عن السجون السرية للأسوسيتدبرس بجنوب اليمن!

قبل أيام قليلة من شهر رمضان المبارك،اتصلت على مجدداً الصحفية اللبنانية ماجي من وكالة الاسوشيتدبرس الأمريكية،وسألتني عما وصفتها بأماكن وجود المعتقلات الأمنية السرية بعدن وجنوب اليمن،وكأنها قد حسمت موضوع حقيقةً وجود تلك المعتقلات السرية.
استغربت من فكرتها بداية الأمر،ومن ثم أخبرتها أن المعتقلات الأمنية الرسمية بعدن والجنوب ماتزال موجودة وقائمة ولم يطلها من التخريب او الدمار مايستدعي استبدالها بسجون أخرى سواء سرية كانت أو علنية،وهو مايعني قطعا عدم استقامة الامر على ارض الواقع القائم اليوم في مدينة ماتزال تلملم جراحها وتستكمل معركة تحريرها وبطولات تطهيرها من خلايا الموت والتخريب والانتقام التي ماتزال تصر على التذكير بوحودها الاجرامي بين الفينة والأخرى بعمليات ارهابية مختلفة تستدعي الأجهزة الأمنية الى مواصلة أدوارها البطولية وواجباتها الأمنية في التصدي وترصد وملاحقة وايقاف أي مشتبهين أمنيين في الضلوع بمثل تلك الأحداث الإجرامية والتخريبة وإجراء تحقيقاتها الامنية اللازمة معهم والتحفظ على كل من يثبت تورطه حتى تقوم الاجهزة القضائية لحكومة الشرعية بدورها في محاكمتهم واتخاذ القرار الفصل حول مصيرهم كمعتقلين على ذمة تهم أمنية متعددة عوضا عن اتهام مسؤليين بحكومة الشرعية بتقديم معلومات عن هذه السجون الاماراتية بجنوب اليمن .
وبالتالي فما الجدوى من إنشاء سجون سرية كما تقولي،طالما والسجون الحكومية الرسمية موجودة وتحوي مئات المعتقلين ممن ترفض الحكومة الهاربة خارج اليمن القيام بواجبها نحوهم وترفض كل الدعوات الشعبية والمطالبات المتكررة لها بضرورة إعادة إفتتاح المحاكم وتفعيل العمل بالنيابات وإلزام الجهات القضائية بالقيام بدورها في محاكمة الموقوفين أمنيا والفصل في قضاياهم وحقائق التهم الموجهة إليهم،كون القضية المثارة على السطح الجنوبي اليوم تتعلق بمطالبة كثير من الأسر والعائلات بالافراج عن اقارب لهم معتقلين أو الكشف عن الأسباب والتهم الموجهة إليهم واحالتهم إلى القضاء للفصل في أمرهم،بينما القضاء معطل مع الأسف من قبل الحكومة الهاربة عن شعبها وواجباتها تجاهم بعد أن فشلت في تطبيع الأوضاع الخدمية وصرف المرتبات وإعادة عمل المؤسسات القضائية وتوفير الخدمات الأساسية.
وأمس الخميس تفاجأت بنشر ذات الوكالة الأمريكية،ما أسمته بتحقيق صحفي موسع ومعزز بصور بعيدة عن واقع زعمها بوجود معتقلات امنية سرية بجنوب اليمن باشراف الامارات وتجري فيها وقائع تعذيب رهيبة للمعتقلين.
وبعد مشاهدة الفيديو الوارد بذلك التحقيق الذي سارعت الجزيرة الى الاحتفاء الاعلامي به والترويج له بكل نشراتها الاخبارية منذ أمس الخميس بل وتخصيص الملف الثالث من حصادها الاخباري للوقوف عليه وما تضمنه وغيره من تقارير حقوفية اخرى من اتهامات للامارات بالوقوف خلف تلك الانتهاكات الانسانية باليمن ،لفت انتباهي العديد من المفارقات الفنية ونقاط الضعف الاعلامية التي تضمنها التحقيق المزعوم كان منها مايتعلق بضعف دلائل وركة شواهد التحقيق واعتماده على لقطات فيديو تظهر أماكن عسكرية خارجية عامة لاتحمل أي دلائل أمنية لوجود معتقلات فيها ولا مايدل على ما وصفتها بوقائع تعذيب وحشي فيها تصل إلى حد الاحراق وشوي أجساد المعتقلين وممارسة انتهاكات جنسية فاضحة بحقهم،اضافة الى لقطات أرشيفية واخرى كاريكاتورية توضيحية ومشاهد تمثيلية لرواية شخص ملثم مجهول الهوية يتحدث بصفته معتقل سابق بأحد السجون الإماراتية بالمكلا عما قام بتمثيله على أنها مشاهد لعمليات تعذيب تعرض لها بسجنه دون أن يجرؤ على كشف هويته أو طبيعة تهمته وكيف اعتقل وأفرج عنه طالما والسجون السرية تلك ماتزال مكتضة بمئات من المعتقلين الأبرياء وبينهم اكثر من 40 ممن تعرضوا للتعذيب في أكثر من 18 سجنا سريا تشرف عليها الإمارات في قواعد عسكرية وموانئ بجنوب اليمن،حسب زعم تحقيق الوكالة الأمريكية الذي جاء متزامنا مع اتهامات مشابهة من منظمة هيومن رايتس ووتش للإمارات والقوات الأمنية الجنوبية بعدن وحضرموت باخفاء واعتقال المئات من السجناء في مراكز إحتجاز غير قانونية،ومسارعة منظمة العفو الدولية إلى مطالبة السلطات الإماراتية بالشروع في تحقيق فوري بتلك الاتهامات الموجهة إلى قواتها والقوى الأخرى التي تدعهما بجنوب اليمن في اعتقال و إخفاء وتعذيب معتقلين بمراكز احتجاز سرية وغير قانونية..
والخلاصة التي يمكن الوقوف عليها حول التحقيق الأمريكي الموجه بدوافع سياسية ومبالغات اعلامية واضحة بعرض استهداف الإمارات وتشويه دورها المحوري وتضحياتها الكبيرة في جنوب اليمن،تتمثل في مايلي:
إن تحقيق الوكالة الأمريكية العريقة،أساء اليها مع الاسف، في كثير من المعطيات التي أوردها، وذلك حسب اعتقادي وتقييمي المتواضع يعود الى عدة اسباب منها ان جوانب عدة من التحقيق،بني على اعتقادات أمنية مسبقة وتوجهات سياسية معينة لدى مخبرين أمنيين وسياسيين واعلاميين متعاونين معها بالجنوب واستشهد بمتحدثين وهميين بلا هوية ولا أي دلائل تثبت صحة حديثهم وتدعم اتهامهم وتجاهل في نفس الوقت،ايراد أي آراء أو معلومات اخرى مخالفة لتوجه الوكالة المسبق في اتهام الإمارات دون سواها من دول التحالف العربي بقيادة السعودية،بإنشاء سجون سرية بجنوب اليمن وتعذيب المعتقلين،إضافة إلى تجاهل الوكالة لأي مسؤولية أخرى لقيادة التحالف العربي حيال الأمر أو سعيها لعرض الأمر عليها وأخذ أي وجهة نظر من المتحدث باسم التحالف اللواء أحمد عسيري أو أي مسؤول آخر بقوات التحالف سواء بالداخل اليمني أو الرياض وابوظبي كما كان ينبغي مهنيا وأخلاقيا لإكتمال عناصر التحقيق الصحفي في شأن إنساني هام كهذا،ناهيك عن اضطرار الوكالة إلى التعويض بصور كاريكاتورية توضيحية لما أصرت على وصفها بمعتقلات إماراتية سرية جنوب اليمن، نظرا لعدم تمكنها من عرض أي صورة حقيقية لأوضاع سجناء داخل أي من تلك المعتقلات المزعومة أو نشر أسماء للمعتقلين او حتى لعدد ال 40 منهم على الأقل ممن زعمت تعرضهم لصور تعذيب وحشي وصلت قسوته الى درحة شوي اجسادهم بالنار داخل تلك السجون واغتصابهم،في محاولة منها لاستدعاء الصور الاجرامية القبيحة لفضائح ممارسات القوات الأمريكية مع معتقلي سجني أبوغريب وغوانتانامو وتجاهلها لاستحالة استخدام مثل هذه العقوبات اللا اخلاقية والممارسات الغير إنسانية بحق معتقلين في بلد عربي مسلم محافظ كاليمن ومن أشقاء عرب مسلمين أيضا كالامارات.
#ماجد_الداعري