كوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق، وغيرهم من الشخصيات.. وفي خطابه قال بنس مخاطبا الإيرانيين قائلاً: "أنتم لستم وحدكم، والعالم الحر معكم من أجل إيران ديمقراطية خالية من السلاح النووي"، وبدوره وصف فيدال - كوادراس المتظاهرين بأنهم "صوت ملايين الإيرانيين الذين ينبضون بالأمل".. إضافة إلى ذلك أصدرت أكثر من 300 مجموعة برلمانية ونقابية بيانًا دعمت فيه مطالب المقاومة بما في ذلك إدانة انتهاكات حقوق الإنسان وإدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب.
طريق طويل نحو التغيير
لم تكن هذه التظاهرة الأولى في بروكسل بل جاءت امتدادًا لاحتجاجات سابقة في 2024 و2025 التي طالبت بوقف الإعدامات، وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومحاسبة النظام، ورغم الدعم المتزايد من بلجيكا وبعض الدول الأوروبية لا تزال هناك تحديات قانونية وسياسية تعيق تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، ومع ذلك فإن هذه التظاهرات تعكس قوة المقاومة الإيرانية في كسر جدار الصمت الإعلامي والسياسي.
إيران الحرة ليست حلمًا بعيد المنال بل هدفًا يتشكل يوميًا في شوارع المنفى، وبتبني المقاومة الإيرانية والدعم المتزايد من العالم الحر يحمل هذا الصوت الذي دوى في بروكسل وعدًا بمستقبل ديمقراطي يصنعه الشعب الإيراني بإرادته.
أحمد مراد - كاتب فلسطيني