نجمي عبدالمجيد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أمريكا وروسيا سباق المسافات نحو الجنوب العربي

عدن

تدور عقارب الزمان وتعود حالة السباق بين امريكا وروسيا نحو الجنوب العربي. مند اكثر من نصف قرن من الزمان تنافست أمريكا وروسيا على من يكون بعد خروج بريطانيا من الجنوب العربي ولكن بريطانيا حسمت الامر عندما قالت لن تصل أمريكا الى البحار الدافئة، فجاء الاتحاد السوفيتي وخسرت أمريكا المعركة تم جاءت حرب 1994م بعد انهيار المنظومة الاشتراكية لتجتاح أمريكا الجنوب تحت ستار الحفاظ على وحده اليمن.
غير ان مجريات الاحداث والتبدلات التي حدث في الخريطة السياسية وسقوط نظام علي عبدالله صالح وسيطرة الحوثة على اليمن وانتشار الجماعات الإرهابية وصعود المقاومة الجنوبية التي اسقطت المشروع الفارسي في الجنوب وظهور المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الزعيم عيدروس قاسم الزبيدي الحامل الرئيسي للقضية الجنوبية وتحقيقه الانتصارات في مكافحة الإرهاب وغيرها من الاعمال البطولية قد جعلت للصراعات السياسية مراكز قوى مختلفة لم تعد كما كانت في حرب 1994م.
واليوم نلاحظ وبالذات بعد زيارة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس قاسم الزبيدي الى روسيا قد تغيرت أشياء في المشهد الدولي حيت صارعت أمريكا بأعيانها عن افتتاح قنصليتها في عدن وقد اكدت دراسة للجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد بان ترك ملف القضية الجنوبية شيء في يد قوة لا تدرك خطورة الجنوب وأهميته في المصالح الدولية سوف يجعل الجنوب مرة أخرى الى تحالفاته السابقة مع روسيا والصين وكلتاهما في الوقت الحاضر اقطاب قوة دولية لا يمكن تجاوزها في المنطقة.
ونظرا لموقع الجنوب والثروات التي فيه يجعل مساله التعامل مع قطب واحد لا يخدم القضية الجنوبية وطالما للكل مصالح للجنوب العربي علينا ان نتعامل نحن من منطلق حفظ التوازنات الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحنا.
ونحن ندرك ان لي أمريكا حضورها الذي يعود في عدن الى عام 1875م  وروسيا القيصرية التي كانت ترسل سفنها الحربية الى ميناء عدن من عام 1900م ، لقد لعبت هذه الصراعات الأدوار الخطيرة في تحديد مسار الجنوب سياسيا في الماضي وعلينا ان ندرك ان للموقع الهام والثروة في الجنوب وان تغيرت بعض الخرائط السياسية ولاكن الأهداف لن تتغير وما التحرك الأمريكي السريع في عدن الا بعد ادراك الإدارة الامريكية انها ليست القوة الوحيدة في الساحة وقد اخدت بعض دول الخليج تميل الى أقامه علاقات مع روسيا والصين بشكل أوسع كذلك لا ننسى التقارب الإيراني الروسي الصيني واتفاقية السلام بين السعودية وايران كل هذا يوكد ان الأمور لم تبقى كما كانت في السابق وانه للجنوب مركزية لا يمكن الاستحواذ عليها من طرف معين .
وقد أدركت الإدارة الامريكية بان وصول روسيا للجنوب مرة أخرى سوف يجعلها تقع في نفس الخسارة التي اوقعتها فيها بريطانيا في السابق وهي وان كانت تسعى للهيمنة على منطقة الخليج، فليس من مصلحتها ترك القضية الجنوبية مرحله او جعلها ملف ينقل من ادراه الى ادراه.
ان نظرية إدارة الازمات التي تتبعها أمريكا في علاقاتها مع قضايا الشعوب لا يمكن ان يكتب لها النجاح في معظم الأوقات وعلى الإدارة الامريكية ان تدرك ان للجنوب العربي حسابات خاصة ليس من السهل إدخالها في حلقات مفرغة وهي ن الأساليب التي استخدمتها امريكا في عدة دول وكانت نتائجها اعلان فشل السياسة الامريكية بهذا الأسلوب.
ان المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي لا يغفل مثل هذه المسائل التي تعد محاورها من ضمن أوراق القضية الجنوبية سياسيا وعسكريا.
وفي هذه المرحلة علينا كالمجلس انتقالي جنوبي التعامل مع الملف الأمريكي والروسي بكل وعي وأدراك بعيدا عن جعل القضية الجنوبية جزءا من الصراع بين هذه الاقطاب الكبرى لان المسالة ترتبط بمصالح لا تقف عند حدود هذه المرحلة الزمنية، بل هي مشروع للمستقبل ولا ننسى موقع الجنوب العربي في خارطة الشرق الأوسط الجديد التي طهرت حدودها في عدة دول تمر في مرحلة قريبة من وضع الجنوب الحالي.
ان هذه الأمور السياسية لا تأتي من فراغ بل لها مرجعياتها التاريخية وهي حلقات متلاحقة وكل حلقة فيها لها محاور ارتكاز قد تتبدل الصور ولكن هذه المحاور تضل في عنق ما يحدث الان على مشارف الحدود البحرية للجنوب العربي.