تلافي توسع عدوى الإصابة بوباء كورونا..

تقرير: "السلفيون والإخوان" بالجزائر.. إغلاق المساجد قرار كيدي

أزمة عالمية

صابر بليدي

أثار القرار الحكومي القاضي بغلق المساجد وإيقاف صلاة الجمعة والجماعة داخلها، في إطار حزمة الإجراءات المتخذة لتلافي توسّع عدوى الإصابة بوباء كورونا، امتعاضا لدى بعض الدوائر المحسوبة على تيار الإسلام السياسي من إخوان وسلفيين، واعتبرته قرارا كيديا ينطوي على نوايا أيديولوجية وليست صحية.

وعبّر رجل الدين والناشط المدني شمس الدين بوروبي، عن رفضه لقرار الحكومة القاضي، بغلق المساجد وحظر صلاة الجمعة والجماعة داخلها، تفاديا لامتداد عدوى الإصابة بوباء كورونا، واعتبره “قرارا تمييزيا مثيرا للشكوك”، لأنه سبق كل القرارات الأخرى المتعلقة بحظر مظاهر التجمّع البشري في المقاهي والمطاعم والحانات وحتى الأعراس والولائم.

وذكر في تسجيل صوتي له بأن “الفتوى الصادرة عن الهيئات الدينية المقرّبة من الحكومة، لا تستند إلى مبرّرات نصية مقنعة”، وأن مسألة النظافة والتعقيم تفترض في المساجد ودور العبادة، أكثر من الأماكن الأخرى التي بقيت مفتوحة أمام المرتادين الآخرين.

وانخرط منتسبو قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، في حملة شرح وتعبئة تخص رواد المساجد تدعوهم إلى ضرورة تفادي أماكن التجمع البشري، باعتبار المقصد الأساسي من الشريعة هو “الحفاظ على سلامة البشر، أكثر من الحفاظ على دور العبادة، وأن المسألة على حداثتها يتوجب التعاطي معها بإيجابية”.

وفي خطوة لتوحيد الخطاب الديني فيما أسمته بـ”الظرف الحساس الذي تمر به البلاد”، نشرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، رسالة إلى جميع وسائل الإعلام خاصة السمعية والبصرية منها، تطلب فيها ضرورة حصول المتعاونين في المجال الديني على ترخيص من الوزارة من أجل السماح لهم بتقديم دروسهم ومساهماتهم الإعلامية.

وبررت الرسالة قرار الوزارة بـ”ضرورة توحيد الفتوى والخطاب الديني في الظرف الحساس الذي تمر به البلاد، وعدم السماح بظهور أصوات تستغل الظرف المذكور لإثارة جدل هامشي أو استمالة بعض الجزائريين لمقاربات دينية قد تتحوّل إلى أزمات حقيقية في المستقبل”.

وسجلت حالة من الامتعاض لدى الأوساط السلفية كونها تمثل التيار المقرب من السلطة، رغم أن المنتمين إلى هذه الأوساط يتفادون الجهر برفضهم قرار غلق المساجد وحظر صلاة الجمعة والجماعة بداخلها، واصطدموا بهيمنة السلطات الدينية على مساجد البلاد، بعدما كان الكثير منها يقع تحت نفوذهم.

وتحصي الجزائر زهاء الـ30 ألف مسجد، تقع تحت سلطة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، كما شدّدت في الآونة الأخيرة الخناق على مسألة الترخيص للجمعيات الدينية بعدما كانت مجمّدة للعديد من الأشهر، في خطوة لتحييد تيارات الإسلام السياسي عن التغلغل في القطاع الديني الذي بات يمثل خطا مهما في الاستقرار الاجتماعي بالبلاد.

ورغم حالة التململ التي يعيشها موظفو القطاع، حيث صعدت التنسيقية المستقلة (تنظيم نقابي)، من لهجتها في الأسابيع الأخيرة تجاه الوزارة، ونفذت العديد من الاحتجاجات الميدانية، إلا أن خطابها تماهى في الآونة الأخيرة مع توجيهات الحكومة، لاسيما في حملة التعبئة لمقاومة الوباء والامتثال للقرار الأخير.

وتزامنت رسالة وزارة الشؤون الدينية، مع رغبة قديمة لدى السلطة تسعى إلى توحيد الفتوى والخطاب الديني في البلاد وتنظيمهما، وإذا كانت تصطدم سابقا بمقاومة غير معلنة من طرف رموز وتيارات دينية فاعلة في المشهد، فإن الوضع الاستثنائي الحالي يعدّ في رأي الكثير فرصة سانحة للسلطة لوضع يدها على القطاع لاسيما وأنها تزامنت مع خيار شمل العديد من البلدان والمرجعيات الإسلامية.

وذكّر القرار “وسائل الإعلام السمعية والبصرية والورقية والإلكترونية، بأن أيّ مساهمة أو مداخلة أو موعظة أو فتوى، لا بد أن يكون صاحبها حائزا على ترخيص من الوزارة الوصية”، وهو ما يرجح إثارة جدل محتدم بمجرد انجلاء غبار الوباء، في ظل تنافيه مع حرية الاعتقاد والتمذهب والاجتهاد التي تتحجج بها بعض التيارات الدينية.

وشدّد القرار على وسائل الإعلام المحلية، بضرورة “عدم السماح بمرور خطاب إرباك القناعات الدينية للجزائريين، أو المساهمة في فوضى الفتوى والخطاب، أو خلق فتنة جديدة، خاصة خلال هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد والإنسانية جمعاء”.

وسجلت الجزائر العديد من محاولات التمرّد على التدابير الحكومية الأخيرة للحيلولة دون تمدد وباء كورونا، حيث تم تناقل العديد من الصور والتسجيلات لحفلات أعراس وولائم، وتنظيم صلاة جماعة بالقرب من بعض المساجد المغلقة، لكن تشدد السلطة أدى إلى تراجع تلك المظاهر