الحدّ من مخاطره الصحية وتطويق تداعياته الاقتصادية..

تقرير: الإمارات.. وضع استراتيجية جديدة لفترة ما بعد "كورونا" المستجد

كل شيء على ما يرام

أبوظبي

تحوّلت جائحة كورونا في دولة الإمارات العربية المتّحدة إلى فرصة لاختبار القدرة على مواجهة الأزمات الطارئة والتعامل معها والخروج منها بأخف الأضرار في بلد مثّل صعوده على مدى العشريات الماضية قصّة نجاح استثنائية تجسّدت في مراكمة الثروة وتنويع مصادرها وحسن توظيفها في تحقيق المزيد من التطور والرفاه للمجتمع.

ودخلت الإمارات مرحلة التفكير في ما بعد أزمة كورونا وطرق الخروج منها بشكل آمن، بعد أن أتاح لها تعاملها السريع والحازم والمرن في آن مع الوباء، إبقاء الدولة ومجتمعها خارج نطاق الأخطار الكبيرة للجائحة وتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية التي طالت الكثير من بلدان العالم.

وأوردت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” في تقرير لها أن حكومة الإمارات بادرت إلى وضع إستراتيجية جديدة لفترة ما بعد كورونا وذلك في تحرك استباقي سريع يعتمد على اتخاذ سياسات وقرارات وإجراءات ووضع خطط عمل وآليات تغطي القطاعات الاقتصادية والمجتمعية والخدمية الأكثر إلحاحا في المستقبل القريب ووضع مقاربات مستقبلية للآفاق الاقتصادية والتنموية.

ومن أركان تلك الإستراتيجية إطلاق الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية حزمة مبادرات اقتصادية داعمة لشركات القطاع الخاص للحد من تداعيات أزمة كورونا التي أثّرت على العديد من القطاعات الاقتصادية. وقام المصرف المركزي الإماراتي في هذا السياق برصد أكثر من 27 مليار دولار لتمويل خطة لدعم الاقتصاد.

وخلال تصدّيها لوباء كورونا حرصت الإمارات على تجنيب مجتمعها، بمختلف مكوناته من مواطنين ووافدين، تداعيات الجائحة رغم الظرف الطارئ الذي ألم ببلدان العالم وأثّر على اقتصادياتها، ورغم تدهور أسعار النفط وتأثّر الكثير من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية من تجارة وسياحة ونقل جوّي.

وتعهّدت القيادة الإماراتية منذ بداية أزمة كورونا بالحفاظ على التوازنات المجتمعية وتقديم الرعاية لجميع السكّان دون استثناء وتوفير الغذاء والدواء بالكميات اللاّزمة.

واعتبر الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي أنّ الدواء والغذاء في دولة الإمارات خط أحمر ويجب تأمينهما إلى ما لا نهاية بغض النظر عن أي تحديات.

واختارت الإمارات في هذا السياق أن تجعل من تدعيم أمنها الغذائي جزءا أساسيا من إستراتيجيتها المتكاملة في مواجهة فايروس كورونا، آخذة في الاعتبار احتمال مواجهة طويلة الأمد ضد الجائحة التي لا يُستبعد أن تطال آثارها السلبية عمليات إنتاج الأغذية ونقلها وتوزيعها.

وكانت الإمارات قد سارعت مع انتشار فايروس كورونا في العالم إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الاستباقية لتأمين مخزونها الغذائي والحفاظ على النسق العادي لتزويد سوقها الداخلية بمختلف المواد الغذائية.

وتضمنت تلك الإجراءات إصدار قانون للمخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية بهدف تعزيز منظومة الأمن الغذائي في الدولة ورفع الاحتياطي من السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف بما في ذلك حالات الأزمات والطوارئ والكوارث.

وأظهرت الإمارات حرصا استثنائيا على حماية العمّال من تحمّل تبعات جائحة كورونا وحماية حقوقهم الأساسية وضمان صحتهم وسلامتهم.

وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي في رسالة وجهها في وقت سابق إلى غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية إن وباء كورونا يهدد صحة وسلامة ورفاه جميع الناس في كافة أقطاب الكرة الأرضية، وهو يتطلب استجابة عالمية شاملة تتناول الصحة والعمل والاقتصاد وحقوق الإنسان. وأكّد في رسالته حرص بلاده على حماية حقوق العمال، مذكّرا بسلسلة الإجراءات التي اتّخذتها الإمارات في هذا المجال.

المساعدات الإماراتية المقدمة للعشرات من بلدان العالم أظهرت وجود الإمارات في موقع قوة خلال مواجهتها لجائحة كورونا

وأتاحت جائحة كورونا للإمارات اختبار فعالية البنية التكنولوجية والتقنية التي عملت الدولة على تأسيسها منذ سنوات مستفيدة من أفضل التجارب والخبرات العالمية في هذا المجال. وبفضل تلك البنية لم يواجه الإماراتيون مصاعب تذكر في التحوّل إلى أسلوب العمل عن بعد في القطاعات والمجالات التي تسمح بذلك.

وفي جانب آخر من الاستخدام العملي للتكنولوجيات والعلوم الحديثة، تمكنت الإمارات من توسيع دائرة إجراء الفحوص والاختبارات اللاّزمة للكشف عن المصابين بفايروس كورونا لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد من مختلف الشرائح الاجتماعية.

ولم تكتف الإمارات بالتقنيات المستخدمة عالميا لإجراء الفحوص والاختبارات، بل أظهرت استعدادا لتقديم الإضافة في هذا المجال، حيث أعلن مختبر كوانت ليز في الإمارات، وهو ذراع البحث الطبية في الشركة العالمية القابضة، قبل أيام، عن تطوير أداة تقنية جديدة تتيح إجراء فحوص جماعية فائقة السرعة خلال ثوان لاكتشاف فايروس كورونا باستخدام أشعة الليزر، ما يسمح بتوسيع دائرة الفحوصات على نحو غير مسبوق.

ولم يكن ذلك أول تطوّر تكنولوجي يصدر من الإمارات في مجال التصدي لجائحة كورونا، فقد سبق أنّ أعلن في الدولة عن افتتاح مختبر فائق التطوّر لتشخيص الإصابة بفايروس كورونا أطلقته مجموعة جي 42 الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، ومجموعة بي.جي.آي الرائدة في مجال حلول الجينوم، يوفّر إمكانية القيام يوميا بإجراء عشرات الآلاف من الاختبارات بتقنية “بي سي آر، آر تي” التي تعتمد على تفاعل البوليمرز المتسلسل اللحظي، لتلبية احتياجات فحص وتشخيص الإصابة بالفايروس.

وفي دليل على موقع القوّة الذي واجهت الإمارات جائحة كورونا من خلاله، أظهرت الدولة أنّ لها فائضا في وسائل مواجهة الوباء وذلك من خلال أطنان من المساعدات الطبية قامت بتقديمها للعشرات من الدول في مختلف القارّات متخطية عوامل الدين والعرق والسياسة في تقديم تلك المساعدات.