د. إسماعيل المشاقبة يكتب لـ(اليوم الثامن):

ألم يكن العالم في غنى عن هذه الحروب.. نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والعدالة

 يعاني الشعب الإيراني منذ عقود تحت وطأة أنظمة استبدادية، بدءًا من الدكتاتورية الشاهنشاهية، التي فرضها الغرب لحماية مصالحه وصولاً إلى نظام الملالي الذي استمر بدعم غربي مماثل.. هذه الأنظمة التي تجاهلت إرادة الشعب الإيراني أججت السخط الشعبي وأثارت نفور شعوب المنطقة من سياسات تفتقر إلى الرشد والعدالة وتستخف بالقيم الإنسانية، واليوم يواصل الشعب الإيراني نضاله من أجل الحرية والديمقراطية رافضًا الخضوع للظلم متمسكًا بحقه في تقرير مصيره.

انتفاضة الشعب الإيراني

  تتجلى إرادة الشعب الإيراني في انتفاضاته المتواصلة ضد نظام الملالي بهدف إسقاطه وإقامة نظام ديمقراطي وطني يضمن السلام والعيش الكريم.. في خطابها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بتاريخ 18 يونيو 2025 قدمت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رؤية واضحة لمستقبل إيران مؤكدة أن "إيران على أعتاب تحول تاريخي حيث اجتاحت أزمة سقوط النظام الديني أركان الحكم"، وأشارت إلى أن الشعب الإيراني "أكثر تمسكًا اليوم بالتغيير من أي وقت مضى".

في رسالتها إلى المتظاهرين في برلين وستوكهولم أكدت السيدة مريم رجوي: "كلامنا واضح: يجب الاعتراف بالمقاومة التحررية لشعب إيران.. نقول: لا للمساومة والإبقاء على نظام الملالي، ولا للحرب، بل الحل الثالث: التغيير على يد الشعب والمقاومة الإيرانية"، وأضافت أن "شرط السلام والأمن في المنطقة هو تغيير النظام" مشيرة إلى أن المقاومة الإيرانية التي دفعت ثمنًا باهظًا على مدى 44 عامًا هي "أكبر وأطول وأعقد المقاومات المنظمة في تاريخ إيران"، تحت شعار "لا لنظام الشاه ولا لنظام ولاية الفقيه".

المقاومة الإيرانية: رؤية وتضحيات

تسعى المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي إلى إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، احترام حقوق القوميات والأقليات، استقلال القضاء، إلغاء عقوبة الإعدام، والتعددية السياسية، مع التزام بأن تكون إيران خالية من السلاح النووي، وأكدت رجوي: "التغيير والثورة أمر لا يمكن لأحد أن يوقفه، وثورة الشعب الإيراني الديمقراطية ستنتصر".. وهذه الرؤية تجسدت في برنامج المواد العشر الذي يمثل خارطة طريق لإيران حرة.

على الأرض نفذت وحدات المقاومة أكثر من 3000 عملية احتجاجية خلال العام الماضي؛ فيما وصل عدد الإعدامات إلى أكثر من 1350 حالة منذ أغسطس 2024، وهو أعلى معدل عالميًا، وقد وصفت رجوي هذه الاحتجاجات بأنها "لا مثيل لها في العالم من حيث الانتشار والاستمرارية".

دور الغرب وسياسة الاسترضاء

استمد نظام الملالي قوته من دعم الغرب الذي لم يكتفِ بمهادنة النظام، بل قيد المقاومة الإيرانية لضمان استمراره، وقد مكن هذا الدعم النظام من قمع الشعب الإيراني وتهديد استقرار المنطقة، وأشارت السيدة رجوي إلى الحرب الإقليمية التي اندلعت في 13 يونيو 2025 قائلة: " نهج الاسترضاء هو الذي فرض الحرب، والحل الحقيقي هو تغيير النظام بيد الشعب والمقاومة المنظمة"، ودعت المجتمع الدولي إلى الاعتراف بالمقاومة مشبّهة نضالها بمقاومة الأوروبيين للفاشية الدينية.

دعوة للعالم

نستنكر سياسة الغرب المهادنة ونرفض أي محاولة لفرض نظام سياسي يتعارض مع إرادة الشعب الإيراني، سواء عبر إعادة تسويق بقايا الدكتاتورية الشاهنشاهية أو غيرها.. نطالب الغرب بالاعتراف بحق الشعب الإيراني في مواجهة نظام الملالي بكل السبل المشروعة، ودعم برنامج المواد العشر لإقامة إيران ديمقراطية حرة وغير نووية.. وصوت الشعب الإيراني الرافض للدكتاتورية بكل أشكالها هو الخيار الوحيد لمستقبل مزدهر في إيران والمنطقة.

ختاما.. نعود لتساؤلنا "ألم يكن العالم في غنى عن هذه الحروب.. وما الذي حصده الغرب والعرب والعالم منها".. تلك هي نتيجة سياسة المهادنة والاسترضاء التي أدامها الغرب قرابة أربعة عقود ونصف.. جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان وكيل بألف مكيال وجرائم إبادة جماعية وحروب ودمار وخراب وتشريد وتجويع.. سياسات أقل ما يقال عنها أنها لئيمة عديمة الرشد.. واليوم لم يعد العالم كما كان عليه من قبل ولا مناص عن إعادة فرض القيم الإنسانية وحمايتها واحترام حقوق الشعوب.

د. إسماعيل المشاقبة – نائب برلماني أردني