"بن سلمان بدلا عن اللجنة الخاصة"..

تناقض سعودي: هل تُخفي المفاوضات في مسقط رغبة في استرضاء الحوثيين على حساب الجنوب؟

"صحافي سعودي يلمح إلى ان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، أصبح المسؤول الأول عن إدارة الملف اليمني، في إشارة إلى ان هناك نوع من التحييد لعمل اللجنة الخاصة السعودية التي أشرفت على إنشاء كيانات جهوية في الجنوب خلال العام الماضي"

سفير السعودية لدى اليمن محمد ال جابر خلال زيارته إلى العاصمة اليمنية صنعاء للقاء قيادات الحوثيين الموالين لإيران - أرشيف

عدن

أعلنت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، تصديها لهجوم واسع شنه الحوثيون -ذراع إيران في اليمن- على بلدة «كرش»، الواقعة على حدود تاريخية بين البلدين قبل مشروع اتحاد مايو/ أيار 1990م، في أحدث تصعيد عسكري، وسط صمت يصفه يمنيون بـ«المريب» من قبل السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً منذ مارس/ آذار 2015م؛ على الأقل لم تعلن الرياض عن «نهاية التحالف العسكري» حتى اللحظة.

التصعيد الحوثي يأتي في ظل حديث وسائل إعلام وصحافيين في السعودية، عن قرب التوصل الى تسوية سياسية بين «الرياض وصنعاء»، على الرغم من أن الأذرع الإيرانية في العاصمة اليمنية مصنفة على قوائم الإرهاب العالمية.

وقال إعلام محلي في عدن «إن ضابطاً برتبة نقيب وأربعة جنود، قتلوا في مواجهات مع الأذرع الإيرانية في بلدة كرش الحدودية».

وأكدت قناة عدن المستقلة التي تبث من عدن «إن القوات المسلحة الجنوبية، تمكنت، من التصدي لهجوم شنته المليشيات الحوثية على جبهة كرش الحدودية، ملحقةً خسائر كبيرة في صفوف المليشيا الإرهابية».

 ونقلت القناة عن المتحدث الرسمي للقوات الجنوبية المقدم محمد النقيب قوله «تمكن أبطال قواتنا المسلحة الجنوبية المرابطة في جبهة كرش الحدودية، من إلحاق خسائر جديدة في صفوف المليشيات الحوثية الإرهابية"، وذلك عقب تصدٍ باسل وحازم للقوات الجنوبية لهجوم شنته المليشيات، وهذا التصعيد يأتي "كتجديدٍ لهزائم وخسائر مليشيات العدو الحوثية الإرهابية، وتأكيدٍ منها أنها قد اتخذت قرار الانتحار في جبهات الجنوب الحدودية».

وتشهد الساحة اليمنية تصعيدًا عسكريًا خطيرًا تمثل في هجمات واسعة شنّتها جماعة الحوثيين على مواقع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك بالتزامن مع الحديث عن انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بين السعودية والحوثيين في مسقط، عاصمة سلطنة عمان.

 ويُعد هذا التصعيد العسكري تناقضًا صارخًا مع مساعي السلام التي تُبذل في مسقط، حيث تسعى السعودية إلى التوصل لاتفاق شامل مع الحوثيين لإنهاء الحرب في اليمن، لكن هذه الهجمات لا تعتبرها السعوية معرقلة لمساعي السلام أو انها تُهدد بانهيار المفاوضات، مما يُثير تساؤلات حول نوايا ومصداقية الطرفية في جدية التوصل إلى عملية سلام التي تكرر الحديث عنها.

وتُرسل هجمات الحوثيين رسائل متضاربة تُشكك في جدية الجماعة في التوصل إلى اتفاق سلام، فمن ناحية، تُشارك الجماعة في مفاوضات مباشرة مع السعودية، ومن ناحية أخرى، تُصعّد من هجماتها العسكرية على الأرض، هذا التناقض يُثير الشكوك حول التزام الحوثيين بالسلام ويُضعف الثقة في مساعي سلطنة عمان التي يقول جنوبيون ويمنيون إنها أصبحت تشرعن للحوثيين لسيطرة على كامل اليمن.

وفي ضوء هذه التطورات، باتت هناك تساؤلات عدة، تطرح حول كيف تنظر السعودية إلى سلوكهم وتصعيدهم العسكري، خاصة وانها تُدرك أن استمرار الهجمات الحوثية سيُؤدي إلى مزيد من الدمار والضحايا، ولن يُحقق لها أي مكاسب على المدى الطويل، ولكنها قد يجعل الرياض ضعيفة في مساندة من يفترض انهم حلفاء الحرب ضد الأذرع الإيرانية طوال عشر سنوات.

لا شك إن هجمات الحوثيين على الجنوب ستشكل صفعة على وجه المفاوضات في مسقط، وتُهدد بانهيار مساعي السلام. يجب على مسقط والأمم المتحدة، الضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم والالتزام بعملية السلام.

وما يثير الشكوك حول الدور السعودية، يخرج نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ الرسمية "عبد الله آل هتيلة"، للحديث عن ما قال إنها بشرى لليمنيين بالوصول إلى بر الأمان، كون ملف الأزمة اليمنية يدار من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان"؛ الأمر الذي يحاول السعوديون تمرير رسائل بأن اللجنة الخاصة السعودية، المكلف منذ عقود بإدارة الملف اليمني، قد تم تحييدها، هو هكذا فهمت بعض الأطراف اليمنية.

وخلال الثلاثة الأعوام الماضية، أظهرت اللجنة الخاصة، مواقف عدائية تجاه الجنوب، وهو ما ترجمته تحركات سياسية سعودية لإنشاء كيانات جهوية، وبين تناولات إعلامية، دأبت على توجيه اتهامات للجنوبيين "بالعلاقة مع إيران"، على الرغم من أن الرياض وقعت اتفاقا في منصف مارس/ آذار 2023م، مع طهران برعاية صينية.

وقال آل هتيلة "وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان يُدير الملف ‎اليمني بحكمة وحنكة السياسي ‎المُحترف من خلال قيادته لعملية صعبة سيصل بها إلى بر الأمان ‎مستثمراً علاقاته الوثيقة بالشرعية ومختلف القوى اليمنية،ومعرفته الدقيقة بمفاتيح هذا الملف رغم تعقيداته، لأن ‎السعودية لم ولن تتخلى عن ‎اليمن في السراء والضراء بحكم الجوار والقربى والمصير المشترك والتطلعات والآمال الواحدة، والسلام سيعود لليمن كما كان ‎سعيداً وأفضل وستدب فيه عملية بناء ونماء غير مسبوقة بل وتاريخيّة".

المفاوضات السعودية مع الحوثيين تُخفي رغبة في استرضاء الجماعة على حساب الجنوب، وذلك من خلال تقديم تنازلات تُمكن الحوثيين من تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، حيث يُعد تصعيد الحوثيين العسكري تجاه الجنوب رسالة ضغط على السعودية لتقديم تنازلات في المفاوضات، خاصة وأن الرياض تسارع للبحث عن مخرج من حرب اليمن والتفرغ لتحقيق رؤية ولي العهد محمد بن سلمان الذي يتطلع إلى أن يصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية.

قدمت السعودية -طوال السنوات الأربع الماضية- بعض التنازلات للحوثيين، مثل فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية، مقابل ذلك غيرت مواقفها  تجاه بعض القضايا، ومنها قضية استقلال جنوب اليمن، مما يُثير الشكوك حول التزامها بدعم حلفائه في الحرب ضد الأذرع الإيرانية، ناهيك عن ملفات الحرب، ومنها ملف اعادة الاعمار الذي تتهرب منه السعودية بالحديث عن مشاريع "أخرى"، تصفها بالتنموية في حين أن ملف إعادة الاعمار ، تقول السعودية إنه ليس مسؤوليتها وحدها، لذلك شكلت فريقا للبحث في هجمات الحوثيين على مبان حكومية وخاصة في العاصمة عدن ومدن الجنوب الأخرى.

باتت هناك آراء تطرح حول  احتمالية أن تُؤدي المفاوضات السعودية مع الحوثيين إلى التخلي عن معالجة أثار الحرب في الجنوب، ويخشى الجنوبيون من أن تُصبح السعودية طرفًا في الصراع ضد بلادهم، مما يُهدد مستقبل المنطقة.

تظهر السعودية محاولتها لإظهار حالة تُوازن بين رغبتها في التوصل إلى اتفاق سلام مع الحوثيين ودعمها لحلفائها في الجنوب، وهذا التناقض في المواقف سيُؤدي إلى مزيد من التوتر والاحتقان، خاصة وأن الرياض قد شرعت إلى خلق كيانات جهوية في مدن جنوبية، بغية الضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، للقبول بتسوية سياسية هشة.

 يُشكل تناقض السعودية في التعامل مع ملف اليمن تحديًا كبيرًا لعملية السلام، بل ان التوقيع على اي سلام هش،  لأن إعلان الرياض التزامها بدعم جميع الأطراف في اليمن، تدحض مواقف الرياض في الوقوف وراء مساعي تقسيم الجنوب على اساس جهوي.