الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتّحدة..
تقرير: هل تساعد إدارة بايدن الكاظمي الصمود في وجه الميليشيات

ماذا يناقش رئيس الوزراء العراقي في واشنطن، داعش أم الحشد أم إيران
الحوار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتّحدة إذ ينصبّ بشكل رئيسي على مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، فإنّه يشمل بالضرورة ملفّات وثيقة الصّلة بذلك الموضوع ولا يمكن فصلها عنه مثل التعاون العسكري والأمني في مواجهة تنظيم داعش، ونفوذ إيران في العراق وتغوّل الميليشيات وتسلّط الحشد الشعبي على القرار العراقي في مجالات السياسة والأمن وحتى الاقتصاد، وكلها ملفات حساسة سترافق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في زيارته الوشيكة إلى واشنطن.
يفتح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال زيارته التي يبدأها الاثنين إلى الولايات المتّحدة باب النقاش مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الأميركيين باب النقاش في عدد من الملّفات والقضايا الهامة والحساسة، تتجاوز قضية الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية، رغم بروز هذا الموضوع في الخطاب السياسي والإعلامي الرائج على هامش الزيارة.
وقالت مصادر سياسية عراقية مطّلعة إنّ ملفي إيران وتدخلاتها في العراق، والحشد الشعبي والدور المتضخّم لميليشياته في مجالات الأمن والسياسة وحتى الاقتصاد في العراق ستكون على طاولة النقاش عندما يُستقبل الكاظمي من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين كبار في إدارته.
كما أنّ الملف الأمني وما يتعلّق تحديدا بالمواجهة ضدّ تنظيم داعش وعودته اللافتة إلى النشاط وزعزعة الأمن خلال الفترة الأخيرة، سيكون بحسب نفس المصادر، ضمن أجندة الزيارة التي تبدأ الاثنين، خصوصا وأن المسائل الأمنية بند رئيسي في الحوار الإستراتيجي العراقي – الأميركي الذي بلغ مرحلته الأخيرة ودخل طور مناقشة النقاط التفصيلية المتعلّقة بوضع القوات الأميركية الموجودة في العراق ودورها المستقبلي في المساعدة على محاصرة فلول التنظيم المتشدّد ومحاولة استئصالها.
وقال دبلوماسي عراقي سبق له العمل في الولايات المتّحدة إنّ واشنطن تتفهّم الوضع الحسّاس لرئيس الوزراء وتدرك حجم المصاعب التي يواجهها بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية العراقية المعقّدة، كما تعلم حجم الضغوط التي يتعرّض لها من قبل إيران ومعسكرها في العراق من سياسيين متنفّذين وقادة ميليشيات، دون أن يعني ذلك التخلّي عن مطالبته بالعمل على الحدّ من نفوذ طهران وتحجيم دورها قدر الإمكان والحدّ من تغوّل الميليشيات التابعة لها عبر الرهان على تقوية القوات النظامية وإعادة تنظيم صفوفها.
وتوقّع ذات الدبلوماسي السابق الذي تحدّث شريطة عدم ذكر اسمه أن يُطرح خلال مناقشة ملفي إيران والحشد الشعبي ما تستطيع الولايات المتّحدة تقديمه من مساعدات للحكومة العراقية لتقوية وضعها إزاء الضغوط التي ستتزايد عليها بعد زيارة الكاظمي لواشنطن، وخصوصا إذا لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق صريح بشأن رحيل القوات الأميركية من العراق وفق ما تطالب به الأحزاب والفصائل العراقية المسلّحة الموالية لطهران.
وقال إنّ العروض الأميركية في هذا المجال يمكن أن تتضمّن مساعدات مالية وتقنية لتحسين أوضاع الخدمات العامة التي يواجه الكاظمي بسبب رداءتها ضغوطا من قبل الشارع الغاضب، ومقترحات حلول لجلب الاستثمار في إعادة إعمار المناطق المدمّرة بفعل الحرب ضد داعش، فضلا عن عرض أشكال من التعاون في المجالين العسكري والأمني بما يساعد على تطوير قدرات القوات المسلّحة العراقية في مواجهة داعش والميليشيات على حدّ سواء.
وبرزت المساعدة الأميركية في هذا المجال كمطلب عراقي عبّرت عنه حكومة الكاظمي على لسان وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي قال الجمعة إنّ بلاده لا تزال بحاجة أكيدة إلى مساعدة التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتّحدة لمواجهة داعش الذي أكّد الوزير أنّه ما زال قائما كتنظيم عسكري ويواصل هجماته في العراق ويشكل خطرا إقليميا وداخليا.
ويمهّد مثل هذا الطلب لدفع النقاش في إطار الحوار الإستراتيجي الأميركي – العراقي باتّجاه البحث عن صيغ وعناوين مقبولة للحفاظ على وجود عسكري أميركي طويل الأمد في العراق، بعيدا عن مطلب إنهاء ذلك الوجود بشكل كامل مثلما ترغب في ذلك إيران وأتباعها في العراق.
وغير بعيد عن هذا السياق قال مسؤولون أميركيون إنه من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة والعراق رسميا إنهاء عمل البعثة القتالية الأميركية في العراق بنهاية هذا العام وأن يواصل البلدان عملية الانتقال نحو توفير التدريب والمشورة للقوات العراقية.
ويوجد في العراق حاليا 2500 عسكري أميركي يركزون على مواجهة فلول تنظيم داعش. وليس من المتوقع أن يكون للإجراء تأثير كبير، خاصة وأن الولايات المتحدة تحركت بالفعل نحو التركيز على تدريب القوات العراقية.
لكن الإعلان المتوقع صدوره عقب اجتماع الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء العراقي الأسبوع المقبل سيصدر في وقت حساس سياسيا للحكومة العراقية، حيث يواجه رئيس الوزراء ضغطا متزايدا في الداخل من أحزاب متحالفة مع إيران وجماعات برلمانية تعتبره مؤيدا للجانب الأميركي.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير طلب عدم نشر اسمه إنّ “النقطة الأساسية التي سنسمع بها وأعتقد أنها مهمة للغاية هي أن إدارة بايدن ترغب في البقاء بالعراق لأن الحكومة العراقية دعتنا إلى هناك وطلبت منا مواصلة ذلك”. وأضاف “المهمة لم تتغير، ما نتحدث عنه هو كيفية دعم قوات الأمن العراقية في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”.
وكان وفد عراقي قد أجرى الخميس في واشنطن محادثات تتعلّق بالوجود العسكري الأميركي في العراق قبيل اجتماع الكاظمي مع بايدن الاثنين في البيت الأبيض.
واستقبلت مسؤولة الشؤون الدوليّة في وزارة الدفاع الأميركيّة مارا كارلين وفدا برئاسة مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي “للبحث في التعاون العسكري على المدى الطويل” بين البلدين، حسب ما قال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي في بيان.
وأشار المتحدّث إلى أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن انضمّ إلى المحادثات لإعادة تأكيد التزام الولايات المتّحدة بمواصلة القتال ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة.
وبعد أن استُهدفت المصالح الأميركيّة في العراق منذ بداية العام بنحو 50 هجوما بصواريخ أو بطائرات دون طيّار نفذتها ميليشيات شيعية، شدّد أوستن على “ضرورة أن تكون الولايات المتحدة والتحالف قادرين على مساعدة الجيش العراقي بأمان تامّ”.
وبحث الكاظمي مع موفد البيت الأبيض بريت ماكغورك الأسبوع الماضي في بغداد “انسحاب القوّات المقاتلة من العراق”، لكنّ المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قالت إنّ الحكومة العراقيّة “راغبة في أن تُواصل الولايات المتحدة والتحالف تدريب جيشها ومساعدته، وتقديم الدعم اللوجستي وتبادل المعلومات”.