"خطوة متأخرة"..

تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. هل يؤدي إلى تغييرات سياسية في حرب اليمن؟

مع إعادة الولايات المتحدة لجماعة الحوثي إلى قائمة الجماعات الإرهابية، يدخل اليمن في مرحلة جديدة تستهدف من خلالها واشنطن عرقلة "تمويل العمليات الإرهابية" بسبب ما أحدثته هذه الجماعة المرتبطة بإيران من تعطيل لحركة التجارة في البحر الأحمر.

عناصر من مليشيات الحوثي في شمال اليمن - أرشيفية

واشنطن

دخل قرار الولايات المتحدة تصنيف مليشيات الحوثي "منظمة إرهابية" حيز التنفيذ، اليوم الجمعة، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية، ويستهدف الحد من قدرات الجماعة على استهداف ممرات التجارة الدولية. والقرار دخل حيز التنفيذ بعد شهر كامل من إعادة واشنطن المليشيات على قوائم الإرهاب. 

وقال الإعلامي اليمني، ورئيس تحرير صحيفة المنتصف، نزار الخالد، إن خطوة تصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثي اليمنية كمنظمة إرهابية ستنعكس على الأرض وعلى معركة اليمنيين مع المليشيات بصورة ملحوظة، وستكون لها تأثيرات محتملة على المستوى القريب والبعيد. 

وأضاف: "أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نتذكر أن الحوثيين تنظيم مسلح يخضع لإيران ويتبع سياساتها، ويشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها، وقد قام بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهذا التصنيف سيؤدي إلى تشديد العقوبات الدولية عليه وعلى أي كيان أو جهة تدعمه".

 وواصل "سيقوض هذا التصنيف القدرة الإيرانية على تقديم الدعم المالي والعسكري للحوثيين؛ مما يؤثر على قدرتهم على البقاء في السلطة وزيادة نفوذهم، وستتعزز جهود المجتمع الدولي لمحاربة تمويل الإرهاب وقطع طرق إمداد الحوثيين؛ مما يقلل من قدرتهم على الاستمرار في الصراع"، بحسب الخالد.

 بالإضافة إلى ذلك، يرى رئيس تحرير صحيفة المنتصف، أن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية سيزيد من الضغط الدولي على الحكومة اليمنية؛ لتعزيز جهودها في مواجهة الحوثيين واستعادة السيطرة على الأراضي المحتلة. ويعتقد نزار الخالد أن هذا القرار سيدفع اليمنيين إلى تكثيف جهودهم لتعزيز القوات اليمنية المسلحة وتحسين الأمن الداخلي، حتى يتمكنوا من القضاء على التهديد الجماعة بشكل نهائي.

 وأشار الخالد إلى أنه "على المدى البعيد، قد يؤدي تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى تغييرات سياسية في اليمن، وقد يزيد الضغط الدولي على الحوثيين للمشاركة في عملية سياسية شاملة والتوصل إلى حل سياسي للصراع، وقد يفتح هذا الباب الفرصة لإعادة بناء اليمن وتحقيق السلام والاستقرار".

 وأكد أن "تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية سيكون له تأثيرات متعددة على الأرض وعلى معركة اليمنيين مع المليشيات، ويجب أن يستخدم المجتمع الدولي هذه الفرصة لتعزيز الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والعمل على إنهاء الصراع في اليمن وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد". 

من جهته، أعرب مدير المرصد الإعلامي اليمني، رماح الجبري، عن اعتقاده بأن "التصنيف الأمريكي للمليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية خطوة تأخرت كثيرا، والمؤسف أنها لم تأتِ إلا كردة فعل لتهديدات المليشيات للمصالح الأمريكية بشكل مباشر في البحر الأحمر، دون اعتبار للسجل الدموي الحوثي المتخم بالجرائم ضد اليمنيين". 

وقال إن مكانة الولايات المتحدة وتصنيفها للمليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية تعظم من أثر العقوبات الدولية على المليشيات. وهذا التأثير له اتجاهين، بحسب الجبري، الأول سلبي ويتعلق بالمساعدات الإنسانية، لكن الجيد أن استيعابه ممكن وهناك بدائل ووسائل متاحة لدى الحكومة الشرعية يمكن الاستفادة منها، أما أثره الإيجابي هو موقف مصادر تمويل كانت تستفيد منها المليشيات لتنفيذ أنشطتها. وأضاف أيضا تصنيف المليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية يمكن أن يساهم في الحد من طموحات الحوثيين في السيطرة والحكم المنفرد، وأن العالم غير مستعد للتعامل معها بأي درجات التعامل إلا كمنظمة إرهابية. 

وأشار كذ إلى تأثير القرار على جهود السلام في اليمن وأنه سيكون مؤقتا؛ كون التصنيف الأمريكي مشروط بوقف عمليات القرصنة في البحر الأحمر، ولا يوجد أيضا في قرار التصنيف ما يمنع الأمم المتحدة ومبعوثها من التعامل مع الحوثيين أو التفاوض معهم للتوصل إلى حلول لتنفيذ خارطة الطريق في مسار السلام في اليمن. 

وكانت الحكومة الأمريكية أعادت تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية في 17 يناير / كانون الأول الماضي بعد أن كانت قد أزالته قبل 3 أعوام عقب إدراجه من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. 

ويعتبر تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية عالمية بشكل خاص تحت أمر تنفيذي، أقل حدة من تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية، والذي يسمح للحكومة الأمريكية "بتجميد أصول أفراد وكيانات تقدم الدعم أو المساعدة أو ترتبط بالحوثيين أو منظمات صورية أو شركاء". 

وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ أكد أن القرار الأمريكي بإعادة تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية يدخل حيز التنفيذ اليوم الجمعة، مضيفاً أنه سيؤثر على قدرة الحوثي في تمويل الهجمات بالبحر الأحمر. 

وكانت وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية قد أصدرت تعميما دعت فيه المنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية المعتمدة في اليمن إلى نقل مقراتها في "مدينة عدن عاصمة البلاد، وفتح حساب مصرفي لدى البنك المركزي اليمني"، بحسب ما نشر وزير الإعلام، معمر الإرياني، في منشور على منصة "إكس". وأكدت الوزارة على دعمها "الكامل لجميع المنظمات المخلصة في تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية والإنسانية، التي تصب في مصلحة الشعب اليمني، وتساهم في تحسين أوضاعه المعيشية".

 رئيس مركز واشنطن للدراسات اليمنية، الفقيه، قال إن "واشنطن عبّرت عن التزامها بعدم انعكاس القرار الأميركي على الشعب اليمني الذي يعاني أصلا من وجود الحوثيين". وذكر أن الفترة المقبلة ستكشف ما إذا كانت الإجراءات الأميركية قادرة على تحييد أثر هذه العقوبات على الشعب اليمني واستمرار دخول المساعدات الإنسانية. ويؤكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، دييغو زوريلا، لوكالة فرانس برس أن "المنظمات الإنسانية تأمل بشدة ألا يؤثر تصنيف الإدارة الأميركية على إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني". 

غير أن المنظمات غير الحكومية التي تواجه أصلا تقليص التمويل الدولي للمساعدات في اليمن، تعرب عن قلقها إزاء عملياتها في البلد الذي يعتمد فيه ثلثا السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للعيش. ويخشى مدير منظمة "كير إنترناشونال" إيمان عبداللهي، من احتمال أن تؤدي هذه العقوبة إلى "تأخير على مستوى تمويل اللوجستيات والعمليات".

 ذلك أنه حتى لو منحت استثناءات للمنظمات الإنسانية، فإن نظام العقوبات يشمل جهات أخرى ينبغي التعامل معها مثل المصارف والتجار، ما قد يؤدي إلى "تأجيج الأزمة الإنسانية"، بحسب عبداللهي. ودعا السفير اليمني لدى فرنسا، الخميس، المجتمع الدولي إلى "التدخل لوقف أعمال الحوثيين"، و"ليس فقط" تنفيذ "ضربات جوية" ضد المتمردين الذين يكثفون هجماتهم في البحر الأحمر، بحسب فرانس برس. وقال رياض ياسين عبد الله في مؤتمر صحفي: "يجب على الدول الأجنبية التدخل لوقف أعمال الحوثيين، ليس في البحر الأحمر فحسب، لكن داخل اليمن خصوصا". 

وأضاف ردا على سؤال للوكالة "نحن بحاجة إلى كثير من المعدات والمساعدات المالية والاقتصادية"، مشيرا إلى أن "عملية حل مشكلة اليمن تتمثل في دعم الحكومة الشرعية" و"ليس فقط" تنفيذ "ضربات جوية تعزز شعبية الحوثيين". وزاد أنه "من الضروري التذكير بأن المليشيات لم تنتظر حتى 7 أكتوبر لتنفيذ هجمات في المنطقة" و"في حال غادرت إسرائيل غزة، فليس هناك ما يضمن أن الحوثيين سيوقفون الأعمال التي يشنونها منذ أكثر من 10 سنوات".

وقال الدبلوماسي اليمني إن "الهجمات في البحر الأحمر تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة بالفعل في اليمن". وأعاد السفير وود إلقاء الضوء على الدعم الإيراني المقدم للحوثيين، وقال: "ليس بوسع طهران أن تنكر دورها في تمكين الهجمات التي يشنها الحوثيون ودعمها، وذلك نظرا لدعم إيران المادي طويل الأمد للحوثيين وتشجيعها لأعمالهم المزعزعة للاستقرار في المنطقة". 

ودعت الدول الأعضاء في مجلس الأمن، خاصة تلك التي لديها قنوات مباشرة مع طهران، إلى الضغط على القادة الإيرانيين لكبح جماح الحوثيين ووقف هذه الهجمات غير القانونية والوفاء بالتزاماتهم بموجب قرارات مجلس الأمن. وأكد وود أن الحرس الثوري الإيراني زوّد الحوثيين بـ"ترسانة متزايدة من الأسلحة المتقدمة منذ عام 2014، وقد استخدموها لمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر"، وهذا ينتهك قراري مجلس الأمن الدولي رقم 2140 و2216. 

وأضاف أن الولايات المتحدة وشركاءها اعترضوا ما لا يقل عن 18 سفينة تهرب أسلحة إلى الحوثيين بشكل غير قانوني بين العامين 2015 و2023، وصادرت صواريخ باليستية وصواريخ كروز وصواريخ مضادة للسفن وطائرات مسيرة وأسلحة أخرى. والخميس، أعلنت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" في بيان نشرته على منصة "إكس" أن سفينة تابعة لخفر السواحل الأميركي "قامت بمصادرة شحنة من الأسلحة التقليدية المتطورة وغيرها من المساعدات الفتاكة مصدرها إيران ومتجهة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن من على سفينة في بحر العرب في 28 يناير". 

وأضاف البيان أن الشحنة تحتوي على أكثر من 200 حزمة تشمل مكونات صواريخ ومتفجرات وأجهزة أخرى. ونقل البيان عن قائد "سنتكوم"، مايكل إريك كوريلا، قوله إن "هذا مثال آخر على نشاط إيران الخبيث في المنطقة". وأضاف أن "استمرارهم في إمداد الحوثيين بالأسلحة التقليدية المتقدمة... يستمر في تقويض سلامة الشحن الدولي والتدفق الحر للتجارة". وفي 16 يناير، أعلن الجيش الأميركي أنه صادر في 11 من الشهر ذاته، مكونات صواريخ إيرانية الصنع على متن قارب في بحر العرب كانت متوجهة إلى الحوثيين، في أول عملية من نوعها منذ بدأ المتمردون اليمنيون استهداف سفن قبالة اليمن.

 وحتى قبل بدء الهجمات، أعلن الجيش الأميركي مرارا مصادرة شحنات أسلحة قال إنها متجهة من إيران إلى الحوثيين، وفقا لفرانس برس. في ديسمبر، شكلت الولايات المتحدة قوة بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن في البحر الأحمر، لكن هذا التحالف لم يتمكن حتى الآن من وقف الهجمات.