بعكس الدول الأخرى..
تقرير: لماذا تستثمر الدوحة في قطاعات رابحة في تونس؟

الاستثمار السياسي في تونس: قطر تشتري “بنك الزيتونة” و”الزيتونة تكافل”
انتهت يوم الخميس 21 فبراير/شباط 2019 عملية بيع حصة الدولة التونسية في بنك الزيتونة وشركة تأمين لصالح مجموعة استثمارية قطرية، إذ اشترت مجموعة “ماجدة” ما نسبته 69.15% من رأسمال “بنك الزيتونة”، و70% من رأسمال شركة التأمين “الزيتونة تكافل”، لصالح شركة “ماجدة تونس” التابعة لمجموعة “ماجدة” التي تمتلكها الشيخة موزة، زوجة أمير قطر السابق، والدة الأمير الحالي.
وبحسب ما نقلت وكالة “تونس إفريقيا للأنباء“، فإن ممثلي شركة “ماجدة تونس” سلموا مدير عام “الكرامة القابضة” عادل قرار الشيكات المتعلقة بالبيع المقدرة قيمتها بـ370 مليون دينار تونسي، وذلك خلال حفل رسمي.
وبدأت عمليات شراء قطر لمؤسسات الدولة التونسية، وضخ استثمارات كبيرة فيها، بعد إسقاط النظام السابق في 2011، وسيطرة الإسلاميين (حركة النهضة) -المدعمين من قطر وتركيا- على مقاليد الحكم. وتعتبر قطر الأولى عربيًا والثانية عالميًا من ناحية حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس، بنحو 16% من حجم الاستثمارات المتوفرة في البلاد.
ويرى مراقبون أن بيع تونس لمؤسسات مملوكة للدولة يأتي استجابة لضغوطات البنك الدولي، الذي يسعى إلى الحد من سيطرة الدولة على القطاع العام (الخصخصة)، وهي الخطوات التي امتثلت لها حكومة يوسف الشاهد، تحت مبرر دمج الاقتصاد التونسي بالاقتصاد العالمي، مما أدى إلى انزلاق قيمة الدينار التونسي، وارتفاع الأسعار، وانخفاض في العملة الاحتياطية الأجنبية.
حاولت الحكومة التونسية تعويض تدهور مدخولاتها المحلية برفع أسعار المحروقات والسلع الغذائية والأساسية، إضافة لرفع الدعم الحكومي عن القطاع العام، بما فيه الصحة والتعليم، وارتفاع منسوب الاستدانة من البنك الدولي.
وتتمثل أهم مبادئ صندوق النقد الدولي في دفع الحكومة إلى رفع يدها عن القطاع العام، وتحرير السوق، والتخلي عن العملة، بما يصب في مصلحة الاندماج في السوق العالمية، ويرمي بالأثر السلبي على الأوضاع الاقتصادية للتونسيين، علمًا أنّ نسبة الفقر في بعض المناطق التونسية وصلت إلى 30%، وسترتفع كنتيجة حتمية لتخلي الدولة عن مؤسساتها والخدمات العامة.
الاستثمار السياسي
سعت قطر بعد دعم ما يسمى بـ”الربيع العربي” إلى إيصال جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، بدعمهم ماديًا وإعلاميًا. وبعد أن وصل الإخوان إلى الحكم في عدد من الدول العربية، مرّت تلك الدول بأزمات اقتصادية حادة، فاستكملت قطر دعمها باستثمارات تجاوزت المليارات، وذلك لتثبيت حكم الإخوان، خصوصًا في مصر.
وما إن سقط الإخوان بثورة شعبية في حزيران/يونيو 2013، حتى بدأت قطر تسحب استثمارتها من مصر، محاولةً ممارسة ضغوط اقتصادية على مصر، كما أنها سحبت ودائعها -البالغة 6.5 مليار دولار- من البنوك، مما فاقم الأزمة الاقتصادية في الجمهورية الخارجة من ثورتين متتاليتين، دون أن تلتفت قطر إلى التأثيرات السلبية للأزمة على الشعب المصري، مما جعل مراقبين يصفون ذلك الدعم بأنه كان لصالح الإخوان، لا لصالح الشعب المصري.
الأرباح القطرية أولًا
تركزت استثمارت قطر في مصر في عهد الإخوان في مجال العقارات، لمّا كان ذلك المجال في نمو متزايد، مما حقق لقطر أرباحًا هائلة.
ولا تتخذ قطر من الاستثمارات الاقتصادية وسيلة لدعم الاقتصاد التونسي، لأنها تستثني تطوير البنية التحتية أو الصناعة، إنما تتجه إلى القطاعات الربحية، أولها السياحة والبنوك، على الرغم من أن تلك الاستثمارات تجلب لها سمعة “شعبوية” جيدة في أسواط البسطاء، إلّا أنها تدخل في المجالات الاقتصادية الأكثر ربحًا التي تتميز بها تونس – السياحة.
وبعكس استثمارات قطر الكبرى في الدول الغربية -حيث تمتلك أكبر الحصص في الشركات الصناعية والتصديرية العملاقة، مثل السيارات والطائرات، كما هو الحال في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا- تتجه الإمارة الخليجية إلى الاستثمار في قطاعات خدمية تونسية رابحة أصلًا، مثل السياحة والبنوك، وهي قطاعات مضمونة الأرباح بالنسبة لقطر، ولكن لا توفر لتونس مقومات النهوض بالاقتصاد، ما دامت لا تعتمد على الصناعة والتصدير للخارج.