حسام ردمان يكتب:

إذلال ميليشيات الحوثي في الضالع

ما رأيته بام عيني في الضالع، يشكل بامتياز "حالة إذلال حوثي"، ستعجز الجماعة عن تدارك تداعياته الاستراتيجية خلال المدى المنظور.

المليشيات بدات المعركة بذهنية المنتصر وبنشوة "حجور" و"الحديدة".. حاولت أولا تصفية بؤر المقاومة داخل المديريات الشمالية محرزة بعض التقدم في الحشا وقعطبة، لكنها اصطدمت بشراسة المقاومة الشعبية في مريس وقعطبة، وبتدخل القوات الجنوبية استباقيا لإسناد اخوتهم بالسلاح والرجال.

ومع الوقت تطور شعور النشوة الحوثية إلى حالة غرور سياسي وعسكري، حفز الجماعة على مهاجمة المديريات الجنوبية على أكثر من محور.

قدرت الجماعة الحوثية أن الرد الجنوبي سيكون إما قاصراً فيتيح لها فرصة التوغل والانتقام من هزيمة 2015، أو أنه سيكون محدوداً، وبالتالي يفتح حرباً استنزافية يجني الحوثيون ثمارها السياسية وإن دفعوا في سبيلها أكلافاً عسكرية كبيرة..

لكن رجال الضالع وقيادتهم العسكرية المتمرسة، أحبطت التقديرات الحوثية، وتعاطت مع التطورات العسكرية في الجبهة عبر ثلاث مراحل متعاقبة:

أولاً: امتصاص الاندفاعة الحوثية وكبحها عن التقدم جنوبا، ثانياً: امتلاك زمام المبادرة وإطلاق عملية قطع النفس لتأمين الجبهات الضالعية الشمالية وفك الحصار عن مريس، وأخيراً: إطلاق عملية صمود الجبال التي أعلنت تحرير مديرية قعطبة بالكامل وتمهيد الطريق مستقبلا لتحرير مركز مديرية دمت، وكذلك تحرير مديرية الحشاء ثم توسيع مسرح العمليات باتجاه محافظة اب.

لقد كانت بامتياز "نكسة استراتجية" حوثية، أثبتت أن رمزية الضالع كأقوى محافظة محررة وأكفأ مقاومة مسلحة، ما هي إلا انعكاس صادق للواقع الذي ادهشني وطمأنني حينما عايشته بنفسي..

وليس من المبالغة القول، إن القوات الجنوبية المشتركة تحقق جميع هذه الانتصارت وهي فقط في "مرحلة التسخين"، فالعضلة الجنوبية المسلحة لم تنخرط بعد في المعركة بكامل ثقلها وقدراتها.. وفضلت القيادة المشتركة إدارة الصراع بشروطها الخاصة ومنطقها التدريجي، لادراكها المسبق بطبيعة المقامرة الحوثية التي لم تكن اكثر من "معركة حدود"، ولن ترتقي أبدا لتصبح "معركة وجود".

لقد حررت القوات المشتركة مناطق جبلية شاسعة ومدنا وقرى حيوية، دون أن تحدث أي جلبة إعلامية أو سياسية، وذلك إنجاز يحسب لها وينبئ بقدرتها الدائمة على ردع أي غزو أو اجتياح مجنون..

لذا فلا غرابة أن يحاول الحوثيون ترميم رمزيتهم المنهارة للمرة الثانية في الضالع؛ عبر انتصارات وهمية في الإعلام، أو عبر طائرة درونز مفخخة تستهدف معسكر رأس عباس في عدن، وهو من أخرج آلاف المجندين الذين أذاقوهم الويل في جبهات الضالع..