الجنسية الطائفية..
تقرير: لماذا تمارس الهند الإقصاء بقانون ضد المسلمين؟

تصاعد أعمال العنف ضد المسلمين في الهند
وكالات
تُصارع الهند في المحافل الدولية لإقرار نصوص بعينها تساعدها على مكافحة العناصر الإرهابية المرتبطة بالحركات الإسلاموية على حدودها، إلا أنها تغفل انتشار مجموعات متطرفة من الأغلبية الهندوسية ضد الأقلية الإسلامية في داخل البلاد.
فبالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للهند في 24 فبراير 2020 اندلعت أحداث عنف جديدة بين الهندوس المتشددين والطائفة المسلمة بالبلاد لاتزال مستمرة حتى الآن وراح ضحيتها –طبقًا لأحدث الأرقام الرسمية الواردة- أكثر من 30 قتيلًا و200 مصاب من الطائفتين.
أسباب تصاعد العنف
تعود الاحتجاجات المشتعلة بالهند لإصدار الدولة في ديسمبر 2019 قانون يمنح الجنسية الهندية للمهاجرين غير الشرعيين –أي من دخلوا البلاد دون تصاريح رسمية أو جوازات سفر- من مواطني أفغانستان وباكستان وبنجلاديش بعد إقامتهم في البلاد أو عملهم في مهن الحكومة لمدة لا تقل عن 11 شهرًا، ولكن القانون اقتُصر تطبيقه على أصحاب ديانات السيخ والمسيحية والجينية والبوذية والهندوسية والزرادشتية وغيرهم من الطوائف دون المسلمة.
وأثار القانون حفيظة المسلمين ليشكلوا احتجاجات اعترضت عليها الطائفة الهندوسية؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات قوية تضررت على أثرها مناطق وممتلكات للمسلمين في البلاد وبالأخص في نيودلهي، ما دفع المحكمة العليا بدلهي للتصريح بأنها لن تسمح لأحداث الشغب الطائفي التي وقعت في 1984 وراح ضحيتها 3 آلاف شخص أن تتكرر مجددًا.
توجهات الدولة نحو الاحتجاجات
حول رد الفعل الرسمي تجاه ما يحدث من اشتباكات في البلاد، نشرت الشبكة المتحدة للأخبار في بنجلاديش في 27 فبراير 2020 أن السياسي التابع للحزب الهندوسي الحاكم «بهاراتيا جاناتا»، كابيل ميشرا ظهر قبل اندلاع العنف في حشد معارض للقانون من المسلمين مهددًا باستخدام العنف ضدهم إذا لم ينصرفوا ما أجج الفتنة وسهل الاعتداءات بين الأطراف الغاضبة.
كما استنكرت وزارة الخارجية في بيان لها في 27 فبراير تصريح اللجنة الأمريكية للحرية الدينية «USCIRF» التابعة للحكومة الأمريكية حول الأحداث، إذ قالت اللجنة إنها تشعر بعميق القلق تجاه العنف ضد المسلمين في البلاد متهمة قوات الشرطة بالتغافل عن صد الأذى الممنهج ضدهم، مشيرة إلى فشل الحكومة الهندية في احتواء العنف الطائفي بالبلاد، لترد الوزارة الهندية بأن هذه التصريحات غير دقيقة ومسيسة بشكل كبير وبعيدة عن الواقع الحقيقي.
ويتضح من ذلك وجود سجل لعدد من الوفيات والإصابات نتيجة اشتباكات طائفية كما تظهر الصور والفيديوهات أعمال عنف تقلل الحكومة الهندية من أهميتها أو تأثيرها، على الرغم من اتساع الاعتراضات العالمية تجاه القانون المثير للجدل والذي قررت الهند أن تمنح جنسيتها من خلاله على أساس ديني وطائفي وليس بمعايير المواطنة والمساواة.
وبعد تصاعد الأحداث كتب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في 26 فبراير على حسابه الرسمي بتويتر أن السلام هو العنصر الأساسي للحفاظ على المواطنين ودولتهم؛ مناشدًا الجميع العودة إلى الهدوء لاستعادة الحياة الطبيعية للبلاد، مؤكدًا أن قوات الشرطة تعمل بكل ما لديها من مقومات لحفظ الأمن.
متغيرات الصراع
على الرغم من ارتباط الاحتجاجات الأخيرة بتغيرات قانونية ولكن العراك الطائفي في البلاد يمتد منذ فترة تعود بعض عوامله إلى ظروف تاريخية ظرفية ومنها سياسية ففي الانفصال القديم في 1948 بين باكستان والهند انقسمت الدولتين على أسس طائفية انضم على أثرها المسلمين لباكستان والهندوس للهند، ومن أسر البقاء رغم الانفصال الطائفي لا يزال يُعاني من الاضطهاد في المنطقتين المفصولين نتيجة للحكم البريطاني آنذاك.
وفي تصريح إعلامي عبر الناشط في حقوق الإنسان هارش ماندر عن مخاوفه من فقدان نظام مودي لأسس العلمانية والحرية الدينية والسياسية التي يدعي تطبيقها، بل ويتجه نحو التشكيك في مواطنة البشر وفقًا لمعايير حكومية خاصة عبر قانون الجنسية الذي أصدره والذي يقصي المسلمين ويشكك في انتمائهم.