المؤسسة العامة للأثاث والتجهيزات المدرسية..

تقرير: الأثاث والتجهيزات المدرسية.. نموذج للتدمير الممنهج بعد الوحدة

بقايا اطلال المؤسسة العامة للأثاث والتجهيزات المدرسية - المصدر

عبدالله الصاصي

تظل المؤسسة العامة للأثاث شامخة وعريقة ﻻرتباطها بروح مؤسسها الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) الحي في قلوب الجنوبيين بإصالته وتشريعه في تأسيس البنية التحتية والنهضة الجنوبية مطلع سبعينيات القرن الماضي ومن ضمن هذه الصروح مؤسسة الأثاث والتي تم تأسيسها في العام 1973م . 

التأسيس ومن ثم اﻻنطﻻقة: 

بعد تحديد الموقع الكائن في منطقة القلوعة وبطاقم التشغيل المكون من اربعين عامﻻ بينهم المدير أحمد سالم عقبه المعين من قبل الرئيس المرحوم سالمين رحمه الله وبحضوره شخصيا في مرحلة التدشين وتسوير الموقع بسياج الشبك الأخضر فقط . . هذه الدلالة تدل على قوة الأمن  واحترام الموطن لدولته الفتية وحديثة الاستقلال وبهذا الطاقم  البسيط وبعدد عشر مكائن نجارة نوع انجليزي ( cowrd) وميزانية تشغيلية قدرها ثﻻثة عشر ألف شلن وتوفير شاحنتين لنقل الأخشاب والمواد وتوصيل الأثاث المصنع وكذا لنقل العمال ذهابا  وايابا وفي بداية مشوار الانطلاق لهذه المؤسسة العمﻻقة كان الأثاث يصنع من الأخشاب المحلية وكان يذهب نصف العمال ثﻻثة أيام في الأسبوع إلى محافظة لحج لقطع الأخشاب وتجفيفها حتى تخف نسبة الماء ومن ثم نقلها إلى موقع العمل وبرغم هذا الجهد كان الإصرار من قبل العمال ودعم الرئيس وزياراته المتكررة التي تمثل الحافز المعنوي للعمال لإنجاح هذا الصرح  وماساهم في ذلك بصورة أكبر هو القرار بتوجيه كل القطاعات وباقي المؤسسات والوزارات بتأثيث مكاتبها من المنتج المحلي المصنع في المؤسسة والدفع بالقطاع العام خطوة للأمام حينها  وبهذا الدعم والرعاية من  رأس الهرم في سلطة الدولة ظهرت بوادر النجاح لهذه المؤسسة  وبداية الاستيراد للمواد المستخدمة في صناعة الأثاث المكتبي  والمنزلي  وإدخال المكائن الأحدث ساهمت في الحد من الجهد الذي يتحمله العامل على المكائن القديمة وإظهار المنتج بصورة أفضل وتحسن وضع المؤسسة وإضافة عمالة جديدة وفق مؤشرات الزيادة في النمو وحجم العمل واستمر بوضعه الجيد حتى نهاية السبعينات . 

نقلة نوعية: 

مطلع الثمانينيات  ومع التحسن الملحوظ في البلاد وتحسين الأجور والإقبال على شراء الأثاث المنزلي إضافة إلى زيادة الطلب من قبل المرافق الحكومية ازدادت وتيرة الإنتاج  وكان ذلك في ظل قي قيادة جديدة  كان لها بصماتها في تحسن الأداء الوظيفي  ورفع مستوى الإنتاج وتحسين الجودة من جيث المظهر الأكثر جاذبية ومتانة من خلال تطعيمه بالأخشاب النادرة مثل الزان والبيش والساج 

التي ﻻ توجد في الوقت الحالي في أي أثاث لانقراض شجرتها. 

الفترة  الذهبية: 

القيادة الجديدة المتمثلة في شخص المدير العام قاسم حسن محمد  هي من يشار إليها بالبنان  والنقلة النوعية المشار إليها سابقا وهذه الفترة الذهبية  التي نحن بصدد الحديث عنها الآن يعود الفضل في هذا اﻻزدهار الذي ﻻمسه الموظف والعامل في المؤسسة وذلك من خلال تحسين وضعه المعيشي  والعﻻقة بينه وبين قيادة المؤسسة هذا الفن في أسلوب القيادة كان له الأثر البالغ في تلك الفترة الذهبية وما تسوده من عﻻقات حميمة للعمال فيما بينهم . 

تحديث البنية التحتية: 

وﻻ نزال في الزمن الذهبي والذهب قاسم حسن  والذي ظل السور  والشبك الأخضر منذ التأسيس إلى ان تم بناؤه بالجدار الخرساني الذي قام بتشييده مصنع المباني الجاهزة وموقعه في منطقة حاشد بمديرية المنصورة م/ عدن من خﻻل العقد الموقع بينه وبين المؤسسة  وفي ظل قامة قاسم حسن الوطنية تم استيراد وبناء الهناجر الأربعة وضخها بطابور من المكائن اﻻلمانية الغنية عن التعريف من حيث التقنية الحديثة  وجودة التصنيع وحسن الأداء والتي تعمل بنظامي الهيدروليك والهواء الجاف واستخدام الكمبريشن وشرائه وتركيبه ليغذي كافة الأقسام في أرجاء المؤسسة ذات المساحة الواسعة من خﻻل مد أنابيب الهواء إلى كل عنبر وموقع عمل وكذلك الشفاط  كبير الحجم والسعة وربط جميع الآﻻت عبر شبكة قام بتصميمها كبير المهندسين احمد بن احمد  ومساعده احمد العميري رئيس قسم الصيانة وشارك في تنفيذ هذا المشروع كل من كاشموف عامل التعطيف والمرحوم عبده سيف عامل اللحام 

وربط الأجزاء ببعضها وعمل على تثبيت الصوامع التي تستقبل النشارة الخشبية التي تأتي عبر اﻻنابيب الممتدة في طول وعرض المؤسسة وأقسامها الإنتاجية واستيراد مئات الأطنان من الأخشاب والتربﻻي  بأنواعه وبمختلف المقاسات وبناء المخازن وتأسيس النظام المخزني برئاسة عباد عراقي ونائبه عادل رشاد كل هذا تم في عهد الرمز الوطني قاسم حسن  وكذلك بلوره العمل النقابي والرقابي وعمل على تفعيله  وإنشاء قسم التصاميم للمنتجات والأمن الصناعي برئاسة محمد المرادي ودعمه بشبكة وتوفير الزي والأحذية والنظارات الواقية والجلفص والكمامات وتوزيع أكياس اللبن للعمال حفاظا على صحتهم. 

كم هو جميل ان أجد مدير بحجمه وروحه ا لإنسانية الخالية من الجشع واﻻستحواذ مثل ما نراه اليوم من الأعمال القبيحة التي يمارسها مدراء الشرعية وسوء تصرفاتهم الفجة الخالية من أبسط المقومات لشيء اسمه القيادة وبالعودة الى المؤسسة العامة للنجارة وقيادتها الحكيمة  وما لمسه الشعب الجنوبي من الأعمال الفنية والإبداع في إخراج المنتج المحلي من الأثاث في أجمل صورة جمالية. 

اﻻستفادة من المخلفات وإعادتها خامة جديدة: 

هذه التقنية كانت فكرة المدير العبقري بن حسن وقد نالت اﻻستحسان من الجميع بعد جلسة التشاور التي عقدها في ذلك الحين وعزم على تنفيذها وقد تحولت الى اكوام تعرقل سير العمل وكان ﻻبد من توفير الآلة التي تعمل على إعادتها وبعد ان تبلورت الفكرة وحجم العائد النفعي والفائدة المرجوة من تنفيذ هذا المشروع اتخذ القرار بالتشاور مع مجلس الإدارة ورصدت الميزانية لبناء الموقع وشراء الآﻻت وتم التنفيذ وماهي إﻻ ايام إﻻ وحجم هذه الأكوام من القصائص الصغيرة للأخشاب تتضائل شيئا  فشيئا وخﻻل شهرين شكل المدير لجنة لحصر ناتج هذا المشروع ابهر الجميع بهذا النجاح من خﻻل نظافة أقسام الآلة من المخلفات والمردود المالي كل هذا يتم بعد تجميع الشرائح الصغيرة ورصها بطريقة منظمة بإضافة مادة الغراء الﻻصقة لﻻخشاب وثم وضعها على صفيح آلات الكبس باستخدام الضغط والحرارة لفترة بسيطة لتعود ألواحا خشبية وخامة جديدة لﻻستخدام هذه المكابس الحرارية رفدت مالية المؤسسة بالمال من جهة والحد من الحرائق بفعل وجودها وكثرتها وهكذا هم المخلصون وأعمالهم تبرهن صدق نواياهم ولمثل هؤﻻء ترفع القبعات وهذه هي الفترة الذهبية في عمر المؤسسة والممتدة منذ مطلع الثمانينيات حتى العام 1994 فتحية لرائدها وربانها الشخصية الوطنية قاسم حسن محمد الذي فتح معارض المؤسسة في القلوعة والمعﻻ وعبدالعزيز في ظل قيادته. 

.اﻻنتكاسة الأولى وضرباتها الموجعة: 

لم يكن في الحسبان ما حصل بعد هذا النجاح والزخم في الإنتاج ورفد السوق بالمنتج المحلي بهذه الجودة العالية في التصنيع المواكب لتلك الفترة بموديﻻته المختلفة المناسبة لكل ذوق وهذه المنتجات التي تغطي محافظة عدن ومعظم المناطق في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لم نتوقع ان يسعى الى تبديده كآئن من كان لكن الحقد الدفين والمكر السيئ والتآمر على شعب الجنوب وكبح طموحاته بدأت بالتدمير الممنهج للبنية التحتية التي أسسها الشهيد سالمين بعد اﻻستقﻻل وآتت أكلها في زمن بسيط من عمر اﻻستقﻻل كانت السبب الأول لهذا الحقد والسعي لتدمير كلما هو جميل في أرض الجنوب عبر الخصخصة تم القضاء  على مئة وخمسين مصنعا من بينها مؤسسة النجارة التي حاولت الصمود قدر الإمكان في وجه التيار الجارف رغم الضربات الموجعة التي غيرت الوجه الأصلي لهذا الصرح وهذه الموجة من الغضب على الجنوب كانت في العام 1994 م  وهذا هو العام المشؤوم في حياة كل جنوبي وفيه تم اﻻجتياح لأرض الجنوب وفيه تم تدمير المنجزات وفيه لحق بنا وبأرضنا الضرر الذي لم نتعاف منه إلى اليوم وبهذا الضرر الجسيم  وهذا العام الذي نهبت فيه المؤسسات الإنتاجية  والخدمية ولم يسلم منها إﻻ هذه المؤسسة بفضل الله والخيرين من ابنائها وروح سالمين الطاهرة ظلت تحرسها وبعد الحرب الظالمة  وعدم المساس بأي من مقومات العمل فيها كان اﻻصرار مبيت للوصول لتدميرها. 

ظهور معول الهدم حزب الإصﻻح في النجارة: 

وبظهور هذا الحزب المفرخ من حزب المؤتمر الشعبي العام كان الغرض منه التنصل عن العهود التي قطعها على نفسه علي عفاش  والظهور امام الملأ بالعفيف الشريف كان ﻻبد من استخدام هذا المعول أي حزب الإصﻻح  ينوب عنه في طمس الهوية الجنوبية وبوصوله إلى مؤسسة النجارة  بدأ ناقوس الخطر وبمساعدة الإصﻻحي وحيد رشيد في قيادة المحافظة عدن وتوزيعه للمناصب للموالين للإصﻻح تم إقالة القيادات المجربة والناجحة واستبدالها  من الموالين عديمي الخبرة أمثال سالم صالح ابن الشكل الذي تحول من بائع للعسل في الشيخ عثمان إلى مدير  لمؤسسة النجارة  بدﻻ عن بانيها قاسم حسن ومن هنا بدأ العد التنازلي في القضاء على هذا الصرح الإنتاجي العمﻻق. 

المدير اﻻصﻻحي اﻻستقبال والسقوط: 

ما ان دلف من عتبة بوابة المؤسسة اشرأبت اعناق العمال الكل يتسابق لمن تكون النظرة اﻻولى وذلك لماسبق وصوله بايام من الوصف المبالغ في الحنكة والعدل واﻻنصاف والذكاء الفطري وماإن وصل  ودخلت به السيارة الى جانب المكتب وصعد السلم بخطوات مسرعة ودخل المكتب وغلق الباب في بادرة لم يألفها العمال في مديرهم اﻻسبق الذي ينزل من سيارته عند البوابة يسلم على الجميع وهو في طريقه يلف على جميع اﻻقسام يتقد سير العمل فيها ويتلمس هموم العمال واي اشكالية اوطلب ﻻي عامل ويحلها في نفس الوقت. وكان هذا اول توجس من العمال ولكنهم تركو اﻻمر لما قد تسوقه اﻻيام وماهي اﻻ ساعات واذا بالمدير الجديد يترجل وينزل من مكتبه يسأل عن المسجد كان الوقت ظهرا وبعد وصوله المسجد وماهي اﻻ دقائق اﻻ وقامت الصﻻة فتقدم  وام بمن خلفه من المصلين وما ان قضيت الصﻻة اﻻ وبه يسأل لماذا المسجد صغير وقال ﻻزم نكبره وﻻزم من فرش جديد واول اوامره كان استدعاء مدير المشتروات باحضار مايلزم للمسجد وبعد هذا المشهد انقسم العمال وكل منهم يهمس في اذن اخيه بين مؤيد وبين من يقول كان اﻻحرى ان يطوف بالمؤسسة ليتعرف على اقسامها وما تحتاج ويأخذ اﻻمور باﻻولوية انتهى اليوم اﻻول وفي اليوم تكرر الفعل ولم ينزل عند البوابة ويتفقد العمل وبهذا التكرار الذي دام ﻻيام بدأ الكثير من العمال في التململ البعض يقول ﻻزتستعجلوا والبعض جزم بان هذا المدير فاشل وﻻ فيه اﻻ الحفاظ على الصﻻة في وقتها وهذا شيئ طيب ومحسوب عند ربه ولكن الخبرة العملية تنقصه وبعد شعوره بتململ العمال بدأ بتغيير المشرفين بمن هم على شاكلته ومن هنا بدأ الصراع معه والعمل اﻻنتاجي تضائلت نسبته يوم بعد يوم الى ان عجز عن توفير الراتب واستهﻻك التركة التي كانت في المخازن من عهد المدير السابق قاسم حسن الذي غادر مكتبه ومخازنها متروسة باجود المواد المصنعة لﻻثاث وبعد هذا المستوى المتدني لوضع المؤسسة الذي وصل لحد بيع اﻻصول لتوفير الراتب قررت نقابة العمال بوقفة جادة ضده واخراجه من البوابة بدون سيارة بعد اغﻻقها وهذا ما حصل بالفعل وبعد التوسل من بعض قيادات المؤسسة باﻻفراج عنه مع سيارته بان يخرج الى غير رجعة وهذا كان شرط العمال وطويت صفحة المدير اﻻصﻻحي سالم صالح ابن الشكل وما خلفته من تدمير للبنية التحتية ومن تفتيت للحمة العمال بسبب الصراع الذي حدث خﻻل توليه زمام اﻻمور . 

صعود قوي ونكسة ثانية: 

بعد اﻻنهيار الذي تسببت فيه القيادة اﻻصﻻحية قام الخيرين من العمال من اللذين لم يتسرب الى نفوسهم اليأس واقروا على اختيار فضل هيثم الهﻻلي مديرا عاما وعلى مدى ثﻻثة شهور من الصبر والمؤازرة لهذا المدير وبعد هذه الفترة بدأت اﻻزمة باﻻنفراج بعد انضمام المؤسسة الى وزارة التربية والتعليم وربطها بفرع التجهيزات المدرسية في الوزارة هذا اﻻنجاز يعود فضله للتربوي عبدالواحد عباد الذي كانت له عﻻقة قوية بوزارة التربية في العاصمة صنعاء وهو من ساعد فضل هيثم بعد ان قدم به الى صنعاء وادخله باب الوزارة كمدير  ولمعرفة بعض القيادات فيها بحجم المؤسسة واصولها وكوادرها واتخذ القرار بنزول لجنة للمعاينة ورفع التقرير باﻻيجابي وضرورة ابرام العقد والتزام قيادة المؤسسة بتوفير اﻻثاث المدرسي بكافة انواعه وتوصيله الى المدارس في انحاء الجمهورية وفعﻻ وبعد التعاقد بين الطرفين وزارة التعليم ومؤسسة النجارة كان من ضمن شروط اﻻتفاق تغيير اﻻسم الى المؤسسة العامة لﻻثاث والتجهيزات المدرسية وبعد التزام الوزارة بدفع الرواتب المتاخرة للعمال بدأ ومن اول اتفاقية نجحت المؤسسة بكوادرها والهمة واﻻصرار المتعودين عليها في الفترات السابقة والطريقة الجيدة التي ابداها المدير في بداية مشوار هذه الفترة وتجاوب معها العمال في اﻻخﻻص في العمل وكان ﻻ بد من اضافة قسم الحديد ﻻرتباط الكرسي المدرسي من حيث التصميم  ليكون الهيكل من مادة الحديد والصندوق اﻻمامي للطالب والجلسة من مادة الخشب وكذلك طاولة المكتب وميز اﻻستاذ في المدرسة وتم انشاء وتجهيز هذا القسم الحديدي من كافة النواحي من آﻻت لحام واستقطاب عمال من خارج المؤسسة باﻻجر اليومي ومن قبل كانت المؤسسة تتعاقد مع ورش لحام صغيرة لتجهيز هذه الهياكل ومشى الحال واستمر العمل بوتيرة عالية وتم استقطاب الكثير من شباب المدارس في عطلتهم المدرسية  وبعد فترة  تم العمل على تجهيز وحدة الدهان والرش الآلي بالبودرة. 

أعمال كبيرة فقيرة من الجودة: 

ورغم هذا التوسع في العمل  ؤبناء هنجرات جديدة وشراء اثنين مولدات كهرباء لكثرة اﻻنقطاعات لكهرباء عدن التي لم تسلم هي اﻻخرى من التدمير الممنهج بعد الوحدة المشؤومة وبالعودة للمؤسسة وبعد زيادة اﻻنتاج الكمي من اﻻثاث المدرسي وافتقاره للجودة المعهودة لهذه المؤسسة العريقة وهذه الزيادة من العمال المقرونة بشراء الآﻻت الصينية وما أكثر اﻻختﻻﻻت فيها وماسببته من إعياء لعمال قسم الصيانة وبعد ان دار الريال وانفتحت الشهية تغيرت العقول  وهذا الدوﻻر الذي لم نالفه من قبل وما يفعله في البعض من تغيير في النفس متى ماواتخذه صاحبها قبلته وسﻻحه. 

التقاعد المبكر وإفراغ المؤسسة من العمالة اﻻصلية وكادرها الوظيفي: 

وفي ظل قيادة المدير العام فضل هيثم الهﻻلي وماشهدته هذه الفترة من طفرة في العمل واﻻموال وشراء السيارات وقواطر النقل وكثرة العمال من صغار السن وطﻻب المدارس كان ﻻبد من القضاء على العمال اﻻساسيين والكوادر الرافضة لبعض التصرفات من قبل اﻻدارة التي استاثرت بكثرة المال فاعماها التمييز بين ما يجوز وما ﻻ يجوز ومع التوجه السياسي والنظام الفاسد في البﻻد في القضاء على بقي من القطاع العام في الجنوب عبر الخصخصة وتدمير للعقل الجنوبي الذي يسير بخطى مدروسة وفق خطط وبرامج تحد من البذخ وهدر المال العام وكذلك الحفاظ على القيمة لﻻنسان وكرامته وحفظ حقوقه المادية والمعنوية بعيدا عن التعسفات والغلو التي يعيشها المواطن في المحافظات الشمالية وفي ظل هذا الفساد هناك وانتقال العدوى للجنوب بفعل الفيروسات الناقلة لهذا المرض الذي بدأ يستشري بين الجنوبيين ضعيفي المناعة ومن ساروا على هذا النهج ومارسوا طريقته الفجة في التعامل مع ابناء جلدتهم وانقادوا لتدمير مجدهم وارثهم اﻻصيل بطاعتهم العمياء بتنفيذ قرار التقاعد المبكر لرفاق دربهم  ومن اوصلهم الى مناصبهم  والموافقة على هذا القانون الظالم يعد شراكة في الظلم  وهذه المؤسسة  وهي عبارة عن وطن حنوبي مصغر وجرى عليها ماجرى على الجنوب بشكل عام وتسريح كوادرها المحافظين على قوانين العمل ومفاهيمه الحقيقية عبر اﻻطر النقابية  الرقابية  والتي لم يحلو للبعض عملها فسارعت لشراء الخدمات لمن لم يبلغوا احد اﻻجلين واحالتهم  الى التقاعد القسري  والعمل مع اطفال خبرتهم قليلة في التعامل مع الآﻻت والحفاظ عليها لمدة اطول وكذلك الحفاظ على المواد المصنعة للمنتجات وهذا ما شهدناه بالفعل من اﻻهمال والتسيب بعد خروج العمالة اﻻساسية من المؤسسة. 

الربيع العربي يصل النجارة ويسقط القيادة: 

 وبخروج كوكبة كبيرة من العمالة المجربة وبناة الصرح اهتزت المؤسسة واختل ميزان العمل وﻻستمرار العمل ولو بشكل شبه جيد لجات قيادة المؤسسة ممثلة بالمدير فضل هيثم ﻻستدعاء مجموعة بسيطة من العمال المسرحين باﻻجر اليومي ليسدوا الفجوة التي حدثت جراء خروج العمالة اﻻصلية ويمشي الحال ورغم وجودهم اﻻ ان هذه العمالة الجديدة المستحدثة اثقلت كاهل هذه المجموعة من خﻻل التعليم المستمر وعدم الفهم لطريقة العمل بشكل اسرع وفي هذه المرحلة وفي ظل هذه العمالة من صغار السن والذي يتم استقطابهم بين الفينة واﻻخرى كثرت اصابات العمل والعطاﻻت المستمرة للآﻻت وكثرت اﻻخطاء في العمل وفي هذه الفترة تم تثبيت عدد كبير من العمالة المستحدثة الى عمالة اساسية وبعيد تثبيت هذا الكم من العمالة بينهم طابور من عنصر اﻻناث والذي ﻻنستهين بحقهن في العمل والمشاركة ولكن بهذا الكم وعدم الحساب للزمن وما قد تسوقه اﻻيام من ركود في العمل في بعض اﻻحيان وهذه النشوة من القيادة في هذه الفترة لم تدرك انها اثقلت الميزانية للمؤسسة وفي ظروف قد تاتي وتقل نسبة العمل وتبقى هذه العمالة عبئا كبير وقد ﻻ تستطيع المؤسسة دفع الراتب وهذه اﻻعمال غير المدروسة ومحسوبة النتائج كان لها الدور اﻻكبر في وضع المؤسسة اليوم فاي جهة تقدر تتبنى المؤسسة بهذا القدر الكبير من العمالة والعمل مهما وصل حجمه ﻻويحتاج اﻻ النصف من هذه العمالة وهذه هي العشوائية التي رافقت العمل في المؤسسة في ظل قيادة فضل هيثم اعمالا كبيرة وعمالة زائدة عن الحد وارباح تذهب في مهب الريح يخيل اليك وانت تدخل من البوابة وما ترى من اعمال وعمال وكثرة منتجات وسيارات وقواطر محملة ان المؤسسة لديها من اﻻحتياط للمواد المصنعة لﻻثاث ورواتب للمعمال ما يكفي لعشرين سنة للأمام  . وماذكرته آنفا عن اﻻعمال غير المدروسة والمحسوبة النتائج تكون تبعاتها كارثية وهذا ماحصل وﻻمسه الكثير في تلك الفترة التي ما ان مرت المؤسسة بابسط امتحان وشحة في العمل اﻻ وظهرت الفجوة وان ما نراه من هذه اﻻعمال إﻻ غثاء أو انه شبيه ببالون منفوخ بالهواء وفارغ من المحتوى وفي هذه الفترة التي تزامنت مع قدوم الربيع  العربي وخروج الشباب العربي الى الساحات والميادين المنادي بارحل لم يكن من الشباب الذين استقطبتهم قيادة المؤسسة وظنت انها قادرة على السيطرة على عقولهم من اول وهلة وفي أول سقطة لهذه القيادة ونشوة الربيع العربي سارعوا في اسقاط هذه القيادة التي ولت هاربة ومن الباب الخلفي للمؤسسة في مشهد شبيه بأفﻻم المطاردة . 

مدير ذو خبرة ولكن في الوقت بدل الضائع: 

وباسقاط فضل الهﻻلي وقيادته التي خارت قواها وانهارت بين عشية وضحاها بايجابياتها وسلبياتها واندثارها لم يجد العمال غير هادي محمد عامر شخصية لها دور نضالي في مجابهة اﻻستعمار البريطاني وخبرة في مجال النجارة عمل كرئيس لقسم التسويق على طول الفترة الذهبية للمؤسسة في زمن قاسم حسن ولهذا اخذ جرعات كافية من المصداقية والثقة داخل المؤسسة وخارجها من خﻻل تعامله مع الزبائن باسلوبه الراقي الذي ظل راسخ في وجدان العمال وكان قادر للصعود في فترات سابقة ولكن لظروف خاصة به وانشغاله بامور اخرى حالت حالت بينه وبين القيادة للمؤسسة وفي ظل وجوده هذه المرة قريبا من الحدث اجمع العمال على تتويجه لمنصب المدير العام  وبعد الحاح شديد من العمال قبل بمنصب ادارة المؤسسة رغم التوجس الذي كان يراوده وما يراه امامه من حجم الديون على المؤسسة وحجم العمالة البالغ عددها 700 عاملا ونصفها من الكتبة والخدمات وكان اﻻجدر بالقيادة السابقة ان تهتم بدائرة اﻻنتاج قبل اﻻدارة وهذه التركة التي خلفتها القيادة السابقة كان الهدف منها عدم النهوض بهذه المؤسسة بعد خروجهم منها وارهاق اي قيادة تحاول انتشالها من خﻻل تصرفهم في اواخر فترتهم بكثير من التسيب واﻻهمال واهمال للعناصر الجيدة ورفع الاقل كفاءة كل هذه اﻻشكاليات العقبة الكؤود واﻻمتحان الصعب امام هادي عامر الذي حاول جاهدا احتواءها وذلك من الخطوة التي خطاها نحو المؤسسة اﻻقتصادية وابرم اﻻتفاقية معها بانضمام المؤسسة كجزء من المؤسسة اﻻقتصادية التابعة لوزارة الدفاع التي التزمت بدفع الديون لتاجر اﻻخشاب ناجي الفقيه التي تقدر بتسعمئة مليون ريال وباقي الديون والمتخلفات على المؤسسة  ودفع رواتب العمال ومستحقاتهم المتراكمة التي تخلفت عن صرفها القيادة السابقة كل هذا العبء على المؤسسة ان تتحمله ليظل مسمار جحاء ودين ﻻ تستطيع المؤسسة تسديده في حالة تململها وعدم انسجامها مع المؤسسة اﻻقتصادية والخروج عن الطور لتشق طريقها باصولها وكادرها الوظيفي وهذا هو القيد الذي رافق المدير العام هادي عامر ومشاركة المؤسسة اﻻقتصادية في اتخاذ القرار بعد ان ادخلت طاقم من طرفها في درج السلم الوظيفي للمؤسسة واحكام سيطرتها على الدائرة المالية الشريان التاجي الساري في عصب المؤسسة ونائب المدير العام المعين من طرف اﻻقتصادية وهذا الثنائي هما المسيطران وفي ظل هذه الموجات المتﻻطمة وهادي عامر يصارع خﻻلها يتلمس طريق النجاح في مهمته  ولم يجد الفرصة المناسبة ﻻستعادة انفاسه والخروج من هذه اﻻزمة الخانقة وفي ظل الصمود المعهود له في احلك الظروف للبﻻد في حالة الحرب  ولهذا فﻻ لوم عليه وعلى الجميع التماس العذر له في اﻻخفاق ويظل رمزا ﻻعماله السابقة المتوجة بالنجاح. 

تجميد العمل في مؤسسة النجارة وضم عمالها لوزارة الدفاع: 

وفي هذه الفترة وبعد تحرير المحافظات الجنوبية وخروج قوات الحوثي التي غزت الجنوب في الحرب الثانية من العام 2015 وما خلفته من دمار لما تبقى في ارض الجنوب الذي لم يتعافى من الجرح السابق الذي سببته الحرب الظالمة ابان غزو علي عفاش للجنوب في العام 1994 كل هذه المآسي والنكبات وشعب الجنوب صامد وشامخ بشموخ جبل شمسان الذي يطل ويظل بظله صباح كل فجر جديد مؤسسة النجارة لموقعها القريب من سفحه ليظل الحارس اﻻمين لهذا الصرح العمﻻق بعد الله والخيرين من ابنائها وروح مؤسسها الشهيد سالمين خﻻل الحربين ولم تتعرض للنهب كباقي المرافق رغم كثرة المؤامرات التي تحاك ليﻻ ونهارا وآخرها التي ما ان وضعت حرب 2015 أوزارها وتم تعيين قيادة جديدة للمؤسسة اﻻقتصادية متمثلة في المدير العام سامي السعيدي الذي باشر اول زيارة له لمؤسسة اﻻثاث والتقى خﻻلها بالعمال الذي يتقدمهم الشاب الخلوق مخمد جعبل ممثﻻ لهم للتفاوض نيابة عنهم وبعد اﻻطﻻع على كافة الصعاب والمعوقات التي تواجه المؤسسة وتعرقل سير العمل  وفي هذه الجلسة التزم بتوفير كل النواقص من المواد التي تدخل في صناعة اﻻثاث واصﻻح اي خلل في الآﻻت وكذلك اصﻻح قواطر نقل اﻻثاث وباقي سيارات المؤسسة وفي ختام هذا اللقاء الذي استبشر به جميع الحاضرين والوعد الذي قطعه على نفسه بالعمل الى جانبهم وتذليل كافة الصعاب و تم الجرد ﻻصول المؤسسة بلجنة من المؤسسة اﻻقتصادية كلفت من قبله  وبعد الجرد استانف العمل بجزء بسيط من العمالة القريبة من المؤسسة لعدم توفر وسيلة المواصﻻت لباقي العمال في المناطق البعيدة وتم انجاز اتفاقيتين في الكرسي المدرسي تمت بعقدين مع منظمات داعمة سلمت من قبل مؤسسة النجارة في موعدها المحدد  وباقل كلفة  وربح ممتاز وذلك يعود لوجود الجزء اﻻكبر من هياكل الحديد الصناديق الخشبية اﻻمامية للطالب والجلسات الجاهزة في المخازن وعنابر العمل والتي كانت بحاجة (للفنشنج) اي للتشطيب والصقل وهذا هو عامل النجاح في سرعة الإنجاز وبعد ان دارت عجلة العمل وتم تشغيل الآﻻت والتي وقوفها يعد كارثيا اذا استمر لفترة اطول ويؤدي لتآكلها بفعل الصداء هذه الخطورة الذي لم تدركها قيادة المؤسسة اﻻقتصادية وحجم العدد من هذه الآﻻت الباهظة في كلفتها المالية  وجلبها للمؤسسة بشق اﻻنفس وهذا الذي لم يدخل في الحسبان لمن ليس له خبرة في هذا المجال. 

والذي كان من المفترض ان ﻻ يتوقف العمل واﻻستفادة من كم اﻻعمال شبه الجاهزة التي تعج بها خوالف المؤسسة والعمل عليها كعامل مساعد يعول عليه للحد من شراء مواد جديدة ودفع اجور تشغيلية تبدأ من الصفر ولو لفترة تساعد في مرحلة النهوض وعدم اﻻنجرار وراء الخﻻفات البسيطة مع العمال وامتصاص حالة الغضب والتماس العذر لهم نتيجة معاناتهم في ظل توقف مؤسستهم واﻻهتمام  بانتشال المؤسسة من حالة الركود ولكن ذلك لم يحصل لقصر السن  وقلة الحيلة في ميدان العمل  لقيادةوالمؤسسة اﻻقتصادية وبدﻻ من تاجيج الخﻻف  والعمل على الحفاظ  على هذه المؤسسة العريقة واعادة نشاطها المعهود كداعم لﻻقتصاد الوطني وتشجيع المنتج المحلي ورفد السوق بمنتجات مؤسسة النجارة وفتح معارضها وفتح الجناح اﻻكبر في معرض المؤسسة اﻻقتصادية في المعﻻ  لمنتجات مؤسسة النجارة التي تضاهي المنتجات الصينية والتي يعج بها هذا المعرض الكائن امام شركة النفط عدن في حين وجدت القيادة المتخصصة في التعامل والتفاعل مع العمل والعمال كلا حسب مستواه العملي والعقلي ومن هنا تعرف المعاني في فن القيادة الذي لم تصل الى مستواه القيادة في المؤسسة اﻻقتصادية برغم المساحة الواسعة  والخطوط اﻻنتاجية المرسومة بطوابير من الآﻻت والمنتجات الجاهزة وشبة الجاهزة وبحاجة للمسة الفنية وحجم العمالة التي تحتاج الى التطعيم بنخبة من العمالة السابقة التي تم تسريحها في عهد فضل هيثم ووسائل النقل من القواطر الرابضة متروكة للصداء كل هذه كافية للنهوض ولكن تخيلوا الإجراءات المتبعة حيال هذا الوضع  الترقية وتجميد العمل وضم العمال والموظفين الى قائمة وزارة الدفاع في بادرة لم تشهدها اليمن وﻻوندري عن القانون الذي خول لقيادة المؤسسة الاقتصادية تحويل المهني الى عسكري ولمعرفتنا ان القوانين تجرم مثل هذا الفعل ﻻنه يساهم في افراغ البﻻد من العقل المهني المساهم في التطور واﻻنتعاش للوطن. 

الختام: نناشد الخيرين من قيادة المجلس اﻻنتقالي والتحالف العربي العمل على إعادة وتنشيط هذه المؤسسة الإنتاجية خدمة لعمال وموظفي هذا الصرح وإحياء الأمل في نفوسهم وخدمة أطفال وشباب الجنوب وهم يفترشون اﻻرض في حجرات الدراسة وﻻ يجدون كرسيهم المدرسي الذي تعودوا عليه المصنع بايدي يمنية وكذلك اﻻثاث المواكب لكل موديل يظهر في اﻻسواق وعلى الشاشات ومن على هذا المنبر لمن ﻻ يعلم ان جاهزية المؤسسة في أتم حال وﻻ ينقصها إﻻ القيادة الحكيمة الصادقة مع نفسها ومع الله ومن لديها الخبرة في هذا المجال والمال اليسير لتحريك عجلة العمل لكون المؤسسة مكتملة الأركان من حيث المساحة والهناجر والآﻻت المتواجدة بداخلها والتي ﻻ تحتاج إلا إزالة الصداء البسيط بمادة الديزل وكذلك اﻻعمال الجاهزة الكثيرة المرمية في صاﻻت اﻻنتاج واقسام الدهان وهياكل الكرسي المدرسي في ساحة المؤسسة وكذلك الكميات الكبيرة من الحديد الخاوي المرمي في ساحة المؤسسة ومخازنها والذي لم تستوعبه وتم اﻻستعانة بمخازن مصنع الدقيق ومخازن الفتح وهذه الكمية تحد من اﻻستيراد والعمل على هذا المخزون سنتين للأمام ووسائل النقل التي بحاجة للصيانة فقط والعمالة المتواجدة التي حدت من نشاطها ايادي العبث هذه المقومات كافية لمن لديه القدرة وفي قلبه ذرة من الوطنية ولم يبادر في النهوض وإعادة المؤسسة لأداء دورها الريادي الذي كانت تقوم به في السابق  والمال الذي تقدمه لخزينة الدولة قبل وصول ايادي العبث إليها والتحكم بمفاصل عملها.