حسن محمودي يكتب لـ(اليوم الثامن):

من طهران إلى باريس: صوت الشعب الإيراني يهزّ عرش الملالي

في قلب باريس، حيث تتجلى أحلام الحرية، انعقد مؤتمر "إيران الحرة 2025" يوم 31 مايو/أيار 2025، ليُشكل صرخة مدوية ضد نظام الملالي. بحضور نواب وسياسيين من ألمانيا، إيطاليا، النرويج، ودول أوروبية أخرى، إلى جانب آلاف من المقاومة الإيرانية عبر الإنترنت، أعلن المؤتمر دعمًا ساحقًا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي للثيوقراطية القمعية. كإيراني عايش عقودًا من القمع، أرى في هذا الحدث بارقة أمل لشعبنا وللمنطقة العربية التي عانت من تدخلات طهران المدمرة.

مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس، أطلقت دعوة جريئة: "الحل الوحيد للطموحات النووية، والإرهاب المدعوم من الدولة، والحروب الإقليمية هو إسقاط النظام بيد الشعب الإيراني والمقاومة." هذه الكلمات تعكس نبض ملايين الإيرانيين الذين يتوقون للحرية. من سوريا إلى اليمن، تسببت سياسات النظام في زعزعة استقرار المنطقة، مما يجعل دعوة رجوي للتغيير ضرورة إقليمية، لا مجرد مطلب إيراني.

كشفت رجوي عن هشاشة النظام: انهيار معقله في سوريا بعد نشر 100 ألف مقاتل، وتدمير وكيله الاستراتيجي رغم ترسانته الصاروخية. داخليًا، يواجه النظام أزمات غير مسبوقة: اقتصاد منهار، تضخم يقضي على القدرة الشرائية، ومقاطعة شعبية لانتخاباته بنسبة تزيد عن 90%. هذا الواقع يعكس غضبًا شعبيًا متصاعدًا، يتجلى في إضرابات عمال النفط، المزارعين، وسائقي الشاحنات الذين أطلقوا إضرابًا وطنيًا في 152 مدينة. هؤلاء السائقون، الذين يطالبون بحقوقهم الأساسية، يواجهون القمع بدلاً من الاستجابة، مما يكشف عن طبيعة النظام الظالم.

من منظور إيراني، أرى أن النظام يعيش أضعف لحظاته. عائدات النفط الضخمة تُهدر على مشاريع نووية وصاروخية، بينما يعاني الشعب من نقص الكهرباء والغاز رغم احتياطيات إيران الهائلة. أنفق النظام تريليوني دولار على برامجه النووية، لكن أقل من 2% من الكهرباء تأتي من مفاعلاته. هذا الإهدار أغرق البلاد في الفوضى: توقف المدارس، إغلاق المصانع، وبطالة متفاقمة. مؤسسات مالية كبرى على شفا الإفلاس، والريال الإيراني بات رمزًا للانهيار.

خطة رجوي المكونة من 10 نقاط، التي تدعو إلى جمهورية ديمقراطية علمانية خالية من الأسلحة النووية، تقدم رؤية لإيران جديدة. هذه الخطة، التي حظيت بدعم أكثر من 300 نائب أوروبي، ترفض الإعدامات وقوانين مثل "الحجاب والعفة" القمعية، وتدعو إلى حرية التعبير والمساواة. كإيراني، أرى فيها أملًا لشعبنا الذي يعاني من قمع يومي، حيث تجاوزت الإعدامات 1275 خلال 10 أشهر من حكم بزشكيان.

المؤتمر دعا إلى تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، وهي خطوة ضرورية للحد من تدخلاته في سوريا واليمن. كارستن مولر، عضو البوندستاغ الألماني، أكد أن "النظام أضعف من أي وقت مضى"، داعيًا إلى تفعيل عقوبات الأمم المتحدة لتفكيك البرنامج النووي. نايك غروبيوني، النائبة الإيطالية، شددت على ضرورة الوقوف مع الشعب الإيراني، مؤكدة أن سياسة الاسترضاء فشلت.

من منظور إيراني، أرى أن النظام يقف عند مفترق طرق نووي: التخلي عن التخصيب يعني انهيار هيبته، بينما الاستمرار في السعي للقنبلة النووية يهدد بمواجهة دولية. رجوي أكدت أن الحل يكمن في الشعب الإيراني، الذي يتحدى القمع باحتجاجات يومية. وحدات المقاومة، رغم الرقابة الإعلامية، تشكل طليعة هذا النضال، مما يرعب النظام الذي يستهدف أعضاء المقاومة بمحاكمات استعراضية.

للجمهور العربي، أقول: إيران الحرة ليست حلمًا إيرانيًا فحسب، بل ضرورة إقليمية. النظام الذي أشعل الحروب في المنطقة يهدد الاستقرار العالمي. دعم المقاومة الإيرانية يعني دعم السلام من دمشق إلى صنعاء. كإيراني، أعلم أن شعبنا، الذي ينتفض ضد الظلم، على وشك كتابة تاريخ جديد. مؤتمر باريس ليس مجرد حدث، بل بداية لنهاية نظام الملالي، ووعد بإيران ديمقراطية تحمل الأمل لنا جميعًا.