كشف مغالطات التسمية الفارسية..

تغيير تسمية الخليج في خرائط غوغل يثير جدلاً واسعاً ويُعيد فتح ملفات تاريخية

شهدت منطقة الشرق الأوسط مؤخراً فصلاً جديداً في النزاع التاريخي حول تسمية المسطح المائي الفاصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران، وذلك بعد أن اعتمد تطبيق خرائط غوغل تسمية "الخليج العربي" للمستخدمين في المنطقة.

مسؤولون أميركيون: ترامب ينوي اعتماد اسم الخليج العربي بدلاً من الفارسي داخل أميركا

وكالات

أثار اعتماد تطبيق خرائط غوغل تسمية "الخليج العربي" بدلاً من "الخليج الفارسي" في منطقة الشرق الأوسط جدلاً واسعاً بين المستخدمين، حيث اعتبر الناشطون العرب هذا التغيير انتصاراً للحقيقة التاريخية، فيما أثار غضب الجانب الإيراني الذي وصف الخطوة بأنها "سياسية وعدائية". يأتي هذا التطور في ظل نقاشات دولية حول التسمية، بما في ذلك تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته اعتماد تسمية "الخليج العربي" رسمياً.

وفقاً لتجارب المستخدمين، بات تطبيق خرائط غوغل يعرض تسمية "الخليج العربي" عند البحث عن المنطقة من دول الشرق الأوسط، حتى عند استخدام مصطلح "الخليج الفارسي". وأوضحت الأبحاث أن غوغل تتبنى نهجاً جغرافياً يعتمد على موقع المستخدم:

في الدول العربية: تظهر التسمية "الخليج العربي".

في إيران: تظهر التسمية "الخليج الفارسي".

في دول أخرى: يظهر الاسمان معاً، بترتيب "الخليج الفارسي" أولاً و"الخليج العربي" كاسم بديل بين قوسين.

تسعى غوغل، بحسب بياناتها، إلى تقديم المعلومات بـ"أقصى درجات الدقة والحيادية"، حيث تعتمد على مراجع رسمية وتوقعات محلية. ومع ذلك، فإن خرائط الأمم المتحدة لا تزال تستخدم تسمية "الخليج الفارسي"، مما يعكس استمرار الخلاف حول التسمية.

ردود الفعل العربية والإيرانية

رحّب الناشطون العرب بالتغيير، معتبرينه خطوة لتصحيح ما وصفوه بـ"تزييف تاريخي" طال الخليج. كما أعاد التغيير إحياء قضية الأحواز العربية، التي يربطها العديد من العرب بالخليج كجزء من الصراع التاريخي مع إيران. في المقابل، أبدت إيران استياءً شديداً، حيث وصف وزير الخارجية عباس عراقجي الخطوة بأنها "قصيرة النظر" و"عدائية"، مؤكداً أنها "لن يكون لها شرعية أو تأثير قانوني". وكانت إيران قد هددت في عام 2012 بمقاضاة غوغل بسبب قرارها السابق بعدم تسمية الخليج على خرائطها.

البعد السياسي: ترامب وتغيير التسمية

أضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بُعداً سياسياً للجدل، حيث أفادت شبكة "سي.إن.إن" نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن ترامب يعتزم اعتماد تسمية "الخليج العربي" أو "خليج العرب" خلال زيارته المرتقبة للشرق الأوسط، التي تشمل السعودية، قطر، والإمارات. وأشار المسؤولون إلى أن المحادثات جارية، دون تحديد موعد الإعلان الرسمي. عند سؤاله عن الموضوع، أكد ترامب أنه "سيتخذ قراراً" خلال الزيارة.

يأتي هذا الاقتراح وسط توترات دبلوماسية مع إيران، خاصة في ظل المفاوضات حول الملف النووي، ودفع عربي مكثف لتثبيت التسمية التاريخية للخليج. وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد ذكرت أن ترامب اقترح التغيير كجزء من سياسة أوسع لدعم الدول العربية في مواجهة النفوذ الإيراني.

الأدلة التاريخية: وثائق وخرائط قديمة

أعاد هذا الجدل فتح ملف الحقائق التاريخية حول تسمية الخليج. وفي هذا السياق، تحدث الصحافي العراقي عثمان المختار عبر منصة "إكس" عن مركز دراسات الخليج العربي في العراق، الذي تأسس في الستينيات وكان يضم وثائق تاريخية نادرة تعود إلى العصر العباسي والعثماني. وأشار إلى أن هذه الوثائق تثبت استخدام تسميات مثل "خليج العراق" و"بحر العرب" في العهد العباسي، و"خليج البصرة" في العهد العثماني، والتي تعود لأكثر من ألف عام.

وأضاف المختار أن المركز تعرض للنهب بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، في عملية وصفها بأنها "مخابراتية" نفذها بلد جار (لم يسمه صراحة)، مما أدى إلى ضياع وثائق تاريخية هامة. كما أشار إلى خريطة بابلية في المتحف البريطاني تعود للقرن السادس قبل الميلاد، تُسمي الخليج "البحر المر"، مع إشارات إلى وجود قبائل عربية (عدنان وقحطان) على سواحله.

تحليل: السياسة وراء التسمية

يُظهر الجدل حول تسمية الخليج أن القضية ليست مجرد جغرافية، بل سياسية بالدرجة الأولى. فقد أشار المختار إلى أن فرض تسمية "الخليج الفارسي" في المناهج والخرائط كان نتيجة ديناميكيات سياسية بعد الحرب العالمية الأولى، وأن استعادة التسمية العربية تتطلب قوة سياسية مماثلة. ويبدو أن دعم ترامب المحتمل لتسمية "الخليج العربي" يعكس تحالفات استراتيجية مع الدول العربية، في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.

يُعد اعتماد خرائط غوغل لتسمية "الخليج العربي" في الشرق الأوسط، إلى جانب تصريحات ترامب، تطوراً مهماً في الصراع التاريخي والسياسي حول تسمية الخليج. بينما يرى العرب في هذه الخطوة انتصاراً لروايتهم التاريخية، تعتبرها إيران استفزازاً سياسياً. ومع استمرار النقاشات، تظل القضية رمزاً للتوترات العميقة بين الطرفين، مع تداعيات قد تمتد إلى قضايا أخرى مثل الأحواز والملف النووي. يبقى السؤال: هل ستتمكن الدول العربية من تثبيت التسمية عالمياً، أم سيظل الخليج نقطة خلاف دائمة؟