عرض الصحف العربية..

تقرير: مكافحة ليبيريا لإيبولا... درس للغرب في مواجهة كورونا

حظر تجوّل

24

منذ 6 أعوام تماماً، أي في منتصف مارس (آذار) 2014، استفاق الليبيريون على رسائل نصية ومكالمة هاتفية، تحذر من خطر داهم. وكتب وزير المالية الليبيري السابق أمارا إم كونيه في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن ذلك الخطر لم يكن من النوع الذي تعود عليه شعبه، وتحديداً الحرب، بل نوعاً يمكن أن ينتشر عن طريق أبسط إشارات التعاطف، أو عبر تعبير الشخص عن إيمانه.

فرض حظر للتجول. وقيدت الحكومة التنقلات بين التاسعة ليلاً والسادسة صباحاً. واتخذت إجراءات لتخفيف الازدحام المروري في الشوارع، وأخليت المكاتب الكبرى من الموظفين الحكوميين، ما عدا الفريق الأساسي

في ذلك الوقت لم يسمع كثيرون بعد بموت الآلاف لأسباب مجهولة في غيوكيدو بغينيا، القريبة من فويا الليبيرية. كما أن أحداً لم يكن يعرف شيئاً عن الفيروس الذي سبب هذه الوفيات، بعد أن انتشر بسرعة في أنحاء غينيا قبلها بأشهر.

وأضاف الكاتب أن كل ما كنا نعرفه ذلك الصباح، هو أن عينات أُرسلت قبلها بشهرين إلى مدينة ليون الفرنسية، وأن النتائج أظهرت وجود فيروس إيبولا.

ويتذكر أكثر من 60 % من سكان ليبيريا الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً، القليل عن فيروس إيبولا الذي تفشى في الكونغو الديمقراطية في منتصف التسعينيات. ففي تلك الفترة كان الناس منشغلين بالاحتماء من الرصاص والقصف.

درس لحكومات أوروبية
وأشار الكاتب إلى أن الرد الليبيري على تفشي إيبولا في 2014، يمكن أن يكون درساً مهماً لحكومات أوروبية، وأمريكية شمالية، في ضوء إعلان منظمة الصحة العالمية أن الفيروس بات وباءً عالمياً، بعد ارتفاع عدد الإصابات من مدريد إلى لندن ونيويورك، مؤكداً أن مقاربة ليبيريا يمكن أن تكون نموذجاً للبلدان الغربية، والكثير منها لم يكن مستعداً لأزمة بهذا الحجم.

وحض الكاتب الزعماء على التواصل مع المواطنين، ذلك أن نجاح المواجهة في ليبيريا، الدولة شديدة التعلق بالإيمان، ارتبط خاصةً بحل المعضلة بين الإيمان والعلم. فالناس كان يقصدون دور العبادة ليخرجوا منها مصابين.

وأصيب مسلمون أكثر من غيرهم. وانتشر إيبولا عبر مراسم الدفن. لكن تثقيف العامة كان حيوياً في هذا الشأن. وكان التفاعل مهماً أيضاً، مع الجيل الشاب. وطلبت إدارة الرئيسة الليبيرية وقتها، إيلين جونسون سيرليف من المغنين المشاركة في تأليف أغانِ. وذاع صيت أغنية "إيبولا هو حقيقة".
وفي الأزمة الحالية، بادرت فيتنام ودول أخرى باعتماد هذه الطريقة بفاعلية لمواجهة كورونا.

الحقيقة
واعتبر الكاتب أن الحقيقة تتيح توجيه رسالة واضحة من أي حكومة للشعب، خاصةً عند الأزمات. ولا يساهم ذلك فقط في الحد من الإرباك، لكنه يساعد أيضاً في تسهيل حشد الإمكانات البشرية، وموارد أخرى لاحتواء الوباء ومنع انتشاره.

وشدد على أن قول الحقيققة مهم، عندما تكون الأرواح في خطر، فالتظاهر بالسيطرة كل شيء لم يكن ليساهم في تهدئة الأمور في ليبيريا و"كان يتعين علينا طلب المساعدة، وعندما فعلنا، استجاب العالم".

حظر تجوّل
وفي يوليو (تموز) 2014، كان الاقتصاد مصاباً بالشلل، وعمدت كوت ديفوار إلى إغلاق حدودها، وعلقت شركات طيران رئيسية رحلاتها إلى ليبيريا.

ومع ذلك كان الليبيريون يحتشدون في المناسبات الكبرى والملاهي الليلية، فتعين عندها فرض حظر للتجول. وقيدت الحكومة التنقلات بين التاسعة ليلاً والسادسة صباحاً. واتخذت إجراءات لتخفيف الازدحام المروري في الشوارع، وأخلت المكاتب الكبرى من الموظفين الحكوميين، ما عدا الأساسيين.

وتضررت موارد البلديات عندما منع تأجير الأماكن العامة للحفلات. وأخليت الأسواق المفتوحة. وكان موسم عيد الميلاد ميتاً، إلا أن ذلك كان أفضل من موت الليبيريين، واعتبُرت الخسائر المادية ثمناً لإنقاذ الأرواح.

واتبعت الصين هذا الدرس في مواجهة كورونا، ولجأت دول أخرى مثل كوريا الجنوبية، وإيطاليا إلى مثل هذه الإجراءات القاسية الشاملة المشابهة، والضرورية في الأسابيع الأخيرة.