"وزير الخارجية بن فرحان إلى دمشق لأول مرة"..

السعودية تفرج عن (104) أسرى من الأذرع الإيرانية في اليمن لدواعٍ إنسانية

الرياض تبذل جهودا كبيرة لتطبيع العلاقات مع دمشق وكسر عزلتها وإعادتها الى الجامعة العربية في خضم محاولات تصفير المشاكل في المنطقة

خطوة لبناء الثقة بين المبعوثين السعوديين وجماعة الحوثي اليمنية – أرشيف

ماريا هاشم
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -
الرياض

أفرجت المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن، بشكل أحادي ودون تبادل عن أكثر من مئة من الأسرى الحوثيين – الذراع الإيرانية في اليمن- في مبادرة إنسانية مهمة تهدف إلى بناء الثقة ودفع محادثات السلام بين مبعوثين سعوديين وجماعة الحوثي اليمنية، فيما يعتزم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان "الثلاثاء" زيارة العاصمة السورية دمشق في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.

ونقلت ثلاث طائرات 104 أسرى كان يحتجزهم التحالف إلى اليمن، غداة عملية تبادل سجناء كبرى استمرّت ثلاثة أيام وشملت نحو 900 أسير من طرفَي النزاع اليمني، وفق ما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتحالف.

وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان إن طائرتين نقلت كلّ منهما 48 أسيرًا من أبها في جنوب السعودية إلى صنعاء، العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بينما نقلت طائرة ثالثة ثماني سجناء من أبها إلى عدن، المقرّ المؤقت للحكومة المدعومة من السعودية.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم التحالف العسكري بقيادة السعودية العميد الركن تركي المالكي، من جهته "استكمال عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بإطلاق سراح 104 أسرى من الحوثيين لدى التحالف" وبذلك، يرتفع إلى 973 عدد المفرج عنهم منذ الجمعة.

وقال فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر "أي فترة راحة للسكان المنهكين، بما في ذلك من خلال عمليات إطلاق سراح كهذه، هي أمر يجب أن يحظى بالدعم. ولكن الحل السياسي وحده هو الذي سينهي المعاناة باليمن في نهاية المطاف".

وبدأ النزاع في اليمن في العام 2014 وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة في البلاد بينها صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وقال المالكي إن "المبادرة تأتي امتدادا للمبادرات الإنسانية السابقة من المملكة المتعلقة بالأسرى".

وأشارت موسان إلى أن عملية الإفراج "أحادية الجانب" التي جرت اليوم الاثنين "هي خارج المفاوضات التي جرت في سويسرا الشهر الماضي" والتي توصلّ خلالها الحوثيون والحكومة إلى اتفاق على تبادل نحو 900 أسير.

وأوضحت أن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسهّل عملية النقل وتوفّر الدعم اللوجستي إضافة إلى قيامها بإجراءات أخرى" مثل إجراء مقابلات مع المحتجزين السابقين.

وأكدّت ترحيب" اللجنة بالمبادرة السعودية، قائلة "يسرّنا أن نرى أنه يتم الأخذ بالاعتبارات الإنسانية من أجل لمّ شمل العائلات"، مضيفةً أن ذلك "سيمنح عائلات المحتجزين ارتياحًا كبيرًا".

وتزامنت عملية التبادل الأخيرة مع جهود دبلوماسية ناتجة عن التقارب السعودي الإيراني وترمي إلى ترسيخ وقف إطلاق نار طويل الأمد ووضع الحرب الدامية في البلد الفقير على طريق الحل.

وأكد المالكي أن عملية الإفراج اليوم تأتي أيضا لـ"دعم الجهود الرامية لتثبيت الهدنة وتهيئة أجواء الحوار بين الأطراف اليمنية للوصول إلى حلّ سياسي شامل ومستدام ينهي الأزمة اليمنية".

واختتم وفد سعودي يوم الخميس محادثات سلام في صنعاء مع جماعة الحوثي التي تحدث مسؤولوها عن تحقيق تقدم وقالوا إن هناك حاجة لمزيد من المناقشات لتسوية الخلافات المتبقية.

وقال هانس غروندبرغ وسيط الأمم المتحدة بشأن اليمن اليوم الاثنين إن الفرصة الأهم منذ ثماني سنوات سانحة الآن لإحراز تقدم نحو إنهاء الصراع، لكنه حذر من أن "دفة الأمور قد تتحول إذا لم يتخذ الطرفان خطوات أكثر جرأة نحو السلام".

وأضاف أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن أي اتفاق جديد في اليمن يجب أن يكون خطوة واضحة نحو عملية سياسية يقودها اليمنيون وأن هناك حاجة لوقف إطلاق النار على يد يمنيين.

وتابع "نحتاج إلى رؤية وقف إطلاق نار يمني وأن تمتنع الأطراف عن استخدام تدابير اقتصادية أداة للأعمال العدائية".

وأجرت الحكومة اليمنية وجماعة "الحوثي" اليوم الاثنين عملية تبادل للأسرى تم خلالها الإفراج عن 14 أسيرا بواقع 7 من كل جانب، وفق مصدر عسكري يمني.

وقال العقيد يحيى الحاسر، رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين في المنطقة العسكرية السادسة (شمالي البلاد) "تم تحرير 7 أسرى من جنود الجيش اليمني، مقابل 7 من جماعة الحوثي"، موضحا أن "عملية تبادل الأسرى جرت في منطقة الجدافر (شمال مأرب)".

على صعيد ذات صلة، يصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الثلاثاء إلى دمشق، وفق ما أعلنت وزارة الإعلام السورية، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً وفي خضم الجهود لاعادة دمشق لمحيطها العربي.

وتتوج الزيارة استئناف العلاقات السورية السعودية وتأتي بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى جدّة، في وقت تبحث دول عربية إمكانية عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها فيها في العام 2011.

وتأتي الزيارة في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران، حليفة دمشق، على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي.

ودعت وزارة الإعلام السورية الصحافيين إلى تغطية وصول وزير الخارجية السعودي المتوقع بعد الظهر إلى مطار دمشق الدولي.

وإثر اندلاع الاحتجاجات في سوريا التي ما لبثت أن تحولت إلى نزاع دام في 2011، قطعت دول عربية عدة على رأسها السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.

وقدّمت السعودية، التي أغلقت سفارتها في دمشق في آذار/مارس 2012، خلال سنوات النزاع الأولى خصوصاً دعماً للمعارضة السورية، واستقبلت شخصيات منها على أراضيها.

لكن خلال السنوات القليلة الماضية برزت مؤشرات انفتاح عربي تجاه سوريا بدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق العام 2018.

ومنذ وقوع الزلزال المدمّر في سوريا وتركيا المجاورة في شباط/فبراير، تلقى الرئيس السوري بشار الأسد سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربيّة، في تضامن يبدو أنه سرّع عملية استئناف علاقاته مع محيطه الإقليمي.

وظهر الانفتاح السعودي تجاه دمشق للمرة الأولى بعد الزلزال بهبوط طائرات مساعدات سعودية في مناطق سيطرة الحكومة، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع دمشق.

وما هي سوى أسابيع قليلة حتى أعلنت الرياض الشهر الماضي أنها تجري مباحثات مع دمشق تتعلّق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.

وفي 12 نيسان/أبريل، وفي أول زيارة رسمية إلى السعودية منذ قطيعة بين الدولتين، زار المقداد جدّة حيث بحث مع بن فرحان "الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي".

وبعد السعودية، زار المقداد كل من الجزائر، احدى الدول العربية القليلة التي حافظت على علاقاتها مع دمشق، كما تونس التي أعلنت الشهر الحالي استئناف علاقاتها مع سوريا.

والجمعة، استضافت السعودية اجتماعاً لدول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والأردن والعراق لبحث في عودة دمشق إلى الحاضنة العربية.

وأكد المجتمعون على "أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة" في سوريا، كما على "تكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود".