قراءة تحليلية..

"الحوثيون".. الاتصالات وتقنية المعلومات في قبضة الأذرع الإيرانية باليمن

يعد قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية واللوجستية للميليشيات الحوثية لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، إضافة إلى تسخيرها للاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين، واستخدامها في انتهاك حرمات وخصوصيات المواطنين والمعارضين للميليشيات عبر التجسّس على اتصالاتهم ورصد تحرّكاتهم بغرض ابتزازهم وتطويعهم لخدمة توجّهاتها وأفكارها ومعتقداتها

مسلحون حوثيون ومبنى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الأذرع الإيرانية - مركبة

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

المقدمة: ظهر التلغراف في اليمن عام 1893 إبان الدولة العثمانية في اليمن  الشمالي ولم يكن يعمل آنذاك إلا بالضوء ولمسافات قصيرة لا تتعدى الكيلومتر، وفي العام 1978 تم التعاقد مع ثلاث شركات فرنسية لتجهيز 26.500 خط هاتفي متكاملة الخدمة من كهرباء، تكييف، ميكرويف لتعزيز الاتصالات اليمن. وفي أواخر 1980 تم تدشين سنترال شعوب في صنعاء، ثم دشنت خدمة سنترال دولي ومحطة أرضية في سبتمبر 1982 للاتصالات الدولية.([1])

وفي اليمن الجنوبي خدمات البرق تحت الإدارة البريطانية وصلت السعة الإجمالية في الستينات إلى 7855 خط هاتفي، وظهرت هذه الخدمات للعامة بعد استقلال الجنوب عام 1967 إلا أن إدارتها كانت لا تزال تحت اشراف شركة البرق واللاسلكي البريطانية حتى عام 1978 وتوسعت من عدن إلى الحوطة في لحج، زنجبار في أبين، المكلا، وسيئون. ([2])

وفي عام 1990، بدأ مد كابل ألياف بصرية بحري بين اليمن وجيبوتي إلا أن حرب 1994 على الجنوب تسببت في تأخير عملية الإنجاز بالإضافة إلى الكثير من الخسائر في شتى المجالات ومنها الاتصالات. ثم عاودت الوزارة مشاريعها بعد الحرب وتم الانتهاء من الكابل البحري عام 1996 وكابل ألياف آخر أرضي يربط اليمن بدول الخليج وتضاعفت عقود التوسعة وكانت مجموعة العقود لتوسعة السنترالات قد بلغت 171 ألف رقم خلال عام 1997 فقط.

من ناحية أخرى أدى ظهور الألياف الضوئية في اليمن إلى تطور الشبكة الهاتفية والتعاقد مع شركات جديدة مثل هواوي التي تدعم النظام الأوروبي SDH (نظام التزامن الرقمي) للهاتف الثابت. كما ظهرت شركات الهاتف النقال مثل سبأفون وسبيستل عام 2001 ويمن موبايل عام 2004، وشركة واي (هت يونيتل) عام 2006 بالإضافة إلى خدمات النقل الإذاعي والتلفزيوني الدولي كما تم توسيع شبكة تيليمن لتقديم خدمات دولية متطورة حيث بلغت السعة الكلية لمنظومة الاتصالات الدولية حتى عام 2004 إلى 3812 قناة هاتفية موزعة على الأنظمة التالية: الأقمار الصناعية 1414 قناة - كابل بحري 655 قناة - ألياف ضوئية 1743 قناة.

تم تشغيل مشروع الربط الإقليمي عبر التراسل الرقمي لربط اليمن بالمملكة العربية السعودية وعبرها إلى بقية بلدان الخليج العربي والأردن بتكلفة 630 مليون ريال، واستكمال ربط بقية المحافظات بكابلات الألياف الضوئية بإجمالي مسافة 2.455 كم. وساهم اليمن مع إدارات الاتصالات في العديد من بلدان العالم في تمويل مشروع الكابل البحري المسمى (سي- مي- دي2) الذي يمتد من سنغافورة في جنوب شرق آسيا مروراً بمنطقة الشرق الأوسط حتى مرسيليا في فرنسا. كما ساهم مع جيبوتي في تمويل الكابل البحري الفرعي «عدن-جيبوتي» والذي يشكل حلقة الوصل لربط اليمن بالكابل البحري (سي - مي- دي2) عبر محطة توزيع المسارات في جيبوتي. وتكمن أهمية هذا الكابل في كونه يمثل منفذاً رديفاً لحركة الاتصالات الدولية من اليمن وإليها. وبلغت السعة المخصصة لليمن في هذا الكابل 345 قناة هاتفية.

الهاتف النقال

يتوفر في اليمن أكثر من نظام للاتصالات عبر الشبكة المحلية لخدمات الهاتف النقال هي يمن موبايل الحكومية، وثلاث شركات للهاتف النقال بنظام (جي أس أم) وهي واي، ام تي ان، سبأفون التي انطلقت لأول مرة في فبراير عام 2001، وتتابعت حتى عام 2007. وتغطي خدمات هذه الشركات في الوقت الحاضر معظم مناطق البلاد، بالإضافة إلى خدمة الهاتف النقال عبر الأقمار الاصطناعية. وقد ارتفع عدد المشتركين لدى شركات (جي أس أم) من 120 ألف في العام الأول إلى قرابة 400 ألف مشترك في العام التالي، وليصل حاليأ إلى أكثر من مليون مشترك. ويتوقع أن تسهم يمن موبايل التي تعمل بنظام (سي دي إم ايه) في مضاعفة أعداد المشتركين ضمن المنافسة في القطاعات الخدمية.

الحكومة الالكترونية

تبنت الحكومة مشروع البرنامج الوطني لتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية)، وجرى الترتيب للخطوات الأولية لإعداد الخطة الشاملة للبرنامج لتتم على ضوئها عملية التنفيذ. كما تم تصميم موقع عام للحكومة الإلكترونية على الإنترنت بما في ذلك المحافظات، يندرج في إطاره حالياً 31 موقعاً للوزارات والجهات الحكومية و 20 موقعاً للمحافظات. وقد افتتح في عام 2002 المرحلة الأولى من مدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بصنعاء، ويجري العمل حالياً في تنفيذ المرحلة الثانية. وتعد هذه المدينة من المكونات الرئيسية لمشروع البرنامج الوطني لتقنية المعلومات «الحكومة الالكترونية» التي سيتم الانتقال إليها على مدى أربع مراحل تنتهي في عام 2012، وفقأ لخطة المشروع فيما يتعلق بتوسيع استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وبما يسهم في تحسين الإنتاج وخلق الموارد الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتطوير الإجراءات الإدارية والبحث العلمي والتعليم بمختلف فروعه ومستوياته.

البوابة اليمنية للإنترنت

تمثل البوابة اليمنية للإنترنت مشروعأ لتزويد خدمات الإنترنت وربط جميع مزودي الخدمة في اليمن بشبكة المعلومات العالمية. وتسمح هذه البوابة في مرحلتها الأولى بربط 51 مزود خدمة من القطاع الخاص على أساس تنافسي بسرعات تصل إلى 2 ميجابت وقنوات ربط دولية سعة 42 ميجابت. وقد تم تدشين خدمة الإنترنت في اليمن عام 1996 من قبل مزود وحيد، وبلغ عدد المشتركين حتى الآن نحو 35 ألف مشترك، وعدد الجهات المرتبطة بخدمة القنوات المؤجرة لأغراض الإنترنت أكثر من 40 جهة. كما وصل عدد المواقع المرتبطة بشبكة تراسل المعطيات أكثر من 60 موقعاً لعدد من الجهات مع فروعها، إضافة إلى بعض المراكز التابعة للمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية والهيئة العامة للبريد. وبلغت الجهات المستضافة في البوابة اليمنية للإنترنت 55 جهة وبسعة 550 ميجابت في منتصف عام 2003. أما مقاهي الإنترنت، فيقدر عددها في عموم المحافظات بحوالي 1.200 مقهى حتى منتصف 2003، منها 400 مقهى في أمانة العاصمة.

مشروع تعميم استخدام الحاسوب

يهدف مشروع رئيس الجمهورية اليمنية  لتعميم الحاسوب الآلي والذي بدأت مرحلته الأولى من خلال توفير الحاسوب للموظفين وفئات الشباب والطلاب وبأسعار معقولة وعلى أقساط شهرية. وقد تم تحديد ثلاث مراحل لهذا المشروع بإجمالي 100 ألف جهاز للمساهمة في ردم الفجوة الرقمية واللحاق بالركب الحضاري لمجتمع المعلوماتية والمعرفة.

الشركات العاملة

أولا: القطاع العام

المؤسسة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات

يمن نت لخدمات البرمجيات والإنترنت:

المعهد العام للاتصالات:

مدينة العلوم والتكنولوجيا:

الهيئة العامة للتوفير البريدي

مركز الاستشعار عن بعد:

ثانيا: القطاع الخاص

سبأفون للهاتف النقال بنظام GSM:

منحت هذه الشركة ترخيصا من وزارة الاتصالات اليمنية وتعمل بتردد، كما تم تخصيص كود الشبكة 421-01 لها وتبدأ أرقام جوالاتها بـ71 ويبلغ عدد مشتركيها حوالي 600,000 مشترك.

 

إم تي إن MTN (سبيستل سابقا) للهاتف النقال بنظام GSM:

منحت هذه الشركة ترخيصا من وزارة الاتصالات اليمنية وتعمل بتردد، كما تم تخصيص كود الشبكة 421-02 لها وتبدأ أرقام جوالاتها بـ73 ، ويبلغ عدد مشتركيها حوالي 1,100,000 مشترك.

 

واي للاتصالات النقال بنظام GSM:

منحت هذه الشركة مؤخرا ترخيصا من وزارة الاتصالات اليمنية وتعمل بتردد، كما تم تخصيص كود الشبكة 421-04 لها وتبدأ أرقام جوالاتها بـ70 وقد وصل عدد المشتركين فيها حوالي 180,000 مشترك

ثالثا: القطاع المختلط: تيليمن للاتصالات الدوالية وخدمات الإنترنت:

من أوائل شركات الأتصالات في اليمن والشرق الأوسط، تعتبر المسؤولة عن الأتصالات الدولية والتي تعتمد الرمز الدولي 967 لليمن. كانت تمتلك الوزارة أقل من النصف من تيليمن بينما امتلكت شركة بريطانية النصف الأكبر أما في الوقت الحاضر فقد أصبحت ملكيتها كلية لوزارة الاتصالات اليمنية ولكن تديرها شركة اتصالات فرنسية.

يمن موبايل للهاتف النقال بنظام CDMA2000:

تعتبر الشركة الوحيدة المشغلة لنظام CDMA2000/1x في اليمن وبالرغم من بداياتها بدراسات، إنشاء ودعم كامل من وزارة الاتصالات إلا أنه تمت خصخصتها فيما بعد. تبدأ أرقام يمن موبايل بـ77 ورمزها الشبكي 421-03 ويصل عدد المشتركين حسب إحصائيات 2008 أكثر من 1,700,000 مشترك.([3])

أولا: الوضع الراهن لقطاع الاتصالات في اليمن:

 أسقطت المليشيات الحوثية كافة مؤسسات الدولة في صنعاء وكانت مؤسسات الاتصالات أحد تلك المؤسسات التي أحكمت الحركة الحوثية عليها لكونها أهم مصادر الإيرادات المحلية التي تعتمد عليها الحركة الحوثية في تمويل كافة أنشطتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والتوعوية.

وقد مثل هروب وتراخي الطرف الاخر الشرعية اليمنية عامل مساعدا للسيطرة على تلك المؤسسة، وبات الحوثيون يضعون أيديهم بشكل شبه كامل عليه دون أية منازع، مع تراخي ورضى تام من قبل الحكومة اليمنية منذ سبع سنوات حتى اللحظة، فهم يفضلون أن تظل بيدي المليشيات، خشية أن تسبب أي خطوات لنقله إلى الجنوب تبعات على المسار السياسي والاقتصادي لصالح خصومها هناك.

ومنذ تحول عدن إلى عاصمة مؤقتة لليمن في 2015، لم تتمكن الشرعية من تأسيس شركة إتصالات مستقلة عن صنعاء ، فمازالت مراكز الإتصالات الثابثة والإنترنت الأرضي وشركات يمن موبايل ويو و واي للإتصالات الخلوية، في صنعاء القابعة تحت سيطرة الحوثيين([4])

  • خطوات سيطرة المليشيات الحوثية على قطاع الاتصالات
  • إحلال وكلاء للوزارة ومدراء عموم وقيادات حوثية حيث كشفت وثائق ومعلومات صادرة عن "مبادرة استعادة" حجم سيطرة الحوثيين على مجال الاتصالات في كافة الادارات الرئيسة والفرعية، القيادات الحوثية التي تقود عملية نهب وسطو قطاع الاتصالات قال التقرير الأممي، "إن المدعو عبدالله مسفر الشاعر، أحد المقربين من زعيم الميليشيات، وشقيق أحد المطلوبين لتحالف دعم الشرعية في اليمن اضطلع بدور أساس في السيطرة على إدارة سبأفون". وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة.
  • حجبت الميليشيات مواقع الحكومة الشرعية والأخبار والقنوات ووسائل الإعلام المحلية المناهضة لهم كسب الولاءات سواء أكانت بالترغيب أم الترهيب.
  • استطاعت الميليشيات أن تحكم سيطرتها على شركات الاتصالات الخاصة والحكومية بطريقة أو بأخرى عن طريق الضرائب والرسوم الباهظة كما حدث مع شركة MTN مما اضطرها إلى مغادرة اليمن.
  • المضايقات المستمرة حتى أوصلت شركات تعلن بيع حصتها كما أعلنت شركة MTN بيع حصتها لمستثمر عماني، غير أن المصادر الخاصة في قطاع الاتصالات اليمنية أكدت "أن المفاوضات استمرت بين شركة MTN وبين الشركة اليمنية القابضة، وهي شركة يرأسها قيادي حوثي يدعى صالح مسفر الشاعر، غير أنه في نهاية عام 2021 أعلنت MTN بيع حصتها السوقية لمستثمر عماني، وهي عملية من جانب أحادي.
  • الدمج والسيطرة حيث أعلنت وزارة الاتصالات الخاضعة لسيطرة الحوثيين دمج ثلاث شركات (سبأفون، واي، MTN)، وبإمكان المشترك الاشتراك بباقة لإحدى الشركات بحيث يتم الاكتفاء بخط واحد من أي شركة ويمكن الاتصال لأي شبكة من الشبكات الثلاث وكأنها واحدة، ومنذ إعلان هذه الباقات لم يتم أي شئ بهذا الخصوص حتى هذه اللحظة.

ثانيا العائدات الاقتصادية والأمنية والعسكرية من قطاع الاتصالات:

يعد قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية واللوجستية للميليشيات الحوثية لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، إضافة إلى تسخيرها للاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين، واستخدامها في انتهاك حرمات وخصوصيات المواطنين والمعارضين للميليشيات عبر التجسّس على اتصالاتهم ورصد تحرّكاتهم بغرض ابتزازهم وتطويعهم لخدمة توجّهاتها وأفكارها ومعتقداتها، والتجسّس على قيادات وأفراد الجيش ورصد تحرّكاتهم بغرض جمع المعلومات واستهداف القيادات والمقرّات والتجمّعات.

تعتمد الحركة الحوثية أسلوب الضغط على جبهات القتال لصالح الميليشيات عبر التحكّم في إغلاق وفتح خدمات الاتصالات في أماكن المواجهات بما يخدم تعزيز قدراتها وتفوقها على حساب القوات الشرعية، وتسخير خدمات الاتصالات كأداة من أدوات خطابها الإعلامي من خلال حجب المواقع والتطبيقات وإجبار المواطنين على متابعة المواقع والأخبار التابعة للميليشيات بغرض تجريف الهوية اليمنية وشحن المجتمع بمعتقداتها وأفكارها الهدّامة، وتسخير العائدات الكبيرة لقطاع الاتصالات في تمويل حروبها وأهدافها.

وفيما يلي نبرز أهم الجوانب التي يوفرها قطاع الاتصالات لخدمة المشروع الحوثي.

الجانب الاقتصادي:

أكدت مبادرة "ريقن يمن- استعادة" أن ميليشيا الحوثي تحصل على مليارات الريالات سنوياً من إيرادات قطاع الاتصالات من خلال مبيعات خدمات الإنترنت وخدمات الاتصالات وضرائب الأرباح على شركات الاتصالات العامة والخاصة، والرسوم الزكوية ورسوم تجديد تراخيص الشركات الخاصة، إضافة إلى السيطرة الفعلية على إيرادات شركات الاتصالات الخاصة مثل "إم تي إن" سابقاً و"سبأفون" و"واي"، والاستيلاء على أرصدتها وأصولها.

وكشفت المبادرة في تقرير لها حول سيطرة الحوثيين على قطاع الاتصالات في اليمن بعنوان "الاتصالات أداة حرب لا خدمة" أن إيرادات الميليشيا الحوثية من القطاع تتنوّع من أموال تتحصّل بشكل مباشر، وأخرى تفرض على شكل جبايات وإتاوات أو تحويلات أو من بنود تتحايل الميليشيا فيها لتوجيه الإيرادات لصالحها.

وأضاف تقرير الخبراء الأمميين، "أن الحوثيين يصدرون التراخيص عمداً لفترات قصيرة لبث حالة عدم اليقين لدى الشركات"، وكشف عن تلقي الفريق الأممي معلومات من وزارة الاتصالات الخاضعة لسيطرة الحوثيين "أن مجموع الإيرادات من شركة سبأفون وشركة MTN بلغ نحو 22 مليون دولار".

وبيّن التقرير أن إجمالي ما تحصّلت عليه الميليشيا الحوثية من أموال من شركة "يمن موبايل للهاتف النقّال" للعام المالي ٢٠٢١ بنصوص قانونية عبر مصلحة الضرائب ومصلحة الواجبات الزكوية (الهيئة العامة للزكاة التي أنشأها الحوثيون بمخالفة الدستور والقوانين النافذة)  والخدمات وفوارق أسعار صرف العملات مبلغ يزيد على 83.9 مليار ريال.

وتوزّعت تلك المبالغ على 6 مليارات ريال زكاة، و27 مليار ريال ضريبة أرباح تجارية وصناعية، و9.3 مليار ريال ضريبة مبيعات، و 9.9 مليار ريال رسوم ترخيص لوزارة المالية، وبإجمالي 52.3 مليار ريال.

كما تتحصّل الميليشيا من شركة "يمن موبايل" على موارد ضخمة من خلال تضخيم النفقات والاستيلاء عليها عبر جهات مصرفية وصرّافين، وبتوجيهات خاصة من مجلس إدارة الشركة المعيّن من قبلها، وتتمثّل في 14.8 مليار ريال مصاريف خدمات مالية ومصرفية و16.7 مليار ريال مصاريف فوارق أسعار صرف العملات الأجنبية، وبإجمالي 31.5 مليار ريال.

وأوضح تقرير مراقب الحسابات الخارجي "جرانت ثورنتون" أن شركة "يمن موبايل" اعتمدت من 1 يناير 2021 سياسة أسعار السوق للتعامل بالعملات الأجنبية وفقاً للإيضاح رقم 3 والذي بموجبه تم تصفير حساب مصروف فوارق أسعار صرف العملات الأجنبية في القوائم المالية للشركة في نهاية السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2020.

كما ظهر مبلغ 16.74 مليار ريال في حساب مصروف فوارق أسعار صرف العملات الأجنبية يوضّح كيف تستولي قيادة مجلس شركة "يمن موبايل" الحوثية على أموال الشركة والمساهمين فيها.

وأشار التقرير إلى ثبات عائد السهم الموزّع للمساهمين بمبلغ 175 ريال لكل سهم خلال السنوات المالية من الفترة 2018– 2022، رغم ارتفاع إيرادات الشركة للضعف خلال الفترة ذاتها" ([5]).

الجانب الاستخباراتي

أكدت الوثائق التي تضمّنها التقرير الخامس لمبادرة "استعادة" قيام الحوثيين بتنفيذ مشروع استثماري استخباراتي يشرف عليه خبراء إيرانيون من شركتي الما وبي ارتل الإيرانيتين، ومن جانب الحوثيين عبد الله مسفر الشاعر كطرف ممثّل لهم إضافة إلى القائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة "واي" ومدير شركة "فايبر فون" إبراهيم هاشم يحيى الشامي، وعبد الله حسين عبد الله الشهاري (ممثّل لشركة يويو) بهدف إدارة قطاع الاتصالات في اليمن وكيفية تنمية استثماراته.

فيما كلفت جماعة الحوثيين قيادات أخرى في الجانب الاستخبارات على رأسهم محمد حسين بدر الدين الحوثي مدير دائرة الاتصالات العسكرية المشرف العام على برنامج التشارك الحوثي الإيراني ومحمد ناصر أحمد مساعد (أبو عصام) مدير دائرة الاتصالات الجهادية (الاتصالات الخاصة بالمليشيات) عبدالخالق أحمد محمد حطبة.

مبادرة regain yemen المعنية برصد وتوثيق جرائم النهب والفساد والجريمة المنظمة وتعقب الاموال الحوثية اظهرت في التقرير أنه عقدت بين الجانبين (الحوثيون والإيرانيون) عدداً من اللقاءات والاتصالات المباشرة وغير المباشرة، إذ تعد شركة "فايبر فون" التي استحدثها الحوثيون بمثابة الشركة الوسيطة المزوّدة لخدمات الاتصالات في اليمن مع ممثّل الجانب الإيراني شركة "الما" الإيرانية وشركة "بي ار تل" واللتان تقومان بتقديم الخدمات الاستشارية والدعم اللوجستي الاستخباراتي والاستثماري لميليشيا الحوثي إضافة إلى الاستشارات الفنية.

أكد تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن "أنه يحقق في ما إذا كان الحوثيون قد سيطروا على النطاق الوطني (ye) وما إذا كانوا يستخدمون نظام إدارة سعة النطاق في صنعاء بغرض التجسس". ملف الاتصالات اليمنية، الذي شكل جزءاً من تقرير الخبراء الذي نشر نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت "اندبندنت عربية" نشرت فيها تحقيقين، الأول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2020، والأخير نهاية العام الماضي([6]).

وتوصلت لجنة الخبراء في تقريرها الأخير إلى "أن قطاع الاتصالات اليمني يشكل مصدراً رئيساً لإيرادات ميليشيات الحوثي، وأداة خطرة لمراقبة اليمنيين وانتهاك حق الشعب في الخصوصية وحرية الحصول على المعلومة". وأشار التقرير إلى "أن هذا القطاع الحيوي لا يزال يشهد نمواً كبيراً على رغم الحرب، وتناول انتهاكات وابتزاز مارستها الميليشيات بحق شركات الاتصالات بفضل سيطرتها عليه".

وأوضح التقرير، "أن السيطرة على هذا النطاق غير القانوني لأدوات الاتصالات، يوفر للميليشيات القدرة على مراقبة المستخدمين، ومنع حركة الاتصالات والرقابة على المحتوى، وتنفيذ عمليات الإغلاق على الإنترنت، وحصر مواقع التواصل الاجتماعي، وخدمات المراسلة الشخصية، ومراقبة الاتصالات الخاصة للمعارضين، وحجب النطاق في جميع أنحاء البلاد".

وأقرت شركة "تيليمن" في رسالة وجهتها لفريق الخبراء بضلوعها في مراقبة المستخدمين لشبكة الإنترنت في اليمن متذرعة بنصوص قانونية تخول لها القيام بذلك. وقالت "تيليمن" في ردها بشأن إذا ما كانت الشركة تسمح للحوثيين بالتجسس على مستخدمي الإنترنت، "إن قوانين اليمن تقتضي من مقدمي خدمات الإنترنت في البلاد فرز محتويات تتعارض مع القانون والعقيدة"، مضيفة "أنها تستخدم هذا الفرز لحماية الأطفال من أي محتوى غير لائق".

وكان الحوثيون عملوا على حجب كل المواقع الحكومية التابعة للحكومة الشرعية والمواقع الإخبارية والقنوات وكل وسائل الإعلام المحلية المناهضة للحوثي([7]). 

وكانت "اندبندنت عربية" أجرت تحقيقين عن ملف الاتصالات اليمنية، الأول نشر في ديسمبر (كانون الأول) عام 2020 حول استخدام التجسس والاتصالات كأداة لاختطاف الناس وتعذيبهم استناداً إلى مئات البيانات وشهادات ضحايا مدنيين من كل فئات المجتمع داخل مناطق سيطرة الجماعة وخارجها. تواصلنا آنذاك مع شركات الاتصالات لكننا لم نتلق أي رد، وما إن خرجت شركة سبأفون إلى عدن جنوب البلاد اعترفت باستخدام الحوثيين الاتصالات للتجسس على اليمنيين. وأفادت الشركة لاحقاً على لسان الناطق الرسمي باسم الشركة عبدالله العواضي "أن الميليشيات عملت على تثبيت برمجيات تتبّع عبر الاتصالات تحدد مكان المستهدف بدقة عالية". وجاء التحقيق الثاني ليتناول الاستخدام العسكري للاتصالات، وكيف حولت جماعة الحوثي هذا القطاع إلى جهاز أمني يتتبع الخصوم، وسير المعارك، وحركة القوات المناوئة. وأكدت تحقيقاتنا التجسس على شخصيات عسكرية رفيعة في الحكومة الشرعية، من ضمنها الفريق صغير بن عزيز، الذي يشغل حالياً رئيس هيئة الأركان بالجيش اليمني ووزير الدفاع حاليا محمد علي المقدشي وقادة عسكريين آخرين([8]).

الجانب العسكري والأمني:

لا شك أن المليشيات الحوثية جعلت من قطاع الاتصالات في اليمن مصدرا لرصد المعلومات وتتبع التحركات العسكرية في معظم جبهات القتال وقد أكَدت الأحداث أن الحوثيين يستندون على قطاع الاتصالات في رصد حركة القوات المناهضة لها لاسيما القوات الجنوبية التي تقابلها في الميدان.

وقد أكدت المصادر للعربية أنَّ الحوثيين شخصيات قيادية وسياسية  "تحت المراقبة والتنصت"، وربطوا منظومة الاتصالات العامة "بجهاز الأمن والمخابرات التابع للميليشيات بأوامر من عبد الملك الحوثي، كما أضافوا أنظمة جديدة للشبكة خاصة بالتنصت، يتم تشغيلها بإشراف من مهندس لبناني تابع لـ حزب الله".

وأشارت المصادر إلى أنَّ الجماعة "تقوم بفصل الاتصالات وتشغيلها في بعض مناطق المواجهات، وذلك وفقا لمتطلباتها في أرض المعركة".

وبالفعل، غالباً ما يستبق الحوثيون هجماتهم العسكرية – وفقاً لخبراء ومراقبين - بقطع الاتصالات عن المنطقة المُستهدفة، ولعل منطقة "حجور" في حجة، التي احتلتها الجماعة في مارس 2019، بعد حصار عنيف ومعارك مع القبائل تزامناً مع قطع خدمات الاتصال عنها، أبرز الأمثلة على ذلك.[9] مما يؤكد عن وجود مخاطر أمنية كبيرة، تتمثَّل في التجسس والمراقبة والتنصت على الكثير من المشتركين، وقد ألحقت الضرر الكبير بالعديد من القيادات الحكومية والصحفيين الملاحقين من قبل الحوثيين".

كما نفذَّت المليشيات عدد من الهجمات عبر الطائرات المُسيَّرة والصواريخ الباليستية، استهدفت قيادات عسكرية بارزة في جنوب اليمن، وتجمعات عسكرية للقوات الجنوبية.

ففي فبراير 2017، قُتل رئيس أركان الجيش اليمني، أحمد سيف اليافعي، بصاروخ حوثي في مدينة المخا، بالساحل الغربي، وفي يناير 2019، هاجم الحوثيون قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية في محافظة لحج، جنوب اليمن، بطائرة مُسيَّرة، وخلَّف الهجوم قتلى بينهم نائب رئيس هيئة الأركان، صالح الزنداني، ورئيس الاستخبارات العامة، محمد صالح طمَّاح، وعشرات الجرحى.

كما قُتل القيادي البارز بالقوات الجنوبية، منير اليافعي أبو اليمامة، بهجوم صاروخي خلَّف عشرات القتلى والجرحى من الجنود، في معسكر الجلاء بعدن في أغسطس 2019.

وتكرّر هذا النمط من الهجمات الحوثية مرات عديدة، مُستهدفاً معسكرات جنوبية في الضالع ولحج وأبين، بالإضافة لمدينة مأرب التي تضم وزارة الدفاع ومقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة.

ويشير خبراء إلى اعتماد الحوثيين بشكل أساسي على شركات الاتصالات الخاضعة لها، والتي تقدَّم خدماتها في الجنوب في التجسس والتتبع والمراقبة وتحديد المواقع.([10])

 

الجانب التشاركي والاستثماري

في الجانب الاقتصادي يُعدّ قطاع الاتصالات أحد أهم المصادر الإيرادية للدولة، ولا سيما العملة الصعبة، إذ احتلّ هذا القطاع قبل الصراع المرتبة الثانية بعد قطاع النفط والغاز؛ إذ يدفع مشغلو خدمة الهاتف النقال رسوماً مختلفة للحكومة مقابل إنشاء شبكات لاسلكية مُتنقلة عامة وتشغيلها وإدارتها وتقديم خدمات الاتصالات اللاسلكية.

يمثّل مشروع التشارك الدينامو الرئيسي المحرّك والمخطّط اللوجستي لقطاع الاتصالات في اليمن والذي سخّرت له كل الإمكانيات من أجل تحقيق أهداف الميليشيا استثمارياً وعسكرياً واستخباراتياً.

وكشف التقرير أن ميليشيات الحوثي تقوم بالتحايل على القرارات والعقوبات الدولية التي طالت صالح مسفر الشاعر الحارس القضائي والذراع الأيمن للموارد المالية للميليشيات والذي فرضت عليه عقوبات دولية، من خلال تمكين شقيقة عبد الله مسفر الشاعر من قطاع الاتصالات والاستثمارات الخاصة به عبر شركة "شبام" القابضة والتي تدير حالياً مجموعة من الاستثمارات الحوثية من بينها قطاع الاتصالات.

ويمثّل عبد الله مسفر الشاعر حلقة الوصل بين الجانب الإيراني الاستثماري وبين ميليشيا الحوثي.

ويوضّح التقرير الذي حمل عنوان "سيطرة الحوثيين على قطاع الاتصالات في اليمن" أنه بعد دخول ميليشيات الحوثي إلى صنعاء في العام 2014 أحكمت سيطرتها على مؤسّسات الدولة ومن بينها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وقامت بإحلال وكلاء للوزارة ومدراء عموم وقيادات للمؤسّسات المختلفة من قيادات عقائدية تابعة للميليشيات الحوثية والذي يشرف عليهم متخصّصون في الاتصالات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كما قامت بـ "حوثنة" جميع الشركات والمؤسّسات التي تقدّم خدمات الاتصالات الحكومية مثل "تيليمن"، و"يمن نت"، والمؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية"، و"الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي"، و"يمن موبايل".([11])

التوصيات:

  • دعوة التحالف العربي الى اتخاذ إجراءات صارمة في سبيل تجفيف منابع الإرهاب وفي مقدمتها شركات الاتصال التي سيطرة عليها المليشيات الحوثية.
  • دعوة المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية الى تجريم تلك الاعمال المليشيات المتمثلة في التجسس على افراد المجتمع وانتهاكات الحقوق الشخصية.
  • دعوة المستثمرين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات لفتح شركات تنافسية في محافظات الجنوب المحررة .
  • دعوة كافة القيادات العسكرية والسياسية والاجتماعية في محافظات الجنوب الى توقي الحذر والابتعاد عن تلك الشبكات التجسسية .
  • دعوة المواطنين الى مقاطعة مؤسسات الاتصال التي تعزز الاقتصاد وتوفر المعلومات للمليشيات الإرهابية الحوثية.

 --------------------------------

المصادر

[1] ) ويكيبيديا    

[2] ) ويكيبيديا    

( [3] المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء

[4] ) Market Your Real Estate Brand With Speakol

[5] ) تقرير سيطرة الحوقيين على قطاع الاتصالات في اليمن مبادرة استعادة ص 36

[6] ) تقرير سيطرة الحوقيين على قطاع الاتصالات في اليمن مبادرة استعادة ص 49

[7] ) اقرأ المزيد "جاسوس الجيب" رأس حربة الحوثي في حرب الاتصالات اليمنية

[8] ) تقرير سيطرة الحوقيين على قطاع الاتصالات في اليمن مبادرة استعادة ص 53

[9] ) سكاي نيوز عربية < الحوثيون يعزلون قبائل "حجور" عن العالم >

[10] ) مركز سوث24 للأخبار والدراسات

[11] ) تقرير سيطرة الحوثيين على قطاع الاتصالات في اليمن مبادرة استعادة  ص 22